مصر تتطلع لتسريع وتيرة النمو... ومستقبل ضبابي للبطالة

في البيان التمهيدي لموازنة العام الجديد

الحكومة المصرية تتطلع للتوسع في عدد الأسر المغطاة بالدعم النقدي
الحكومة المصرية تتطلع للتوسع في عدد الأسر المغطاة بالدعم النقدي
TT

مصر تتطلع لتسريع وتيرة النمو... ومستقبل ضبابي للبطالة

الحكومة المصرية تتطلع للتوسع في عدد الأسر المغطاة بالدعم النقدي
الحكومة المصرية تتطلع للتوسع في عدد الأسر المغطاة بالدعم النقدي

توقعت وزارة المالية المصرية تسارع وتيرة نمو الناتج الإجمالي خلال العام المالي المقبل، استكمالاً لموجة الانتعاش الاقتصادي التي تشهدها معدلات النمو منذ العام المالي 2015، لكن الحكومة لم تقدم توقعات واضحة بشأن دور هذا النمو في تقليص البطالة.
وقالت وزارة المالية في البيان المالي التمهيدي لعام 2018 – 2019، الذي صدر أول من أمس، إنها تتوقع أن يرتفع النمو في هذا العام من 5.2 في المائة إلى 5.8 في المائة.
وكانت معدلات النمو في مصر دخلت في موجة من التباطؤ منذ اندلاع ثورة يناير (كانون الثاني) 2011، حيث كانت تدور بين 2 - 3 في المائة قبل أن ترتفع فوق مستوى 4 في المائة بدءاً من العام المالي 2014 - 2015.
واستطاعت مصر أن تتجاوز الكثير من العوامل التي كانت تعوق النمو، ومن أبرزها أزمة نقص إمدادات الطاقة، وتراكم مستحقات شركات البترول الأجنبية التي لم تسددها الحكومة المصرية، علاوة على اتساع نطاق التعاملات في السوق السوداء للعملة المحلية.
وتخطت مصر تلك العقبات مع تبنيها برنامجاً للإصلاح الاقتصادي ساعدها على جذب تمويل دولي لتغطية نفقات أساسية وسداد المتأخرات، كما نفذت في إطار هذا البرنامج تعويماً قوياً للعملة في نوفمبر (تشرين الثاني) من 2016 ساعد البلاد على القضاء على السوق السوداء واستقرار العملة المحلية.
وتفاقمت معدلات البطالة وسط موجة التباطؤ الاقتصادي، لتصعد من 8.9 في المائة في الربع الأخير من 2010 إلى 11.9 في الربع الأول من العام التالي.
لكنها أخذت مساراً هبوطياً بالتزامن مع تحسن النمو، وانخفضت من 12 في المائة خلال الربع الأول من 2017 إلى 11.3 في المائة خلال الربع الأخير من العام نفسه.
إلا أن معدلات البطالة تظل مرتفعة نسبياً، مع بقائها فوق مستوى 10 في المائة، ولا تضع الحكومة مستهدفات واضحة لتقليصها خلال العام المالي المقبل؛ إذ تقول في البيان التمهيدي، إنها تستهدف أن تكون بين 10 - 11 في المائة.
- إجراءات تضخمية وإنفاق اجتماعي
وتؤكد الحكومة في البيان التمهيدي على مضيها في الإجراءات الهادفة لكبح النفقات العامة، حيث تتطلع إلى خفض العجز من 9.8 في المائة من الناتج متوقعة للعام المالي الحالي إلى 8.4 في المائة للعام المقبل.
وتساهم بعض تلك الإصلاحات في زيادة الضغوط التضخمية، وبخاصة ما يتعلق منها بتعديل أسعار بنود الطاقة لكي تقترب من التكلفة الفعلية، لكن الحكومة تتوقع خفض التضخم في 2018 - 2019 إلى 10 في المائة.
وتركز الحكومة بقوة على دعم السلع التموينية والتحويلات النقدية الموجهة للفئات الهشة كأحد إجراءات الوقاية من الضغوط الناتجة عن إجراءات كبح الإنفاق. وبحسب البيان التمهيدي، فإن دعم التموين سيزيد العام المقبل من 82.2 مليار جنيه إلى 86.2 مليار جنيه (نحو 4.8 مليار دولار)، وستبقى مخصصات التحويلات النقدية عند قيمتها نفسها (17.5 مليار جنيه)، لكن الحكومة تتعهد بزيادة عدد المستفيدين في تلك الفترة من 2.8 مليون أسرة إلى 3.2 مليون أسرة.
ومن اللافت في بيانات البيان التمهيدي للموازنة المقبلة، هو معدل النمو المرتفع نسبياً لميزانية الأجور الحكومية خلال العام المالي المقبل، بنسبة 10.8 في المائة، مقابل 6.3 في المائة لميزانية 2017 - 2018، وذلك رغم استمرار الحكومة في تطبيق قانون الخدمة المدنية، الذي سنّته في 2016 لكبح معدلات نمو الأجور، وإن كان البيان التمهيدي لا يعرض بشكل مفصل طبيعة الجهات المستفيدة من هذه الزيادات.
وتظل تكاليف الديون تلقي بثقلها على الميزانية المصرية، وتقتطع من فرص الإنفاق الاجتماعي والتنموي، حيث تتوقع وزارة المالية أن تنمو نفقات الفوائد في موازنة 2018 - 2019 بنحو 23.6 في المائة، وإن كانت وتيرة نمو هذه النفقات أقل نسبياً من معدل الزيادة في العام السابق الذي بلغ نحو 38.3 في المائة.
وبحسب توقعات وزارة المالية، ستتمكن الحكومة من النزول بنسبة دين أجهزة الموازنة للناتج الإجمالي عن مستوى 100 في المائة لتصل في نهاية العام المالي الحالي إلى 97 في المائة، لكنه يظل خفضاً محدوداً عن نسبة العام الماضي، بنحو 10 في المائة، وتأمل الحكومة في الوصول بهذه النسبة خلال العام المقبل إلى 91 في المائة.
- مخاطر الوضع الخارجي
واعتمدت مصر بقوة على استثمارات الأجانب في أذون الخزانة المحلية لجذب تدفقات العملة الصعبة وتحقيق استقرار في مؤشرات الاقتصاد الكلي، وهو ما زاد من نفقات الديون، وتقول المالية في البيان إن هذه الاستثمارات تضاعفت أكثر من عشرين ضِعفاً تقريباً لتصل إلى 23.1 مليار دولار في نهاية مارس (آذار) 2018، مقارنة بـ1.1 مليار دولار في يونيو (حزيران) 2016.
ودولياً، أصدرت مصر سندات دولية بقيمة 11 مليار دولار خلال الفترة من يناير 2017 حتى فبراير (شباط) 2018، وإن كانت تلك الإجراءات ساعدت البلاد على تحسين مؤشراتها الخارجية، حيث انخفض عجز الميزان التجاري بـ1.4 في المائة خلال يوليو (تموز) – ديسمبر (كانون الأول) من عام 2017 - 2018، مقارنة بالعامة السابق في ضوء زيادة حصيلة الصادرات غير البترولية بـ10 في المائة: «ومن المتوقع أن تساهم الإصلاحات المنفذة والزيادة المتوقعة في إنتاج الغاز الطبيعي إلى تحسن هيكلي بميزان المدفوعات»، كما تضيف المالية في البيان التمهيدي.
وتبلغ احتياجات مصر التمويلية في موازنة 2018 - 2019 نحو 714.637 مليار جنيه، منها 511.208 مليار جنيه في شكل أدوات دين محلية، والباقي تمويلات خارجية من إصدار سندات وقرض من صندوق النقد الدولي.
وتواجه البلاد مخاطر تفاقم التزاماتها الخارجية، حيث ارتفع الدين الخارجي لمصر إلى 82.9 مليار دولار في نهاية ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً لنشرة طرح السندات المصرية المقومة باليورو الأسبوع الماضي. لكن وزارة المالية تقول في البيان التمهيدي، إنها تستهدف رفع نسبة الاحتياطي من النقد الأجنبي إلى ما يتراوح بين ستة وثمانية أشهر من الواردات في السنة المالية 2018 – 2019، وهو ما يؤمّن قدرة الحكومة على تغطية احتياجات البلاد الأساسية.
وزاد احتياطي مصر من النقد الأجنبي إلى 42.611 مليار دولار في نهاية مارس من 42.524 مليار في فبراير.
- أسعار الفائدة
وتواجه البلاد أيضاً مخاطر تراجع السياسات النقدية التوسعية، التي تبنتها البلدان المتقدمة بعد الأزمة المالية وبدأت تتخارج منها مع الاقتراب من انتهاء تبعات هذه الأزمة، وتقول وزارة المالية، إن هذا التوجه في السياسات النقدية قد يضغط على الوضع المحلي، ويدفع أسعار الفائدة المصرية للارتفاع من 50 - 100 نقطة مئوية، وقد يترتب عليه نقص حجم المعروض من النقد الأجنبي والضغط على سعر الصرف.
وتوضح المالية «قد تؤدي السياسة النقدية التقشفية للإدارة الأميركية إلى تضييق أوضاع التمويل الخارجي في الوقت الذي تتجه فيه مصر لإصدار سندات بالعملة الأجنبية للوفاء باحتياجات تمويل العجز في الموازنة العامة ولتنويع مصادر التمويل»، مشيرة إلى أن زيادة متوسط أسعار الفائدة بـ1 في المائة خلال العام تؤدي إلى زيادة فاتورة خدمة دين أجهزة الموازنة بنحو 5 - 4 مليار جنيه في 2018 - 2019. وتمثل زيادة أسعار النفط العالمية تحدياً إضافياً أمام قدرة الحكومة على الالتزام بأهداف برنامجها الاقتصادي لكبح العجز، وبخاصة أنها رفعت سعر برميل النفط في موازنة 2018 - 2019 عند 67 دولاراً مقابل نحو 61 دولاراً متوقعاً في 2017 - 2018. وقالت وزارة المالية «في حالة زيادة سعر البرميل بنحو واحد دولار للبرميل فمن المتوقع أن يكون لذلك أثر مالي سلبي على العجز الكلي المستهدف».
ونقلت وكالة «رويترز» عن رضوى السويفي، رئيسة قسم البحوث في بنك الاستثمار فاروس، قولها «هناك مخاطرة في الموازنة، أنه مع زيادة أسعار النفط عن 67 دولاراً سيزيد العجز المستهدف من الحكومة». جدير بالذكر، أن البيان التمهيدي يختلف عن البيان المالي للموازنة العامة للدولة، وهو شرح مبسط لبرنامج الحكومة مع رصد لأهم التحديات المالية، واستعراض لأهم السياسات المالية والاقتصادية المقترحة، مقارنة بالبيان المالي الذي يعرض بشكل تفصيلي بنود وتفاصيل الموازنة على السلطة التشريعية.


مقالات ذات صلة

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد مقر البنك المركزي المصري بالعاصمة الإدارية الجديدة (رويترز)

تحويلات المصريين بالخارج زادت بأكثر من 100 % في سبتمبر

أظهرت بيانات البنك المركزي المصري، اليوم الاثنين، أن تحويلات المصريين بالخارج ارتفعت لأكثر من مثليها على أساس سنوي في سبتمبر (أيلول) الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

قال وزير البترول المصري كريم بدوي إن أعمال البحث والاستكشاف للغاز الطبيعي في البحر المتوسط مع الشركات العالمية «مبشرة للغاية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد ناقلة غاز طبيعي مسال تمر بجانب قوارب صغيرة (رويترز)

مصر تُجري محادثات لإبرام اتفاقيات طويلة الأجل لاستيراد الغاز المسال

تجري مصر محادثات مع شركات أميركية وأجنبية أخرى لشراء كميات من الغاز الطبيعي المسال عبر اتفاقيات طويلة الأجل، في تحول من الاعتماد على السوق الفورية الأكثر تكلفة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد سيدة تتسوق في إحدى أسواق القاهرة (رويترز)

«المركزي المصري» يجتمع الخميس والتضخم أمامه وخفض الفائدة الأميركية خلفه

بينما خفض الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي يدخل البنك المركزي المصري اجتماعه قبل الأخير في العام الحالي والأنظار تتجه نحو التضخم

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تقلبات اليورو تهدد الاستقرار العالمي

مسؤول في البنك المركزي النمساوي يتسلم أوراقاً نقدية جديدة من فئة 200 يورو (رويترز)
مسؤول في البنك المركزي النمساوي يتسلم أوراقاً نقدية جديدة من فئة 200 يورو (رويترز)
TT

تقلبات اليورو تهدد الاستقرار العالمي

مسؤول في البنك المركزي النمساوي يتسلم أوراقاً نقدية جديدة من فئة 200 يورو (رويترز)
مسؤول في البنك المركزي النمساوي يتسلم أوراقاً نقدية جديدة من فئة 200 يورو (رويترز)

مع اقتراب اليورو من أسوأ شهر له منذ أوائل 2022، يحذر المحللون من أن التقلبات الحادة في العملة قد تصبح المصدر القادم لعدم الاستقرار في الأسواق العالمية، خاصة بعد أن أحدثت تقلبات الين الياباني، في أغسطس (آب) الماضي، اضطرابات عبر الأصول المختلفة.

وانخفض اليورو بنحو 3.8 في المائة أمام الدولار، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وهو الآن يقترب من مستوى 1 دولار الرئيسي، تحت ضغط عدة عوامل تشمل خطط الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لفرض تعريفات تجارية، وضعف الاقتصاد في منطقة اليورو، وتصاعد النزاع بين روسيا وأوكرانيا. وفي الوقت نفسه، تسهم رهانات النمو الأميركي في تقوية الدولار والأسواق الأميركية، وفق «رويترز».

ورغم ذلك، يبقى المستثمرون والمتداولون في العملات منقسمين حول المسار القادم للعملة الأوروبية، حيث يُعدّ الدولار نفسه مهدَّداً بتداعيات التضخم الناجم عن التعريفات وزيادة الديون الحكومية التي قد تُزعزع الثقة في الأسواق والاقتصاد الأميركي.

وقد تتصاعد حالة عدم اليقين إذا استمر اليورو في التراجع، مما يزيد من احتمالية حدوث تحولات مفاجئة قد تؤدي إلى تأثيرات غير متوقعة على الاستراتيجيات الاستثمارية المرتبطة بسياسات ترمب، مثل تلك التي تراهن على انخفاض اليورو وارتفاع الأسهم الأميركية، وفقاً لما أشار إليه المحللون.

في هذا السياق، قال كيت جاكس، رئيس استراتيجية العملات الأجنبية في «سوسيتيه جنرال»: «نحن نشهد تقلبات هائلة، حيث بدأ المتداولون التساؤل: هل نتجاوز سعر صرف اليورو مقابل الدولار أم يعود إلى مستوياته السابقة؟». وأضاف: «الخلاصة هي أننا سنرى مزيداً من المناقشات الساخنة في كلا الاتجاهين بشأن اليورو، وأنا شخصياً لا أعتقد أن هذه الارتباطات العالية بين الأصول سوف تستمر».

وبدأت أزمة السوق، في أغسطس، بتقلبات الين مقابل الدولار، والتي فاجأت صناديق التحوط التي كانت تراهن ضد العملة اليابانية، وتحولت إلى بيع الأسهم لتمويل طلبات الهامش.

وحذّرت الجهات التنظيمية من أن الأسواق قد تصبح عرضة لمثل هذه الأحداث، عندما تتغير الروايات الاقتصادية بسرعة، وخاصة في ضوء المستويات العالية من الاستدانة في النظام.

وأضاف جاكس: «إذا تجاوزنا نقطة تكافؤ اليورو مع الدولار، فسنبدأ مواجهة المخاوف التي شهدناها من قبل في الأسواق».

التداعيات المحتملة

يُعد زوج اليورو/الدولار الأميركي هو الزوج الأكثر تداولاً في الأسواق العالمية. والتغيرات السريعة في سعر صرفه يمكن أن تعطل أرباح الشركات المتعددة الجنسيات، فضلاً عن التأثير على آفاق النمو والتضخم في البلدان التي تعتمد على استيراد أو تصدير السلع بالدولار.

وقال ثيموس فيوتاكيس، رئيس استراتيجية النقد الأجنبي في «باركليز»، إن «اليورو هو معيار رئيسي»، مما يعني أن الدول الحساسة للتجارة مثل الصين وكوريا الجنوبية وسويسرا قد تسمح لعملاتها بالضعف مقابل الدولار، إذا استمر اليورو في الانخفاض؛ من أجل الحفاظ على قدرة صادراتها على المنافسة مقابل منتجات منطقة اليورو.

وأشار فيوتاكيس إلى أن الجنيه البريطاني، الذي انخفض بنحو 2 في المائة أمام الدولار في نوفمبر ليصل إلى نحو 1.26 دولار، سيكون حساساً جداً تجاه أي تقلبات في تحركات اليورو.

وأصبحت الأسواق أيضاً أكثر حساسية لتحركات اليورو/الدولار، بعد أن لاحظ خبراء استراتيجيات العملة تدفقاً من المتداولين على عقود الخيارات التي تجمع الرهانات على النتائج المرتبطة بسياسات ترمب، مثل ضعف اليورو، وارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز».

وقال فيوتاكيس: «لقد رأينا كثيراً من المستثمرين يحاولون الاستثمار في هذه النتائج المشروطة»، منوهاً بالارتباطات بين تحركات العملة والأسواق الأوسع.

انقسام الآراء بشأن المستقبل

في الوقت نفسه، يبدو أن مديري الأصول على المدى الطويل منقسمون بشكل كبير بشأن الاتجاه المستقبلي لليورو والدولار، مما يشير إلى أن هذا الزوج من العملات قد يشهد تقلبات ملحوظة في الأشهر المقبلة.

وقال ويليم سيلز، كبير مسؤولي الاستثمار في وحدة الخدمات المصرفية الخاصة والثروات ببنك «إتش إس بي سي»: «نتوقع أن يهبط اليورو إلى 99 سنتاً، بحلول منتصف العام المقبل».

في المقابل، اقترح كبير مسؤولي الاستثمار في «أموندي»، أكبر مدير للأصول في أوروبا، فينسنت مورتييه، أن انخفاض أسعار الفائدة في منطقة اليورو قد يعزز النشاط الاقتصادي والإنفاق الاستهلاكي، وهو ما قد يساعد في رفع اليورو إلى 1.16 دولار، بحلول أواخر عام 2025.

وفي سوق خيارات العملة السريعة، كان المتداولون في أواخر يوم الثلاثاء يقدّرون احتمالات بنسبة 56 في المائة بأن ينتهي العام باستعادة اليورو بعض الأرض فوق مستواه الحالي عند نحو 1.047 دولار، على الرغم من أن البنوك الكبرى، مثل «جيه بي مورغان»، و«دويتشه بنك»، قالت إن التحرك إلى دولار واحد قد يحدث، خاصة إذا كان مرتبطاً بمزيد من التعريفات الجمركية.

وقد أدى ازدياد الرهانات على أن البنك المركزي الأوروبي سيخفض أسعار الفائدة بنصف نقطة مئوية إلى 2.75 في المائة، الشهر المقبل، إلى إضعاف اليورو بشكل كبير.

لكن الرواية السائدة بأن سياسات ترمب الاقتصادية، مثل ارتفاع التضخم الناجم عن الرسوم الجمركية، سوف تُبقي أسعار الفائدة مرتفعة والدولار قوياً، بدأت تتعرض لبعض الضغوط.

في هذا السياق، قال ستيفن جين، الرئيس التنفيذي لشركة «يوريزون إس جيه إل كابيتال»، إن الولايات المتحدة قد تواجه ما يسمى «لحظة يقظة السندات»، إذا قام المقرضون في سوق سندات الخزانة الأميركية التي تبلغ قيمتها 27 تريليون دولار، برفع تكلفة الديون؛ في محاولة للحد من التخفيضات الضريبية المموَّلة بالديون المفرطة. وأضاف: «من المحتمل أن يسمح هذا بالتيسير المالي، مما يسمح بهبوط هادئ للاقتصاد الأميركي، وخفض أسعار الفائدة طويلة الأجل، ومن ثم جعل الدولار مُبالغاً في قيمته».