حضور عالمي لأول عرض سينما في السعودية

الوزير العواد: هذه لحظة كان الجميع ينتظرها... نائب الرئيس في شركة «إيه إم سي»: اليوم ستُعرض التذاكر للجمهور

وزير الإعلام عواد العواد خلال افتتاح العرض الأول للسينما في السعودية أمس (تصوير: أحمد فتحي)
وزير الإعلام عواد العواد خلال افتتاح العرض الأول للسينما في السعودية أمس (تصوير: أحمد فتحي)
TT

حضور عالمي لأول عرض سينما في السعودية

وزير الإعلام عواد العواد خلال افتتاح العرض الأول للسينما في السعودية أمس (تصوير: أحمد فتحي)
وزير الإعلام عواد العواد خلال افتتاح العرض الأول للسينما في السعودية أمس (تصوير: أحمد فتحي)

في تحول تاريخي، كبير، عرض، أمس، في السعودية، أول فيلم هوليوودي، بعد انقطاع دام 35 عاماً، بحضور عدد من المسؤولين والدبلوماسيين والمختصين وخبراء عالميين وعرب في مجال صناعة السينما، وعدد كبير من الجماهير ملأ أرجاء مبنى دار السينما.
وعلى هزيج موسيقى الجاز، التي عزفتها إحدى الفرق الغربية، افتتح أول دار للسينما، حيث تم عرض فيلم بلاك بانثر (Black Panther)، في حين قامت عشرات الفتيات السعوديات باستقبال الجمهور، وخدمتهم؛ لتسهيل مهام دخولهم والحصول على بطاقات الدخول.
وخلال مراسم الافتتاح، وصف الدكتور عواد العواد، وزير الثقافة والإعلام السعودي، الخطوة بأنها «لحظة سعيدة انتظرها الجميع لمشاهدة أفلامهم المفضلة»، مشيراً إلى أن هذه اللحظة، لا يمكن أن ترى النور إلا بدعم القيادة، والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد. وأضاف: «ما نراه تحقيق لواحدة من أهم مرتكزات الترفيه».
بدوره، أوضح جيسون كول، نائب الرئيس في شركة «إيه إم سي»: «نرحب بسينما (إيه إم سي) بالعاصمة السعودية، الرياض، وهو بلا شك يوم تاريخي، لبلادكم، وكذلك لشركتنا». وقال: «نحن في الصالة الرئيسية الآن، لكننا سنبني ثلاث قاعات خلال الفترة القليلة المقبلة، ونتوقع أن نعرض خمسة أفلام في اليوم، بواقع خمسة آلاف شخص يومياً بمركز الملك عبد الله المالي».
وأضاف: «غدا (اليوم) سيتم عرض التذاكر للبيع لمشاهدة الفيلم Black Panther، وسيتم طرح التذاكر هنا»، حيث يتم الافتتاح الرسمي بالنسبة للجمهور العام. وأشار كول إلى أن الشركة بصدد تدشين صالة تتسع لأكثر من 600 مقعد، مجهزة بأفضل وأحدث الأجهزة الصوتية، إضافة إلى قاعتين أخريين سيتم افتتاحهما في غضون الأسابيع الثلاثة المقبلة، تتسعان لنحو 450 مقعداً.
وأشار كول إلى أن الشركة مستعدة لاستقبال الجمهور السعودي، ووفرت مركزين لبيع التذاكر، واحد في مركز الملك عبد الله المالي، أما الآخر سيكون عبر الإنترنت. وأردف «هناك مواقف سيارات، كما أن منطقة الوادي فيها محال ومطاعم يمكن للجمهور الشراء منها والاستمتاع بالمشاهدة».
نائب الرئيس في شركة «إيه إم سي» أفاد أيضاً بأن الشركة بصدد تغيير جميع المقاعد الموجودة حالياً، بمقاعد خاصة بالشركة نفسها، وهي وثيرة وتشبه إلى حد بعيد مقاعد الدرجة الأولى في الطائرات، مبيناً أن هذه العملية ستتم خلال الأشهر الثلاثة المقبلة على أبعد تقدير.
من جهة أخرى، قال بدر الزهراني، المشرف على قطاع السينما في الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع، إنه تمت دعوة المختصين والمهتمين بالشأن السينمائي لحضور العروض التجريبية الأولى، قبل افتتاحها للجمهور العام.
وأضاف: «هيئة الإعلام المرئي والمسموع تعمل مع الجهات ذات العلاقة لتقديم تجربة هوليوودية فريدة من نوعها في أجواء ممتعة وشيقة للأفراد والعائلة السعودية، بخياراتٍ كثيرة، ابتداء من بيع التذاكر الذي سيكون إلكترونياً، إضافة إلى نقاط البيع الأخرى التي سيتم التنويه عنها مبكراً».
إلى ذلك، قالت لينا محمد (29 عاماً) لـ«الشرق الأوسط»، إن «افتتاح السينما في المملكة مثل إعلان السماح للمرأة بقيادة السيارة، أعتقد أنها خطوة جديدة إيجابية جداً». وأضافت: «البعض يرى أن التغيير يحدث بسرعة في المملكة، لكنني لا أتفق مع ذلك، السرعة مطلوبة، ومعظم سكان السعودية شباب». وأشارت إلى أنها حضرت أفلاماً سينمائية في الخارج: «لكنني متشوقة للمشاهدة في بلدي... جميع من حولي سعداء بالخطوة، ورأينا بعض المعارضين للفكرة، لكن للأسف معظمهم عندما يسافرون للخارج يقصدون السينما».
وكانت عشرات السيارات اصطفت منذ الخامسة عصراً في خط واحد أمام مركز الملك عبد الله المالي للدخول، حيث طلب من الإعلاميين التواجد مبكراً لعمل جولة على مرافق السينما قبل التدشين الرسمي. وفي الاستقبال وقفت عشرات الفتيات السعوديات يستقبلن الجمهور، ويتأكدن من حصولهم على بطاقات الدخول.
وفي البهو الرئيسي قبيل الافتتاح الرسمي تم وضع طاولات صغيرة لانتظار الجمهور وسط موسيقى الجاز التي تعزفها إحدى الفرقة الغربية، في حين حرص معظم الناس على التقاط الصور التذكارية لتوثيق اللحظة. كما تنتشر على جوانب القاعة الداخلية أجهزة إصدار التذاكر الفورية لاستخدامها لاحقاً من قبل الجمهور الراغب في حضور الأفلام السينمائية، ووضعت آلات البوب كورن (الفيشار) على جوانب الباحة الداخلية لتقديمها للجمهور الحاضر. يذكر أن وزارة الثقافة والإعلام أعلنت في وقت سابق منح أول رخصة لتشغيل دار عرض سينمائي، لتتمكن الشركة الرائدة في هذا المجال «إيه إم سي» للترفيه، من تشغيل دور العرض في كافة أنحاء المملكة. وستعمل أكبر شركة عرض سينمائي في العالم (إيه إم سي) بالشراكة مع صندوق الاستثمارات العامة الذي يخطط لاستثمار ما يصل إلى 10 مليارات ريال سعودي في مشروعات ترفيهية مع حلول عام 2030.
ويعد هذا القرار جزءاً من برنامج التحول الاجتماعي والاقتصادي في المملكة وفقاً لـ«رؤية 2030»، بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وقد حددت «رؤية المملكة 2030» من ضمن أهدافها زيادة الإنفاق السعودي السنوي على النشاطات الثقافية والترفيهية وتوفير خيارات ترفيهية متعددة للأسرة.
واستعداداً للعروض الأولى، قامت الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع بفسح وتصنيف فيلم العرض الأول Black Panther بعد إجراءات دقيقة للتأكد من ملاءمته للأعمار من 15 عاماً فما فوق، وفقًا لنظام التصنيف السعودي المُعد حديثاً.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».