إسرائيل تصعّد بنشر خرائط وصور للوجود العسكري الإيراني في سوريا

تتأهب في الشمال خشية رد طهران على قصف «تي 4»

TT

إسرائيل تصعّد بنشر خرائط وصور للوجود العسكري الإيراني في سوريا

نشر الجيش الإسرائيلي خرائط وصوراً جوية لمواقع عسكرية إيرانية داخل الأراضي السورية، قال إنها تشمل مناطق انتشار القوات الإيرانية، ومراكز منظومة الطائرات المسيّرة، في رسالة تهديد إسرائيلية جديدة، تتزامن مع استعدادات لرد إيراني متوقع، على قصف إسرائيل مطار «تي 4» في سوريا الأسبوع الماضي، الذي تسبب بمقتل 14 شخصاً بينهم 7 إيرانيين.
واتهم الجيش الإسرائيلي إيران بالتموضع عسكرياً في الأراضي السورية، وبذل كل جهد ممكن لتعزيز هذا التموضع.
وقال مسؤول عسكري إسرائيلي: إن «طهران تنقل إلى سوريا وسائل قتالية عديدة تحت غطاء مساعدات إنسانية»، مضيفاً: «منذ عام 2015 ينظم سلاح الجو التابع للحرس الثوري الإيراني، رحلات روتينية لنقل وسائل قتالية وجنود، مع التركيز على نقل مشغّلي الطائرات المسيرة، بواسطة طائرات شحن عسكرية تم تمويهها كأنها مدنية».
وأضاف المصدر الإسرائيلي: إن «طهران تركز على التموضع الجوي بالذات، كي تتمكن من العمل مباشرة ضد إسرائيل، مثلما حدث قبل شهرين»، في إشارة إلى طائرة مسيّرة أسقطتها إسرائيل فوق الجولان، وقالت لاحقاً إنها كانت مليئة بالمتفجرات.
وفي الصور والخرائط التي نشرها الجيش، مواقع يقول إنها تُظهر التمركز الإيراني، بينها معسكرات، وكذلك مطارات مثل «تي 4» و«حلب الدولي» و«دير الزور» و«دمشق».
ويقول الجيش أيضاً، إنه توجد في هذه المواقع فرق من الجناح الجوي للحرس الثوري، وطائرات عسكرية من طراز «76 – IL» روسية الصنع، مخصصة لجلب صواريخ وذخائر أخرى لـ«حزب الله»، أو صواريخ وطائرات من دون طيار للاستخدام المباشر من قبل القوات الجوية للحرس الثوري، التي تعمل انطلاقاً من المطارات المذكورة.
واختار الجيش الإسرائيلي نشر هذا التقرير في وقت يتأهب فيه لاحتمال شن قوات الحرس الثوري الإيراني هجوماً انتقامياً رداً على قصف مطار «تي 4» في سوريا الأسبوع الماضي.
واعترفت إسرائيل، الاثنين الماضي، بأنها قامت بمهاجمة قوات إيرانية في القاعدة الجوية السورية «تي 4»، رداً على اختراق طائرة مسيّرة إيرانية، محمّلة بالمتفجرات، الأجواء الإسرائيلية في شهر فبراير (شباط) الماضي.
ويُعتقد أن الغارة الإسرائيلية التي خلّفت 14 قتيلاً بينهم 7 إيرانيين، استهدفت، آنذاك، برنامج الطائرات الإيرانية المسيّرة.
ويرى مراقبون إسرائيليون أن الاعتراف الإسرائيلي بقتل إيرانيين، وكشف طبيعة مهمة الطائرة الإيرانية، ونشر تقارير حول التموضع الإيراني، يجعل مواجهةً محتملةً مسألةً قريبة للغاية.
وكتب خبير الشؤون العسكرية والأمنية في صحيفة «هأرتس» عاموس هرئيل، إن التوتر في الشمال مرتفع جداً بعد الضربات الأميركية – الغربية، وبانتظار الانتقام الإيراني رداً على الهجمات المنسوبة لإسرائيل.
وأكد هرئيل أن الجيش وأجهزة الأمن في إسرائيل، يعملان طوال الوقت حتى في أثناء الإجازات والأعياد.
ورأى أن نشر الجيش معلومات عن القواعد العسكرية الإيرانية ونشاطات الحرس الثوري الإيراني، في سوريا، تحمل في جعبتها رسالة محددة، تقول إن التحركات الإيرانية في سوريا مكشوفة للمخابرات الإسرائيلية، وإنها عرضة للهجوم في أي لحظة.
وقال وزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، إن الجيش يحافظ على حالة تأهب في مواجهة «تحدٍّ استراتيجي من الدرجة الأولى»، مضيفاً: «يلزمنا جميعاً، الجيش الإسرائيلي وكل الهيئات الأمنية، التقدم خطوة أكثر وزيادة الاستعدادات والتأهب الأمني».
وتابع ليبرمان أمام أعضاء هيئة أركان الجيش الإسرائيلي: «يتشكل أمامنا واقع جديد -الجيش اللبناني بالتعاون مع (حزب الله)، والجيش السوري، والميليشيات الشيعية في سوريا وعلى رأسها إيران- جميعهم يتحولون إلى جبهة واحدة ضد إسرائيل».
وتشير التقديرات في إسرائيل، إلى أن قائد قوة القدس التابعة لحرس الثوري، قاسم سليماني، يخطط للقيام بعملية انتقامية ضد قاعدة إسرائيلية انطلاقاً من سوريا.
وسيعتمد سليماني على القوة الجوية الإيرانية التي يقودها اللواء حجي زاده.
ورسم الجيش الإسرائيلي سيناريوهات عدة لمثل هذا الانتقام، بإطلاق صواريخ دقيقة على الأراضي الإسرائيلية أو بإرسال طائرات إيرانية مسيّرة، وهذه المرة من دون وكلاء.
وهددت إسرائيل بالرد على أي هجوم إيراني محتمل، بشكل قد يتسبب في تقويض سيطرة نظام الأسد.
وأضاف تقرير نُشر في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن «المعلومات تشير إلى أن قاسم سليماني يخطط للقيام بعملية انتقامية، وقد يكون ذلك في المستقبل القريب».
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين عسكريين في إسرائيل قولهم، إن الجيش الإسرائيلي استعدّ بالفعل لمواجهة أي هجوم محتمل من قبل إيران. وأكد مسؤولون أن «الجيش سيعمل كل شيء لضمان مرور احتفالات الاستقلال بسلام وهدوء، وليتسنى للمواطنين الاحتفال بعيد الاستقلال». وأضاف مسؤول: «الجيش الإسرائيلي استعد لمجموعة واسعة من السيناريوهات في احتفالات 70 عاماً على استقلال إسرائيل».
ووفق الصحيفة، فإن استعداد إسرائيل الحالي يتركز على رد مباشر من العسكريين الإيرانيين في سوريا، وليس من خلال ميليشيات شيعية مساندة للجيش السوري أو من قوات «حزب الله» اللبناني في سوريا.
وقالت «يديعوت»: «الإيرانيون في سوريا مستعدون للتصرف بمفردهم. سليماني على اتصال بعلي خامنئي، وقوة القدس تعمل تحت سلطة سليماني، وسلاح الجو الإيراني في سوريا يتضمن طائرات من دون طيار قتالية، وطائرات من دون طيار لجمع المعلومات الاستخباراتية، وجميعها مصممة لمواجهة العدو».
ثمة تقديرات عسكرية أخرى لردٍّ إيراني محتمل، يقوم على شن هجوم بصواريخ «أرض – أرض» قصيرة ومتوسطة المدى، تشمل صواريخ إيرانية من نوع «فتح 110»، و«فجر 5». وقد يتم استخدام صواريخ «شهاب» الباليستية بعيدة المدى التي يبلغ مداها 1300 كيلومتر.
وتعززت الشكوك الإسرائيلية حول رد إيراني، بعد تصريحات أطلقها الناطق بلسان وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، قال فيها، إن «إسرائيل ستتلقى الرد الضروري عاجلاً أم آجلاً»، مضيفاً: «الاعتداء على الأراضي السورية غير قانوني، وينبع من السياسات الإسرائيلية ضد المسلمين في المنطقة»، محذراً إسرائيل: «أيام الكر والفر قد ولّت».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.