«جاز» أبرز تصميم لسوبر يخت للراحلة زها حديد

أعلنت عنه شركة ألمانية ويصل طوله 90 مترا وعرضه 16 مترا

اليخت  {جاز} من تصميم الراحلة زها حديد
اليخت {جاز} من تصميم الراحلة زها حديد
TT

«جاز» أبرز تصميم لسوبر يخت للراحلة زها حديد

اليخت  {جاز} من تصميم الراحلة زها حديد
اليخت {جاز} من تصميم الراحلة زها حديد

ما زالت شركة «بلوم فوس» الألمانية لصناعة اليخوت تحتفظ بنماذج لليخت «جاز» آخر أعمال المعمارية العراقية الراحلة زها حديد في مجال تصميم اليخوت السوبر. وتقول الشركة إنه واحد من مجموعة من خمسة زوارق صممتها زها حديد وتنتظر الإنتاج وإنها استلهمت فكرة اليخت من الأحياء البحرية وانتهت من تصميمات اليخت الداخلية أيضا.
وراعت حديد في تصميمها أن اليخت يختلف عن المباني الثابتة في أنه هيكل ديناميكي متحرك يتضمن عدة عناصر منها الانسيابية وتوفير الراحة والجمال الحسي والأمان. ويصل طول اليخت «جاز» إلى 90 مترا وعرضه إلى 16 مترا ويستطيع الإبحار إلى مدى خمسة آلاف ميل بحري بسرعة 14 عقدة. وهو يعتمد على محركي ديزل بقوة 2160 كيلوواط لكل منهما. وجاء هذا التعاون بين زها حديد وبين الشركة الألمانية بعد حصول حديد على جائزة «بريتزكر» في العمارة، والتي تماثل جائزة الأوسكار في السينما.
ولدى شركة «بلوم فوس» خبرة فنية مكتسبة في مشروعاتها السابقة، وقدرة على تقديم الحلول التي تناسب عملاءها في قطاع اليخوت السوبر. وتقوم الشركة بدفع آفاق التكنولوجيا إلى الحد الأقصى في كل مشروع جديد تقبل عليه. وفي الماضي بنت الشركة الكثير من اليخوت السوبر التي تشمل اليخت «إيه» الذي يبلغ طوله 394 قدما، الذي صممه فيليب ستارك، واليخت «إيكلبس» من تصميم تيرنس ديسديل. ويصل طول «إيكلبس» إلى 533 قدما (162.5 متر)، ويملكه الملياردير الروسي رومان إبرومافيتش، وهو ثاني أضخم يخت خاص في العالم.
وقال الدكتور هربرت ألي رئيس شركة «بلوم فوس» التنفيذي، إن زها حديد ابتكرت رؤية جديدة في عالم اليخوت ووضعت معايير فوق المعتادة في هذا المجال. وأضاف أن تصميم اليخت «جاز» يتلاءم مع فلسفة الشركة في تقديم حلول مبتكرة وتصميمات بها مرونة لخدمة عملاء الشركة.
ولم تكن حديد هي المعمارية الأولى التي تتجه إلى التصميم في عالم اليخوت فقد سبقها المعماري الشهير نورمان فوستر الذي أسس شركة «يخت بلس» للتجديد في مجال تصميم اليخوت. ويشرف فوستر على نشاط الشركة التي تبيع الملكيات الجزئية في اليخوت. وتعد الشركة فريدة في عالم اليخوت لأنها ربما الأولى التي تأسست من البداية لبيع اليخوت جزئيا وليس لتأجيرها أو بيعها بالكامل لمشتر واحد. وهي تتعاون مع شركة إيطالية لبناء اليخوت في مرفأ سارزانا الإيطالي.
ومع ذلك قد تفوقت زها حديد في طموحاتها على فوستر لأن طول يخوتها لا يقل عن 90 مترا بينما لا يزيد طول يخوت فوستر على 41 مترا.
ودخلت حديد إلى مجال اليخوت بعد تسجيل نجاحها الباهر عالميا في عالم المعمار. وكانت حديد تقوم بتدريس المعمار في لندن حتى عام 1987 كما زارت جامعات عالمية لإلقاء محاضرات فيها عن المعمار منها جامعات هارفارد وييل وكولومبيا بالإضافة إلى جامعة فيينا. وأسست حديد شركتها المعمارية في لندن التي قدمت من خلالها الكثير من الأعمال المعمارية المرموقة حول العالم.
وكانت حديد هي أول امرأة تفوز بجائزة المعمار العالمية «بريتزكر» في عام 2004 كما حصلت أيضا على أعلى جائزة بريطانية في المعمار وهي جائزة «سترلينغ» في عام 2011. وتلقت حديد تعليمها في الجامعة الأميركية في بيروت ثم كلية المعمار في لندن. ومنحتها فرنسا وسام فارس في الآداب كما حصلت على جوائز من اليابان وضمتها مطبوعات فوربس وتايم إلى لائحة أكثر مائة امرأة نفوذا في العالم. وحصلت حديد أيضا على وسام (OBE) من ملكة إنجلترا في عام 2012. وتوفت زها حديد في 31 مارس (آذار) عام 2016 أثناء وجودها في ميامي، فلوريدا عن سن يناهز 65 عاما. وهي من مواليد بغداد في 31 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1950.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».