مدونات الموضة... صراع الثقة والمصلحة

شركات التسويق تعدّهن قوتها الناعمة

المدونة مايا ويليامز - المدونة الكويتية آسيا كما تظهر في حملة وهي تحمل حقيبة من «أغنر» - مستشارة الموضة هبة سراج الدين - مدونة الموضة هادية غالب
المدونة مايا ويليامز - المدونة الكويتية آسيا كما تظهر في حملة وهي تحمل حقيبة من «أغنر» - مستشارة الموضة هبة سراج الدين - مدونة الموضة هادية غالب
TT

مدونات الموضة... صراع الثقة والمصلحة

المدونة مايا ويليامز - المدونة الكويتية آسيا كما تظهر في حملة وهي تحمل حقيبة من «أغنر» - مستشارة الموضة هبة سراج الدين - مدونة الموضة هادية غالب
المدونة مايا ويليامز - المدونة الكويتية آسيا كما تظهر في حملة وهي تحمل حقيبة من «أغنر» - مستشارة الموضة هبة سراج الدين - مدونة الموضة هادية غالب

وسط عالم يكتظ بالصور، تتحول بوصلة التأثير من نجمات الفن إلى مدونات الموضة، وتتحرك معها بالتبعية أدوات التسويق. تتغير المعايير ويُعاد تحديد واجهات التأثير في المجتمعات العربية، إلى الحد الذي دفع دور الأزياء والعلامات التجارية الكبرى إلى مراقبة المدونات لتحدد استراتيجياتها: إلى من ستتجه؟ وماذا ستحقق؟.
منذ عدة سنوات ظهر مصطلح «مدونة الموضة»، ولم يكن أحدا حينذاك يعرف معناه وما دورهن؟ هل هن متخصصات؟ وهل شغف بالموضة هو الذي يحركهن أم أنهن مجرد فتيات مدللات من طبقة اجتماعية معينة تمتلك القدرة المادية التي تساعدها على الخروج لمتابعيها كل يوم بإطلالة جديدة؟. مع الوقت أصبحت مجموعة منهن يتصدرن المشهد ليتحولن إلى نجمات، لديهن القدرة على التأثير، ويمتلكن الأدوات لوضع معايير إطلالة الفتاة العربية وتغيير فكرها. فقد تحولن من مدونات إلى مؤثرات أو كما يُقال بالإنجليزية «influencers»، وأصبحن حلقة رئيسية في سير الموضة، وأداة قوية للتسويق.
تقول خبيرة الموضة المصرية غدير العجباني، إن «اهتمام علامات الموضة بالمدونات بدأ منذ 15 عاماً تقريباً، عندما بدأت عدسات المصورين تنقل إطلالات الشارع بالتوازي مع عروض الأزياء، وبدأت منذ هذا الوقت فكرة التدوين».
وتضع العجباني فارقاً بين «المدون والمؤثر». «التدوين هو شكل من أشكال الصحافة الحرة، أي أن تمتلك صاحبتها أدوات الكتابة، حتى ولو بلغة بسيطة مختلفة عن لغة الصحافة المكتوبة في الصحف والمجلات، بحيث تكون لديها القدرة على إيصال فكرة أو نصيحة لمتابعيها. لكن الأمر الآن اختلف وأصبح هناك تداخل بين المدون والمؤثر، لأن الصورة هي البطل مع تغلغل وسائل التواصل الاجتماعي في حياتنا اليومية».
وتتفق مدونة الموضة العراقية، مايا وليمز، مع هذا الرأي، حيث تقول لـ«الشرق الأوسط» إن ما دفعها لأن تكون لها مدونة خاصة بها «محاولة توفير نافذة للتعبير عن رأي خاص لمتابعيها، لا تتحكم فيه صفقات التسويق التي تعقدها المجلات، وهذا هو الهدف الرئيسي والدور الحقيقي لمدونة الموضة».
تتابع مايا وليمز، أن لها أسلوبا خاصا بالموضة، «فأنا لا أعتبرها مهنة أستهدف من ورائها الربح، لأن علاقتي بالأزياء أقوى من ذلك، لهذا قررت أن أتبادل الإطلالات مع الفتيات العربيات، أساعدهن تارة، ويساعدونني تارة، ومن هنا حققت قاعدة كبيرة من المتابعات بُنيت على ثقة وشعور بالقرب. فأنا فتاة عربية مثلهن، أشاركهن تفاصيلي اليومية كما هي من دون تكلف».
الملاحظ أن تأثير المدونات لم يعد يقتصر على مواقع التواصل الاجتماعي فحسب، بل وصل إلى أكبر محافل الموضة العالمية. فبعضهن وصل إلى النجومية في عيون صناع الموضة حسب عدد متابعينهن. بعبارة أخرى أصبحن نقطة ارتكاز قوية في انتقال الموضة من منصة العرض إلى الشارع، وهو ما تؤكده مستشارة الموضة المصرية، هبة سراج الدين، بقولها إن مشاركتهن في عروض أسابيع الموضة بالعالم إضافة تنقل الأزياء إلى مرحلة جديدة أكثر واقعية. وعن رؤيتها لنجاح المدونات وسحب البساط من نجمات الفن فيما يخص الترويج للصيحات الجديدة تقول: «جزء كبير من هذا النجاح أن المتابعات يشعرن بأن هناك تشابها بينهن وبين المدونة. فهي شخص عادي لا يهتم بأن يُغلف حياته كما تفعل نجمات الفن، ومن ثم تساعد بساطتها وتلقائيتها على وصولها لقاعدة جماهيرية كبيرة، إلى حد أن العديد من المدونات اللاتي لديهن أطفال يكشفن لمتابعيهن عن تفاصيل معاناتهن كأمهات، وكيف يحققن التوازن بين الأمومة والحفاظ على جاذبيتهن وأنوثتهن».
أسماء كثيرة لمدونات عربيات تتصدرن المشهد في أسابيع الموضة خلال الأعوام الثلاث الماضية خصيصاً، حسب حديث هبه سراج الدين لـ«الشرق الأوسط». وتضيف: «نحن تابعنا اختيار دار «دولتشي أند غابانا» الإيطالية للمدونة اللبنانية لانا الساحلي، كواحدة من العارضات خلال أسبوع الموضة بميلانو لخريف وشتاء 2017. وجاء ذلك الاختيار بعد أن قررت الدار تقديم أبرز الوجوه المؤثّرة في الموضة من حول العالم».
«غني عن القول إن وسائل التواصل الاجتماعي كان لها فضل كبير في ظهور مدونات الموضة»، هكذا بدأت مدونة الموضة المصرية هادية غالب حديثها: «فتفاعل الجمهور مع وسائل التواصل الاجتماعي ومتابعتهم لها يفوق التلفزيون كثيراً، الأمر الذي أدى إلى تغير وجوه التأثير». وتشير إلى أن نجاحها وعدد متابعيها كان السبب وراء حرص عدد من علامات الموضة على دعوتها لحضور أسبوع الموضة بنيويورك لعامين متتاليين.
الشيء نفسه ينطبق على مايا وليمز التي تشارك في أسابيع الموضة بشكل منتظم منذ بضعة مواسم بناءً على دعوات من بعض دور الأزياء. تقول: «أحرص خلال حضوري عروض أسابيع الموضة أن أقدم للمتابعين تفاصيل مختلفة عما تُقدمه المجلات. أحاول أن أُشركهم أكثر بحيث يشعرون وكأنهم يحضرون عروض الأزياء، علما بأن أغلب المتابعات في مقتبل العمر ومن حقهن أن يشعرن بأن الموضة خرجت خصيصاً لتميز إطلالاتهن، لا أن تبقى حبيسة منصات العروض. مثلا عندما سافرت للمشاركة في أسبوع الموضة بلندن هذا العام، حرصت على تصوير ما خلف الكواليس، وهو ما شهد تفاعلا كبيرا من قبل المتابعين لأنهم متعطشون لمعرفة أسرار المهنة».
لا يمكن أن تبقى علامات الأزياء بعيدة عن التطورات التي يشهدها عالم الموضة، فهي كيانات تمتلك أقوى أدوات البحث والدراسة لوضع استراتيجيات التسويق حسب متغيرات السوق. ولا شك أنها رصدت نجاح المدونات وبالتالي قررت أن تستخدمه، وفي هذا الصدد تقول غدير العجباني: «لا يمكن إنكار أن مدونة الموضة أصبحت أداة للتسويق، وهذا أمر لا يعيب المدونة بينما هو دليل على نجاحها». وعن السبب ترى أن المقابل المادي الذي تتقاضاه المدونة مقابل الترويج لعلامة ما أقل كثيراً مما تتقاضاه نجمات الفن، رغم أن المدونة قد تكون أنجح في تسويق صيحة معينة، لأنها بالأساس شخص لديه موهبة في اختيار الموضة أو درست هذا الفن وتعي أدواته جيداً. أما النجمات فليس بالضرورة أن تكون لديهن القدرة نفسها، لا سيما في الإطلالات اليومية. وتشاركها الرأي هبة سراج الدين بقولها: «المدونات تخدمن مصلحة علامات الأزياء أكثر من النجمات، لأنهن بنين مع المتابعين علاقة مبنية على أساس شخصي حقيقي. فما تعرضه المدونات يعتمد على المنطقية، كما أنهن من طبقات وفئات مختلفة، خرجن من تابوه القوام المثالي، فنجد مدونة قصيرة القامة، وأخرى وزنها متوسط وهكذا. وهذا يعني أن تأثيرهن يأتي من كونهن تتشابهن مع المتابعات في كثير من النقاط». وتتابع: «من خلال مدونات الموضة يمكن لعلامة أو دار أزياء أن يصل إلى الجمهور المستهدف، فبالطبع أي علامة لا تريد أن تصل لكل الفئات، فهناك علامات تستهدف النساء فقط، وغيرها تستهدف طبقة مادية محددة يمكنها دفع آلاف الدولارات مقابل الحصول على قطع فريدة، وأخرى يعنيها الشابات فقط. على هذا الأساس يتم اختيار من تساعدهم للترويج لمنتجاتهم أفضل».
من التدوين إلى التسويق
لكن يبقى السؤال المطروح هو هل تخسر المدونة ثقة جمهورها إذا انخرطت في التسويق، بما أن الثقة هي نقطة الارتكاز التي تحدد مدى شعبيتها؟.
تجيب هادية غالب بأن المدونة الناجحة عليها أن تحافظ على مصلحة متابعيها، وذلك بأن تكشف لهم الحقيقة وتكون صادقة معهم، وفي الوقت ذاته تقدم لهم صيحات وعلامات تستحق المتابعة. وسواء كانت تتقاضى عائدا ماديا مقابل التسويق أم لا، فالمعيار الذي يحقق لها التوازن ويحافظ على مصداقيتها هو «الانتقاء». وتضيف: «أرفض تماما الترويج لأي علامة لا أؤمن بها. لا مانع من أن تكون المسألة جزء من خطة التسويق ولكن بما يضيف للموضة وشكل الفتاة العربية». في الصدد نفسه تقول مايا وليمز إن التوازن يأتي من الاختيار بعناية وليس التسويق لمن يدفع، وهذا هو الفرق بين المجلات التي لها علاقات دعائية مع علامات ودور الأزياء، وبين المدونة التي تبني علاقاتها مع المتابعات على أساس الثقة. وتؤكد أن الشهرة، بل وحتى المكاسب المادية، لا تأتي من دون ثقة المتابعات. فهن الرأسمال الحقيقي. تتابع: «أنا لا أنكر أن بعض المدونات يركزن على كسب المال لكني أعتقد أن هذا الطريق قصير لا يستمر. فعندما قررت أن أكون مدونة قررت ذلك لتكون لي استقلاليتي، وحتى لا أكتب كلمة لمصلحة علامة لا أؤمن بها، ولن أفسح المجال لأحد حتى يستغل شهرتي ويُكلفني مصداقيتي».



الأقمشة تبرز لاعباً أساسياً في أزياء المساء والسهرة هذا الموسم

الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
TT

الأقمشة تبرز لاعباً أساسياً في أزياء المساء والسهرة هذا الموسم

الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)

في عالم الموضة هناك حقائق ثابتة، واحدة منها أن حلول عام جديد يتطلب أزياء تعكس الأمنيات والآمال وتحتضن الجديد، وهذا يعني التخلص من أي شيء قديم لم يعد له مكان في حياتك أو في خزانتك، واستبدال كل ما يعكس الرغبة في التغيير به، وترقب ما هو آتٍ بإيجابية وتفاؤل.

جولة سريعة في أسواق الموضة والمحال الكبيرة تؤكد أن المسألة ليست تجارية فحسب. هي أيضاً متنفس لامرأة تأمل أن تطوي صفحة عام لم يكن على هواها.

اقترح المصمم رامي علي لربيع وصيف 2025 قطعاً متنوعة كان فيها التول أساسياً (رامي علي)

بالنسبة للبعض الآخر، فإن هذه المناسبة فرصتهن للتخفف من بعض القيود وتبني أسلوب مختلف عما تعودن عليه. المتحفظة التي تخاف من لفت الانتباه –مثلاً- يمكن أن تُدخِل بعض الترتر وأحجار الكريستال أو الألوان المتوهجة على أزيائها أو إكسسواراتها، بينما تستكشف الجريئة جانبها الهادئ، حتى تخلق توازناً يشمل مظهرها الخارجي وحياتها في الوقت ذاته.

كل شيء جائز ومقبول. المهم بالنسبة لخبراء الموضة أن تختار قطعاً تتعدى المناسبة نفسها. ففي وقت يعاني فيه كثير من الناس من وطأة الغلاء المعيشي، فإن الأزياء التي تميل إلى الجرأة والحداثة اللافتة لا تدوم لأكثر من موسم. إن لم تُصب بالملل، يصعب تكرارها إلا إذا كانت صاحبتها تتقن فنون التنسيق. من هذا المنظور، يُفضَّل الاستثمار في تصاميم عصرية من دون مبالغات، حتى يبقى ثمنها فيها.

مع أن المخمل لا يحتاج إلى إضافات فإن إيلي صعب تفنن في تطريزه لخريف وشتاء 2024 (إيلي صعب)

المصممون وبيوت الأزياء يبدأون بمغازلتها بكل البهارات المغرية، منذ بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) تقريباً، تمهيداً لشهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول). فهم يعرفون أن قابليتها للتسوق تزيد في هذا التوقيت. ما يشفع لهم في سخائهم المبالغ فيه أحياناً، من ناحية الإغراق في كل ما يبرُق، أن اقتراحاتهم متنوعة وكثيرة، تتباين بين الفساتين المنسدلة أو الهندسية وبين القطع المنفصلة التي يمكن تنسيقها حسب الذوق الخاص، بما فيها التايورات المفصلة بسترات مستوحاة من التوكسيدو أو كنزات صوفية مطرزة.

بالنسبة للألوان، فإن الأسود يبقى سيد الألوان مهما تغيرت المواسم والفصول، يليه الأحمر العنابي، أحد أهم الألوان هذا الموسم، إضافة إلى ألوان المعادن، مثل الذهبي أو الفضي.

المخمل كان قوياً في عرض إيلي صعب لخريف وشتاء 2024... قدمه في فساتين وكابات للرجل والمرأة (إيلي صعب)

ضمن هذه الخلطة المثيرة من الألوان والتصاميم، تبرز الأقمشة عنصراً أساسياً. فكما الفصول والمناسبات تتغير، كذلك الأقمشة التي تتباين بين الصوف والجلد اللذين دخلا مناسبات السهرة والمساء، بعد أن خضعا لتقنيات متطورة جعلتهما بملمس الحرير وخفته، وبين أقمشة أخرى أكثر التصاقاً بالأفراح والاحتفالات المسائية تاريخياً، مثل التول والموسلين والحرير والمخمل والبروكار. التول والمخمل تحديداً يُسجِّلان في المواسم الأخيرة حضوراً لافتاً، سواء استُعمل كل واحد منهما وحده، أو مُزجا بعضهما ببعض. الفكرة هنا هي اللعب على السميك والشفاف، وإن أتقن المصممون فنون التمويه على شفافية التول، باستعماله في كشاكش كثيرة، أو كأرضية يطرزون عليها وروداً وفراشات.

التول:

التول كما ظهر في تشكيلة المصمم رامي علي لربيع وصيف 2025 (رامي علي)

لا يختلف اثنان على أنه من الأقمشة التي تصرخ بالأنوثة، والأكثر ارتباطاً بالأفراح والليالي الملاح. ظل طويلاً لصيقاً بفساتين الزفاف والطرحات وبأزياء راقصات الباليه، إلا أنه الآن يرتبط بكل ما هو رومانسي وأثيري.

شهد هذا القماش قوته في عروض الأزياء في عام 2018، على يد مصممين من أمثال: إيلي صعب، وجيامباتيستا فالي، وسيمون روشا، وهلم جرا، من أسماء بيوت الأزياء الكبيرة. لكن قبل هذا التاريخ، اكتسب التول شعبية لا يستهان بها في القرنين التاسع عشر والعشرين، لعدد من الأسباب مهَّدت اختراقه عالم الموضة المعاصرة، على رأسها ظهور النجمة الراحلة غرايس كيلي بفستان بتنورة مستديرة من التول، في فيلم «النافذة الخلفية» الصادر في عام 1954، شد الانتباه ونال الإعجاب. طبقاته المتعددة موَّهت على شفافيته وأخفت الكثير، وفي الوقت ذاته سلَّطت الضوء على نعومته وأنوثته.

التول حاضر دائماً في تشكيلات المصمم إيلي صعب خصوصاً في خط الـ«هوت كوتور» (إيلي صعب)

منذ ذلك الحين تفتحت عيون صناع الموضة عليه أكثر، لتزيد بعد صدور السلسلة التلفزيونية الناجحة «سيكس أند ذي سيتي» بعد ظهور «كاري برادشو»، الشخصية التي أدتها الممثلة سارة جيسيكا باركر، بتنورة بكشاكش وهي تتجول بها في شوارع نيويورك في عز النهار. كان هذا هو أول خروج مهم لها من المناسبات المسائية المهمة. كانت إطلالة مثيرة وأيقونية شجعت المصممين على إدخاله في تصاميمهم بجرأة أكبر. حتى المصمم جيامباتيستا فالي الذي يمكن وصفه بملك التول، أدخله في أزياء النهار في تشكيلته من خط الـ«هوت كوتور» لعام 2015.

إطلالة من خط الـ«كروز» لدار «ديور» استعملت فيها ماريا غراتزيا تشيوري التول كأرضية طرزتها بالورود (ديور)

ما حققه من نجاح جعل بقية المصممين يحذون حذوه، بمن فيهم ماريا غراتزيا تشيوري، مصممة دار «ديور» التي ما إن دخلت الدار بوصفها أول مصممة من الجنس اللطيف في عام 2016، حتى بدأت تنثره يميناً وشمالاً. تارة في فساتين طويلة، وتارة في تنورات شفافة. استعملته بسخاء وهي ترفع شعار النسوية وليس الأنوثة. كان هدفها استقطاب جيل الشابات. منحتهن اقتراحات مبتكرة عن كيفية تنسيقه مع قطع «سبور» ونجحت فعلاً في استقطابهن.

المخمل

إطلالة من خط الـ«كروز» لدار «ديور» اجتمع فيها المخمل والتول معاً (ديور)

كما خرج التول من عباءة الأعراس والمناسبات الكبيرة، كذلك المخمل خرج عن طوع الطبقات المخملية إلى شوارع الموضة وزبائن من كل الفئات.

منذ فترة وهو يغازل الموضة العصرية. في العام الماضي، اقترحه كثير من المصممين في قطع خطفت الأضواء من أقمشة أخرى. بملمسه الناعم وانسداله وألوانه الغنية، أصبح خير رفيق للمرأة في الأوقات التي تحتاج فيها إلى الدفء والأناقة. فهو حتى الآن أفضل ما يناسب الأمسيات الشتوية في أوروبا وأميركا، وحالياً يناسب حتى منطقة الشرق الأوسط، لما اكتسبه من مرونة وخفة. أما من الناحية الجمالية، فهو يخلق تماوجاً وانعكاسات ضوئية رائعة مع كل حركة أو خطوة.

تشرح الدكتورة كيمبرلي كريسمان كامبل، وهي مؤرخة موضة، أنه «كان واحداً من أغلى الأنسجة تاريخياً، إلى حد أن قوانين صارمة نُصَّت لمنع الطبقات الوسطى والمتدنية من استعماله في القرون الوسطى». ظل لقرون حكراً على الطبقات المخملية والأثرياء، ولم يُتخفف من هذه القوانين إلا بعد الثورة الصناعية. ورغم ذلك بقي محافظاً على إيحاءاته النخبوية حتى السبعينات من القرن الماضي. كانت هذه هي الحقبة التي شهدت انتشاره بين الهيبيز والمغنين، ومنهم تسلل إلى ثقافة الشارع.

يأتي المخمل بألوان غنية تعكس الضوء وهذه واحدة من ميزاته الكثيرة (إيلي صعب)

أما نهضته الذهبية الأخيرة فيعيدها الخبراء إلى جائحة «كورونا»، وما ولَّدته من رغبة في كل ما يمنح الراحة. في عام 2020 تفوَّق بمرونته وما يمنحه من إحساس بالفخامة والأناقة على بقية الأنسجة، وكان الأكثر استعمالاً في الأزياء المنزلية التي يمكن استعمالها أيضاً في المشاوير العادية. الآن هو بخفة الريش، وأكثر نعومة وانسدالاً بفضل التقنيات الحديثة، وهو ما جعل كثيراً من المصممين يسهبون فيه في تشكيلاتهم لخريف وشتاء 2024، مثل إيلي صعب الذي طوعه في فساتين و«كابات» فخمة طرَّز بعضها لمزيد من الفخامة.

من اقتراحات «سكاباريللي» (سكاباريللي)

أما «بالمان» وبرابال غورانغ و«موغلر» و«سكاباريللي» وغيرهم كُثر، فبرهنوا على أن تنسيق جاكيت من المخمل مع بنطلون جينز وقميص من الحرير، يضخه بحداثة وديناميكية لا مثيل لها، وبان جاكيت، أو سترة مستوحاة من التوكسيدو، مع بنطلون كلاسيكي بسيط، يمكن أن ترتقي بالإطلالة تماماً وتنقلها إلى أي مناسبة مهمة. الشرط الوحيد أن يكون بنوعية جيدة حتى لا يسقط في خانة الابتذال.