زعيم {الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني}: سننقل المعركة إلى بغداد

الحاج محمود يترأس قائمة حزبه الانتخابية ويطمح للفوز بأكثر من مقعد

محمد الحاج محمود («الشرق الأوسط»)
محمد الحاج محمود («الشرق الأوسط»)
TT

زعيم {الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني}: سننقل المعركة إلى بغداد

محمد الحاج محمود («الشرق الأوسط»)
محمد الحاج محمود («الشرق الأوسط»)

بزيّه الكردي التقليدي الذي لم يغيّره منذ أن حمل السلاح في ريعان شبابه، قبل نصف قرن، وشدة رأسه المميزة بشماغه الغليظ، طبع محمد الحاج محمود، سكرتير الحزب الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني، صورته على ملصقات وجداريات الدعاية الانتخابية لقائمة حزبه التي يرأسها، في مشهد يعكس ربما عمق ثقته بقاعدته الشعبية التي تنامت كثيراً خلال السنوات الأربع المنصرمة بفعل المواقف التي جسّدها، بقيادته شخصياً سلسلة معارك ضروس ضد مسلحي تنظيم داعش في كركوك ومحيطها، والتي كلّفته دم أكبر رجاله وأعزهم إلى قلبه عطاء الذي سقط برصاص قناص داعشي في معركة الدفاع عن مدينة كركوك.
محمد الحاج محمود، أو «كاكه حمه»، كما يحلو للكرد نعته، يطمح إلى الفوز بأكثر من مقعد، لينقل هذه المرة معركته السياسية كما يقول إلى مجلس النواب العراقي في بغداد من أجل إقرار الحقوق القومية والدستورية لشعب كردستان، في عراق ما بعد «داعش»، سيما وأن سكان الإقليم بكل فئاتهم ورغم كل ما عانوه من أزمات اقتصادية وسياسية خلال السنوات الأربع الماضية سيهرعون إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم التي يحرصون على توظيفها بأكمل وجه في هذه المعركة الانتخابية المصيرية بالنسبة إلى كردستان.
ويمضي «كاكه حمه» في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «المقاعد المخصصة لإقليم كردستان، حُددت بشكل اعتباطي وفق نظام الكوته، لعدم وجود إحصائية دقيقة لسكان الإقليم والعراق، وبالتالي فإن الصراع السياسي الساخن بين الأحزاب والقوى الكردية التي يحاول كل منها الاستئثار بأكبر عدد ممكن من تلك المقاعد، سيحفز الناخبين على التوجه بحماس نحو صناديق الاقتراع، حتى في المناطق المتنازع عليها رغم تداعيات الوضع الراهن هناك».
وفي ما يتعلق بنزاهة سير العملية الانتخابية وشفافيتها ومصداقية أعداد الناخبين الحقيقية، يعرب زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني ورئيس قائمته الانتخابية عن شكه في إتمام عملية التصويت بنزاهة مثالية ويردف قائلاً: «لا توجد عملية اقتراع مُثلى في أي بلد بالعالم، وفي بلد مثل العراق الذي يحتل موقع الصدارة في الفساد فإن عمليات التزوير والإخلال بقواعد العملية الانتخابية أمر وارد، رغم استخدام الأجهزة الإلكترونية الحديثة التي قد تقلص من حالات التزوير، لكنها قطعاً لن تقضي عليها تماماً».
وعن توقعاته بشأن النتائج التي سيحصدها حزبه، يقول الحاج محمود: «سنخوض الانتخابات بثلاثين مرشحاً في محافظات ديالى وكركوك ونينوى، بالإضافة إلى محافظات الإقليم، ونأمل في الفوز بأربعة مقاعد في مجمل تلك المحافظات، التي حشدنا لها كل طاقاتنا في مختلف المجالات».
وفي تعليقه على ترشح بعض الشخصيات الكردية، ضمن القوائم العراقية، وتحديداً ضمن قائمة «النصر» التي يرأسها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قال الحاج محمود: «إنه أمر غريب وسابقة فريدة من نوعها حقاً ولست أجد كلمات تعبر عنها كما ينبغي، ولكنها باختصار شديد تعكس انقلاب أولئك على شعبهم ومبادئهم القومية، وتدلل على حالة من التخبط السياسي القائم في كردستان والعراق».
ويرى رئيس قائمة الحزب الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني المرقمة (170)، أن إقليم كردستان يمر بسلسلة أزمات اقتصادية وسياسية وعسكرية، مردّها في النهاية إلى ما سماه أزمة العقلية السياسية، وأردف يقول: «لذلك تحاول القوى العظمى بالتوافق مع القوى الإقليمية، ترتيب الوضع وتحقيق الوفاق بين القوى الكردية والعراقية، سيما وأن الولايات المتحدة تدعم قائمة العبادي في المرحلة الراهنة، وتحاول إعادة تنصيبه رئيساً للحكومة لولاية ثانية، من خلال ضمان دعم القوى الكردية لذلك المشروع، بمعنى أن أغلب القرارات المصيرية المتعلقة بالعراق تأتي من الخارج برأينا».
وعما إذا كانت نتائج الانتخابات المقبلة، ستحسم المشكلات المتعلقة بالمناطق المسماة، دستورياً، «المتنازع عليها» خصوصاً كركوك، يعتقد الحاج محمود أن تجارب الحروب في التاريخ توضح أن القوات التي تعود عبر المفاوضات السياسية إلى المناطق التي خسرتها خلال الحرب لن تحظى بثقلها العسكري السابق، ويتابع: «حتى لو عادت قوات البيشمركة إلى المناطق المتنازع عليها التي ينص الدستور العراقي على وجوب إدارتها بشكل مشترك بين الطرفين، فلن يكون لها الثقل العسكري السابق، لذا كان يتوجب على القوى السياسية الكردية أن تشارك فيها كقائمة قومية لا حزبية لأن من شأن ذلك تغيير الكثير من المعادلات، وكان من المفترض بالكرد الضغط باتجاه خوض الانتخابات في العراق كدائرة انتخابية واحدة، لأن من شأن ذلك ضمان نحو 80 مقعداً لهم في مجلس النواب، الذي يخضع لمنطق الأغلبية والأقلية، ما يهمّش دور الكتل الكردية في اتخاذ أي قرارات، أي أن الثقل السياسي إن لم يكن مقروناً بثقل عسكري، فلن يفضي إلى أي نتيجة في تنفيذ الاتفاقات والقرارات والمواد الواردة في الدستور بما في ذلك المادة 140 من الدستور العراقي، التي ترى الولايات المتحدة أن المناطق موضع النزاع بين الطرفين ينبغي أن تدار بشكل مشترك».
ويجزم الحاج محمود بأن الأحزاب والتيارات السياسية التي ظهرت في كردستان مؤخراً، هي قوى جديدة في أسمائها فقط، وتضم نفس الوجوه السياسية التي كانت تتبوأ مواقع رفيعة في الأحزاب التقليدية المعروفة على الساحة، ولن تكون هناك تأثيرات تُذكر على القاعدة الشعبية الثابتة للحزب الاشتراكي تحديداً. ويؤكد أن نتائج الانتخابات المرتقبة مهما كانت لن تغير من المعادلات السياسية القائمة حالياً، والتي ألغت تماماً مبدأ الشراكة والتوافق في البلاد، وفرضت منطق الأغلبية والأقلية، ذلك أن المكونات الثلاثة الرئيسية (السنة والشيعة والكرد) التي تتقاسم مفاصل السلطة ومراكز القرار، لن تتفق في ما بينها ولن تكون قادرة على إحداث تغيير يذكر.
واللافت عدم إلمام غالبية المرشحين الكرد باللغة العربية، سواء الفصحى أو اللهجة العامية العراقية، لكن الحاج محمود الذي يتقن الكردية والإنجليزية، يعلق على الأمر بالقول: «الدستور العراقي ينص على أن اللغة الكردية هي ثاني لغة رسمية في البلاد، ويحق للنواب الكرد قانوناً التحدث بها في البرلمان الذي ينبغي له أن يوفر مترجمين لهذا الشأن».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.