لصحة القلب... البذور والمكسرات أفضل المصادر الغذائية للبروتينات

ضمن نتائج دراسة أميركية ـ فرنسية جديدة

لصحة القلب... البذور والمكسرات أفضل المصادر الغذائية للبروتينات
TT

لصحة القلب... البذور والمكسرات أفضل المصادر الغذائية للبروتينات

لصحة القلب... البذور والمكسرات أفضل المصادر الغذائية للبروتينات

ضمن نتائج واحدة من الدراسات الطبية الدولية، أعلن الباحثون من جامعة «لوما ليندا» في كاليفورنيا ومن «معهد باريس لتكنولوجيا الحياة والغذاء والعلوم البيئية» AgroParisTech في باريس، أن تناول البذور والمكسرات يُوفر للجسم نوعية عالية الجودة من البروتينات الغذائية ذات التأثيرات الصحية العالية الإيجابية للقلب، وذلك بالمقارنة مع تناول البروتينات حيوانية المصدر.
- بروتينات متنوعة
وضمن عدد 2 أبريل (نيسان) الحالي لـ«المجلة الدولية لعلم الأوبئة» International Journal of Epidemiology، نشر الباحثون الأميركيون والفرنسيون نتائج متابعتهم التأثيرات الصحية لتناول البروتينات من مصادر غذائية مختلفة، وكان عنوان الدراسة: «أنواع البروتينات النباتية والحيوانية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالوفيات القلبية»، وهي المرحلة الثانية من «دراسة أدفنتست الصحية» Adventist Health Study.
وتمثل البروتينات نوعية فريدة من بين العناصر الغذائية الرئيسية التي لم تتم دراسة علاقتها بصحة القلب بشكل واسع مقارنة بالسكريات والدهون. وكثير من دراسات التغذية الصحية تطرقت بالبحث المتعمق لتأثيرات تناول أنواع الدهون المختلفة ومصادرها وتأثيرات ذلك على صحة القلب، مثل الدهون المشبعة ذات المصادر الحيوانية والدهون غير المشبعة ذات المصادر النباتية، إضافة إلى الكولسترول. وكذا كثيرة هي الدراسات التي تناولت العلاقة فيما بين تناول أنواع السكريات من مصادر غذائية مختلفة وبين مستوى صحة القلب، مثل السكر الأبيض المكرر، والسكريات بسيطة التركيب وحلوة الطعم في الفواكه والعسل، والسكريات المعقدة للنشويات في الحبوب والبطاطا... وغيرها.
وتوجد البروتينات في مجموعات واسعة من المصادر الغذائية؛ النباتية والحيوانية، التي تكون فيها البروتينات مختلطة بنسب متفاوتة بأنواع مختلفة من العناصر الغذائية الأخرى ذات التأثيرات المتفاوتة على صحة القلب، مثل الدهون والسكريات والألياف والمعادن والفيتامينات، وهو ما يجعل البحث عن المصادر الصحية للبروتينات التي يحتاجها الجسم أمراً يحتاج إلى توضيح طبي مبني على أدلة علمية في دراسة أنواع المنتجات الغذائية المحتوية على البروتينات وتأثيرات تناولها على صحة القلب، خصوصاً الوفيات بالأمراض القلبية باعتبار ذلك أحد أهم المؤشرات على ارتفاع أو تدني مستوى صحة القلب والأوعية الدموية.
وقال الباحثون في مقدمة الدراسة: «تشير الدلائل الحالية إلى أن البروتينات النباتية والحيوانية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمجموعات كبيرة من أنواع الأغذية، وهو ما يفسر العلاقة المعقدة بين تلك البروتينات وصحة القلب والأوعية الدموية. ونحن نهدف إلى تقييم العلاقة بين أنماط تناول أنواع محددة من البروتينات ومعدلات الوفيات بالأمراض القلبية». ولذا تمثل هذه الدراسة لدى الأوساط الطبية «مقارنة رئيسية بين تأثيرات تناول البروتينات نباتية المصدر والبروتينات حيوانية المصدر على صحة القلب».
وشملت الدراسة أكثر من 80 ألف شخص من الذكور والإناث الذين تراوحت أعمارهم بين 25 و44 سنة، وتم تقييم نوعية مكونات تغذيتهم اليومية، خصوصا مصادر تناول البروتينات الغذائية. وخلال فترة المتابعة، التي استمرت نحو 10 سنوات، تم رصد معدلات الوفيات بأمراض القلب، وعلاقتها بتناول البروتينات من المصادر الغذائية المختلفة.
- المكسرات والبذور
ولاحظ الباحثون في نتائج دراستهم أن تناول البروتينات من المكسرات والبذور كان له أعلى تأثير في انخفاض معدلات الوفيات بأمراض القلب، وأن تلك التأثيرات الإيجابية العالية لم تتم ملاحظتها من تناول البروتينات الغذائية في الفواكه أو الخضراوات أو البقوليات أو الحبوب كما هي الحال في بروتينات المكسرات والبذور. وأن تناول البروتينات حيوانية المصدر كان له أقل التأثيرات الإيجابية على صحة القلب. وتحديداً لاحظ الباحثون أن الأشخاص الذين يكثرون من تناول البروتينات من المكسرات والبذور تقل لديهم احتمالات الإصابة بأمراض القلب بنسبة 40 في المائة، وأن الاعتماد على البروتينات الحيوانية في تزويد الجسم بالبروتينات، وتناولها بكثرة تفوق الكمية المنصوح بها في نصائح التغذية الصحية، يرفع من احتمالات الإصابة بأمراض القلب بنسبة 60 في المائة.
ولذا قال الباحثون في محصلة نتائج الدراسة: «وجدنا ارتباطاً إيجابياً قوياً بين صحة القلب وتناول البروتينات من المكسرات والبذور، وارتباطاً سلبياً قوياً بين صحة القلب وتناول البروتينات الحيوانية. والتغذية الصحية، فيما يخص تزويد الجسم باحتياجاته من البروتينات، يُمكن الحصول عليها بالإكثار من تناول البروتينات نباتية المصدر في المكسرات والبذور، وبالتقليل من تناول البروتينات حيوانية المصدر».
وعلق الدكتور غاري فريزر، الباحث المشارك في الدراسة والأستاذ في كلية الصحة العامة بجامعة لوما ليندا، بالقول: «في حين أن الدهون الغذائية جزء من عملية تكوين مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، إلا أن البروتينات قد تكون لها تأثيرات مستقلة مهمة وفي الوقت نفسه مهملة إلى حد كبير، في عملية تكوين مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية». وذلك في إشارة منه إلى ارتفاع مستوى الاهتمام بالدهون فيما بين الأطباء وعموم الناس، وهي التي تستحق بالفعل الاهتمام في جانب صحة القلب، ولكن بالمقابل ثمة إهمال للاهتمام بالبروتينات بوصفها عاملا قد يتسبب في تدني أو تحسن صحة القلب.
- حماية ووقاية
وأضاف فريزر أنه وزملاءه يشكّون منذ فترة طويلة في أن تناول المكسرات والبذور في النظام الغذائي يحمي من أمراض القلب والأوعية الدموية، في حين أن اللحوم الحمراء تزيد من المخاطر القلبية. واستطرد الدكتور فريزر قائلاً ما مفاده إن خبراء التغذية نظروا تقليديا نحو ما وصفه بـ«الدهون السيئة» في اللحوم و«الدهون المفيدة» في المكسرات والبذور بوصفها عوامل سببية لتدهور أو ارتفاع صحة القلب، وإن هذه النتائج الجديدة تشير إلى أمر إضافي، وهو ما عبّر عنه بالقول: «هذا الدليل الجديد يشير إلى أن الصورة الكاملة ربما تشمل أيضا التأثيرات البيولوجية للبروتينات في هذه الأطعمة»، أي اللحوم من جهة والمكسرات والبذور من جهة أخرى.
وقال الباحثون إن طريقة البحث في دراستهم الجديدة اختلفت في جانب مهم عن الدراسات والتحقيقات الطبية السابقة، ذلك أنه بينما ركّزت الدراسات السابقة على دراسة الاختلافات فيما بين البروتينات الحيوانية والبروتينات النباتية، فإن هذه الدراسة الجديدة لم تتوقف عند تصنيف البروتينات إلى فئتين فقط، ولكنها اختارت تحديد بروتينات اللحوم والبروتينات من المكسرات والبذور إلى جانب البروتينات في مصادر غذائية رئيسية أخرى. وقال فريزر: «هذا البحث يشير إلى أن هناك تنوعا يفوق مجرد التصنيف الثنائي للبروتين النباتي أو البروتين الحيواني». وأضاف الباحثون أن الدراسة تترك أسئلة أخرى مفتوحة لمزيد من الدراسة، مثل تأثيرات الأنواع المختلفة من الأحماض الأمينية الخاصة في بروتينات اللحوم والتي قد تساهم في الأمراض القلبية الوعائية، ومثل ما إذا كانت البروتينات من مصادر معينة تؤثر على عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب مثل شحوم الدم وضغط الدم والوزن الزائد، وهي العوامل التي ترتبط بالأمراض القلبية الوعائية.
- مكونات المكسرات وفوائدها الصحية للقلب
> تعمل النباتات بجهد سنوي أو متكرر طوال العام على انتقاء المعادن والعناصر الأخرى من التربة، لتعمل طوال الوقت على إنتاج الفيتامينات والبروتينات والدهون والسكريات والمواد المضادة للأكسدة والألياف، ثم تقوم بتركيز كل ذلك بنسب متوازنة في المكسرات، مما يجعلها كبسولة ذات قيمة غذائية عالية وذات فوائد صحية متعددة لنمو ولسلامة أجسامنا ومنع إصابتها بالأمراض.
وقبل نتائج هذه الدراسة، كان التركيز الطبي في النصيحة بتناول المكسرات يقتصر على جدواها في خفض نسبة الكولسترول الخفيف في الدم LDL، وهو نوع الكولسترول الضار بالقلب والأوعية الدموية، وذلك عبر عدة آليات. وأهم تلك الآليات أن تناول المكسرات يُمدّ الجسم بنوعية الدهون غير المشبعة التي تعد عالية في جودتها الصحية، والتي يؤدي تناولها إلى خفض الكولسترول في الدم. والآلية الثانية احتواء المكسرات على مواد فايتوستيرول المساعدة على خفض امتصاص الأمعاء للكولسترول الموجود فيما نتناوله من أطعمة حيوانية المصدر. والآلية الثالثة أن أنواع المكسرات غنية بالألياف الغذائية الطبيعية، وهي التي تعمل على خفض امتصاص الأمعاء للكولسترول وإبطاء امتصاص الأمعاء للسكريات. والآلية الرابعة احتواء المكسرات على كميات مختلفة من المعادن والفيتامينات ذات التأثيرات الصحية الإيجابية للقلب والأوعية الدموية.
ولذا قال الدكتور فريزر: «كل ما يتطلبه الأمر هو تناول مجموعة متنوعة وواسعة من أنواع المكسرات، تؤكل بكميات صغيرة كل يوم، أي بعدد حبات يتراوح بين 10 و14 من خليط المكسرات، ستخفض نسبة الكولسترول الخفيف الضار في الدم؛ الكولسترول السيئ». وأضاف: «ولكن هذه الدراسة أظهرت بعداً آخر لفوائد تناول المكسرات بما لا علاقة له بالدهون والكولسترول، بل هي البروتينات التي تجعل المكسرات غذاء صحياً أيضاً، وهذا ينطبق على البالغين والصغار في السن. إن المهم بحق هو ما نأكله في الثلاثينات والأربعينات والخمسينات من العمر».
وأضاف الباحثون أن حرص المرء على تناول أطعمة مثل اللوز وبذور القرع والفستق والجوز وبذور دوّار الشمس، الغنية كلها بالدهون غير المشبعة وبالبروتينات الصحية، يُقلل من التأثيرات الصحية السلبية للأطعمة عالية المحتوى من الدهون المشبعة كاللحوم الحمراء ومشتقات الألبان كاملة الدسم.


مقالات ذات صلة

10 علامات تحذيرية من ارتفاع ضغط الدم... وكيفية التعامل معها

صحتك ارتفاع ضغط الدم تحدٍّ كبير للصحة العامة (رويترز)

10 علامات تحذيرية من ارتفاع ضغط الدم... وكيفية التعامل معها

بعض العلامات التحذيرية التي تنذر بارتفاع ضغط الدم، وما يمكنك القيام به لتقليل المخاطر:

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك المشي اليومي يسهم في تعزيز الصحة ودعم الحالة النفسية (رويترز)

6 فوائد صحية للمشي اليومي

أكدت كثير من الدراسات أهمية المشي اليومي في تعزيز الصحة، ودعم الحالتين النفسية والجسدية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك زيوت البذور يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون (رويترز)

للوقاية من سرطان القولون... تجنب استخدام هذه الزيوت في طهي الطعام

حذَّرت دراسة من أن زيوت البذور -وهي زيوت نباتية تستخدم في طهي الطعام، مثل زيوت عباد الشمس والذرة وفول الصويا- يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق يعاني الكثير من الأشخاص من كثرة التفكير وقت النوم (أ.ف.ب)

كيف تتغلب على كثرة التفكير وقت النوم؟

يعاني كثير من الأشخاص من كثرة التفكير ليلاً؛ الأمر الذي يؤرِّقهم ويتسبب في اضطرابات شديدة بنومهم، وقد يؤثر سلباً على حالتهم النفسية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

للوقاية من سرطان القولون... تجنب استخدام هذه الزيوت في طهي الطعام

زيوت البذور يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون (رويترز)
زيوت البذور يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون (رويترز)
TT

للوقاية من سرطان القولون... تجنب استخدام هذه الزيوت في طهي الطعام

زيوت البذور يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون (رويترز)
زيوت البذور يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون (رويترز)

حذَّرت دراسة جديدة من أن زيوت البذور -وهي زيوت نباتية تستخدم في طهي الطعام، مثل زيوت عباد الشمس والذرة وفول الصويا- يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون.

وحسب شبكة «فوكس نيوز» الأميركية، فقد قام فريق الدراسة التابع لجامعة جنوب فلوريدا، ومعهد سرطان مستشفى تامبا العام، بتحليل 162 عينة ورم من مرضى سرطان القولون.

ووجد الباحثون أن الأورام تحتوي على «عدد زائد» من الجزيئات التي تسبب الالتهاب و«نقصاً» في الجزيئات المختصة بالشفاء.

وقال مؤلف الدراسة الدكتور تيموثي ييتمان، أستاذ الجراحة في كلية الطب بجامعة جنوب فلوريدا: «من المعروف أن المرضى الذين يتبعون أنظمة غذائية غير صحية يعانون من زيادة الالتهاب في أجسامهم. وتشمل هذه الأنظمة زيوت الطهي النباتية التي تستخدم على نطاق واسع».

وأضاف: «لقد وجدت دراستنا صلة كبيرة بين الالتهاب الذي قد تتسبب فيه هذه الزيوت، وبين ارتفاع خطر الإصابة بسرطان القولون. هذا السرطان يشبه الجرح المزمن الذي لن يلتئم مع نقص الجزيئات المختصة بالشفاء في الجسم. فإذا كان جسمك يعيش على هذه الزيوت يومياً، فإن قدرة هذا الجرح على الالتئام تقل بسبب الالتهاب، وقمع الجهاز المناعي الذي يسمح في النهاية للسرطان بالنمو».

وبالإضافة إلى «زيوت البذور المسببة للالتهابات»، أشار ييتمان أيضاً إلى أن هناك بعض الأطعمة التي قد تتسبب في هذا المرض، مثل السكريات المضافة، والدهون المشبعة، والأطعمة المصنعة.

وفي دراسات سابقة، وجد فريق الدراسة نفسه أن «النظام الغذائي غير المتوازن» يزيد أيضاً من خطر الإصابة بأمراض القلب، ومرض ألزهايمر، والسكري.

وأوصى الباحثون بالابتعاد عن الزيوت النباتية والأطعمة غير الصحية، والانتقال إلى تلك الغنية بالألياف وأحماض «أوميغا 3» الدهنية، والفواكه، والخضراوات، والحبوب الكاملة، وذلك لتقليل خطر الإصابة بسرطان القولون والخرف وكثير من الأمراض الأخرى.