مهرجان «كناوة» في الصويرة يضع جيل الشباب تحت الأضواء

الفنان حميد القصري
الفنان حميد القصري
TT

مهرجان «كناوة» في الصويرة يضع جيل الشباب تحت الأضواء

الفنان حميد القصري
الفنان حميد القصري

للاحتفال بدورته الـ21، يضع «مهرجان كناوة وموسيقى العالم»، بالصويرة، جيل الشباب تحت الأضواء، مركزاً اهتمامه على كثير من المعلمين الشباب، بشكل يمكن من فرصة ضمان الخلف في الفن الكناوي.
ويقول المنظمون إن المهرجان يقترح، في دورة هذه السنة، التي تنظم ما بين 21 و23 يونيو (حزيران) المقبل، حفلات غير مسبوقة، ومزجاً موسيقياً، ولقاءات، ولحظات من الموسيقى والمشاركة.
ومع «كناوة جيل الغد»، يفكر المهرجان، حسب بيان للمنظمين، في جيل وقوة الشباب المبدع، إذ بعد انطلاق «أولاد موغادور ميوزيك أكشن»، الذي يستمد مواهبه من الصويرة، يسمح «كناوة جيل الغد» بالعرض على منصة مولاي الحسن بالمدينة برؤية ومشروع ومسيرة فنية. ويشدد المنظمون على أن جوهر استراتيجية المهرجان، الذي انطلق سنة 1998، يتجلى في كون «الشباب والاهتمام بنقل التراث، أمرا بالغ الأهمية»؛ وأن هذا ما يحاول المهرجان أن يثبته، مرة أخرى، هذا العام، من خلال التركيز على حسام غينيا، الذي يسعى، بعد وفاة والده، المعلم الأسطورة محمود غينيا، ليظهر للعالم أنه يستحق تراثه مع مزج فني عميق. وسوف يلعب الموسيقي الشاب إلى جانب كل من النجم الجديد للجاز الإنجليزي، عازف الساكسفون شبكا هتشينز، وعازف الغيتار والباس الفرنسي من أصل فيتنامي، نجويان لو، وعازف البيانو والناي المهووس بالموسيقى المغاربية ديفيد أوبايل، والفنان الواعد عمر بركاوي الذي يعتبر واحداً من أكثر عازفي الطبول المغاربة موهبة بين أبناء جيله.
أكثر من هذا، يقول المنظمون، إنه سيقوم المهرجان بإنتاج ألبوم يضم أغاني من ريبيرتوار «كناوة» الصويرة، من قبل المدير الفني للمهرجان، لاعب الطبول وسيد المزج كريم زياد. وهو ألبوم يحتوي على مقطوعتين للاندماج سيتم إجراؤهما خلال الدورة الـ21.
كما يقدم المعلم عبد السلام عليكان، المدير الفني للمهرجان ومدرب الجيل القادم، حفلات كل يوم حول ثلاث مدارس: مدرسة الدار البيضاء التي تجمع بين إسماعيل رحيل وإبراهيم حمام وخالد سانسي؛ ومدرسة مراكش التي تجمع مولاي الطيب الذهبي وطارق إيت حميتي وهشام مرشان؛ ومدرسة الصويرة المكونة من سعيد بولحيماس وعبد المالك القادري ومحمد بومزوغ. كما يقترح موعد «كناوة جيل الغد» ثلاث مدارس وثلاثة من معلمي المستقبل على المنصة، كل يوم، من أجل إعطاء هذه المواهب الواعدة فرصة التألق وتأكيد قيمتها في السنوات المقبلة.
وبهذا، يواصل المهرجان، بمبادرته في الرفع من تراث «تاكناويت» وتعزيز مكانة المعلمين والموسيقيين الكناويين، والدفاع عن موسيقى الأجداد التي يتبناها الشباب بفخر مثل جمعية «يرما كناوة»، صون وتعزيز التراث غير المادي للكناويين. يشار إلى أن دورة هذه السنة ستنطلق بحفل افتتاح تنشطه فرقة سناركي بابي، على منصة مولاي الحسن، من خلال مزج موسيقي مع المعلم حميد القصري.
ويعد المنظمون بـ«متعة ستكون حتماً في الموعد»، من خلال «برمجة غنية تعد بلحظات جميلة من الموسيقى والمشاركة».
وشهد مهرجان الصويرة، الذي يحتفل بالموسيقى، اللقاء بين إيقاعات «كناوة» والموسيقى العالمية، منذ أكثر من 20 عاماً، حيث استضاف أعظم الفنانين على الساحة الدولية.
ويشدد المنظمون على أن المهرجان «يسلط الضوء على لقاءات المزج بين المعلمين ونجوم الجاز ويمنح لحظات قوية من الارتجال الموسيقي».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».