«مناورات» دولية لتجنب «حرب التجارة»

ميركل تجرب حظوظها مع ترمب... وبكين تسعى للحشد

حاويات في منطقة التجارة الحرة في شنغهاي الصينية (رويترز)
حاويات في منطقة التجارة الحرة في شنغهاي الصينية (رويترز)
TT

«مناورات» دولية لتجنب «حرب التجارة»

حاويات في منطقة التجارة الحرة في شنغهاي الصينية (رويترز)
حاويات في منطقة التجارة الحرة في شنغهاي الصينية (رويترز)

وسط محاولات حثيثة للضغط على الولايات المتحدة من أجل التراجع عن توجهاتها الحمائية، وكذلك عن فرض الرسوم الجمركية، تسعى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل خلال لقائها بالرئيس الأميركي دونالد ترمب لـ«بحث حظوظها» في هذه القضية، بعدما حاول قبلها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون انتهاج الأمر ذاته.
وبينما يستعدّ الطرفان، الأميركي والصيني، لإجراء نقاشات يقودها وفد رفيع من المتوقَّع أن يزور بكين خلال الأيام الحالية، استبقت وزارة التجارة الصينية الزيارة، أمس، بإعلانها أنه ينبغي على الولايات المتحدة أن تتخلى عن نهجها الأحادي تجاه التجارة، وأن تتبنى أسلوباً تشاورياً من خلال الحوار.
وقال قاو فينغ، المتحدث باسم الوزارة للصحافيين في بكين، إن عدم مواجهة «الإجراءات الخاطئة المتخذة من جانب الولايات المتحدة سيضر بسلطة نظام التجارة العالمي متعدد الأطراف».. معيداً التأكيد على موقف الصين الرافض لكل أشكال الأحادية والحماية التجارية.
ورغم الترحيب الصيني بالزيارة وانفتاحها على المباحثات، وتفاؤل الرئيس الأميركي بالوصول إلى حلول للأزمة، فندت بكين يوم الأربعاء الاتهامات الأميركية لها بـ«انتهاك قواعد منظمة التجارة العالمية»، موضحة أن «مثل تلك الأحكام يجب أن تصدر في إطار المنظمة وليس بقرار من بلد بعينه».
وكان كورت تونغ، القنصل الأميركي العام في هونغ كونغ، قال أول من أمس، إن انتهاكات الصين لقواعد منظمة التجارة العالمية تضر بالولايات المتحدة. وأضاف أن حجم الصين ونجاحها الاقتصادي الدولي قد عزز فكرة أنه من المقبول أن تتجاهل الصين القواعد التجارية العالمية.
وفي رد على ذلك، قال لو كانغ، المتحدث باسم الخارجية الصينية، إنه يجب على الجانب الأميركي أن يقدم الدليل على اتهاماته للصين بشأن انتهاك قواعد منظمة التجارة العالمية. وأضاف: «من الجيد أن الجانب الأميركي مستعد للحديث عن قواعد التجارة العالمية»، مشيراً إلى أن المناقشات التي جرت أخيراً في إطار المنظمة في جنيف أوضحت بجلاء أن كثيراً من أعضاء المنظمة يأملون كثيراً أن تلتزم الولايات المتحدة بقواعد المنظمة.
وأكد لو أنه «منذ انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية وهي تفي بالتزاماتها كدولة عضو بالمنظمة وتلتزم بقواعد المنظمة»، مضيفاً أن الصين ظلت دائماً عضواً نشطاً ومؤيداً قوياً ومساهماً رئيسياً في النظام التجاري متعدد الأطراف. وقال: «في الحقيقة، نتائج التنمية الصينية تحققت من خلال اتباع القواعد الدولية والعمل الجاد للشعب الصيني... ومن الممكن حل النزاعات التجارية بين الصين والولايات المتحدة عبر المحادثات الثنائية، ويمكن إدارة هذه النزاعات في ظل أطر متعددة الأطراف، ولكن لا يمكن معالجتها بشكل أحادي».
وعلى جانب موازٍ، وبينما تجري الاستعدادات للقاء قمة ألماني - أميركي، تضاءلت آمال برلين بأن يتم إعفاء الاتحاد الأوروبي من الرسوم الجمركية التي تعهَّد ترمب باتخاذ إجراءات انتقامية لمواجهتها. وقال مصدر في الحكومة الألمانية أمس: «علينا أن نتوقع فرض الرسوم في الأول من مايو (أيار)... ومن ثم سنرى كيف سنتعامل معها». لكن اتحاد الصناعات الألماني طالب المستشارة ميركل بممارسة ضغوط على الرئيس الأميركي خلال لقائها هذا الأسبوع فيما يتعلق بالنزاع بشأن القيود التجارية والجمارك. وقال رئيس الاتحاد، ديتر كيمبف، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية إن على ميركل أن تطالب ترمب بالعدول بشكل تام عن القيود التي فرضتها على الصادرات الأوروبية من الفولاذ والألمنيوم.
ورأى كيمبف أن على ميركل أن «توضح لترمب المخاطر التي تنطوي عليها إجراءاته، ليس فقط على الاقتصاد والتجارة العالميين، بل على الاقتصاد الأميركي أيضاً»، وقال إن الاعتداءات على التجارة الحرة تهدد الرخاء وفرص العمل على جانبي الأطلسي.
وأشار رئيس اتحاد الصناعات الألمانية إلى أن واحدة من كل خمس وظائف في ألمانيا تتوقف على التصدير، «بل إن هذه النسبة ترتفع لأكثر من نصف الوظائف في القطاع الصناعي».
وأوضح كيمبف أن خفض الاتحاد الأوروبي من جانب واحد الجمارك التي يفرضها على الواردات الأميركية، كما يطالب به ترمب، لا يتوافق مع قواعد منظمة التجارة العالمية ولا يخدم المصلحة الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي. وشدد كيمبف على ضرورة أن يكون انفتاح الأسواق تبادلياً. وقال إن مجرد اعتماد اتفاقية جمارك لا يفي بالمطلوب.
ومن المتوقَّع أن تركز محادثات ميركل مع ترمب في البيت الأبيض على النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حيث لم تتجاوز أوروبا وأميركا الخلاف بينهما بشأن الجمارك العقابية التي فرضها الأميركيون على واردات الفولاذ والألمنيوم. علماً بأن الولايات المتحدة منحت الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي فترة سماح إضافية تنتهي في الأول من مايو المقبل.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد انتقد صراحة توجهات نظيره الأميركي الحمائية خلال زيارته إلى واشنطن، حيث دعا إلى إعفاء أوروبا بصورة نهائية من الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألمنيوم، مشدداً على العلاقات الجيدة بين الطرفين. وقال ماكرون في تصريحات إعلامية: «آمل أن يقرر إعفاء الاتحاد الأوروبي، نحن لا ندخل في حرب تجارية مع حلفائنا»، بل إنه انتقد في خطابه المطول أمام الكونغرس سياسة «أميركا أولاً»، داعياً إلى التصدي لأي «ميول قومية».


مقالات ذات صلة

نائبة بالبرلمان الفرنسي: نتطلع لتعاون مستدام مع السعودية في ظل «رؤية 2030»

الاقتصاد نائبة البرلمان الفرنسي أميليا لكرافي (الشرق الأوسط)

نائبة بالبرلمان الفرنسي: نتطلع لتعاون مستدام مع السعودية في ظل «رؤية 2030»

في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة العربية السعودية ضمن إطار «رؤية 2030»، تتجه الأنظار نحو تعزيز العلاقات الثنائية بين السعودية وفرنسا.

أسماء الغابري (جدة)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو المستجدات الإقليمية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله سيباستيان ليكورنو في الرياض (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع سيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسية، مستجدات الأوضاع الإقليمية وجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)

الذهب يسجل مكاسب ملحوظة مع تزايد المخاوف حول سياسات ترمب

سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع الآمنة في دار «برو أوروم» للذهب في ميونيخ (رويترز)
سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع الآمنة في دار «برو أوروم» للذهب في ميونيخ (رويترز)
TT

الذهب يسجل مكاسب ملحوظة مع تزايد المخاوف حول سياسات ترمب

سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع الآمنة في دار «برو أوروم» للذهب في ميونيخ (رويترز)
سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع الآمنة في دار «برو أوروم» للذهب في ميونيخ (رويترز)

ارتفعت أسعار الذهب يوم الجمعة مع تزايد حالة عدم اليقين بشأن سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، ما زاد من الطلب على السبائك. بينما يترقب المستثمرون تقريراً هاماً عن الوظائف لتقييم الاتجاه المتوقع في سياسة خفض أسعار الفائدة من جانب مجلس «الاحتياطي الفيدرالي».

وارتفع الذهب في المعاملات الفورية 0.2 في المائة إلى 2675.49 دولار للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 07:25 (بتوقيت غرينتش). حقق الذهب مكاسب تزيد على 1% في المائة حتى الآن هذا الأسبوع، متجهاً نحو تحقيق أكبر قفزة أسبوعية منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني)، وفق «رويترز».

وارتفعت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة 0.3 في المائة إلى 2698.30 دولار للأوقية. ومن المقرر صدور تقرير الوظائف غير الزراعية في الولايات المتحدة في وقت لاحق من اليوم.

وبحسب استطلاع أجرته «رويترز»، من المتوقع أن ترتفع أعداد الوظائف بمقدار 160 ألف وظيفة في ديسمبر (كانون الأول)، بعد قفزة قدرها 227 ألف وظيفة في نوفمبر (تشرين الثاني).

وقال غيغار تريفيدي، المحلل الكبير في «ريلاينس» للأوراق المالية: «نتوقع أن يتراجع الذهب قليلاً إذا جاء تقرير الوظائف غير الزراعية أفضل من المتوقع».

وأشار تريفيدي إلى أن الذهب حصل على دعم بعد تقرير التوظيف الخاص الأضعف من المتوقع لشهر ديسمبر، ما عزز الفكرة بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يحتاج إلى تبني نهج أقل تشدداً في سياسة خفض أسعار الفائدة.

وقد أشار رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في «كانساس سيتي»، جيف شميد، يوم الخميس، إلى تردد البنك في خفض أسعار الفائدة مرة أخرى، في ظل اقتصاد مرن وتضخم يظل أعلى من هدفه البالغ 2 في المائة.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن التعريفات الجمركية وسياسات الهجرة التي اقترحها ترمب قد تؤدي إلى إطالة أمد النضال ضد التضخم. ويتطلع المتداولون الآن إلى أول خفض لأسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي هذا العام، والذي من المتوقع أن يكون في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران)، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

وارتفعت الفضة 0.3 في المائة إلى 30.2 دولار للأوقية، في حين تم تداول عقد «كومكس» عند 31.17 دولار، وكلاهما قريب من أعلى مستوياته في شهر. وقال «دويتشه بنك» في مذكرة: «نتوقع أن تصمم الإدارة الأميركية القادمة سياسة اقتصادية وتجارية لتعزيز الرخاء الوطني، وأن يتعافى الفضة إلى جانب الذهب في النصف الثاني من عام 2025 إلى 35 دولارا للأوقية».

من ناحية أخرى، انخفض البلاتين 0.4 في المائة إلى 955.97 دولار، في حين ارتفع البلاديوم 0.9 في المائة إلى 934.16 دولار. ومن الجدير بالذكر أن المعادن الثلاثة في طريقها لتحقيق مكاسب أسبوعية.