تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

طرح برنامج عمل من 7 نقاط لتقليل المخاطر المالية

أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023 بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة العربية، في حين ارتفعت القيمة الحقيقية للناتج المحلي الإجمالي الإقليمي بنحو 791 مليار دولار.

وأوضح تقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، بعنوان: «آفاق الدين والمالية العامة للمنطقة العربية»، أن تكلفة الاقتراض من السوق ظلّت أعلى من 5 في المائة، بالنسبة إلى الديون بالعملات المحلية والأجنبية في البلدان متوسطة الدخل، في حين ظلّ النمو الاقتصادي دون 3 في المائة.

وأظهر التقرير، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية متوسطة الدخل، استحوذت على أكثر من 15 في المائة من الإيرادات العامة في عام 2023، مقارنةً بنحو 7 في المائة خلال عام 2010، وبلغت رقماً قياسياً هو 40 مليار دولار في عام 2024.

ويقدّم التقرير نظرة شاملة على مختلف التدفقات المالية، بما فيها الديون والموارد المحلية والأدوات التمويلية المبتكرة الجديدة، وأشار هنا إلى أن البلدان منخفضة الدخل تجاوزت خدمة الدين لديها المليار دولار خلال عامي 2023-2024.

وعلّقت الأمينة التنفيذية لـ«الإسكوا»، رولا دشتي، على التقرير قائلة، إن الاختلافات في أسعار الفائدة على ديون السوق تشير إلى وجود مجال كبير للتوفير، مضيفة أنه «في عام 2023، كان بإمكان البلدان العربية متوسطة الدخل الاحتفاظ بأكثر من 1.8 مليار دولار من مدفوعات الفائدة على ديون السوق إذا طُبِّق متوسط سعر الفائدة لاقتصادات الأسواق الناشئة على مستوى العالم».

الإيرادات العامة

ويَرد في التقرير أن إجمالي الإيرادات العامة في المنطقة في المتوسط بلغ 32 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، مقارنة بنسبة 26.5 في المائة في المتوسط لاقتصادات الأسواق الناشئة، و35.5 في المائة للاقتصادات المتقدمة.

وأوضحت رولا دشتي، أنه إذا زادت البلدان العربية متوسطة الدخل حصة ضرائب الدخل الشخصي وضرائب الشركات إلى 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو المتوسط بالنسبة إلى البلدان متوسطة الدخل على مستوى العالم، يمكنها توليد 14 مليار دولار إضافية، وتوزيع الأعباء الضريبية بشكل أكثر إنصافاً.

بالإضافة إلى تحسين تحصيل الضرائب، أبرز التقرير أنه يمكن توفير أكثر من 120 مليار دولار سنوياً في الحيز المالي الإضافي في البلدان العربية من خلال: توفير 100 مليار دولار بواسطة زيادة كفاءة الإنفاق (بنسبة 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي)، فضلاً عن توفير 4 مليارات دولار في مدفوعات الفائدة في ديون السوق (على أساس حدٍّ أدنى لسعر الفائدة مع معاملة الأقران بالتساوي في عام 2023)، وتوفير 2.5 مليار دولار في خدمة الديون الناتجة عن مقايضتها (بنسبة 25 في المائة من خدمة الدين الثنائي في عام 2024)، فضلاً عن توفير 122 مليون دولار في مدفوعات الفائدة عن طريق زيادة حصة الديون الميسرة من الدائنين الرسميين، وتحقيق 127 مليون دولار علاوة خضراء من أدوات التمويل المبتكرة.

برنامج عمل

يطرح التقرير برنامج عمل قابلًا للتنفيذ، يتضمّن استراتيجيات ثلاث؛ هي: تحسين حافظات الديون، وتعزيز كفاءة أُطُر الإيرادات والنفقات العامة، وزيادة استخدام آليات التمويل المبتكرة وأُطُر التمويل المستدام.

واقترح التقرير برنامج عمل مكوناً من 7 نقاط، تمثّلت في:

- تحسين حافظات الديون من خلال الإدارة الحصيفة لها.

- تعزيز القدرة المؤسسية على إدارة الديون.

- تحسين السيولة والتمويل الميسر من خلال إصلاح النظام المالي الدولي.

- تشجيع أدوات التمويل المبتكرة من أجل التنمية المستدامة.

- تحسين الكفاءة في تعبئة الموارد المحلية لتحقيق أقصى قدر من الإيرادات.

- تحسين كفاءة الإنفاق العام لزيادة فاعلية الإنفاق.

- معالجة نقاط الضعف المتعلقة بالديون في البلدان العربية المتأثرة بالصراعات والبلدان منخفضة الدخل.


مقالات ذات صلة

المديفر: منطقة البحر الأحمر فرصة استثمارية واعدة لقطاع التعدين

الاقتصاد وزير البترول والثروة المعدنية المصري كريم بدوي خلال استقباله خالد المديفر نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي (وزارة البترول المصرية)

المديفر: منطقة البحر الأحمر فرصة استثمارية واعدة لقطاع التعدين

قال خالد بن صالح المديفر، نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون التعدين بالسعودية، إن منطقة البحر الأحمر تمثل فرصة استثمارية واعدة قد تسهم بجذب الاستثمارات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أبراج ومؤسسات مالية على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

«صندوق النقد»: مصر حققت تقدماً متفاوتاً في الإصلاحات الاقتصادية

قال صندوق النقد الدولي إن مصر حققت تقدماً متفاوتاً في الإصلاحات الهيكلية المنصوص عليها في اتفاق قرض موسع قيمته 8 مليارات دولار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد رئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس يتحدث لمستثمرين أتراك بعد وضع حجر أساس مصنع «حياة إيجيبت» (رئاسة مجلس الوزراء المصري)

مصر: 18 شركة تركية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس باستثمارات 794 مليون دولار

بلغ عدد الشركات التركية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس 18 شركة في قطاعات متنوعة أبرزها الملابس الجاهزة والمنتجات الصحية، باستثمارات 794 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد امرأة تتسوق في أحد المتاجر بالعاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

تراجع التضخم في مصر إلى 14.9 % خلال يونيو

انخفض التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية إلى 14.9 في المائة خلال يونيو من 16.8 في المائة خلال مايو. وهذا أول تراجع بعد 3 أشهر متتالية من الارتفاع.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مقر البنك المركزي المصري بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

«المركزي المصري» يمد ساعات العمل للبنوك المحلية... ويضاعف حدود السحب اليومي

أعلن البنك المركزي المصري، مد ساعات العمل ببعض فروع البنوك العاملة في مصر، لتوفير الخدمات البنكية، التي تشهد تباطأ ملحوظاً جراء انقطاع خدمات الإنترنت.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«بنك إنجلترا» يختبر استعداد المصارف لصدمات الدولار

مقر بنك إنجلترا في لندن (رويترز)
مقر بنك إنجلترا في لندن (رويترز)
TT

«بنك إنجلترا» يختبر استعداد المصارف لصدمات الدولار

مقر بنك إنجلترا في لندن (رويترز)
مقر بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

طلب بنك إنجلترا من بعض المقرضين اختبار قدرتهم على التكيف مع صدمات محتملة في الدولار الأميركي، حسب ثلاثة مصادر مطلعة، في أحدث مؤشر على تآكل الثقة في الولايات المتحدة بوصفها مصدراً للاستقرار المالي بسبب سياسات إدارة ترمب.

ويُعتبر الدولار الأميركي العملة الرائدة للتجارة العالمية وتدفقات رؤوس الأموال، وهو شريان الحياة للتمويل العالمي.

ومع ذلك، أجبرت سياسات الرئيس دونالد ترمب التي تنحرف عن السياسة الأميركية طويلة الأمد في مجالات مثل التجارة الحرة والدفاع، صانعي السياسات على إعادة التفكير فيما إذا كان يمكن الاعتماد على توفير الدولار في الأوقات الطارئة خلال أزمات مالية.

وفي حين قال «الاحتياطي الفيدرالي» إنه يرغب في الاستمرار بتوفير الدولار في النظام المالي، دفعت تحولات سياسة ترمب الحلفاء الأوروبيين إلى إعادة تقييم اعتمادهم على واشنطن.

وبعد مطالب مماثلة من الجهات التنظيمية الأوروبية، طلب بنك إنجلترا، الذي يشرف على البنوك في مركز لندن المالي «سيتي»، من بعض المقرضين، تقييم خطط تمويلهم بالدولار ومدى اعتمادهم على العملة الأميركية، بما في ذلك للاحتياجات قصيرة الأجل، وفقاً لأحد المطلعين على الأمر الذي تحدث لـ «رويترز».

وفي حالة واحدة، طُلب من بنك عالمي مقره بريطانيا خلال الأسابيع الأخيرة إجراء اختبارات إجهاد داخلية، تضمنت سيناريوهات محتملة لانقطاع سوق مبادلات الدولار الأميركي بالكامل، بحسب مصدر آخر.

وقال جون كرونين، المحلل في شركة «سي بوينت إنسايتس»: «هذا يعكس نموذجاً جديداً يبدو فيه أن الثقة في التعاون الدولي تنهار».

وأوضحت هيئة التنظيم الاحترازي، وهي الجهة المشرفة على بنك إنجلترا، أنها وجهت هذه الطلبات إلى بنوك فردية، حسب مصدر مطلع. وقد طلب جميع الأشخاص المطلعين على هذه الطلبات من «رويترز» عدم الكشف عن هويتهم بسبب خصوصية المناقشات مع بنك إنجلترا.

وأشار أحد المصادر إلى أنه لا يوجد بنك يمكنه تحمل صدمة كبيرة في إمدادات الدولار لأكثر من بضعة أيام، نظراً لهيمنة العملة على النظام المالي العالمي واعتماد المقرضين الكبير عليها.

وفي حال أصبح الاقتراض بالدولار أكثر صعوبة وكلفة بالنسبة للبنوك، فقد يعيق ذلك قدرتها على تلبية طلبات السيولة النقدية. وفي النهاية، قد تعجز البنوك عن تلبية طلبات المودعين، مما يُقوّض الثقة ويؤدي إلى مزيد من عمليات السحب.

ورغم أن هذا السيناريو يُعتبر شديداً ونادر الحدوث، فإن الجهات التنظيمية والبنوك لم تعد تأخذ إمكانية الوصول إلى الدولار أمراً مُسلّماً به.

تعرض التمويل بالدولار وضعف محتمل

تمتلك البنوك العالمية تعرضاً كبيراً للدولار في ميزانياتها، مما يجعلها عرضة لصدمات التمويل المحتملة. وتثير الانتقادات المتكررة التي يوجهها ترمب لرئيس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، بالإضافة إلى تقارير عن احتمال إقالته، مخاوف من فقدان استقلالية البنك المركزي وتأثير ذلك على الدولار.

ويُعد سوق المبادلات الدولارية متعدد التريليونات جزءاً حيوياً من النظام المالي الدولي، حيث تستخدمه شركات كثيرة، من بينها البنوك، لتبادل عملات أخرى مقابل الدولار لإدارة احتياجات السيولة عبر شبكاتها العالمية.

جانب من «السيتي»، الحي المالي في لندن (رويترز)

ووفق دراسة صادرة عن بنك التسويات الدولية، بلغت القيمة الاسمية لمشتقات العملات العالمية بنهاية 2024 نحو 130 تريليون دولار، منها 90 في المائة مرتبطة بالدولار الأميركي. ويشهد السوق يومياً ما يقارب 4 تريليونات دولار في عقود مبادلات العملات الأجنبية الجديدة.

ويمكن للبنوك العالمية اللجوء إلى ودائع الدولار الأميركية لتغطية النقص المؤقت، بحسب أحد المصادر. لكن الجهات التنظيمية لا تزال تشعر بالقلق من تعرض البنوك الدولية لمخاطر الدولار، وفقاً لأحد المطلعين.

وسلطت أزمة 2008 المالية الضوء على مدى حاجة البنوك إلى تجديد مئات المليارات من الالتزامات المالية قصيرة الأجل بالدولار أسبوعياً، حسب روبرت ماكاولي، المستشار السابق في بنك التسويات الدولية والمسؤول السابق في بنك «الاحتياطي الفيدرالي» في نيويورك.

وقال: «قلصت البنوك البريطانية والقارية من حجم تعاملاتها بالدولار منذ ذلك الحين، لكن تعرضها لانقطاع تمويل الدولار ما زال قائماً».

وأخبر أحد المصادر «رويترز» أن قادة البنوك قلقون بشكل خاص من إمكانية دعم «الاحتياطي الفيدرالي» لبنك أجنبي متوسط الحجم إذا واجه مشاكل نقص في الدولار، وهو دعم كان يُعتبر مضموناً في السابق.

ويمتلك «الاحتياطي الفيدرالي» تسهيلات إقراض مع البنك المركزي الأوروبي، وبنك إنجلترا، وغيرها من البنوك المركزية الكبرى لتخفيف نقص العملة الاحتياطية العالمية ومنع انتقال التوترات المالية إلى الولايات المتحدة.

لكن المسؤولين المصرفيين والمشرفين الأوروبيين يشككون منذ أشهر عدة في مدى اعتمادهم على «الاحتياطي الفيدرالي»، حسبما أوردت «رويترز» سابقاً.

وطالبت الجهات الرقابية في البنك المركزي الأوروبي بعض البنوك في المنطقة مؤخراً بتقييم حاجتها إلى الدولار الأميركي في أوقات الأزمات، بينما حذرت البنك الوطني السويسري في يونيو (حزيران) من نقص محتمل في السيولة بالعملات الأجنبية.

وسبق لبنك إنجلترا أن طلب من البنوك كيفية ضمان توفير الدولار أثناء فترات التوتر، مثل الفحص الشامل لعام 2019 على سيولة البنوك أثناء أزمة.

ولم تتمكن «رويترز» من تحديد ما إذا كانت صدمات الدولار ستكون جزءاً من اختبار الإجهاد الصناعي الذي يجريه بنك إنجلترا كل عامين، والذي من المتوقع صدور نتائجه في وقت لاحق من 2025.