هبة طوجي تـ«سلم على مصر» ببهجة استباقاً لحفلها الأول في القاهرة

أسامة الرحباني: وصلني نحو 60 عرضاً لحفلات منذ 3 سنوات

الفنانة اللبنانية  هبة طوجي
الفنانة اللبنانية هبة طوجي
TT

هبة طوجي تـ«سلم على مصر» ببهجة استباقاً لحفلها الأول في القاهرة

الفنانة اللبنانية  هبة طوجي
الفنانة اللبنانية هبة طوجي

استبق أسامة الرحباني حفل هبة طوجي في القاهرة يوم الثلاثين من الحالي، بأغنية مؤثرة من ألحانه، لعلها من أجمل وأبهى ما غنت هبة عنوانها «سلم على مصر» تحية لأم الدنيا. والأغنية في حد ذاتها، تمثل ذاك التلاحم اللبناني - المصري الثقافي، والتناغم في عمل كتب كلماته المصري الموهوب نادر عبد الله، متمكناً بمهارة عالية من تصوير مشاعر اللبناني الذي يزور مصر ويتعرف إلى أهلها ويصف ببساطة حنينه إليهم. وفي الأغنية تحية لمصر وناسها وروادها الذين يسكنون الوجدان العربي بكلمات بسيطة: «سلم على مصر شارع شارع عنوان عنوان، سلم على مصر واحد واحد بالاسم كمان. مصر العِشَرية المضيافة، وجودها في الدنيا إضافة، هي الحكايات المشتاقة اللي بقالها زمان». وإذا كان نادر عبد الله قد التقط ما يريد أسامة الرحباني أن تغنيه هبة في أول حفل لها في القاهرة، بعد رحلة طويلة، رغم صغر سنها، جابت فيها عواصم العالم، فإن أسامة هو الآخر استطاع أن يقرن العبارات القصيرة، المختزلة، الذكية والقوية، بلحن بهيج مليء بالفرح والحبور. ويقول الرحباني «كنت أود تقديم شيء لمصر قبل وصولنا إلى هناك، ولم أكن أريدها أغنية ثورية، فمن بين 200 أغنية قدمتْها هبة حتى اليوم 40 منها فيها نبض ثوري. هي أيضاً، من جانبها، كانت تود شيئاً مختلفاً».
هناك من ساعد أسامة للعثور على الكاتب المناسب وقد كان مناسباً فعلاً، فبمجرد أن شرح له ما يود أن تتضمنه الأغنية من أحاسيس وحنين، وأسماء لكبار من مصر يسكنون الضمير اللبناني، تمكن نادر عبد الله من كتابة نصه وأرسله إلى لبنان. ويروي أسامة: «قرأنا النص فكان جميلاً، ذُهلت لأنّه أدرك تماماً ما يدور في رأسي، لكنّ الأغنية كانت طويلة، فشذبناها، وجعلناها أقصر، ووضعت اللحن، وضبطت الكوبليهات وغنّتها هبة وأرسلناها إليه». تطلّب العمل أكثر من شهرين في الاستديو، فـ«الأمر ليس مزحة»، يقول أسامة.
هي تحية إلى «ابن النيل الأسمر أبو ضحكة جنان» حيث ترسل هبة إلى «مصر المحروسة مية مليون بوسة ومية مليون وردة»، مستذكرةً «خطب الشعراوي، صوت الطبلاوي ومواعظ البابا شنودة اللي تحسس بأمان». وتقول الأغنية «سلّم على بلد السنباطي وطه والعقاد ونجيب وشاهين في حكاية كانت بطلتها سعاد، سيد درويش وأحمد شوقي وعبد الوهاب، وأسامي كتيرة وناس تانيه لا يمكن تتعاد». وإذ كان القلق قد ساور أسامة من الأداء بلهجة جديدة، فإنّ هبة التي أدّت بعد اللبنانية بالفرنسية والإنجليزية، لم يكن ليصعب عليها الغناء بالمصرية، فجاء أداؤها لافتاً ومن القلب، وفي صوتها فرح الاحتفاء بأكبر العواصم العربية ورنة فيها صدى لمحبة صادقة وعفوية.
وحصد فيديو الأغنية الذي وُضع على «يوتيوب» يوم 17 من الحالي حتى أمس، أي خلال أيام قليلة، أكثر من 160 ألف مشاهدة، والكثير من الشكر والمديح. ويصف أسامة الرحباني الأغنية بأنها «رحبانية تماماً». وهي المرة الأولى التي تقدم فيها هبة أغنية بالمصرية خاصة بها، وإن كانت قد غنت قبل ذلك مقطعاً من «أنت عمري» و«أهو ده اللي كان». ويتحدث الرحباني عن 50 إلى 60 عرضاً للغناء وصلته من مصر منذ عام 2015 إلى اليوم، ولم يقبلها إلى أن سنحت الفرصة لإقامة هذا الحفل المنتظر في «تاج سيتي»، حيث سيرافق أسامة وهبة طوجي فرقتهما، ومن مصر ستعزف في الحفل الأوركسترا السيمفونية «سفينكس» بقيادة المايسترو هاني حسن. وتغني هبة أشهر أغنياتها من بينها «لا بداية ولا نهاية»، و«بلد التناقض»، و«من أول ما شفتو»، و«أنا حبيت»، و«تانغو»، ومجموعة من ألبومها «هبة طوجي 30»، كما ستغني شارة مسلسل «الطريق الجديدة»، وبطبيعة الحال «سلّم على مصر» في حفل قد تصل مدته إلى ما قد يقارب الساعتين.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».