تطبيق التقاضي المرئي لـ«المحاكمة عن بعد» في جميع المناطق السعودية

وزير العدل لـ «الشرق الأوسط»: إنشاء المحاكم المرورية قريبا

وزير العدل خلال تدشينه أمس خدمة التقاضي المرئي عن بُعد، للربط بين المحاكم والسجون في المديرية العامة للسجون بالعاصمة الرياض كمرحلة أولية (واس)
وزير العدل خلال تدشينه أمس خدمة التقاضي المرئي عن بُعد، للربط بين المحاكم والسجون في المديرية العامة للسجون بالعاصمة الرياض كمرحلة أولية (واس)
TT

تطبيق التقاضي المرئي لـ«المحاكمة عن بعد» في جميع المناطق السعودية

وزير العدل خلال تدشينه أمس خدمة التقاضي المرئي عن بُعد، للربط بين المحاكم والسجون في المديرية العامة للسجون بالعاصمة الرياض كمرحلة أولية (واس)
وزير العدل خلال تدشينه أمس خدمة التقاضي المرئي عن بُعد، للربط بين المحاكم والسجون في المديرية العامة للسجون بالعاصمة الرياض كمرحلة أولية (واس)

دخل السلك القضائي والعدلي في السعودية، أمس، مرحلة تطويرية جديدة تمثل تحولا نوعيا على مستوى المنافسة الدولية في سرعة الأداء العدلي الناجز بضماناته الشرعية والنظامية كافة، التي تقوم على أساس تقني متطور للتقاضي المرئي عن بُعد، من خلال ربط جميع المحاكم مع إدارات السجون في جميع المناطق، عبر اتصال حي، صوتا وصورة، الأمر الذي من شأنه اختصار الوقت والجهد للبت في أي محاكمة وبشكل علني وصريح.
وكشف الدكتور محمد العيسى، وزير العدل ورئيس المجلس الأعلى للقضاء، في حديث خص به «الشرق الأوسط»، عن سبب استصدار الوزارة قرارا من المجلس الأعلى للقضاء، مؤكدا أن هذا التوجه جاء من باب الاحتياط لدستورية الأحكام القضائية، خاصة أن في المحاكمة عن بُعد ما قد يكون في توصيف البعض ذا شبهة بانتقال المحكمة، مشيرا إلى أن هذا التوجه يتطلب بحسب نظام السلطة القضائية قرارا من المجلس الأعلى للقضاء كجهة تشريعية، مبينا أن مشروع تقنية الاتصال عن بُعد لا يقتصر فقط على قضايا السجناء، بل يشمل التزكيات والترجمات والشهادات والإنابة القضائية المعروفة بالاستخلاف.
وعن حجم النسبة المئوية المتوقعة لتسريع هذه الخدمة قال العيسى «إننا من حيث المبدأ نتوقع أن تسهم هذه الخدمة في اختزال ما يقارب 45 في المائة من الوقت، مع تلافي المواعيد الضائعة بسبب وجود مسوغات شرعية ونظامية من شأنها أن تؤثر أحيانا على حضور السجناء في الموعد المحدد، وهو ما يتسبب بطبيعة الحال في ترحيل المواعيد وتراكمها على حساب المواعيد الأخرى للمحكمة، مع أننا نسجل وبكل تقدير حرص إدارة السجون على دقة إحضار السجناء في المواعيد المحددة».
وقال الوزير «إن المحاكمة عن بُعد تمثل تحولا نوعيا في المرافعة القضائية، يعود بالإيجاب على أطراف القضية ويقلل التكاليف، ومن شروطها أيضا رغبة السجين فيها أو رغبة وكيله، وتسجيل ذلك في ضبط القضية في أول جلسة، رغم تحققنا الكامل من الهوية بما لا يدع مجالا للشك، لكن مع هذه الاحتياطات الدقيقة فإن الأمر في جميع الأحوال متاح للسجين ووكيله في القبول به أو رفضه»، مشيرا إلى أن المحاكمات عن بُعد تشمل جميع القضايا بما فيها قضايا الإرهاب، وذلك وفق الضوابط الشرعية والإجرائية المتبعة في البلاد.
وعن إمكانية إتاحة الفرصة للحضور لمشاهدة هذه المحاكمات حتى تكون المرافعة علنية، قال الوزير «نعم مثلها مثل غيرها تماما، فأمام الجميع سيكون المدعي وكذلك المدعى عليه في الشاشة، صوتا وصورة، وسيجري التحقق من الهوية أمام الجميع عبر الشاشة وبدقة عالية، ويؤخذ إقراره وإقرار وكيله على إجراء المحاكمة عن بُعد، ويتاح للجميع مراقبة حسن سير العدالة بالحضور ومشاهدة الجميع»، نافيا في الوقت نفسه، ما يُتداول حول اتهام بعض القضاة بالتعاطف مع أصحاب الأفكار الحزبية، مؤكدا أنه لا يوجد لدى جهازه أي بلاغ حول هذا الأمر. وأفصح وزير العدل السعودي بعد تدشينه، أمس، خدمة التقاضي المرئي عن بُعد، للربط بين المحاكم والسجون في المديرية العامة للسجون بالعاصمة الرياض كمرحلة أولية، أن الهدف الرئيس من هذه الخدمة هو القضاء على إشكالية ترحيل الكثير من الجلسات القضائية المحددة سلفا، بسبب عدم إمكانية إحضار السجناء لأي من المسوغات الشرعية والنظامية الخاصة أو العامة.
وأشار إلى أن هذا المنجز يأتي في إطار تطوير آلية العمل العدلي ضمن مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير مرفق القضاء، مؤكدا أنه وبحسب قرار المجلس فإن للقاضي السلطة التقديرية في طلب أطراف الدعوى عند وجود المقتضى الشرعي.
وأوضح أن قرار المجلس استثنى قضايا الإتلافات، مشترطا التحقق من هوية المتصل والمتصل عليه عن طريق البصمة الإلكترونية، وأن يكون الاتصال حيا، صوتا وصورة، وفيما يحتاج للترجمة، اشترط القرار أن يكون المترجم بين القائمة المعتمدة من وزارة العدل. وفي سياق متصل حول استفسار لـ«الشرق الأوسط» عما سبق أن لمحت إليه وزارة العدل، بخصوص إنشاء مكاتب خاصة بالمحاكمات المرورية، إضافة إلى ما توصلت إليه الوزارة بخصوص مشروع المحاكم المتخصصة، أكد وزير العدل أن هناك دوائر للقضايا المرورية ستكون ضمن دوائر المحاكم العامة.
وكشف عن دراسة متخصصة يعمل عليها مجلس القضاء - حاليا - بغرض إنشاء محاكم مرورية، وهو محل النظر للحاجة الملحة بأن يترقى من دائرة إلى محكمة بعد اعتمادها رسميا من قبل المجلس الأعلى للقضاء، مبينا في ذات السياق أن جهازه على وشك الانتهاء من مشروع المحاكم المتخصصة، وإن كنا في الواقع من خلال الدوائر المتخصصة نحقق نفس مفهوم المحاكم المتخصصة.
من جانب آخر، أوضح المهندس ماجد العدوان، مدير مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير مرفق القضاء، أن التقاضي المرئي يقام من خلال عقد جلسات المحاكمات والإنهاءات القضائية عبر الدوائر التلفزيونية. ولفت إلى امتداد نطاق استخدام التقاضي المرئي في القطاعات العدلية الأخرى كافة، حيث يجري العمل - حاليا - على خطة مستقبلية لتوسيع نطاق تجربة التقاضي المرئي، لتشمل مجالات عدلية أوسع، مشيرا إلى أن خدمة التقاضي المرئي المتاحة - حاليا - ستخدم أكثر المنتجات العدلية، سواء كانت من المحاكم أو القطاعات الأخرى، الأمر الذي يمكّن من الترافع في أنواع التقاضي كافة عبر الدوائر التلفزيونية، سواء كان في القضايا الجنائية أو الحقوقية أو في الإنهاءات الثبوتية، وبالتالي تقليل مدة مواعيد الجلسات وتحقيق مفهوم المحكمة الإلكترونية الذي تسعى الكثير من دول العالم إلى تحقيقه.وأضاف: «التقاضي المرئي سيسهم بشكل ملموس في تخفيف الأعباء المالية على الوزارة والمواطنين، حيث يقلل من الحاجة إلى سفر أطراف الدعوى بين المدن، الأمر الذي سيتيح إقامة الدعوى بين طرفين، أحدهما في الرياض والآخر في جدة، مما يُسهم في تقليل الحاجة إلى طلب أطراف الدعوى أمام القضاء، ويترتب على ذلك سرعة إنجاز القضايا وتقليل الحاجة إلى الأعداد الكبيرة من القضاة وأعوان القضاة، فضلا عن إسهام التقاضي المرئي في التقليل من الحاجة للحراسات الأمنية عبر محاكمة السجناء في أماكن سجنهم».
وفيما يتعلق بنوعية القضايا التي سيُلاحظ دور التقاضي المرئي في تقليص إنجازها، أفاد العدوان بأنها ستشمل القضايا الحقوقية والجنائية والإنهائية كافة، إلا ما استثني في قرار المجلس الأعلى للقضاء من قضايا ينشأ منها الحكم على المدعى عليه بما يوجب الحد كالرجم والقتل وقطع اليد وغيرها، محددا القضايا التي تتطلب وجود الشهود والمزكين، وكذلك في حالة غياب أحد أطراف الدعوى، وتلك القضايا التي يكون أحد أطرافها امرأة تضطرها الظروف للانتقال من مدينة إلى أخرى.
وبيّن أن هذا أحد أهم أسباب كثرة عقد الجلسات أثناء المحاكمات، مما يعني بالضرورة إطالة أمد التقاضي، وهذه الأسباب وغيرها تؤدي إلى إشكالات من الناحية المالية والاجتماعية والأمنية، مشيرا إلى معالجة التقنية الحاسوبية لهذه السلبيات عبر تطبيقاتها المتعددة، في الوقت الذي تستهدف وزارة العدل تغطية شبكة التقاضي المرئي لمحاكمها كافة في كل المدن والمحافظات، وتفعيلها خلال الأشهر الستة المقبلة في جميع محاكم السعودية التي تتوافر بها خدمة الاتصال بواسطة شركات الاتصالات المعتمدة.
وعدّ العدوان السجناء والموقوفين والنساء وذوي الدخل المحدود، من أكثر المستفيدين من خدمة التقاضي المرئي، وقال: «انتقال السجين من السجن من أهم الأسباب المؤدية إلى تأخير محاكمات السجناء، كما أن هذا النوع من التقاضي يقضي على الحاجة لانتقال العسكريين من السجون إلى المحاكم، كما يتيح تطبيق النظام للمرأة، سرعة إنجاز ما يخصها من القضايا كالنفقة والحضانة والزيارة والخلع وفسخ النكاح وغيرها وهي في مقر إقامتها، حيث كانت المخاطبات بين المحاكم لطلب المدعى عليه تأخذ الكثير من الوقت، مما ينعكس بالسلب على وضع المرأة من الناحية المالية والاجتماعية، فضلا عن كون تطبيق هذا النوع من المحاكمات يتيح لذوي الدخل المحدود الاستفادة من هذه التقنية، عوضا عن دفع الأموال لانتقال الشهود والمزكين بين المدن».



حفل استقبال في السفارة السعودية بباريس بمناسبة اليوم العالمي للتضامن الإنساني

سفير المملكة السعودية في باريس فهد الرويلي مع ضيوف الحفل الذي أقامته السفارة بمناسبة اليوم الدولي للتضامن الإنساني (الشرق الأوسط)
سفير المملكة السعودية في باريس فهد الرويلي مع ضيوف الحفل الذي أقامته السفارة بمناسبة اليوم الدولي للتضامن الإنساني (الشرق الأوسط)
TT

حفل استقبال في السفارة السعودية بباريس بمناسبة اليوم العالمي للتضامن الإنساني

سفير المملكة السعودية في باريس فهد الرويلي مع ضيوف الحفل الذي أقامته السفارة بمناسبة اليوم الدولي للتضامن الإنساني (الشرق الأوسط)
سفير المملكة السعودية في باريس فهد الرويلي مع ضيوف الحفل الذي أقامته السفارة بمناسبة اليوم الدولي للتضامن الإنساني (الشرق الأوسط)

اغتنم سفير المملكة السعودية في باريس، فهد الرويلي، مناسبة حفل الاستقبال الذي دعا إليه في دارته بمناسبة اليوم الدولي للتضامن الإنساني، الذي يحل كل عام في العشرين من شهر ديسمبر (كانون الأول)، ليؤكد أن المملكة العربية السعودية «تضع التضامن الإنساني والحوار في صميم عملها الوطني والدولي» بعدّهما «قيماً متجذّرة بعمق في ثقافتها ومبادئها الدينية، وتشكّل ركيزة أساسية في رؤيتها المستقبلية الجديدة، رؤية السعودية 2030». واستطرد السفير السعودي قائلاً «إن التضامن الإنساني ليس مجرد مبدأ أخلاقي، بل هو مسؤولية جماعية تقوم على الاحترام والتعاون والتكافل بين الشعوب دون تمييز»، حيث إن «إنسانيتنا مشتركة ومستقبلنا واحد».

انطلاقاً من هذه المبادئ، أشار السفير الرويلي إلى ما تقدمه المملكة من مساعدات عبر العالم «دون تمييز على أساس الأصل أو الدين»، حيث يلعب مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية «دوراً رائداً في تقديم المساعدات الغذائية، والرعاية الطبية، والتعليم، والمساعدات الطارئة في زمن الأزمات، كما يقوم الصندوق السعودي للتنمية بتمويل 741 مشروعاً في 93 دولة عبر العالم».

سفير المملكة السعودية في باريس فهد الرويلي في حفل الاستقبال (الشرق الأوسط)

ونوه السفير الرويلي بالدور الذي تقوم به المنظمات والجمعيات السعودية في مختلف مجالات العمل الإنساني، ذاكراً منها مؤسسة الأمير سلطان بن عبد العزيز الخيرية أو رابطة العمل الإسلامي التي تتخذ من مكة المكرمة مقراً لها وهي تعمل بشكل خاص على «مكافحة التطرف والتشدد وخطابات الكراهية». وقد أثبتت الرابطة أهليتها، ما يعكس اعتراف الأمم المتحدة بدورها وتسميتها عضواً استشارياً ومراقباً لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة. كما أشار السفير الرويلي لدور المملكة في تقديم المساعدات في مناطق عديدة للمدنيين في غزة، وسوريا، ولبنان، وصولاً إلى أوكرانيا وغيرها.

أما على صعيد الحوار، فقد شرح السفير الرويلي دور بلاده الفاعل في تعزيز ثقافة الحوار خصوصاً بين الأديان والثقافات ودعمها الدائم «للمبادرات الرامية إلى تعزيز التفاهم المتبادل، ومكافحة التطرف، وترسيخ قيم التعايش السلمي بين الشعوب»، فيما تعكس رؤية 2030 «تشجيع الانفتاح، والتعاون الدولي، والشراكات المتعددة الأطراف، من أجل بناء مجتمعات أكثر عدلاً وتسامحاً وقدرة على الصمود».

وشدد السفير على أن «التضامن الإنساني والحوار الصادق يشكّلان ركيزتين أساسيتين لتحقيق السلام والاستقرار والازدهار على مستوى العالم»، خصوصاً أن نظرة فاحصة تبين كم أن عالم اليوم يعاني من أزمات ونزاعات وإرهاب... الأمر الذي يبين الحاجة إلى التضامن البشري والإنساني لغرض «صون السلام والاستقرار والكرامة الإنسانية».

وفي السياق عينه، أبرز السفير الرويلي التزام بلاده بـ«تعزيز التنمية المستدامة، والتعاون الدولي، والحوار بين الثقافات»، وأنها «تؤمن إيماناً راسخاً بأن التضامن الإنساني ركيزة أساسية لبناء عالم أكثر عدلاً وأمناً وازدهاراً». ومن من الفعاليات التي أقامتها الرياض في هذا السياق انعقاد «المنتدى العالمي الحادي عشر لتحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة»، مؤخراً، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة وعدد من كبار المسؤولين والشخصيات المرموقة من مختلف أنحاء العالم، الذي يهدف إلى تعزيز الاحترام والتفاهم بين الثقافات والأديان.

حضرت الحفل شخصيات دبلوماسية ودينية واجتماعية وإعلامية عربية وأجنبية مرموقة ومتعددة المشارب، ما يعكس بمعنى ما، صورة مصغرة عن التلاقي والتضامن الإنسانيين.


الرئيس الفرنسي في زيارة مزدوجة الأهداف إلى أبو ظبي

الرئيس ماكرون مع رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد بقصر الإليزيه في فبراير الماضي (أ.ف.ب)
الرئيس ماكرون مع رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد بقصر الإليزيه في فبراير الماضي (أ.ف.ب)
TT

الرئيس الفرنسي في زيارة مزدوجة الأهداف إلى أبو ظبي

الرئيس ماكرون مع رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد بقصر الإليزيه في فبراير الماضي (أ.ف.ب)
الرئيس ماكرون مع رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد بقصر الإليزيه في فبراير الماضي (أ.ف.ب)

ما بين لبنان والإمارات العربية المتحدة، اختار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أبو ظبي للقيام بالزيارة التقليدية للقوات الفرنسية المنتشرة خارج البلاد بمناسبة أعياد نهاية السنة. كان الخياران مطروحين، ففي جنوب لبنان، تشارك وحدة فرنسية من 700 رجل في قوة «اليونيفيل» المنتشرة جنوب لبنان. وتعد فرنسا من أقدم الدول التي أسهمت في القوة الدولية بمسمياتها المختلفة منذ عام 1978.

ولفرنسا في الإمارات قاعدتان عسكريتان بحرية وجوية {الظفرة) وقوة برية من 900 رجل. وأفاد الإليزيه بأن زيارة الرئيس الفرنسي ستكون ليومين (الأحد والاثنين)، ومن شقين: الأول، زيارة رسمية مخصصة للعلاقات الثنائية بين باريس وأبو ظبي، وسيتوِّجها اجتماع مرتقب، الأحد، بين ماكرون ورئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد لبحث الملفات المشتركة. ويقوم بين الطرفين حوار استراتيجي ــ سياسي رفيع المستوى. والشق الثاني لتفقد القوة العسكرية الفرنسية؛ حيث من المقرر أن يتوجه بخطاب إلى العسكريين بهذه المناسبة سيعقبه عشاء تكريمي أعده تحديداً مطبخ الإليزيه. وسترافق ماكرون وزيرة الدفاع كاترين فوترين. ومن ضمن برنامج الزيارة، حضور ماكرون نشاطاً عسكرياً في إحدى القواعد الصحراوية للقوة الفرنسية، ويرجح أن تشارك فيها قوة إماراتية على غرار التمارين العسكرية المشتركة بين الطرفين لتنسيق المواقف إزاء الأزمات الإقليمية والملفات الساخنة.

جنود فرنسيون يقومون بمناورة بدبابات من طراز «لوكلير» في مدينة زايد العسكرية 20 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

باريس وأبو ظبي تعاون وثيق

ترتبط فرنسا والإمارات بعلاقات استراتيجية قوية ومتنوعة؛ إذ تشمل الجوانب السياسية والدفاعية والاقتصادية والتجارية والثقافية. ومنذ عام 2009 وقّعت باريس وأبو ظبي اتفاقاً دفاعياً ما زال قائماً، ويرفده تعاون وثيق في مجال التسليح، حيث وُقِّعت بين الطرفين عقود بالغة الأهمية آخرها عقد حصول الإمارات على 80 طائرة قتالية من طراز «رافال» التي تصنعها «شركة داسو». ووُقّع العقد في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2021، وتبلغ قيمته الإجمالية مع الصيانة والتدريب 16.6 مليار يورو. ومن المنتظر أن تتسلم القوات الجوية الإماراتية أول النماذج بدءاً من عام 2026، بينما تنتهي عملية التسليم في عام 2031. ويشمل التعاون الدفاعي القيام بتمارين عسكرية مشتركة غرضها تسهيل التعاون بين جيشي البلدين. وما يدفع في هذا الاتجاه أن القوات الإماراتية تستخدم كثيراً من الأسلحة والمعدات التي تستخدمها القوات الفرنسية في قطاعي الطيران والعربات المصفحة والدبابات.

ليس القطاع الدفاعي والاستراتيجي وحده يستأثر بالتعاون الثنائي؛ فالطرفان يرتبطان بشراكة استراتيجية في قطاع الطاقة الذي يشمل، إلى جانب النفط، الطاقات المتجددة والنووية والهيدروجين, وبالتوازي، ثمة تعاون في قطاع الذكاء الاصطناعي.

كما طور الطرفان التعاون الأكاديمي (جامعة السوربون)، والثقافي (متحف اللوفر أبو ظبي) والصحي. ومن الجانب التجاري، تعد الإمارات الشريك الأول لفرنسا في منطقة الخليج؛ حيث بلغت قيمة المبادلات، العام الماضي، 8.5 مليار يورو. وتتركز المشتريات الإماراتية على الطائرات والتجهيزات والمكونات الكيميائية والعطور والمستحضرات الطبية والتجميلية والثياب والأقمشة. وتفيد وزارة الاقتصاد بأن ما لا يقل عن 600 شركة فرنسية تعمل في الإمارات، وتوفر فرصاً لآلاف المتخصصين والعمال.

صورة لأحد التمرينات العسكرية التي قام بها الجنود الفرنسيون المرابطون في دولة الإمارات بمناسبة المناورات التي تُجرى سنوياً (أ.ف.ب)

مهمات القوة الفرنسية في الإمارات

تؤكد مصادر الإليزيه أن اختيار أبو ظبي يعود لرغبة فرنسية في إظهار أن باريس، رغم تركيزها على الأزمة الأوكرانية التي تهم أمنها وأمن القارة الأوروبية، ما زالت «تواصل جهودها العسكرية، السياسية والدبلوماسية، على مستوى العالم بأسره، في كل مكان ترى فيه تهديداً لمصالحها وقيمها». ومن جانب آخر، ترى باريس أنها معنية بالأزمات والتحديات الأمنية القائمة في المنطقة سواء كان من بينها أمن الخليج والممرات المائية والتحديات التي يمثلها الحوثيون أو الإرهاب ممثلاً بتنظيم «داعش» الذي عاد إلى البروز في الشهر الأخيرة. وفي هذا السياق، تشير المصادر العسكرية في الإليزيه إلى أن القوات الفرنسية تشارك في «عملية شمال»، وهي جزء من التحالف الدولي في الحرب على الإرهاب. كذلك، فإنها جزء من «العملية الأوروبية أسبيدس» المنخرطة في حماية حركة الملاحة البحرية من هجمات الحوثيين.

من هذه الزاوية، يمكن تفهُّم حرص ماكرون على التوجه إلى الإمارات التي تعد، وفق مصادر الأليزيه «موقعاً محورياً تتقاطع حوله الأزمات كما يعكس اهتمامنا الكبير بهذه المنطقة الجغرافية الرئيسية من أجل الاستقرار الإقليمي وحماية الحركة الملاحية وأمن العراق والعلاقة مع إيران ومكافحة الإرهاب». وتشير المصادر الفرنسية إلى الحرب مع إيران، وللدور الذي قامت به الطائرات الفرنسية في محاربة «داعش» زمن احتلالها جزءاً من العراق، فضلاً عن محاربة أنشطة المرتزقة البحرية في المنطقة. وركزت المصادر المشار إليها على وجود «هيئة أركان فرنسية مشتركة» يرأسها الأميرال هيوغ لين، قائد القوة الفرنسية في الإمارات، ولكن أيضاً القوة الفرنسية العاملة في المحيط الهندي لمحاربة عمليات القرصنة والتهريب متعدد الأنواع.


عبدالله بن زايد يشدد على وقف فوري لإطلاق النار بالسودان

الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي (وام)
الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي (وام)
TT

عبدالله بن زايد يشدد على وقف فوري لإطلاق النار بالسودان

الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي (وام)
الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي (وام)

جدّد الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي، التأكيد على أن الوقف الفوري لإطلاق النار في السودان، وضمان وصول إنساني آمن من دون عوائق إلى المدنيين، يمثلان أولوية قصوى في ظل تفاقم الاحتياجات الإنسانية واتساع دائرة المعاناة.

ورحّب الشيخ عبد الله بن زايد بتصريحات وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بشأن السودان، التي شدد فيها على أن الهدف العاجل لواشنطن يتمثل في وقف الأعمال العدائية مع دخول العام الجديد بما يسمح للمنظمات الإنسانية بإيصال المساعدات إلى مختلف أنحاء البلاد.

وأثنى وزير الخارجية الإماراتي على ما تضمنته التصريحات الأميركية من تركيز على دفع مسار التهدئة الإنسانية والتخفيف من وطأة الأزمة، مؤكداً أن أي تقدم عملي يبدأ بوقف إطلاق النار على نحو عاجل، بما يوفر حماية للمدنيين ويؤسس لتهيئة بيئة سياسية أكثر قابلية للحل. كما رأى أن تثبيت الهدنة الإنسانية وفتح الممرات أمام الإغاثة «يمهدان الطريق» لمسار سياسي يفضي إلى انتقال مدني مستقل يحقق تطلعات السودانيين في الأمن والاستقرار والسلام.

وفي هذا السياق، أكد الشيخ عبد الله بن زايد التزام دولة الإمارات بالعمل مع المجموعة الرباعية بقيادة الولايات المتحدة، ضمن جهود تستهدف دعم مسار سياسي مدني مستدام يضع مصلحة الشعب السوداني فوق كل اعتبار.

وكان روبيو قد قال في مؤتمر صحافي إن بلاده منخرطة «بشكل مكثف» مع أطراف إقليمية، لافتاً إلى محادثات أجرتها واشنطن مع مسؤولين في الإمارات والسعودية ومصر، وبالتنسيق مع المملكة المتحدة، في إطار الدفع نحو هدنة إنسانية تسمح بتوسيع عمليات الإغاثة.