طوارئ في صنعاء وفرض للحداد غداة إعلان مقتل الصماد

ترجيحات بوقوف إيران خلف تعيين المشاط رئيساً جديداً لمجلس الانقلابيين

يمنيون في سوق بصنعاء أمس غداة الإعلان عن مقتل القيادي الحوثي الصماد (إ.ب.أ)
يمنيون في سوق بصنعاء أمس غداة الإعلان عن مقتل القيادي الحوثي الصماد (إ.ب.أ)
TT

طوارئ في صنعاء وفرض للحداد غداة إعلان مقتل الصماد

يمنيون في سوق بصنعاء أمس غداة الإعلان عن مقتل القيادي الحوثي الصماد (إ.ب.أ)
يمنيون في سوق بصنعاء أمس غداة الإعلان عن مقتل القيادي الحوثي الصماد (إ.ب.أ)

كثفت جماعة الحوثي الانقلابية نشر مسلحيها في صنعاء أمس غداة الإعلان عن مقتل رئيس المجلس السياسي التابع لها، في مؤشر على توتر شديد لدى الجماعة، خصوصاً بعد تواتر الأنباء عن تسبب اختراق في القيادات الحوثية في قتل الرجل الثاني في منظومة الانقلابيين.
وذكرت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أنه تم تسجيل انتشار كثيف للمسلحين واستحداث مناطق أمنية جديدة في كثير من الأحياء في صنعاء وذمار لتفتيش المارة غدة الإعلان عن مقتل صالح الصماد بغارة لتحالف دعم الشرعية الخميس الماضي.
وعزا مسؤول في الحكومة الشرعية اليمنية، تأخر الحوثيين في الإعلان عن مقتل صالح أياماً عدة إلى خلافات بين قياداتهم التي رفضت تولي هذا المنصب خوفاً على حياتهم بعد استهداف الصماد. وقال راجح بادي المتحدث الرسمي للحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط»: «الحوثيون تعمدوا تأخير إعلان خبر مقتل الصماد أياماً عدة، وهو ما يدل على وجود خلافات كبيرة فيما بينهم لمن يخلف الصماد، فقيادات الحركة لم تعد تأمن ما سيحدث لها بعد استهداف الرجل الأساسي في منظومتهم، لا سيما أن الحركة تشهد حالة من الانقسام في تماسكها وتراجعا حاداً في شعبيتها على الأرض بين المواطنين». وأوضح أن التاريخ السياسي لمهدي المشاط الذي خلف الصماد لا يتضمن سوى أنه كان مديراً لمكتب عبد الملك الحوثي.
وبيّن أن السياسيين الذين تعاملوا مع المشاط في فترة المشاورات التي كانت تجري في فندق «موفنبيك» عندما كان الرئيس عبد ربه منصور هادي تحت الإقامة الجبرية مع الحكومة في صنعاء، وأيضا المشاركين في المشاورات التي رعتها الأمم المتحدة في دولة الكويت واستمرت قرابة 90 يوماً، جميعهم يعلمون أنه شخصية متهورة لا تتمتع بأي حضور سياسي أو قبلي أو اجتماعي، وهو ما يؤكد أن الحركة في أزمة وصفوفها غير متماسكة.
بدوره، كشف العميد ركن عبده مجلي الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الغارة الجوية التي استهدفت الصماد جاءت نتيجة عملية استخباراتية دقيقة، واختراق صفوف القيادات الحوثية. وأكد أن الميليشيات الانقلابية تلقت بمقتل الصماد ضربة موجعة، وأكدت لهم أن أجهزتهم الاستخباراتية مخترقة وأن التحالف العربي والجيش الوطني قادر على تتبع قادة ميليشياتهم في أي مكان. وتطرق الناطق الرسمي للجيش الوطني إلى أن الانتصارات التي حققها الجيش الوطني بدعم وإسناد التحالف العربي، وقتل الرجل الثاني في منظومة الانقلابيين بغارة جوية للتحالف أحبط معنويات الحوثيين وقسم صفوفهم وأثار شكوكاً فيما بينهم حول تسريب المعلومات وأدى لنشوب كثير من الخلافات بينهم لعدم الثقة والاتهام بالخيانة.
وشددت جماعة الحوثي إجراءات الأمن ونشرت في شوارع صنعاء مئات الحواجز الأمنية، كما فرضت مظاهر الحداد على رئيسها القتيل الصماد بالقوة في جميع المؤسسات الحكومية بالتزامن مع إجبار الإذاعات المحلية الخاصة على التوقف عن برامجها المعتادة لمشاركة الجماعة مظاهر الحداد والحزن. وفي الوقت الذي خيمت حالة من الترقب على العاصمة صنعاء بدأ أغلب السكان في حالة من الارتياح لمقتل الصماد على الرغم من عدم استطاعتهم المجاهرة بهذه المشاعر التي ولدها سقوط الرجل الثاني في سلم الهرم القيادي للميليشيات الانقلابية.
وكانت الجماعة اعترفت رسميا أول من أمس بمقتل رئيس مجلسها الانقلابي الصماد جراء غارة لطيران التحالف العربي استهدفته ظهر الخميس الماضي أثناء وجوده في مدينة الحديدة التي كان وصلها في سياق مساعيه لتحشيد المقاتلين وحض سكان المحافظة على الالتحاق بصفوف الميليشيات للدفاع عنها أمام قوات الجيش والمقاومة الوطنية التي تتأهب لاستعادتها مع مينائها الاستراتيجي. وكان زعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي، ظهر في شكل مقتضب على «قناة المسيرة» التابعة لجماعته بعد اعترافها بمقتل الصماد أول من أمس وتنصيب القيادي مهدي المشاط خلفا له، معددا مناقب رئيس مجلسه الانقلابي، ومتوعدا بالتصعيد الانتقامي من أجله. وفي بيان النعي الذي نسبته الجماعة إلى ما يسمى «المجلس السياسي الأعلى» قررت الجماعة إعلان الحداد ثلاثة أيام على مقتل الصماد وتنكيس الأعلام 40 يوما، وهو الأمر الذي سخر منه الناشطون اليمنيون، لجهة أن هذا الإجراء البرتوكولي - على حد تعبيرهم - لا يكون إلا من أجل وفاة قادة الدول الشرعيين، وهو ما لا ينطبق على حالة الصماد الذي يراه اليمنيون والعالم أجمع مجرد عضو قيادي في عصابة مسلحة انقلبت على السلطة الشرعية تنفيذا لأجندة إيرانية.
وفي سياق شرعنة الجماعة الانقلابية لتولي المشاط المنصب، أجبرت النواب الخاضعين لقبضتها في صنعاء على اجتماع أمس حضره عدد محدود منهم لمباركة تنصيبه خلفا للصماد، بحسب ما أفادت به مصادر برلمانية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط».
وعلى الرغم من أن زعيم الميليشيات حسم عملية التنافس بين القيادات على خلافة الصماد بمنح الثقة لصهره المشاط، فإن مصادر مطلعة على طبيعة الصراع بين أجنحة الجماعة أفادت لـ«الشرق الأوسط» بأن حالة من عدم الرضا عن القرار عبر عنها عدد من قيادات الجماعة بخاصة لدى كل من محمد علي الحوثي ابن عم زعيم الجماعة، وعمه الآخر عبد الكريم الحوثي، اللذين كانا يخوضان صراعا غير معلن مع الصماد لإطاحته، وتولي أحدهما المنصب التنفيذي الأول في هيكلية مجلس حكم الانقلاب.
وفي ظل تضارب في المعلومات حول مصير عدد من قادة الجماعة الذين تداولت بعض المصادر المحلية مصرعهم رفقة الصماد، اعترف زعيم الميليشيات بأن ستة عناصر فقط من مرافقي الصماد هم الذين لقوا مصيره في ثلاث ضربات جوية قال إنها استهدفتهم بعد عودتهم من اجتماع عقد الخميس في جامعة الحديدة. ورجحت لـ«الشرق الأوسط» مصادر قريبة من الجماعة في صنعاء، عدم سقوط أي من القيادات المعتبرة إلى جانب الصماد، إلا أنها لم تستبعد أن يكون بعضهم قد قتل في عملية منفصلة لطيران التحالف العربي في موقع آخر، ولم تشأ الجماعة إعلان مقتلهم حرصا على معنويات عناصرها. وتعقيبا على قرار الميليشيات الحوثية الدفع بالقيادي مهدي المشاط على رأس مجلسها الانقلابي، ذهب كثير من المراقبين إلى وصف هذه الخطوة بأنها دليل إضافي على عدم رغبة الجماعة في إحلال السلام وإنهاء الانقلاب استجابة لمساعي الأمم المتحدة وضغوط المجتمع الدولي، لجهة ما يمثله المشاط من سلوك عدواني متطرف ومواقف سياسية متشددة عكستها حوادث سابقة أثناء جولات التفاوض بين ممثلي الجماعة وأطراف الحكومة الشرعية.
كما عد مراقبون في صنعاء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» تعيين المشاط خلفا للصماد، نذيرا بتصعيد مرتقب على صعيد الانتهاكات الحوثية وإجراءت القمع ضد المعارضين بخاصة في حق عناصر حزب «المؤتمر الشعبي» الموالين للرئيس الراحل علي عبد الله صالح.
وأعاد الناشطون اليمنيون منذ تعيين المشاط، رئيسا لميليشيات الحوثي، ترديد عبارة شهيرة، كان أطلقها السياسي المخضرم والقيادي في حزب الرئيس السابق، عبد الكريم الإرياني، قبل وفاته التي أعقبت الانقلاب الحوثي بأشهر قليلة، وذلك في معرض توصيفه لسوداوية الواقع اليمني الذي أصبح عليه في ظل انقلاب ميليشيات الحوثي.
وتقول العبارة التي كان أوردها الإرياني في آخر تصريحاته الرسمية وهو يشغل منصب المستشار السياسي عبد ربه منصور هادي: «إذا أراد الله أن يغضب على شخص أمد في عمره حتى يجد نفسه يحاور مهدي المشاط». في إشارة فهم منها السلوك الهمجي للقيادي الحوثي الذي لا يفقه شيئا في السياسة ولا في الاحترام، باستثناء التعبير عن فكره الطائفي وتصرفاته العدائية المستندة إلى منطق السلاح.
وإلى جانب علاقة المصاهرة مع زعيم الميليشيات الحوثية، والانتماء إلى سلالته، رجح المراقبون لـ«الشرق الأوسط» أن تعيينه خلفا للصماد جاء تنفيذا لإرادة إيرانية، لجهة ولائه الشديد لطهران وأفكارها «الخمينية» التي كان تلقاها عبر سنوات من الدراسة الطائفية والدورات المذهبية في حوزاتها المتطرفة.
ويستند المراقبون إلى أن حداثة سن المشاط الثلاثيني وقلة خبرته إضافة إلى سلوكه العدائي، كلها لا تؤهله ليكون واجهة سياسية للجماعة في ظل وجود قيادات أخرى أكثر قبولا وأمضى تجربة، لولا الرغبة الإيرانية التي تراهن على ولاء المشاط وتهوره وعنفه لإجهاض أي مساع للسلام وإنهاء الحرب والانقلاب. وهي الرغية الإيرانية نفسها، بحسب المراقبين، التي دفعت الحوثي، لتعيين صهره المشاط ومدير مكتبه عضوا في مجلسه الانقلابي المعروف بالمجلس السياسي الأعلى، خلفا للقيادي يوسف الفيشي في مايو (أيار) 2017. وذلك بعد نحو عام من تشكيل كيان الحكم الانقلابي بالتفاهم مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
وكانت الجماعة الحوثية اختارت المشاط ضمن عضوية وفدها المفاوض في سويسرا والكويت، وسبق له أن شارك في وفود للجماعة إلى إيران ومسقط والصين، إلى جانب مشاركته في فريق الجماعة المفاوض بعد اقتحام صنعاء، ضمن المساعي التي قادها المبعوث الأممي الأسبق جمال بنعمر لإنتاج «اتفاق السلم والشراكة» بين الميليشيات والأطراف اليمنية الأخرى، وهو الاتفاق الذي وقع عليه المشاط، وانقلبت عليه جماعته في سياق استكمالها للسيطرة على مؤسسات الدولة، قبل أن يجف حبره. وكان الرئيس الجديد للميليشيات، قائدا لمسلحي الجماعة الذين اقتحموا منطقة دماج في صعدة ونكلوا بالعناصر السلفية، قبل دخول صنعاء واجتياح بقية المناطق اليمنية، فضلا عن أنه من أبرز قادة الجناح المتطرف الذين أصروا على التخلص من حليفهم صالح وتصفيته في ديسمبر الماضي. وطبقا لما سربته المصادر الحوثية في صنعاء، كان المشاط هو الحاكم الفعلي للقرار المالي والإداري لمجلس الانقلاب، الذي تولى فيه عضوية الملف الاقتصادي، بالتوافق مع القياديين محمد الحوثي وعبد الكريم الحوثي. وينسب إليه أنه رفع مسدسه في اجتماع تفاوضي لقيادات الأحزاب وممثليها بحضور المبعوث الأممي جمال بنعمر، مهددا بأن الكلمة الفصل هي للسلاح وليس للتوافق الوطني مع بقية المكونات اليمنية.
وكانت مصادر حزبية يمنية كشفت إبان المفاوضات التي استضافتها الكويت في عام 2016 وأفشلتها الجماعة، عن أن المشاط كان هو عضو الارتباط بين وفد الجماعة وزعميها الحوثي وبين الدوائر السياسية الإيرانية والأخرى التابعة لـ«حزب الله» اللبناني، إذ كان ينقل تفاصيل المشاورات أولا بأول، وينقل لممثلي الجماعة التعليمات الواردة من طهران وصعدة.


مقالات ذات صلة

الحكومة اليمنية ترحب ببيان السعودية إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة

الخليج منظر عام للعاصمة اليمنية المؤقتة عدن (رويترز)

الحكومة اليمنية ترحب ببيان السعودية إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة

رحّبت الحكومة اليمنية بالبيان الصادر، الخميس، عن وزارة الخارجية السعودية، وما تضمّنه من موقف إزاء التطورات الأخيرة في محافظتي حضرموت والمهرة.

«الشرق الأوسط» (عدن)
الخليج السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

شددت الخارجية على أن «الجهود لا تزال متواصلة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه»، معربة عن أمل المملكة في تغليب المصلحة العامة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج جانب من المشاركين في مشاورات مسقط بشأن المحتجزين والأسرى اليمنيين (إكس)

السعودية تُرحب بـ«اتفاق مسقط» لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن

رحبت السعودية بالاتفاق الذي وُقّع عليه في مسقط لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن، وعدته خطوةً مهمةً تُسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج أسرى يلوِّحون بأيديهم لدى وصولهم إلى مطار صنعاء في عملية تبادل سابقة (أرشيفية- رويترز)

أطراف النزاع في اليمن يتفقون على تبادل 2900 محتجز

أكد مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أن أطراف النزاع في اليمن اختتمت، الثلاثاء، اجتماعاً استمر 11 يوماً في سلطنة عمان.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
العالم العربي الجماعة الحوثية أظهرت تحدياً لمختلف القوى الدولية رغم ما تعرضت له من هجمات (أ.ب)

عقوبات قاصرة... الحوثيون يُعيدون رسم خريطة التهديد

رغم تجديد العقوبات الدولية عليهم، يُعزز الحوثيون قدراتهم العسكرية ويحولون التهديد المحلي إلى خطر إقليمي على الملاحة والأمن الدوليين مع تحالفاتهم العابرة للحدود.

وضاح الجليل (عدن)

إجماع يمني واسع خلف الموقف السعودي لاحتواء التصعيد في الشرق

الحوثيون يتربصون بالحكومة اليمنية مستغلين الخلافات بين مكونات الشرعية (إ.ب.أ)
الحوثيون يتربصون بالحكومة اليمنية مستغلين الخلافات بين مكونات الشرعية (إ.ب.أ)
TT

إجماع يمني واسع خلف الموقف السعودي لاحتواء التصعيد في الشرق

الحوثيون يتربصون بالحكومة اليمنية مستغلين الخلافات بين مكونات الشرعية (إ.ب.أ)
الحوثيون يتربصون بالحكومة اليمنية مستغلين الخلافات بين مكونات الشرعية (إ.ب.أ)

اصطفت الأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، إلى جانب الهيئات المجتمعية والقبلية في حضرموت، والمؤسسات الرسمية، خلف البيان الصادر عن وزارة الخارجية السعودية بشأن التطورات في محافظتي حضرموت والمهرة، في مشهد يعكس إجماعاً على أولوية التهدئة ورفض فرض الوقائع بالقوة، والتمسك بمسار الدولة والحل السياسي الشامل.

وقد رأت المكونات اليمنية أن البيان السعودي، بما تضمنه من دعوة واضحة لعودة قوات المجلس الانتقالي إلى ثكناتها السابقة والخروج من المحافظتين وفق ترتيبات منظمة وتحت إشراف التحالف، يعدّ مدخلاً أساسياً لمعالجة الأزمة ومنع انزلاقها نحو تعقيدات أعمق تمس السلم المجتمعي والمركز القانوني للجمهورية اليمنية.

في هذا السياق، رحب تكتل الأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، الذي يضم طيفاً متنوعاً من القوى الوطنية، بالبيان السعودي، معتبراً أنه يمثل جوهر المعالجة المطلوبة في هذه المرحلة الحساسة.

وأكدت الأحزاب، في بيان، أن الموقف السعودي يعكس حرصاً واضحاً على احتواء التصعيد، ومنع أي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة، لما لذلك من انعكاسات مباشرة على الأمن والاستقرار ووحدة الصف الوطني.

موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي خلال حشد في عدن (إ.ب.أ)

وجددت الأحزاب اليمنية دعمها لجهود مجلس القيادة الرئاسي في إدارة الأزمة، داعية المجلس الانتقالي الجنوبي إلى الاستجابة العاجلة لمقتضيات التهدئة وتغليب لغة الحكمة والعقل، وتهيئة المناخ لمعالجة القضية الجنوبية معالجة عادلة وشاملة ضمن الأطر المتوافق عليها ووفق مخرجات الحوار الوطني، واتفاق الرياض، وإعلان نقل السلطة.

كما حذرت من أن الممارسات الأحادية قد تضر بعدالة القضية الجنوبية نفسها، وتهدد مكتسباتها السياسية، وتدفع بها نحو مسارات إقليمية معقدة تعزلها عن محيطها وتقصيها عن أي تسويات مستقبلية.

وأشادت الأحزاب بالموقف السعودي الثابت من القضية الجنوبية بوصفها قضية عادلة ذات أبعاد تاريخية واجتماعية، مثمنة في الوقت ذاته التنسيق القائم بين السعودية والإمارات لاحتواء التوتر ودعم مسار الحل السياسي الشامل. وشددت على ضرورة تنفيذ اتفاق الرياض كاملاً ودون انتقائية، باعتباره الضامن الحقيقي لمنع تكرار مثل هذه الأزمات مستقبلاً.

من جهته رحب الحزب الاشتراكي اليمني بالبيان السعودي، معتبراً أنه يعكس حرصاً صادقاً على أمن واستقرار اليمن، ويؤكد أن معالجة الأوضاع يجب أن تتم حصرياً عبر مؤسسات الدولة وبالتنسيق مع مجلس القيادة الرئاسي والتحالف.

وأكد الحزب أهمية ضبط النفس وتغليب المصلحة العامة بوصفهما مدخلاً ضرورياً لتهيئة الأجواء أمام حلول سياسية مستدامة، مجدداً التأكيد على أن القضية الجنوبية لا يمكن حلها إلا عبر حوار وطني جامع ضمن تسوية شاملة.

مواقف مجتمعية وقبلية

على الصعيد المجتمعي، عبّر حلف قبائل حضرموت عن ترحيبه الكبير بالبيان السعودي، مشيداً بما تضمنه من مواقف وصفها بالمسؤولة والأخوية، ومؤكداً أن المملكة كانت ولا تزال سنداً للشعب اليمني في مختلف المراحل. وأشاد الحلف بالجهود المتواصلة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه، والخروج العاجل والسلس للقوات التابعة للمجلس الانتقالي من حضرموت والمهرة.

كما اعتبرت قيادة العصبة الحضرمية البيان السعودي، إلى جانب موقف السلطة المحلية في حضرموت، خريطة طريق لا غنى عنها لحماية المحافظة من الانزلاق نحو الفوضى، وشددت على ضرورة الخروج الفوري وغير المشروط لجميع القوات غير المحلية، محذرة من أي التفاف على هذا المطلب الذي اعتبرته تعبيراً صريحاً عن إرادة الحضارم.

تحركات المجلس الانتقالي الجنوبي الأحادية في حضرموت والمهرة قوبلت برفض يمني واسع (إ.ب.أ)

بدوره، أعلن مجلس حضرموت الوطني تأييده الكامل للبيان السعودي، معتبراً إياه موقفاً مسؤولاً يهدف إلى حماية مصالح أبناء حضرموت والمهرة ومنع أي تصعيد عسكري غير منسق.

وأكد المجلس أن أي تحركات عسكرية خارج الأطر المؤسسية تمثل تجاوزاً للإجماع الوطني، وتزيد من تعقيد المشهد السياسي والأمني، مشدداً على أهمية احترام صلاحيات السلطة المحلية وتسليم المعسكرات وفق ترتيبات منظمة وتحت إشراف التحالف.

أما مجلس الشورى اليمني، فرحب بالبيان السعودي بوصفه موقفاً واضحاً من التصرفات الأحادية التي أقدم عليها المجلس الانتقالي دون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع التحالف.

وعدّ المجلس أن هذه التحركات تمثل خرقاً لاتفاق الرياض وإعلان نقل السلطة، وإضعافاً لوحدة الصف الوطني، ومساساً بالمركز القانوني للدولة اليمنية.

ودعا مجلس الشورى المجلس الانتقالي إلى سرعة الاستجابة لنداء التهدئة والخروج من المحافظتين، حفاظاً على مصلحة أبناء الجنوب واليمن عموماً، وتوجيه الجهود والطاقات نحو مواجهة الخطر الحقيقي المتمثل في الانقلاب الحوثي.


مواقف خليجية وعربية وإسلامية تدعم المسار السعودي للتهدئة شرق اليمن

حشد في مدينة عدن من أتباع المجلس الانتقالي الجنوبي الداعي للانفصال عن شمال اليمن (أ.ب)
حشد في مدينة عدن من أتباع المجلس الانتقالي الجنوبي الداعي للانفصال عن شمال اليمن (أ.ب)
TT

مواقف خليجية وعربية وإسلامية تدعم المسار السعودي للتهدئة شرق اليمن

حشد في مدينة عدن من أتباع المجلس الانتقالي الجنوبي الداعي للانفصال عن شمال اليمن (أ.ب)
حشد في مدينة عدن من أتباع المجلس الانتقالي الجنوبي الداعي للانفصال عن شمال اليمن (أ.ب)

توالت المواقف العربية والخليجية والإسلامية المرحِّبة بالبيان الصادر عن وزارة الخارجية السعودية بشأن التطورات الأخيرة في محافظتي حضرموت والمهرة، في تأكيد سياسي ودبلوماسي واسع على أولوية خفض التصعيد، ورفض الإجراءات الأحادية، والدعوة إلى العودة للمسار السياسي والحوار، بما يحفظ وحدة اليمن وسيادته، ويصون السلم المجتمعي في واحدة من أكثر المراحل حساسية في مسار الأزمة اليمنية.

وجاءت هذه المواقف بعد أن حددت السعودية بوضوح مسار التهدئة في المحافظات الشرقية، مؤكدة دعمها الكامل لرئيس مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية، ووصفت التحركات العسكرية التي شهدتها حضرموت والمهرة بأنها تمت بشكل أحادي ودون تنسيق مع القيادة السياسية الشرعية أو قيادة التحالف، ما أدى إلى تصعيد غير مبرر أضر بمصالح اليمنيين وبجهود السلام.

وأكد البيان السعودي أن معالجة القضية الجنوبية لا يمكن أن تتم عبر فرض الأمر الواقع بالقوة، بل من خلال الحل السياسي الشامل، والحوار الجامع، مع كشفه عن إرسال فريق عسكري سعودي–إماراتي مشترك لوضع ترتيبات تضمن عودة القوات إلى مواقعها السابقة، وتسليم المعسكرات لقوات «درع الوطن» والسلطات المحلية، تحت إشراف قوات التحالف.

دعم خليجي وإسلامي

أعربت مملكة البحرين عن دعمها الكامل للجهود التي تقودها السعودية والإمارات لتعزيز الأمن والاستقرار في اليمن، داعية جميع القوى والمكونات اليمنية إلى التهدئة وعدم التصعيد، واللجوء إلى الحوار والحلول السلمية، وتجنب كل ما من شأنه زعزعة الأمن والاستقرار.

كما أكدت رابطة العالم الإسلامي تضامنها التام مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي وأعضائه والحكومة اليمنية، مثمنة الجهود الجليلة التي بذلتها السعودية والتحالف العربي لمساندة الشعب اليمني، واحتواء التحركات العسكرية التي وصفتها بالخطرة على وحدة الصف الوطني، والخارجة عن إطار القيادة السياسية الشرعية.

ورحبت الرابطة بالبيان السعودي، معتبرة مضامينه دعوة صادقة لتجنيب اليمنيين تداعيات التصعيد، ودعت المجلس الانتقالي الجنوبي إلى سرعة الاستجابة لنداء الحكمة والوحدة، وتغليب لغة الحوار في معالجة مختلف القضايا، بما في ذلك القضية الجنوبية العادلة، حفاظاً على السلم والأمن المجتمعي.

من جانبها، شددت دولة الكويت على أهمية تضافر الجهود الدولية والإقليمية لخفض التصعيد، وتهيئة بيئة سياسية بناءة تقوم على الحوار، بما يحفظ وحدة اليمن وسيادته ويلبي تطلعات شعبه نحو مستقبل آمن ومستقر، مؤكدة دعمها للجهود التي تقودها السعودية والإمارات لدفع العملية السياسية نحو حل شامل ومستدام.

إجماع عربي ودولي

على المستوى العربي، جدد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط التأكيد على الموقف العربي الموحد الداعم لوحدة اليمن وسيادته وسلامة أراضيه، ورفض أي تدخل في شؤونه الداخلية، محذراً من أن التطورات في حضرموت والمهرة من شأنها تعقيد الأزمة اليمنية والإضرار بوحدة التراب الوطني.

ودعا أبو الغيط، الأطراف اليمنية، ولا سيما المجلس الانتقالي الجنوبي، إلى خفض التصعيد وتغليب المصلحة العليا للشعب اليمني، مشدداً على أن القضية الجنوبية ذات أبعاد تاريخية واجتماعية، ويتعين معالجتها ضمن حوار سياسي شامل يفضي إلى تسوية مستدامة تعالج جذور الأزمة.

كما أكدت قطر دعمها الكامل للجهود التي تعزز السلم والأمن المجتمعي في اليمن، مشددة على ضرورة التعاون بين جميع الأطراف اليمنية لتجنب التصعيد، وحل القضايا العالقة عبر الحوار والوسائل السلمية، بما يحفظ وحدة اليمن وسلامة أراضيه، ومثمّنة في الوقت نفسه الجهود التي تقودها السعودية والإمارات لدفع مسار التهدئة.

بدورها، جددت مصر موقفها الثابت الداعم للشرعية اليمنية، وحرصها على وحدة اليمن وسيادته وسلامة أراضيه، مؤكدة أهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة الوطنية وصون مقدرات الشعب اليمني، بما يسهم في استعادة الاستقرار، ويضمن أمن الملاحة في البحر الأحمر وأمن المنطقة ككل.

قوات تُدير نقطة تفتيش أمنية في مدينة عدن خلال مسيرة تُطالب باستقلال جنوب اليمن (إ.ب.أ)

وفي السياق ذاته، أعربت عُمان عن متابعتها باهتمام للتطورات في حضرموت والمهرة، مثمنة الجهود التي تبذلها السعودية للتوصل إلى حلول سلمية، وداعية إلى تجنب التصعيد والعودة إلى المسار السياسي، وحوار شامل يضم مختلف أطياف الشعب اليمني.

كما رحبت الإمارات بالجهود الأخوية التي تقودها السعودية لدعم الأمن والاستقرار في اليمن، مؤكدة التزامها بدعم كل ما يسهم في تعزيز الاستقرار والتنمية، بما ينعكس إيجاباً على أمن المنطقة وازدهارها.


رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، اليوم الخميس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأضاف رشوان في تصريحات لقناة تلفزيون «القاهرة الإخبارية» أن نتنياهو يعمل وفق اعتبارات انتخابية لصياغة تحالف جديد.

وتابع أن نتنياهو يسعى لإشعال المنطقة، ويحاول جذب انتباه ترمب إلى قضايا أخرى، بعيداً عن القطاع، لكنه أشار إلى أن الشواهد كلها تدل على أن الإدارة الأميركية حسمت أمرها بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

وحذر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية من أن نتنياهو يريد أن تؤدي قوة حفظ الاستقرار في غزة أدواراً لا تتعلق بها.

وفي وقت سابق اليوم، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي.

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.