قانون يسمح بالاطلاع على بيانات المواطنين يثير جدلاً بشأن الخصوصية في مصر

TT

قانون يسمح بالاطلاع على بيانات المواطنين يثير جدلاً بشأن الخصوصية في مصر

أثارت موافقة مجلس النواب المصري، نهائياً، على مشروع قانون لتنظيم عمل شركات «خدمات النقل البرى للركاب باستخدام تكنولوجيا المعلومات»، جدلاً بشأن المخاوف على «احترام الخصوصية» و«حفظ البيانات الخاصة للمواطنين».
وفي حين استند معارضو بعض مواد القانون، الذي تقدمت به الحكومة للبرلمان، إلى النص الملزم للشركات بإتاحة «كافة البيانات والمعلومات لجهات الأمن القومي»، عدَّ مؤيدون للقانون أن تلك المادة «محكومة بضوابط دستورية، وتسير وفق إجراءات قضائية».
ورغم أن القانون يتسم بطبيعة اقتصادية بحتة تتعلق بتنظيم عمل الشركات المُشغلة لتطبيقات إلكترونية لنقل الركاب عن طريق الحجز الإلكتروني، وأشهرها في مصر «أوبر» و«كريم»، فإن القانون اتخذ أبعاداً سياسية وحقوقية بعد النص في مادته التاسعة على أن «تلتزم الشركات المرخص لها بإتاحة أو بأداء الخدمة، والتابعون لها، بأن توفر لجهات الأمن القومي وفقاً لاحتياجاتها كافة البيانات والمعلومات والإمكانات الفنية، من معدات ونظم وبرامج تتيح لتلك الجهات ممارسة اختصاصاتها وفقاً للقانون حال طلبها». ولم تكن المادة السابقة وحدها هي محل الجدل، بل إن المادة العاشرة من القانون رسخت لدى البعض مخاوف إضافية بشأن الخصوصية، إذ جاء فيها أن «تلتزم الشركات المرخص لها بإتاحة أو بأداء الخدمة، والتابعون لها، بتأمين قواعد البيانات والمعلومات بما يحافظ على سريتها وعدم اختراقها أو تلفها، كما تلتزم بحفظها بصورة مباشرة وميسرة لمدة مائة وثمانين يوماً متصلة، وأن تتيحها لجهات الأمن القومي أو لأي جهة حكومية مختصة عند الطلب، على أن يُحدد بقرار من رئيس مجلس الوزراء البيانات والمعلومات الواجب الاحتفاظ بها».
وتسبب الجدل بشأن المادتين في إرجاء الموافقة عليهما بشكل نهائي، قبل يومين، غير أن البرلمان عاد للموافقة على نصهما أول من أمس، بعد موافقة الجلسة العامة للمجلس.
النائب البرلماني ضياء داود قال لـ«الشرق الأوسط»، إن المادتين الواردتين في مشروع القانون تنتهكان حرمة الحياة الخاصة للمواطنين، التي حفظها الدستور.
وشرح داود أنه طالب مع عدد من المعارضين للمادتين محل الجدل بأن يكون هناك «نص في صياغة المادتين يشير إلى ضرورة أن يكون تقديم البيانات من الشركات إلى الجهات الأمنية رهناً بإذن من النيابة العامة، وليس بمجرد طلب الجهة المختصة من الشركة»، مضيفاً أن «إذن النيابة العامة كان سيضع ضابطاً رقابياً يحول دون التوسع في الاطلاع على بيانات المواطنين، لكن الحكومة أثبتت في مضبطة الجلسة أن يكون قرار رئيس مجلس الوزراء في شأن القانون مراعياً لتلك الاعتراضات». ومع إقرار داود بـ«التحديات الأمنية محلياً ودولياً، خصوصاً في مجال مكافحة الإرهاب، وارتكاز المواجهة على المعلومات»، غير أنه «اعتبر أن ذلك الصراع بين الرغبة في جمع المعلومات وبين احترام الخصوصية، لا يجب أن يتوقف».
ودافع وزير شؤون مجلس النواب عمرو مروان، عن مشروع القانون أمام النواب، وقال خلال جلسة مناقشته إن «المادة لا تتعارض مع الحياة الخاصة للمواطنين، لأن المستخدم سيكون على علم مسبق بأنه بياناته الموجودة لدى شركات النقل التي تستخدم تكنولوجيا المعلومات، ستكون متاحة لدى جهات الأمن، وبالتالي استخدام هذه الوسيلة اختياري له»، بحسب رأيه.



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.