انطلاق مهرجان «مونودراما» في الكويت... ودورة العام باسم جاسم النبهان

تتضمن عشرة عروض مسرحية محلية وخليجية وعربية وأوروبية

انطلاق مهرجان «مونودراما» في الكويت... ودورة العام باسم جاسم النبهان
TT

انطلاق مهرجان «مونودراما» في الكويت... ودورة العام باسم جاسم النبهان

انطلاق مهرجان «مونودراما» في الكويت... ودورة العام باسم جاسم النبهان

انطلق أمس مهرجان الكويت الدولي للمونودراما، في دورة تحمل اسم الفنان الكويتي جاسم النبهان وتتضمن 10 عروض مسرحية محلية وخليجية وعربية وأوروبية.
وأوضح الفنان حسين المفيدي المدير التنفيذي للمهرجان ورئيس لجنة اختيار العروض خلال مؤتمر صحافي أقيم أول من أمس، أنّ هناك 10 عروض في المهرجان منها عرضان محليان هما (سبيليات إسماعيل) لفرقة لوياك و(سعاد) لفرقة الجيل الواعي. بالإضافة لعروض خليجية هي: (أبو الأذنين) من السعودية و(سقاي الماي) من قطر و(سلك) من الإمارات و(سأبحر) من البحرين.
وأشار المفيدي إلى وجود عرضين يشارك بهما الأردن هما (سأموت في المنفى) و(العاصفة) إضافة إلى عرض من مصر بعنوان (رؤى) وعرض من إسبانيا بعنوان (لا تنساني).
من جانبها قالت رئيسة لجنة الندوات في المهرجان الكاتبة تغريد الداود إنّ الندوات التطبيقية ستُنظّم في قاعة الندوات بمسرح الدسمة على أن يقام كل عرض تليه ندوته التي سيعقب عليها نخبة من الأكاديميين والمختصين من ضيوف المهرجان. وأفادت الداود بأنّ هناك ندوة خاصة للفنان القدير جاسم النبهان بمثابة حوار مفتوح ستقام يوم غد الجمعة.
وعلى مدى خمس دورات تمكّن الفنان جمال اللهو، مؤسس ورئيس مهرجان الكويت الدولي للمونودراما، من الوصول بفكرته إلى مرحلة متقدمة من النضج.
مسرح المونودراما أو الممثّل الواحد الذي يحمل عبء الحدث بأكمله، من أصعب الفنون المسرحية، ولذلك يحسب للفنان جمال اللهو أنّه تمكّن من تأسيس هذا النوع من المسرح وتأصيله، وعنه يقول الأكاديمي المسرحي الدكتور سليمان آرتي بأنّه ازدهر بعد الحرب العالمية الثانية، وكان رد فعل نفسية للدمار الذي تسببت به الحرب، ووجود الإنسان العبثي بين ردهات هذه الحياة.
ويضيف آرتي: «مسرح المونودراما يعطي مدرسة في التمثيل وهذه المدرسة تولي أهمية للقدرات الفردية على المسرح. وهذا أكبر تحد لقدرات الفنان الذهنية والعصبية والفكرية بحيث تختزل أغلب عناصر العرض المسرحي من خلال السينوغرافيا الخاصة بالفنان». ويضيف: «عادة في المونودراما حتى الديكور يختزل إلى أبعد درجاته وبالتالي تضيق أفق الرؤية البصرية لمنظر الفنان وحركاته. وهنا يكمن التحدي في كيفية مقدرة الشخص على الاستحواذ على كل الجمهور وشدّ انتباهه من دون عناصر عرض أخرى مساعدة».
ويعتبر آرتي أنها «خطوة موفقة من جمال اللهو ولدينا روّاد في هذا المسرح مثل عبد العزيز الحدّاد ووجود هذا المهرجان سيثري الساحة المسرحية ويبرز قدرات الفنان. والكويت من الدول الرائدة مسرحيا».
أحمد حليحل، المخرج وعضو لجنة التحكيم في مهرجانات مسرحية عديدة يدير إحدى الندوات في هذا المهرجان، وعنه يقول إنّ «مهرجان الكويت الدولي للمونودراما الخامس دورة الفنان جاسم النبهان، من أكثر المهرجانات المسرحية المهمة في الكويت، وأكثر ما يميزه إلى جانب المشاركات الدولية، هي فكرة المشاركة بحد ذاتها بعيداً عن التنافس والجوائز بين العروض. وذلك يجعل التركيز الفنّي الصرف من دون تشتيت الهدف المرجو من المهرجانات المسرحية وتحديدا مشاركة النخب المسرحية في نوع مسرحي خاص يعتمد بشكل أساس على الممثل، ويرى أحمد حليحل أنّ تسمية الدورة الخامسة باسم مهم مثل الفنان جاسم النبهان هو تشريف للمهرجان وتكليف في الوقت نفسه، للمشاركين وليس كونه نجما وممثلا قديرا فقط، ولكن كونه مسرحيا مهما كان وما يزال يعشق المسرح ويقدم الكثير محليا وعربيا ودوليا كممثل في عروض مسرحية مهمة، ودائم التجدد والتواصل مع جيل الشباب.
وعن مؤسس المهرجان قال حليحل: «أود أن أُشيد بالفنان جمال اللهو صاحب فكرة المهرجان والدّاعم الأول له ومواصلته الدائمة لتجديد المهرجان في كل دورة من خلال المشاركات العالمية والمحلية وتذليل كل العقبات وتنظيم الندوات والمحاضرات في فن نوعي وخاص وهو المونودراما».
الفنانة فاطمة الطباخ، إحدى المشاركات بعمل مسرحي من تمثيلها وإخراجها وتأليفها، بعنوان «سعاد»، تتحدث إلى «الشرق الأوسط» عنه قائلة: «هناك زاوية توغّلتُ فيها بمشاعر المرأة المتناقضة أحيانا والحنين والاشتياق والكبرياء. عملي هو تراثي واعتبرها تجربة أولى صعبة جداً، ولكنّني أعشق التحديات».
يتوقّع المدير التنفيذي للمهرجان الذي يستمر لغاية آخر شهر أبريل (نيسان)، أنّ «المنافسة فيه ستكون حامية، لأنّ العرض الإسباني المشارك رائع، وبالمقابل العروض العربية والخليجية المشاركة أيضاً لا تقل جودة وجمالاً وأهمية ومستوى، لذا يمكن القول إنّها عالمية ولا تحتاج إلّا إلى الدعم من أجل أن تحقّق العالمية، وتقدَّم على أكبر مسارح العالم».
يعرض المهرجان صورا وثائقية عن الفنان جاسم النبهان، وتشارك الكويت في فعالياته بعرضين هما «سبيليات إسماعيل»، والمقصود هنا رواية الكاتب إسماعيل فهد إسماعيل، و«سعاد»، وتشارك السعودية بعرض عنوانه «أبو الأذنين»، وإسبانيا بعرض «لا تنساني»، فيما يشارك الأردن بعرضين هما «سأموت في المنفى» و«العاصفة»، وتقدّم مصر عرض «رؤى»، وللبحرين أيضاً عرض بعنوان «سأبحر»، كما تشارك الإمارات بعرض «سلك»، وقطر بعرض «ساقي الماي». إلى جانب ورش عمل مسرحية وندوات.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».