«سي آي إيه» تصنع دمية «شيطانية» بوجه بن لادن لتخويف الأطفال

ضمن عمليات مكافحة الإرهاب والحرب النفسية

«سي آي إيه» تصنع دمية «شيطانية» بوجه بن لادن لتخويف الأطفال
TT

«سي آي إيه» تصنع دمية «شيطانية» بوجه بن لادن لتخويف الأطفال

«سي آي إيه» تصنع دمية «شيطانية» بوجه بن لادن لتخويف الأطفال

قامت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) عام 2006، بمساعدة صانع دمى صيني، بإعداد ثلاثة نماذج لمجسمات كارتونية لأسامة بن لادن. وقالت وكالة الاستخبارات إنها منعت المشروع قبل شحن المجسمات الكارتونية إلى جنوب آسيا.
وعملت وكالة الاستخبارات المركزية لأكثر من عقد من الزمان على نشر طائرات من دون طيار وأقمار صناعية وجواسيس ومخبرين وأجهزة تعقب من أجل الإيقاع بابن لادن في باكستان. كما قامت الوكالة بدراسة خطة حول شن حرب عن طريق الدمى. وكانت البداية تقريبا عام 2005 عندما عكفت وكالة الاستخبارات المركزية سرا على إعداد دمية مصممة خصيصا على شكل بن لادن، وذلك طبقا لما أفاد به أشخاص على دراية بالمشروع. وصممت الدمية لإظهار بن لادن محمر الوجه حيث بدا وكأنه شيطان بعينين خضراوان تسكنهما نظرة شريرة وعلامات سوداء على وجهه.
وكان الهدف من وراء المشروع الذي لم يدم طويلا هو إخافة الأطفال وآبائهم، مما يؤدي إلى طبع صورة مختلفة في أذهانهم عن صورة بن لادن الفعلية. وأطلقت الـ«سي آي إيه» على دمية بن لادن اسم «عيون الشيطان»، ولجأت إلى أحد أفضل العقول في مجال صناعة الألعاب، حسبما ذكره أولئك المطلعون على المشروع، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم لأنهم غير مخولين بمناقشة المشروع علنا.
ولعب المدير السابق لشركة الألعاب «هاسبرو»، دونالد ليفاين، دورا بارزا في صنع شخصيات «جي آي جو»، التي تحظى بشعبية كبيرة، حيث حققت مبيعات تجاوزت 5 مليارات دولار بعد أن طرحت بالسوق عام 1964. وكان اهتمام الـ«سي آي إيه» بليفاين له شقان هما: نظرته الثاقبة في عالم الألعاب، بالإضافة إلى شبكة اتصالاته الواسعة في الصين، التي جرى بها صنع دمى بن لادن في نهاية الأمر. كما أن ليفاين قد قام بأعمال تجارية هناك لنحو 60 عاما، وكان لديه السبل التي تجعله يقوم بإعداد الدمى وتصنيعها بشكل سري.
وتوفي ليفاين الشهر الماضي عن عمر ناهز 86 عاما، بعد صراع طويل مع مرض السرطان. وقالت أسرته، في تصريح لها للرد على تساؤلات بشأن عمله الخاص بألعاب بن لادن «السيد ليفاين كان وطنيا مخلصا، وكان يفخر بأنه من المحاربين القدامى في الحرب الكورية. وكان شرفا له أن يساعد بلاده عندما استدعي لذلك». وقالت وكالة الاستخبارات الأميركية إن المشروع توقف بعد فترة قصيرة من إعداد النماذج الأولية. وقال المتحدث باسم وكالة الاستخبارات المركزية، ريان تراباني «على حد علمنا، لم يجر صنع سوى ثلاث مجسمات كارتونية، وكان الهدف منها هو مجرد معرفة الشكل الذي قد يبدو عليه المنتج النهائي.» وأضاف «رفضت الـ(سي آي إيه)، بعد رؤية هذه النماذج، متابعة هذه الفكرة ولم تنتج هذه الدمى أو توزع أيا منها. هذا فضلا عن أن الـ(سي آي إيه) ليس لديها علم عن الدمى التي قام آخرون بتوزيعها». وبصرف النظر عن مدى ما أنجز في ما يخص مشروع «عيون الشيطان»، يبدو أن المشروع حمل كل العلامات الدالة على ما هو معروف بالتعبير الاستخباراتي «عمليات التأثير». وحاولت الوكالة على مدار عقود من الزمان، كجزء من برامج العمليات السرية، كسب قلوب وعقول السكان المحليين ومن ثم رفضهم لآيديولوجية معينة. وعلى سبيل المثال، قامت وكالة الاستخبارات المركزية سرا، خلال الحرب الباردة، بنشر كل الأعمال الأدبية الغربية والروسية لتوزيعها وراء «الستار الحديدي»، وأطلقت إذاعة «أوروبا الحرة» وراديو «ليبرتي»، ودعمت المجلات الفكرية، وأقامت حفلات موسيقية ومعارض فنية، ومولت الندوات الأكاديمية. كما استخدمت شبانا من المحرضين من أجل عرقلة المهرجانات الشبابية الشيوعية، وألقت منشورات دعائية من المناطيد. وصممت كل هذه الأعمال إما من أجل تقويض نفوذ الاتحاد السوفياتي وأقماره الصناعية، أو حشد التأييد للولايات المتحدة في البلاد ذات الأهمية في العالم. واستمرت تلك الجهود عقب انتهاء الحرب الباردة. وقامت الوكالة، قبيل الغزو الأميركي لهايتي عام 1994، بتوزيع كرات قدم للتعبير عن كرم الولايات المتحدة.
وتعقيبا على ذلك، قال مسؤول سابق بالـ«سي آي إيه»: «إنها جعلتهم يشعرون بالرضا عن الأميركيين». وأضاف «لقد كنا هناك في محاولة لتمهيد الطريق أمام الجيش». وبثت الـ«سي آي إيه» في أفغانستان الدعاية للتأثير على السكان المحليين، مستخدمة قاعدة العمليات المتقدمة المعروفة باسم معسكر تشابمان في ولاية خوست، وهي القاعدة نفسها التي قتل فيها سبعة من ضباط وكالة الاستخبارات المركزية في وقت لاحق نتيجة تفجير انتحاري عام 2009.
وقال آرتورو مونوز، ضابط سابق بوكالة الاستخبارات المركزية ويقوم بتدريس مادة عن العمليات السرية بجامعة جورج تاون «اعتُبرت بعض هذه العمليات ناجحة، لكن البعض الآخر لم يكن كذلك»، وأكد أنه لم يشر إلا إلى عمليات جرت منذ عقود وجرى رفع غطاء السرية عنها.
يذكر أن مشروع بن لادن بدأ عام 2005 كخطة ترمي إلى إعطاء حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة أدوات يمكن أن توزع على الأطفال للترويج عن حسن نواياها.
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ « الشرق الأوسط»



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.