موسكو تهدئ مع تل أبيب وتحذر واشنطن

لافروف يطلب من أنقرة تسليم عفرين إلى دمشق

TT

موسكو تهدئ مع تل أبيب وتحذر واشنطن

أعربت موسكو عن «قلق» بسبب الضربات العسكرية الإسرائيلية على مطار «تيفور» قرب حمص، ووصفت الوضع في سوريا بأنه «خطر للغاية» بسبب تداخل نشاط اللاعبين الخارجيين، وأكدت أنها تجري اتصالات عبر قنوات وزارتي الدفاع والخارجية لمعرفة تفاصيل إضافية. لكنها صعدت من لهجتها في المقابل حيال ضربات غربية محتملة على خلفية اتهامات النظام بشن هجوم كيماوي في الغوطة الشرقية، ولوح وزير الخارجية سيرغي لافروف بأن لدى بلاده «التزامات تجاه دمشق» في إشارة تحذيرية غير مسبوقة للغرب.
وتداخلت التطورات المتسارعة أمس، عشية مناقشات الجلسة الطارئة لمجلس الأمن المخصصة لبحث الوضع بعد الهجوم الكيماوي الجديد في الغوطة وسط توقعات بمواجهة روسية غربية قوية.
وفيما كانت موسكو تستعد لمواجهة تداعيات الوضع في الغوطة، جاءت الضربة العسكرية الإسرائيلية على مطار «تيفور» لتربك الروس الذين تحدثوا في البداية صباح أمس عن احتمال أن تكون الضربة منسقة مع واشنطن، ما دفع إلى ترجيح أنها تأتي في سياق الرد الأميركي على استخدام الكيماوي، قبل أن تصدر وزارة الدفاع الروسية بيانا تفصيليا أوضحت فيه معطيات عن الهجوم الصاروخي وكشفت أن سلاح الجو الإسرائيلي شن الهجوم مستخدما مقاتلتين حربيتين من طراز «F - 15 قامتا بقصف قاعدة «تيفور» العسكرية السورية شرقي محافظة حمص بـ8 صورايخ جو - أرض، من الأجواء اللبنانية ومن دون أن تدخل في المجال الجوي السوري.
وأوضح البيان أن قوات الدفاع الجوي التابعة للجيش السوري قامت بتدمير 5 صواريخ من أصل ثمانية، مشيرا إلى أن الصواريخ الثلاثة الأخرى سقطت في الجزء الغربي من قاعدة «تيفور» العسكرية، لافتا إلى عدم وجود خسائر في صفوف العسكريين أو المستشارين الروس العاملين في المنطقة. وسارعت موسكو إلى «طلب توضيحات عاجلة» عبر قنوات وزارتي الدفاع والخارجية من إسرائيل. وقال النائب الأول لرئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الفيدرالية (الشيوخ) الروسي فلاديمير جباروف بأن موسكو طلبت معلومات عن أسباب شن الهجوم، موضحا أنه على خلفية تصاعد التوتر والتوقعات بشن هجوم أميركي: «نحن بحاجة إلى فهم ما الذي دفع إسرائيل إلى اتخاذ مثل هذه الخطوة، هل هو الضغط عليها من الخارج، أم أنه كان قرارها المستقل».
وأعرب الكرملين في وقت لاحق عن قلق بسبب الغارات الإسرائيلية الجديدة، وقال المناطق باسمه ديمتري بيسكوف بأن موسكو تجري اتصالات مع تل أبيب عبر القنوات المناسبة، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «لم يجرِ بعد مشاورات مع الجانب الإسرائيلي بهذا الخصوص». لكنه لفت إلى مكالمة هاتفية أجراها بوتين مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان حول التطورات المتلاحقة للوضع في سوريا وخصوصا الوضع في الغوطة الشرقية. وفي مقابل اللهجة الهادئة نسبيا في التعامل مع الضربة الإسرائيلية حملت ردود الفعل الروسية على التلويح الأميركي باستخدام القوة لهجة أكثر حزما. وشدد بيسكوف على أن «المزاعم عن استخدام الجيش السوري السلاح الكيماوي في مدينة دوما بغوطة دمشق الشرقية مجرد استفزاز»، مشيرا إلى أن بوتين ووزارة الدفاع الروسية سبق أن حذرا من تحضيرات للقيام باستفزازات كهذه لتبرير تدخل عسكري. وأكد الناطق ضرورة إجراء تحقيق مفصل فيما حدث، مضيفا أنه من «الخطأ والخطير» استخلاص أي استنتاجات في المرحلة الراهنة، دون الحصول على معلومات كافية عن الحادث.
وانسحبت اللهجة ذاتها على تعليقات لافروف الذي رأى أن الضربة الإسرائيلية «خطرة في ظل وجود لاعبين لم يستدعهم أحد إلى سوريا، ولديهم أهداف معلنة وأخرى غير معلنة» متجنبا توجيه انتقاد إلى الجانب الإسرائيلي.
في المقابل، شدد لافروف على نفي صحة رواية استخدام الكيماوي في الغوطة، وزاد أن «ما شاهدناه في الصور التي تظهر المصابين، وكيفية علاجهم من قبل أشخاص غير محميين، ولم يصابوا، يذكرنا بلقطات مفبركة سابقة بثها من يعرفون بأصحاب الخوذ البيض». وأضاف: «إن ما وقع هدفه القيام بحملة شاملة تستهدف الحكومة السورية، وكذلك موسكو وإيران، نظرا لأننا ندعمها». وتساءل وزير الخارجية الروسي: «كيف استطاع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، بهذه السرعة، تبادل الأدلة على استخدام الرئيس السوري بشار الأسد للأسلحة الكيماوية»، مشددا على أن الخبراء الروس وممثلي الهلال الأحمر السوري لم يجدوا هناك أي أثر لاستخدام الكلور وأي غازات أخرى.
وفي تلويح غير مسبوق، قال لافروف «إن عسكريينا ردوا على هذه التهديدات (الأميركية) بالفعل بأنه لدينا التزامات مع الحكومة السورية الشرعية، ونحن موجودون في هذا البلد بطلب من دولة عضو في منظمة الأمم المتحدة».
وردا على سؤال صحافيين حول الوضع في عفرين، أكد لافروف أنه «سيتعين على تركيا تسليم هذه المنطقة للسلطات السورية»، مشيرا إلى أن قضية عفرين تمت مناقشتها خلال القمة الثلاثية الروسية–التركية–الإيرانية في أنقرة.
وأوضح أنه جرى بحث القضية في سياق الموقف الذي أعلنه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أي «في الوقت الذي بدأت فيه الولايات المتحدة باللعب مع الفصائل الكردية بشأن إقامة حزام أمني على الحدود مع العراق، رأى الرئيس إردوغان في هذه الخطط خطرا على المصالح الأمنية التركية». وزاد لافروف أن إردوغان «لم يعلن أبدا أن تركيا تريد احتلال عفرين. ونحن ننطلق دائما من أن السبيل الأسهل لتطبيع الوضع في عفرين هو إعادة المنطقة لسيطرة الحكومة السورية».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».