تسع دول عربية تبحث سبل تطوير صناعة التعدين لاستغلال مزيد من الثروات الطبيعية

«الثروة المعدنية» السعودية تؤكد إنهاء نحو خمسة آلاف دراسة

الاستثمار في قطاع التعدين والصناعات التحويلية المرتبطة به، أحد أبرز وأهم الخيارات للتنوع الاقتصادي في السعودية
الاستثمار في قطاع التعدين والصناعات التحويلية المرتبطة به، أحد أبرز وأهم الخيارات للتنوع الاقتصادي في السعودية
TT

تسع دول عربية تبحث سبل تطوير صناعة التعدين لاستغلال مزيد من الثروات الطبيعية

الاستثمار في قطاع التعدين والصناعات التحويلية المرتبطة به، أحد أبرز وأهم الخيارات للتنوع الاقتصادي في السعودية
الاستثمار في قطاع التعدين والصناعات التحويلية المرتبطة به، أحد أبرز وأهم الخيارات للتنوع الاقتصادي في السعودية

بحث عدد من الخبراء والمختصين، يمثلون تسع دول عربية، مشــــروع التعدين في الدول العربيـــــــة وسبل تطوير صنـــــــــاعة التعدين والعاملين فيها، ما يسهم في زيادة استـــــــــغلال الثروات التعدينية في المنطقــــــــة من خلال التعـــــاون بين الدول.
وأكد سلطان شاولي، وكيل وزارة «البترول والثروة المعدنية»، أن الاستثمار في قطاع التعدين والصناعات التحويلية المرتبطة به، أحد أبرز وأهم الخيارات للتنوع الاقتصادي في السعودية، مشيرا إلى أن أهميته تكمن في أنه أحد المكونات الأساسية للصناعة وتنمية المناطق النائية، حيث تسهم إقامة المناجم في نقل التقنية وإيصال الخدمات وتفعيل التجارة والنقل وإنشاء الطرق والكهرباء والمساهمة في خلق فرص وظيفية في المناطق البعيدة عن المدن الرئيسية.
وقال خلال انطلاق أعمال ورشة العمل العربية حول «إدارة المشاريع التعدينية»، أمس في جدة، إن السعودية نظرت إلى ثرواتها المعدنية كمصدر من مصادر الدخل، ووفرت الأموال بكل سخاء، وسخرت الخبرات للتنقيب عن المعادن، وأنشأت منذ فترة مبكرة الكثير من الكليات والأقسام المتخصصة في الجيولوجيا وهندسة التعدين لتأهيل الكوادر الوطنية الفنية لدعم قطاع التعدين والخدمات الجيولوجية ذات المنفعة للمواطن والمجتمع.
وأضاف شاولي: «منذ بداية خطط التنمية في السبعينات الميلادية وضعت الدولة الأهداف للاستثمار في قطاع التعدين، وانطلقت وزارة البترول والثروة المعدنية في عمليات المسح والتنقيب لكل مناطق المملكة للتعرف على المصادر المعدنية والتكوينات الجيولوجية الحاملة لها».
وأوضح أن وزارة البترول والثروة المعدنية «أنشأت قاعدة معلومات ضخمة عن رواسبنا المعدنية الفلزية واللافلزية تضاهي في شموليتها دولا كثيرة سبقتنا في هذا المجال، وجرى ضم هذه المعلومات في تقارير فنية وخرائط تفصيلية وأطالس، وجرى تنظيم هذه المعلومات في مكتبات جيولوجية علمية تحتوي على أكثر من خمسة آلاف دراسة جيولوجية وتعدينية وهندسية وخرائط بمختلف المقاسات، وأتاحتها للقطاع الخاص لتنسيق عمليات الاستثمار، وما زالت قاعدة المعلومات تنمو كل يوم وتطمح الوزارة إلى مضاعفتها في السنوات المقبلة، خاصة في أعمال الكشف».
وبين وكيل وزارة «البترول والثروة المعدنية» أن الوزارة ركزت على استكشاف وتقييم كميات خامات المعادن الصناعية ومواد البناء، وذلك بهدف توفير خامات المعادن الصناعية للصناعات التنموية، مثل: خامات الإسمنت والجبس والإسمنت الأبيض ومواد السيراميك وأحجار الزينة ومواد البناء بشكل عام، وقد نجحت في سد حاجة المشاريع التنموية من هذه المواد ودعم صناعة مواد البناء، وأصبح هناك اكتفاء ذاتي في الخامات الأولية.
وزاد: «الوزارة انتقلت من مرحلة بناء المعلومات إلى مرحلة الاستثمار والاستغلال التجاري المبني على التصنيع لإنشاء صناعة تعدينية وتحويلية مثمرة ذات مردود اقتصادي للوطن والمواطن، فخطت الوزارة على خطين متوازيين، الخط الأول: إنشاء هيئة المساحة الجيولوجية السعودية للاستمرار في القيام بأعمال المسوحات، إضافة إلى التنقيب عن المعادن والدراسات والأبحاث الجيولوجية والاقتصادية، والآخر: إصدار الدولة لنظام الاستثمار التعديني في عام 2004 للبدء بالاستغلال المنظم وبأسلوب علمي وحديث بهدف تطوير هذه الثروات والمساهمة في تنمية القرى والهجر القريبة من الرواسب المعدنية لتشهد تنمية شاملة».
وبين أن السعودية تدعم العمل العربي المشترك من خلال استضافتها المؤتمرات والندوات وورش العمل الفنية العربية، خاصة في مجال التعدين، وذلك بالتنسيق والتعاون مع المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين التابعة لجامعة الدول العربية، بهدف المساهمة في بناء وتطوير الجيولوجيين والمهندسين العرب العاملين في قطاع الثروة المعدنية.



الهند تواجه تحديات اقتصادية كبيرة وسط تباطؤ النمو والتوترات العالمية

منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
TT

الهند تواجه تحديات اقتصادية كبيرة وسط تباطؤ النمو والتوترات العالمية

منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)

بعد النمو الاقتصادي العالمي في العام الماضي، يبذل صناع السياسات في الهند جهوداً حثيثة لتجنّب تباطؤ حاد مع تفاقم الظروف العالمية وتراجع الثقة المحلية؛ مما أدى إلى محو ارتفاع سوق الأسهم مؤخراً.

ويوم الثلاثاء، توقّع ثالث أكبر اقتصاد في آسيا نمواً سنوياً بنسبة 6.4 في المائة في السنة المالية المنتهية في مارس (آذار)، وهو الأبطأ في أربع سنوات وأقل من التوقعات الأولية للحكومة، مثقلاً بضعف الاستثمار والتصنيع، وفق «رويترز».

ويأتي خفض التصنيف بعد مؤشرات اقتصادية مخيّبة للآمال وتباطؤ في أرباح الشركات في النصف الثاني من عام 2024؛ مما أجبر المستثمرين على إعادة التفكير في الأداء المتفوّق للبلاد في وقت سابق، وألقى الشكوك حول الأهداف الاقتصادية الطموحة لرئيس الوزراء ناريندرا مودي.

وتعمل المخاوف الجديدة على تكثيف الدعوات للسلطات إلى رفع المعنويات من خلال تخفيف الإعدادات النقدية وإبطاء وتيرة التشديد المالي، خصوصاً أن رئاسة دونالد ترمب الثانية الوشيكة تلقي مزيداً من عدم اليقين بشأن آفاق التجارة العالمية.

وقالت كبيرة خبراء الاقتصاد في شركة «إمكاي غلوبال فاينانشيال سيرفيسز»، مادهافي أرورا: «عليك إحياء روح الثقة والتفاؤل، وعليك أيضاً التأكد من انتعاش الاستهلاك. الأمر ليس بهذه السهولة»، مضيفة أن الهند يمكنها توسيع موازنتها المالية أو خفض أسعار الفائدة.

وتأتي مثل هذه الدعوات وسط سلسلة من الاجتماعات التي عقدها صنّاع السياسات الهنود مع الشركات التي تشعر بقلق متزايد بشأن تعثر الطلب. وعقدت وزيرة المالية، نيرمالا سيتارامان، سلسلة من الاجتماعات في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مع الصناعة والاقتصاديين، وهو أمر معتاد قبل الموازنة السنوية للهند التي من المقرر أن تصدر في الأول من فبراير (شباط) المقبل.

وتشمل بعض التدابير المقترحة في تلك المحادثات لتعزيز النمو وضع مزيد من الأموال في أيدي المستهلكين وخفض الضرائب والتعريفات الجمركية، وفقاً لمطالب الجمعيات التجارية والصناعية.

مخاوف متزايدة

تسبّبت المخاوف بشأن اقتصاد الهند في انخفاض مؤشر «نيفتي 50» القياسي بنسبة 12 في المائة من أواخر سبتمبر (أيلول) إلى نوفمبر (تشرين الثاني). وقد استعاد السهم تلك الخسائر لينهي عام 2024 مرتفعاً بنسبة 8.7 في المائة، وهي مكاسب جيدة؛ لكنها بعيدة عن مكاسب العام السابق البالغة 20 في المائة.

ومع تراجع الثقة، يبدو أن الجهود السياسية الرامية إلى تحفيز النمو تتسع. وذكر التقرير الاقتصادي الشهري للهند الذي نُشر الشهر الماضي، أن السياسة النقدية المتشددة للبنك المركزي كانت مسؤولة جزئياً عن الضربة التي تلقاها الطلب.

وأجرى مودي بعض التغييرات البارزة مؤخراً التي من المتوقع أن ترفع النمو الاقتصادي بصفته أولوية على استقرار الأسعار.

في خطوة مفاجئة في ديسمبر، عيّن مودي سانغاي مالهوترا محافظاً جديداً للبنك المركزي، ليحل محل شاكتيكانتا داس، البيروقراطي الموثوق به الذي كان من المتوقع على نطاق واسع أن يحصل على فترة ولاية أخرى لمدة عام إلى عامين رئيساً، بعد أن أكمل ست سنوات على رأس البنك.

وجاء تعيين مالهوترا الذي قال مؤخراً إن البنك المركزي سيسعى جاهداً لدعم مسار نمو أعلى، فوراً بعد أن أظهرت البيانات تباطؤ نمو الربع الثالث من سبتمبر أكثر بكثير من المتوقع إلى 5.4 في المائة.

مواجهة الأزمات

خلال الوباء، سعى مودي إلى الحفاظ على نمو الاقتصاد من خلال زيادة الإنفاق على البنية التحتية والحد من الإنفاق الباهظ للحفاظ على المالية العامة للحكومة في حالة جيدة. وقد أدى ذلك إلى رفع نمو الناتج المحلي الإجمالي الرئيسي، لكنه لم يدعم الأجور أو يساعد الاستهلاك في الحفاظ على التوسع السنوي بأكثر من 7 في المائة على مدى السنوات الثلاث الماضية.

وقال الزميل الزائر في مركز التقدم الاجتماعي والاقتصادي، سانجاي كاثوريا، إنه في حين أن اقتصاد الهند قد لا يزال يتفوّق على الاقتصاد العالمي، فإن السؤال هو ما إذا كان بإمكانه الحفاظ على نمو يتراوح بين 6.5 في المائة و7.5 في المائة، أو التباطؤ إلى 5 في المائة و6 في المائة.

وقالت أرورا إن البلاد تعيش حالياً «حالة من الغموض»؛ حيث لا ينفق الأفراد. وتتوقع أن يستمر هذا إذا لم يتحسّن التوظيف، وظل نمو الأجور ضعيفاً.

التخفيضات الجمركية وخطة لمواجهة حروب ترمب

أفادت «رويترز» الشهر الماضي بأن الحكومة تخطّط لخفض الضرائب على بعض الأفراد، وتستعد لتقديم تخفيضات جمركية على بعض السلع الزراعية وغيرها من السلع المستوردة بشكل رئيسي من الولايات المتحدة، لإبرام صفقة مع ترمب.

ويقول خبراء الاقتصاد إن الحكومة ستضطر إلى إبطاء بعض تشديدها المالي لدعم النمو مع نجاح مثل هذه التدابير التي تعتمد على مدى التخفيضات.

وحول التجارة، يقول المحللون إن الهند بحاجة إلى خطة موثوقة لمحاربة حروب ترمب الجمركية. وقال خبراء اقتصاديون إنه إذا ظلّت الصين الهدف الرئيسي لرسوم ترمب الجمركية، فقد يمثّل ذلك فرصة للهند لتعزيز مكانتها التجارية، رغم أنها ستحتاج أيضاً إلى السماح للروبية بالهبوط أكثر لجعل صادراتها أكثر قدرة على المنافسة.

ووصلت الروبية إلى مستويات منخفضة متعددة في الأسابيع القليلة الماضية، وكان 2024 هو عامها السابع على التوالي من الانخفاض، ويرجع ذلك في الغالب إلى ارتفاع قيمة الدولار. ويوم الأربعاء، وصلت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق.

وقال كاثوريا، وهو أيضاً أستاذ مساعد في جامعة «جورج تاون»، إن الهند بحاجة إلى «تنفيذ ترشيد التعريفات الجمركية بجدية، للمساعدة في دمج نفسها بشكل أعمق في سلاسل القيمة العالمية».

وقد يشمل هذا تخفيضات التعريفات الجمركية، بهدف تجنّب الرسوم العقابية من البيت الأبيض في عهد ترمب بشكل استباقي.

وقال رئيس نظام الأبحاث والمعلومات للدول النامية ومقره نيودلهي، ساشين تشاتورفيدي: «يجب على الهند أن تعلن بعض التدابير الاستباقية للولايات المتحدة، لتقديم تنازلات لها، بدلاً من انتظار الإدارة الجديدة لإعلان خطواتها».