لماذا ما زالت أم كلثوم تبهر جمهورها؟

سؤال مجلة فرنسية بمناسبة معرض عن الموسيقى العربية في باريس

لوحة لكوكب الشرق أم كلثوم في المعرض
لوحة لكوكب الشرق أم كلثوم في المعرض
TT

لماذا ما زالت أم كلثوم تبهر جمهورها؟

لوحة لكوكب الشرق أم كلثوم في المعرض
لوحة لكوكب الشرق أم كلثوم في المعرض

لو أردنا أن نصف الربيع الباريسي الحالي لأمكن القول، دون مبالغة، إنه ربيع عربي. فهناك حالياً 3 فعاليات ثقافية كبرى تستقطب الجمهور في العاصمة الفرنسية: الأولى هي معرض وندوات «بغداد حبيبتي» في معهد ثقافات الإسلام، والثانية ملحمة قناة السويس في معهد العالم العربي، والثالثة هذا المعرض الأول من نوعه في فرنسا عن الموسيقى العربية، ويقام في «فيلاهارموني دو باري»؛ المؤسسة الثقافية الواقعة في مدينة الموسيقى.
والمعرض الأخير فتح أبوابه هذا الأسبوع، ويستمر حتى أواسط أغسطس (آب). وقد اختيرت صورة للمطربة المصرية أم كلثوم عنواناً له، وهو ما حرض محرر مجلة «تيليراما» الواسعة الانتشار على نشر تقرير عن السر الذي يجعل الجمهور العربي مفتوناً بالسيدة التي لقبت بـ«كوكب الشرق»، رغم مرور أكثر من 4 عقود على رحيلها. وهناك في المعرض مجموعة من اللوحات المرسومة لها، وكذلك ملصقات أفلامها، وعدد من ملصقات الأفلام الاستعراضية الشهيرة التي جرى تصويرها في ستوديوهات القاهرة، في النصف الأول من القرن الماضي. لا شك أن استضافة مدينة الموسيقى في باريس لمعرض عن الموسيقى العربية (مزيكا) هي حدث جميل ينتظره الفرنسيون المعروف عنهم ميلهم إلى فنون الشعوب الأخرى، ويتشوق له أيضاً المئات من أبناء المهاجرين الذين فتحوا أعينهم على أجهزة التسجيل في البيوت العائلية وهي تدور بأشرطة غنائية جاء بها الآباء من الموطن الأصل. واليوم، بعد انتشار الفضائيات وقنوات الأفلام الكلاسيكية، لم تعد أسماء أم كلثوم وشادية وصباح وفيروز وفريد وعبد الحليم غريبة على أبناء الجيلين الثاني والثالث منهم. ومع دخولها مدينة الموسيقى، لم تعد تلك الأسماء محصورة في شقق الضواحي وبرامج الإذاعات الموجهة للجاليات، بل أخذت الموقع الذي تستحق، لا سيما عندما يستفيض دليل المعرض في شرح خصائص الموسيقى العربية التي تلفت أنظار المهتمين بأمرين: الأول ثراء تراثها القديم غير المعروف في الخارج، والثاني الإبداع الغزير لفنانين معاصرين ينتمون إلى 22 بلداً تشكل العالم العربي. نقرأ في الدليل أن هذا المعرض يدعو زائره لأن يخوض جولة سمعية بصرية تبدأ من عصر الجاهلية إلى يومنا هذا، مروراً بزرياب في الأندلس، والعصر الذهبي للموسيقى المصرية مع كوكب الشرق أم كلثوم، وصولاً للموسيقى الإلكترونية و«البوب» و«الراب»، التي نزلت إلى الشوارع في الانتفاضات التي جرت في أكثر من بلد عربي خلال السنوات القليلة الماضية. وقد تم تصميم المعرض على أنه رحلة استكشافية واسعة للأنماط الموسيقية في العالم العربي، التراثية منها أو المعاصرة، الدينية أو الدنيوية، الشعبية أو الراقية، وذلك بفضل ديكورات تجعل الزائر ينغمس في جو الصحراء، أو في رحاب حديقة أندلسية، أو في إحدى دور السينما بمصر، أو زاوية من زوايا التصوّف الأفريقية، أو مقهى في حي باربيس الشعبي بباريس، أو وسط ساحة عامة مكتظة بالمارّة في عاصمة من عواصم العرب. للوصول إلى جمهور عريض، يضع المعرض عدداً من العلامات الضرورية للاطلاع وتعميق المعارف، والتخلّص من الصور النمطية، وذلك بفضل المعروضات المسليّة والأنشطة التفاعلية، إذ يمكن للزائر مثلاً أن يتعّلم كتابة اسمه بالعربية، أو أن يكتشف رنة العود أو إيقاع الطبلة بالمشاركة الافتراضية بإحدى الفرق الموسيقية الشعبية، فضلاً عن أن المعرض يحتفي بجمال الخط واللسان العربيين، ومنه اعتماده للغتين الفرنسية والعربية في آن، وهو أمر نادر في هذا النوع من الفعاليات.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».