«بارون»... أطباقه شرق أوسطية بنفحة أوروبية

كراسيه من توقيع المصمم العالمي أليكس غوفلر

أطباق مبتكرة فيها نكهات الشرق والغرب  -  الكراسي على الطريقة البيروتية التقليدية التي تذكرنا بالمقاهي القديمة
أطباق مبتكرة فيها نكهات الشرق والغرب - الكراسي على الطريقة البيروتية التقليدية التي تذكرنا بالمقاهي القديمة
TT

«بارون»... أطباقه شرق أوسطية بنفحة أوروبية

أطباق مبتكرة فيها نكهات الشرق والغرب  -  الكراسي على الطريقة البيروتية التقليدية التي تذكرنا بالمقاهي القديمة
أطباق مبتكرة فيها نكهات الشرق والغرب - الكراسي على الطريقة البيروتية التقليدية التي تذكرنا بالمقاهي القديمة

في أحد أزقة شارع مار مخايل المكتظة بمحلات ومطاعم تنبض بنكهات ومذاقات أطباق إيطالية وفرنسية ولبنانية ومكسيكية وغيرها، يطالعك «بارون» الذي يعد حاليا أحد مطاعم بيروت الشهيرة. فأهالي تلك المنطقة يعرفونه بـ«مطعم الجار للجار» إذ يسهل الوصول إليه سيرا على الأقدام، فيما يصفه السياح الأجانب والعرب بالمكان المتألق بأطباقه وبجلسته معا.
فهذا المكان الذي وكما يشير إليه اسمه «Baron» (المحارب النبيل)، وهي تسمية فرنسية قديمة راجت أيضا في إنجلترا في القرن الأول، رأى أن نكهات الطعام يمكن أن تحمل هي أيضا هذه الصفة (النبل)، عندما جمع أعرقها في منطقة الشرق الأوسط وحدثها بلمسة أوروبية موقعة من قبل صاحبه اليوناني الأصل الشيف تومي كاركاتزيديس. فهو أغرم ببيروت إلى حد جعله يستقر فيه ويتزوج من لبنانية. «رغبت في فتح مكان نستمتع بتناول طعامه والتسكع فيه أيضا» يقول الشيف تومي لـ«الشرق الأوسط» الذي يرى في «بارون» مطعما لا يشبه غيره إن برزانته في التعامل مع الزبائن، أو في جلسته الدافئة المحببة إلى قلوبهم.
تلفتك ديكورات هذا المطعم «البيسترو» منذ اللحظة الأولى لاجتيازك عتبته من على رصيف قديم يقع في شارع فرعون المتفرع من مار مخايل، شارع السهر والطعام الأشهر في بيروت. فأثاثه الذي تسوده أدوات مصنوعة من الخشب لم تأخذ مكانها بالصدفة، بل هي نتاج تصاميم فنية موقعة من ألكسندر غوفلر صاحب مجموعة «ميرانو» في شركة «تون» لتصميم الكراسي، والذي حازت أعماله على الجائزة العالمية «أفضل تصميم» في عالم كراسي المطاعم بمستوياتها المختلفة. وشاء صاحب المطعم ترصيعه بها لأنها تتميز بأناقة القطع المنحوتة والمريحة في آن.
طاولات مستديرة وأخرى مستطيلة من الرخام الأبيض حينا والخشب حينا آخر، تجتمع حولها مقاعد تذكرك بكراسي الخيرزان البيروتية القديمة بهندستها وثقوب شبك قاعدتها، ستناديك للجلوس عليها دون استئذان، إذ تشكل شرارة الحب الأولى التي تمارسها عليك أجواء «بارون» الخارجة عن المألوف. وفي باحة خارجية ضيقة بمساحتها وزاهية بديكوراتها المستنبطة من حدائق بيروت أيام زمان ستستمتع بتمضية جلسة حميمة مع الأصدقاء في أرجائها، بحيث تسترخي في أحضانها وكأنك تقضي لحظات من نوع «كواليتي تايم» (وقت الجودة) على شرفة منزل بيروتي عريق.
أما مطبخه المفتوحة أبوابه، فتستطيع أن تشاهد من خلاله كيفية تحضير الطعام وأداء الطباخين. كما تلفه جلسة شبابية تناسب هواة تناول طعامهم مباشرة من على كراسي مرتفعة حول البار الخشبي دون التقيد بالجلسات الرسمية. وبهذه الطريقة أراد صاحب المطعم أن يفتح شهية الزبون من خلال روائح الأطباق المعطرة بالأعشاب وبهارات صلصات الشيّ، التي تتسلل إلى أنفه، معلنة بداية رحلة ممتعة قوامها أطباق تفوح منها حرفية الطهي.
تجمع أطباق «بارون» أسرار المطبخ اليوناني (طحينة وجبن فيتا) وخفايا الحلبي (بهارات) وتميز المكونات اللبنانية (دبس الرمان وسجق وزيت زيتون وحبوب المغربية)، بعد أن تم وضعها في قالب أوروبي من خلال طريقة تقديمها وتزيينها وفي أسلوب تحضيرها، والذي يرتكز أحيانا كثيرة على نقع اللحوم لفترة تتجاوز الـ24 ساعة في صلصلات متبلة بالبهارات والأعشاب، والـ28 يوما لتحضير قطعة لحم «Rib eye» الطرية والمشهور فيها هذا المطعم.
كما تتنوع مذاقات الطعام بين الإيطالي والياباني والإسباني وتتألف من ثمار البحر والباستا ولحوم العجل والضأن والدجاج وغيرها. «كل هذا التنوع للإشارة إلى مدينة بيروت، فأطباقنا كناية عن رسالة حب نجمع فيها التعددية المعروفة بها هذه المدينة والتي يعشقها كل من يزورها». يوضح الشيف تومي لـ«الشرق الأوسط».
وبين «الشنكليش» المحضر مع نبتة العدس والبهارات الحلبية، وطبق «زوكيني» المؤلف من المعكرونة «تالياتيل» وجبن الفيتا والبصل المحمر والفستق، وصولا إلى سلطة الـ«كايل» مع الأرز، والجزر مع اللبن الزبادي والكيناوا، ستحتار أيا منها تختار في لائحة الـ«إنتريه» الخاصة بفتح الشهية.
وضمن لائحة الأطباق الساخنة والمؤلفة من لحم الدجاج والبط و«الميرغيز» وغيرها من اللحوم المشوية بتأن على الفحم، تطالعك مجموعة لذيذة من الأطباق المتبل بعضها بصلصة «ورسيسترشاير» البريطانية وبهارات الكاري الهندية والصويا الصينية والفلفل المكسيكي.
أما مسك الختام فيتمثل بأنواع حلويات يسيل لها اللعاب، حضرت بأسلوب مغاير عن تلك التي نتناولها في مطاعم أخرى، كفاكهة الدراق مع الكراميل والبقلاوة اللبنانية مع المثلجات.


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)
صحتك المستهلك يمكنه تجنب فقدان العناصر الغذائية والنكهة عن طريق اختيار لحوم البقر والدجاج المجمدة (رويترز)

6 أطعمة من الأفضل تناولها مجمدة وغير طازجة

خبيرة التغذية البريطانية ريانون لامبرت، كشفت هذا الأسبوع عن أن وجهة نظرنا السلبية تجاه الأطعمة المجمدة قد تحرمنا عناصر غذائية قيّمة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك العناصر الغذائية الدقيقة تؤدي أدواراً بالغة الأهمية في وظائف الخلايا والمناعة (رويترز)

7 عناصر غذائية أساسية لا نتناول ما يكفي منها

أكثر من 5 مليارات شخص لا يستهلكون ما يكفي من اليود أو فيتامين «E» أو الكالسيوم... وأكثر من 4 مليارات شخص لا يتناولون كمية كافية من الحديد والريبوفلافين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق سمكة السمّ القاتل (أ.ف.ب)

طفلة يابانية تصبح أصغر المؤهَّلين لإعداد سمكة سامّة تُهدِّد بالموت

أصبحت يابانية، تبلغ العاشرة، أصغر شخص يحصل على تصريح لإعداد سمكة «فوغو» المنتفخة؛ وهي من الأطعمة الشهية التي قد تقتل الإنسان إذا لم تُزَل أجزاؤها السامّة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

حكايةُ الكنافة بالشكولاته نجمة الإنترنت الشهية

اللمسة خاصة بكل شيف ولا وصفة صارمة تُطبَّق بالحذافير (فيسبوك)
اللمسة خاصة بكل شيف ولا وصفة صارمة تُطبَّق بالحذافير (فيسبوك)
TT

حكايةُ الكنافة بالشكولاته نجمة الإنترنت الشهية

اللمسة خاصة بكل شيف ولا وصفة صارمة تُطبَّق بالحذافير (فيسبوك)
اللمسة خاصة بكل شيف ولا وصفة صارمة تُطبَّق بالحذافير (فيسبوك)

تخدع التسمية؛ ففي لبنان مثلاً تعني الكنافة كعكة محشوَّة بجبن تعلوه حلوى أقرب إلى «النمّورة»، وسط كثافة القَطر المتدلّي، عادةً، إلا لمَن يفضِّل الحدّ من الحلاوة. لكنَّ الإنترنت يضجّ بما يُسمَّى الكنافة بالشكولاته في دبي، غير المُتخِّذة من الكعكة مصدر الطَعم الأول، بل المُسلِّمة نفسها للشوكولاته ومكوّنات تُشكِّل الحشوة، أشهرها الفستق الحلبي. على الفور، يتحوّل المشهد مادةً دارجة بين المشاهير والعامّة، ويغمر الفضول كثيرين، ليعدّها بعضهم في المنازل ويحصر آخرون تجربة التذوُّق في المطعم.

اللمسة خاصة بكل شيف ولا وصفة صارمة تُطبَّق بالحذافير (فيسبوك)

اللمسة على النكهة خاصة بكل شيف، فلا وصفة صارمة تُطبَّق بالحذافير. الأكيد أنّ الكنافة بالشوكولاته في دبي تتطلَّب عناية بالتفاصيل والتنبُّه إلى جودة المكوّنات. نكهاتها تتعدّد باختلاف أنواع الشوكولاته. وهذا مردُّه مستوى الفخامة المُشتهى. فالشوكولاته الداكنة تعزّز الشعور بعمق النكهة وبكونها مركَّزة وواثقة، بينما تُضفي الشوكولاته بالحليب إحساساً بغنى الطعم الكريمي، لتضمن الشوكولاته السويسرية أو البلجيكية الفاخرة التذوُّق الفريد. هذه الفرادة ترفع مرتبة الكنافة بالشوكولاته في دبي لتُعَدّ من أرقى أنواع الحلويات التي تتباهى مطاعم فاخرة بتقديمها. ففي تلك المتخصِّصة بالمأكولات الشرق أوسطية التقليدية، وتلك العصرية، تُسجَّل تجربة شخصية عنوانها تناوُل ما يطيب.

يمتلئ الإنترنت بفيديوهات تؤكد مزج النكهات التقليدية بلمسة إبداع لخَلْق توازن مثالي بين الحلاوة والمرارة والطعم الغني العالق تحت اللسان. فالتجربة الحسّية تقتضي الشعور بتدفّق المكوّنات خلال التهامها. للبعض، هذه لحظة رائعة. إنها خليط الطعم والقوام والرائحة، إذ يمنح تآزرها لمحة واقعية عن كيفية تطوُّر الأطعمة وتكيّفها لتُناسب الأذواق الحديثة. فالجمع بين تراث الشرق الأوسط ولمسات عصرية من العالم، يؤكد خصوصية التجربة.

الكنافة بالشوكولاته تتطلَّب عناية بالتفاصيل والتنبُّه إلى جودة المكوّنات (فيسبوك)

هذه حكاية ابتكار في عالم الحلويات، تعزّزها الأفكار والثقافات المتعدّدة في دبي. طهاة من العالم يختبرون تجارب تمتاز بالتجديد، لإرضاء متذوّقين تتباين آراؤهم حول الأطباق وفق الخلفيّة الثقافية والتفضيل الشخصي. ولأنّ الكنافة بالشوكولاته تستميل الجميع، يهرع إلى تناولها المقيمون المحلّيون، عشاق الحلويات التقليدية ممَن يرغبون في تجربة نكهات جديدة، والشباب الميّالون إلى تذوُّق كل مبتكَر في عالم الحلويات، فتجذبهم تجربة المألوف مُقدَّماً بلمسة تثير الاهتمام. كذلك السياح، بلهفة الفضول حيال الحلويات الشرقية، مع ميلهم إلى نكهات اعتادوا عليها مثل الشوكولاته. التعديل على تجربة الحلوى العربية، الذي تتيحه الكنافة بالشوكولاته، لا بدّ أن يلائم الأذواق.

وتُعدُّ الخيارَ المرحَّب به من جميع أفراد الأسرة. فكبار السنّ يفضّلون الطعم التقليدي فيها، والأطفال والشباب يميلون نحو النكهة المُبتَكرة. أما ذوّاقة الحلويات الفاخرة، فقد بلغوا مقصدهم. فالتجربة مميّزة، تمنحها مطاعم ومقاهٍ ضمن قائمة طعامها الراقية.

تتدخّل الشوكولاته المُستخدمة لتشكِّل عاملاً حاسماً يُحدِّد السعر. فتلك الداكنة والفاخرة ترفع الأسعار بشكل ملحوظ. ينضمّ موقع المطعم إلى المعادلة، لحتمية ميل مطاعم المناطق السياحية أو الفاخرة إلى رفع أسعارها. ولا مهرب من رفع السعر بزيادة حجم الحصة أيضاً، لتتيح الأسعار المتنوّعة اختيار المتذوِّق ما يناسب ميزانيته من دون التضحية بتميُّز التجربة.

الفرادة ترفع مرتبة الكنافة بالشوكولاته في دبي لتُعَدّ من أرقى الحلويات (فيسبوك)

رواجها عبر الإنترنت يكثّف الطلب عليها ويُسرّع تحوّلها رغبة مُلحَّة. ولكن ما أشعل هذا الانتشار؟ يحلّ الابتكار في الطهي سبباً أول، لتليه العلاقة المتينة بين الإنسان ووسائل التواصل؛ ولا يُغفَل التوجّه العام نحو تجربة الحلويات الفريدة. ذلك يُضاف إلى تحلّي الكنافة بالشوكولاته في دبي بجاذبية بصرية، مما يُسرّع رواجها عبر منصات مثل «تيك توك» و«إنستغرام»، جرّاء كثافة مُشاركة صور وفيديوهات تُظهر اللمسة الشهية.

تحرُّر التجربة من الحصر في حيّز ضيّق، مثل المنزل أو المطعم، إلى المُشاركة العريضة بفعل وسائل التواصل، يعزّز حضورها. فالكنافة بالشوكولاته تصبح موضوعاً مفضَّلاً لمدوّنين ومحبّي طعام على المنصات الرقمية؛ تُصوّرها فيديوهاتهم وهي تُقطَّع لتكشف إغواء المكوّنات اللذيذة، مُحقِّقة مشاهدات قياسية تسمح بانتشارها الكبير.

رواجها عبر الإنترنت يُسرّع تحوّلها تجربة تذوّق فريدة (أمازون)cut out

يضيف تذوُّق مؤثّرين وطهاة لهذه الحلوى، وعدَّها، والتسويق لها عبر حساباتهم، إلى رواجها بُعداً جديداً. فتكوُّن رأي إيجابي حولها، يُشجّع متابعين على التجربة، مما يكثّف الشعبية. كما يتيح ربطها باللحظات الاجتماعية، فرصة انتشار أوسع. ففي الغالب، يجتمع أصدقاء أو عائلات لالتهامها، مع ما تعني الجَمْعة من أرجحية توثيقها بصورة أو فيديو للمُشاركة. يأتي ذلك وسط انتشار تحدّيات تُقارن مثلاً بين الطعم التقليدي للكنافة وطعمها المُبتَكر لتبادُل الآراء بالتعليق والتفاعل. كلُّه يُسرِّع الرواج، مُدعَّماً بأثر دبي على المستوى السياحي. فجذبها زواراً من العالم، يسمح بمطاردة تجارب فريدة؛ ومن عادة السائح، غالباً، مُشاركة تجاربه الغذائية عبر وسائل التواصل.

الانتشار الكبير مردُّه أيضاً التقديم المميّز. فمطاعم في دبي تتعمَّد الابتكار بطرق تقديم تتّبع إضافات غير تقليدية أو أساليب خاصة. بذلك تلفت الأنظار وتُحرّك الفضول، لتصبح حديث الساعة وتشغل مَن لا يشعرون باكتمال أي تجربة خارج توثيقها الرقمي.