بنوك أميركا خرجت من الأزمة المالية بضعف أرباح نظيرتها الأوروبية

بحسب دراسة لـ«إرنست آند يونغ»

بنوك أميركا خرجت من الأزمة المالية بضعف أرباح نظيرتها الأوروبية
TT

بنوك أميركا خرجت من الأزمة المالية بضعف أرباح نظيرتها الأوروبية

بنوك أميركا خرجت من الأزمة المالية بضعف أرباح نظيرتها الأوروبية

رصدت دراسة حديثة لشركة إرنست آند يونغ الفارق الكبير في الأرباح المحققة بين البنوك الأوروبية والأميركية بعد مرور عقد على الأزمة المالية العالمية، وهو ما يرجعه مراقبون إلى اختلاف طريقة تعامل كل من العملاقين الاقتصاديين مع هذه الأزمة.
وتقول «إرنست آند يونغ» إنه في نهاية 2017 تبدو القيمة السوقية لأكبر عشرة بنوك أوروبية أقل بكثير من نظيرتها الأميركية، حيث وصلت قيمة رأس المال السوقي للمؤسسات الأوروبية إلى 632 مليار يورو، بينما كانت قيمة الأميركية بنحو الضعف.
وكان أكثر البنوك قيمة بالولايات المتحدة في نهاية 2017 بنك جي بي مورغان شاس، برأسمال سوقي 309 مليارات يورو، يتبعه بنك أوف أميركا وويلز فارغو، وفي أوروبا كان بنك إتش إس بي سي البريطاني هو الأعلى برأس مال سوقي بلغ 172 مليار يورو، وبعده سبانش ستاندر والبنك الفرنسي بي إن بي باريبا، وفي ألمانيا كان دويتش بنك ضمن العشرة الكبار.
وتعكس تلك البيانات أن المؤسسات الأميركية خرجت من الأزمة المالية في وضع أفضل من نظيرتها الأوروبية. ووفقا لحسابات إرنست آند يونغ، فإن الأرباح قبل الضرائب في البنوك الأوروبية الكبرى ارتفعت منذ 2008 من 27 إلى 71 مليار يورو، بينما البنوك الأميركية الكبرى حققت مجتمعة 154 مليار يورو، أي أكثر من ضعف أرباح نظيرتها الأوروبية.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن ديرك مولر ترونير، الشريك في «إرنست آند يونغ»، قوله إن «وضع الربحية في أكبر المصارف الأوروبية تحسن بشكل كبير العام الماضي ككل، إلا أنها لا تزال متأخرة بكثير عن مستوى ما قبل الأزمة المالية».
ولم ترصد الدراسة الأسباب وراء اتساع هذه الفجوة. لكن صحيفة دير شبيغل تقول إن المسار المختلف الذي اتبعه كل من الاقتصاد الأوروبي والأميركي لإنقاذ البنوك من الأزمة المالية يفسر هذا الاختلاف في نتائج الأعمال. فبينما قامت أوروبا بمساندة مؤسساتها المالية للخروج من هذه الأزمة مع إتاحة ضمانات من الدولة، قامت الحكومة الأميركية بالاستحواذ على حصص كبرى في البنوك المتعثرة ثم باعت هذه الحصص بعد التعافي من الأزمة.
وتقول وكالة الأنباء الألمانية إن السبب الرئيسي لفجوة نتائج الأعمال هو أن البنوك الأوروبية لا تزال تتعامل مع إجراءات شطب الديون وإعادة الهيكلة التي نجمت عن الأزمة المالية لعام 2008.
وخلال الأشهر القادمة فإن الفجوة بين البنوك الأميركية والأوروبية قد تتسع بشكل أكبر، كما تقول «دير شبيغل»، حيث إن المؤسسات المالية في الولايات المتحدة ستستفيد من الإصلاح الضريبي الذي صممته إدارة الرئيس دونالد ترمب وتم تمرير القانون الخاص به في ديسمبر (كانون الأول) الماضي وينطوي على تخفيضات ضريبية بقيمة 1.5 تريليون دولار. وتكافح البنوك الأوروبية مع مستويات الفائدة المنخفضة التي تحافظ عليها البنوك المركزية حتى تساعد اقتصاداتها على الخروج من تداعيات الأزمة المالية، بينما يتجه المركزي الأميركي لرفع الفائدة بوتيرة أسرع.
وتنقل «دير شبيغل» عن ديرك مولر ترونير قوله إن البنوك الأوروبية يجب أن تعمل على تحسين الربحية من خلال إعادة الهيكلة وغلق الفروع وتقليص الوظائف وزيادة الرسوم.


مقالات ذات صلة

الذهب يسجل مكاسب ملحوظة مع تزايد المخاوف حول سياسات ترمب

الاقتصاد سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع الآمنة في دار «برو أوروم» للذهب في ميونيخ (رويترز)

الذهب يسجل مكاسب ملحوظة مع تزايد المخاوف حول سياسات ترمب

ارتفعت أسعار الذهب يوم الجمعة مع تزايد حالة عدم اليقين بشأن سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مما زاد من الطلب على السبائك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

«الفيدرالي» بين خيارين صعبين في ظل اضطرابات سوق السندات

وضعت الاضطرابات الهائلة في سوق السندات بنك الاحتياطي الفيدرالي في موقف صعب للغاية، حيث يواجه خيارين حاسمين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الولايات المتحدة​ سفينة شحن تَعبر قناة بنما في سبتمبر الماضي (أ.ب)

«قناة بنما»: ما تاريخها؟ وهل يستطيع ترمب استعادة السيطرة عليها؟

يستنكر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الرسوم المتزايدة التي فرضتها بنما على استخدام الممر المائي الذي يربط المحيطين الأطلسي والهادئ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ب)

عائدات سندات الخزانة الأميركية تسجل أعلى مستوى منذ أبريل

سجلت عائدات سندات الخزانة قفزة كبيرة يوم الأربعاء، حيث سجلت عائدات السندات القياسية لمدة عشر سنوات أعلى مستوى لها منذ أبريل (نيسان) الماضي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر (أ.ب)

كبير مسؤولي «الفيدرالي» يواصل دعم خفض الفائدة رغم التضخم والتعريفات الجمركية

قال أحد كبار صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي إنه لا يزال يدعم خفض أسعار الفائدة هذا العام على الرغم من ارتفاع التضخم واحتمال فرض تعريفات جمركية

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
TT

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

يمثل إقرار مجلس الوزراء السعودي «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية» خطوة استراتيجية على طريق تعزيز المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة في البلاد، وتنفيذ مستهدفاتها الوطنية، وتحقيق أمن الطاقة، وضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، ودعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة، وفق ما صرح به مختصون لـ«الشرق الأوسط».

والسعودية من بين أكبر منتجي البتروكيماويات في العالم، وهو القطاع الذي توليه أهمية في إطار عملية التنويع الاقتصادي. من هنا، فإنه يمثل حصة كبيرة من صادراتها غير النفطية. ويبلغ الإنتاج السنوي من البتروكيماويات في السعودية نحو 118 مليون طن.

وكان الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، قال إن «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية يأتي ليحقق عدداً من المستهدفات، في مقدمتها؛ تنظيم العمليات البترولية والبتروكيماوية، بما يسهم في النمو الاقتصادي، ودعم جهود استقطاب الاستثمارات، وزيادة معدلات التوظيف، ورفع مستويات كفاءة استخدام الطاقة، ويُسهم في حماية المستهلكين والمرخص لهم، ويضمن جودة المنتجات، وإيجاد بيئة تنافسية تحقق العائد الاقتصادي العادل للمستثمرين».

زيادة التنافسية

يقول كبير مستشاري وزارة الطاقة السعودية سابقاً، الدكتور محمد سرور الصبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «(نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية) سيلعب دوراً كبيراً في إعادة هيكلة وبناء المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة وأفضل الممارسات الدولية، بما يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية في تطوير هذا القطاع الحيوي وتعظيم الاستفادة منه»، مضيفاً أنه «سيزيد من القدرة التنافسية بين شركات البتروكيماويات وسيدعم جهود السعودية لتعزيز أمن الطاقة؛ سواء للاستخدام المحلي ولتصدير بعض المنتجات والنفط الخام إلى الأسواق العالمية».

وأشار الصبان إلى أن النظام الجديد سيساهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق السعودية؛ «مما سيعزز معدلات التوظيف، ويرفع كفاءة استخدام الطاقة، ويساعد في ترشيد استهلاك الطاقة ومنتجات البتروكيماويات واقترابها من المعدل الفردي العالمي»، لافتاً إلى أن «تنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية يساهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق المستهدفات السعودية في أمن الطاقة».

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

تنظيم العمليات التشغيلية

من جهته، قال محمد حمدي عمر، الرئيس التنفيذي لشركة «جي وورلد» المختصة في تحليل بيانات قطاعات الاستثمارات البديلة، لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «يُسهم في تحقيق أهداف متعددة، تشمل رفع كفاءة الأداء في القطاع، وتحقيق المستهدفات الوطنية، وتنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية. كما تكمن أهمية النظام في تلبية احتياجات القطاع عبر تطوير الإطار القانوني بما يواكب أفضل الممارسات العالمية».

وأضاف أن النظام «يمثل نقلة نوعية، ويحل محل نظام التجارة بالمنتجات النفطية السابق، ويهدف إلى تنظيم العمليات التشغيلية، بما في ذلك أنشطة البيع، والشراء، والنقل، والتخزين، والاستيراد، والتصدير، كما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد النفطية والبتروكيماوية، مما يعزز من حماية المستهلكين والمستثمرين، ويدعم توفير بيئة تنافسية عادلة».

وأشار حمدي إلى أن النظام يضمن حماية المستهلكين والمرخص لهم؛ «مما يعزز من ثقة السوق ويضمن جودة المنتجات، بالإضافة إلى دعم استقطاب الاستثمارات من خلال توفير بيئة تنظيمية واضحة وشفافة، تعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، كما يُسهم في تحقيق أمن الطاقة عبر ضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، فضلاً عن دعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة».

ويرى حمدي أن النظام يعكس التزام السعودية بتحقيق أهداف «رؤية 2030»، عبر «تعزيز كفاءة قطاع الطاقة، وتنظيم عملياته، وحماية حقوق المستهلكين والمستثمرين، مما يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الوطني»، مشيراً إلى «أننا سنرى تحولاً كبيراً في القطاع بعد العمل بهذا النظام، ودخول استثمارات أجنبية جديدة أكثر مع وضوح الرؤية المستقبلية للاستثمار في هذا القطاع الحيوي».

مواكبة التحولات الكبيرة

أما المحلل الاقتصادي طارق العتيق، فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا النظام «خطوة استراتيجية في مواكبة التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاعا الطاقة والبتروكيماويات عالمياً والقطاعات المرتبطة بهما. كما يسهم في دعم الصناعات التحويلية وتعزيز قيمتها وإضافتها إلى الاقتصاد المحلي والمنتج الوطني، بما يخدم مصلحة تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة والتنويع الاقتصادي وتحقيق أهداف (رؤية 2030) في هذا السياق».

وأشار العتيق إلى أن النظام ستكون له مساهمات مهمة في تحفيز وتنمية الصناعات المحلية بقطاع البتروكيماويات، «مثل صناعات البلاستيك والمطاط وقطع الغيار... وغيرها، وفي الاستفادة من الميزة التنافسية التي تمتلكها السعودية في إنتاج المواد الأولية، وأهمية استغلالها في تصنيع منتجات نهائية تلبي الطلب المحلي والإقليمي. كما أنه سيسهم في رفع التنافسية بالقطاع ويزيد مساهمته في خلق الوظائف والتوطين، ونقل المعرفة والخبرات إلى سوق العمل السعودية».