كريستين طعمة و{السينما الخصبة} تفوزان بجائزة الشارقة للثقافة العربية

كريستين طعمة
كريستين طعمة
TT

كريستين طعمة و{السينما الخصبة} تفوزان بجائزة الشارقة للثقافة العربية

كريستين طعمة
كريستين طعمة

من المقرر أن تقدم المديرة العامة لـ«اليونيسكو»، أودري أزولاي، جائزة الشارقة للثقافة العربية للدورة الخامسة عشرة، لكريستين طعمة، اللبنانية التي تعمل منظمة نشاطات ثقافية ومعارض فنية، وللمؤسسة غير الحكومية الأرجنتينية «الجمعية المدنية للسينما الخصبة من أجل تعزيز التنوع الثقافي». وسيجرى حفل توزيع الجوائز في مقر «اليونيسكو» في باريس، منتصف الشهر المقبل.
تجدر الإشارة إلى أن لجنة تحكيم دولية مؤلفة من مجموعة من الخبراء قامت بترشيح الفائزين تقديراً لالتزامهم بتعزيز الثقافة العربية حول العالم.
كريستين طعمة (لبنان) تعمل منظمة ثقافية ومقيمة معارض، أسست في عام 1994 الجمعية اللبنانية للفنون التشكيلية «أشكال ألوان»، التي تعنى بشؤون البحث والإنتاج والترويج في الممارسات الفنية والفكرية المعاصرة، عبر مجموعة من التخصصات ووسائل إعلام متعددة. وجاء في بيان منحها الحائزة أن التزامها بالكتابة والنشر والتوثيق وتطوير الأرشيف ساهم بدعم البحوث والنقاشات وتشكيل الشراكات، بما في ذلك الشبكات الإقليمية والعالمية. ومن خلال مد الروابط بين الفنانين والمفكرين من منطقتها مع بقية العالم، ساهمت طعمة بتهيئة بيئة مواتية للأجيال الشابة من الفنانين والمفكرين. وكانت الفائزة قد أطلقت قبل سنوات فضاءً متعدد الوسائط، تحت اسم «أشغال داخلية». ويعقد هذا المنتدى مرة كل عامين إلى 3 أعوام في بيروت، ثم تطور المشروع ليصبح أكثر الفعاليات الثقافية المعاصرة حيوية في المنطقة العربية وخارجها، كما عملت كريستين طعمة مسؤولة سابقة لبينالي «الشارقة 13».
أما «الجمعية المدنية الأرجنتينية للسينما الخصبة»، فهي منظمة حكومية تعمل على تعزيز الثقافة العربية في أميركا اللاتينية، عبر مهرجانات الفيلم العربي، وإنتاج الوسائل الثقافية السمعية والبصرية، بالإضافة إلى البرامج الإقليمية التي من شأنها تعزيز التنوع الثقافي. وتتيح «السينما الخصبة» للأشخاص في المنطقة الفرصة للتعرف على السياقات الاجتماعية والثقافية والفنية في العالم العربي. وبفضل نشاطها، باتت مرجعاً لهم، وتحديداً لمبادرتها لإقامة علاقات ثقافية متماسكة راسخة بين المنطقتين: أميركا اللاتينية والمنطقة العربية. وفي 2011، أطلقت «السينما الخصبة» أول مهرجان في أميركا اللاتينية للسينما العربية (LATINARAB)، الذي روج بدوره، وبشكل مكثف، تشكيلة واسعة من الأفلام المعاصرة الأكثر تميزاً، التي تم إنتاجها في الدول العربية.
وأُنشِئت جائزة اليونيسكو - الشارقة للثقافة العربية في عام 1998، بتمويل من حكومة الشارقة (الإمارات العربية المتحدة)، وهي تحرص على مكافأة العمل الدؤوب الذي يقوم به الرجال والنساء في أنحاء العالم لإثراء الثقافة العربية. وتُمْنَح الجائزة لاثنين من المتفَّوِقين، سواء من الشخصيات العامة أو الجماعات أو المؤسسات، من الدول العربية وغيرها، وقيمة الجائزة 60 ألف دولار، تمنح مناصفة بين الفائزين الاثنين.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».