تقنيات لمراقبة مواقع التواصل تتحقق من خروق «الصمت الانتخابي»

TT

تقنيات لمراقبة مواقع التواصل تتحقق من خروق «الصمت الانتخابي»

وضعت وزارة الداخلية اللبنانية أجهزة حديثة وتقنيات جديدة بتصرف هيئة الإشراف على الانتخابات، تساعدها على رصد المخالفات المتعلقة بفترة الصمت الانتخابي في مواقع التواصل الاجتماعي، بحسب ما قاله رئيس هيئة الإشراف، القاضي نديم عبد الملك، لـ«الشرق الأوسط». وبرزت تغريدات مدفوعة في مواقع التواصل الاجتماعي لبعض المرشحين، تبقى صلاحيتها قائمة خلال فترة الصمت الانتخابي، وهو ما يعتبر مخالفة للصمت الانتخابي.
وأكد القاضي عبد الملك أن هذا الظهور في مواقع التواصل «ممنوع وفق القانون»، حتى لو كانت مسجلة قبل فترة الصمت الانتخابي، ويجري بثها في فترة الصمت أو قبل بدء الفترة بوقت قصير، ما يعني أن صلاحيته ستبقى قائمة في فترة الصمت، مضيفاً: «إننا نرصدها، ونوثق مخالفتها لقانون الانتخابات، وسنتخذ الإجراءات القانونية بحق تلك المخالفات».
وعن آلية الرصد، قال عبد الملك إن «هناك أجهزة حديثة وتقنيات متطورة لمراقبة مواقع التواصل الاجتماعي وضعتها وزارة الداخلية تحت تصرفنا، وتم تثبيتها قبل 3 أيام، تتيح لنا معرفة طريقة بث الدعاية الانتخابية في مواقع التواصل، ومدى استمراريتها الزمنية، وتكشف تلك التقنيات تفاصيلها».
وتنص المادة 78 من قانون الانتخابات على أن فترة الصمت الانتخابي تبدأ من منتصف ليل اليوم السابق ليوم الانتخابات حتى إقفال صناديق الاقتراع، حيث يحظر على جميع وسائل الإعلام بث أي إعلان أو دعاية أو نداء انتخابي مباشر، باستثناء ما يصعب تفاديه من صوت أو صورة لدى التغطية المباشرة لمجريات العمليات الانتخابية.
ورصد الناشطون في مواقع التواصل، أمس، وصول تعليقات وتغريدات مدفوعة للمرشحين إلى صفحاتهم الخاصة في مواقع التواصل. وقال منسق قسم الأبحاث في «الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات» (لادي)، علي سليم، إن هذا الموضوع «هو خرق للقانون»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لجوء صفحات المرشحين إلى بث التعليقات المدفوعة يعتبر خرقاً للصمت الانتخابي»، بالنظر إلى أن التعليقات المدفوعة تنطلق قبل فترة الصمت الانتخابي، وتستمر بالوصول إلى الناخبين في فترة الصمت.
وأشار سليم إلى أن «إعادة بث المقابلات التلفزيونية المعروضة سابقاً على الشاشات، في فترة الصمت، هي خرق للقانون أيضاً»، فضلاً عن أن «كل دعاية انتخابية تبث عبر وسائل الإعلام للمرشحين، ومن ضمنها صفحاتهم الشخصية في مواقع التواصل، هي خرق أيضاً»، وبالتالي «فإن الصفحات الرسمية يجب أن تتوقف عن بث المواد، وإيقاف التعليقات المدفوعة التي ستصل إلى ناخبين لم يتلقوها في وقت سابق».
وقال سليم إن هدف الصمت الانتخابي يتمثل في عدم التأثير على خيارات الناخبين منذ منتصف ليل الجمعة، الذي سبق عملية الاقتراع، ويفترض ألا يتم الضغط على المقترعين عبر وسائل الإعلام والتصريحات السياسية، بما يتيح للناخب تحديد خياراته بلا ضغوط وبلا تأثير.
كانت هيئة الإشراف قد تعاقدت مع شركة «إنترتك» intertek العالمية لمراقبة المخالفات للمرشحين ورؤساء الأحزاب واللوائح الانتخابية عبر جميع المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، من «فيسبوك» و«تويتر» و«إنستغرام» وغيرها، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء «المركزية»، موضحة أن آلية الرصد تتم بتقنية عالية منذ 3 أشهر، وفقاً لتقنية المعلومات والاتصالات «الدائمة - المتوفرة»، والمختبرات العالية الخبرة في الفحص والاختبار بالاعتماد على الخبرة والكفاءة، بتدريب اختصاصيين دوليين والتوافق مع المعايير والموصفات الدولية في مجال نظم المعلومات والاتصالات.
ودعا أمين سر «هيئة الإشراف على الانتخابات»، عطا لله غشام، جميع وسائل الإعلام إلى «التقيّد بالصمت الانتخابي تحت طائلة اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين»، مذكراً بأنّه «لا يحقّ لأي مرشح أو فاعل في الشأن السياسي، كرئيس حزب أو رجل سياسة، أن يتحدَّث أو يصرح لوسائل الإعلام أو يدعو إلى الاقتراع، أو أن يصرح لأي وسيلة إعلامية من داخل صناديق الاقتراع».
وأوضح أنّه «يمكن نقل الصورة، أي نقل العملية الانتخابية، وليس تصريحه إطلاقاً، وذلك حتى إقفال صناديق الاقتراع في السابعة من مساء غد الأحد (اليوم)».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.