العطور الدمشقية تجذب المصريين

لاجئون سوريون تغلبوا على صعوبة البدايات وأصبح لديهم زبائن دائمون

شاب سوري يدير أحد متاجر العطور بوسط القاهرة («الشرق الأوسط»)
شاب سوري يدير أحد متاجر العطور بوسط القاهرة («الشرق الأوسط»)
TT

العطور الدمشقية تجذب المصريين

شاب سوري يدير أحد متاجر العطور بوسط القاهرة («الشرق الأوسط»)
شاب سوري يدير أحد متاجر العطور بوسط القاهرة («الشرق الأوسط»)

تمكن كثير من اللاجئين السوريين في مصر من تحقيق النجاح في مهن كثيرة، بينها صناعة العطور، لكنهم حولوا النجاح من مجرد نشاط تجاري إلى إضفاء بصمتهم الخاصة للترويج للعطور الدمشقية، مستعينين في ذلك بفلكلور بلادهم، وتقاليد عطرية لم يعرفها المصريون من قبل، بينها «ورقة الاختبار»، وهي ورقة صغيرة تحوي مادة عطرية، مصنعة خصيصاً لاختبار جودة وثبات العطر، ويقوم الشباب السوري بتوزيعها على المارة في الشوارع مجاناً، يسبقها عبارة الترحيب الشهيرة «يسعد صباحك».
عندما بدأ بعض الشباب السوري توزيع «ورقة الاختبار» على المارة أمام متاجر العطور في شوارع وسط القاهرة، لم تكن ردود الفعل جيدة، فقد تعامل كثير من المارة مع هذا التقليد «الغريب» بمزيج من الارتياب والشك، لكن مع الإصرار والمثابرة تفاعل المصريون مع التقليد الجديد، الذي تحوّل مع الوقت إلى علامة مميزة خاصة باللاجئين السوريين الذين يقدر عددهم في مصر بنحو 500 ألف لاجئ، وفقاً لإحصائيات وزارة الخارجية المصرية.
باسل محمد، شاب سوري (23 عاماً)، قال لـ«الشرق الأوسط»، خلال عمله أمام أحد متاجر العطور السورية بوسط القاهرة: «الجزء الأهم في عملي هو الوقوف في الشارع أمام المتجر، وتوزيع ورقة الاختبار العطرية على المارة. وقد كانت ردود الأفعال في البداية غير جيدة لأنه تقليد جديد على المصريين، حتى أن البعض كانوا يعتقدون أنني أطلب إحساناً أو مساعدة، لكن سرعان ما تفاعل المارة بشكل إيجابي جداً، وأصبحوا يبادلونني الابتسامات والترحيب».
وتلقب العاصمة السورية دمشق بـ«مدينة الياسمين»، وتشتهر بكثير من الورود المتميزة، وبينها الورد الجوري (الشامي). وقد حققت شركات ومتاجر صناعة العطور السورية نجاحاً كبيراً في السوق المصرية. وبدأ النجاح من منطقة وسط القاهرة، وسرعان ما امتد إلى كثير من المحافظات والمدن المصرية.
محمد عيد، شاب سوري (24 عاماً)، لجأ إلى مصر عام 2013، قادماً من بلدته الغوطة الغربية بريف دمشق، وهو يعمل الآن مديراً لأحد متاجر العطور بوسط القاهرة، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «جئت إلى مصر عام 2013، بينما بقيت أسرتي في الغوطة الغربية، ورفضوا المغادرة رغم الحرب، وأقوم بالاطمئنان عليهم تليفونياً كلما تمكنت من ذلك، لأن خطوط الهاتف في سوريا تتعطل كثيراً، وتنقلت في مهن كثيرة، حيث عملت في بعض المقاهي والمطاعم، إلى أن بدأت في مهنة العطور منذ نحو 3 سنوات، وتعلمت الكثير من أسرار المهنة، وطريقة تركيب العطور السورية ذات الخلطات الخاصة، وكذلك تركيب ماركات شهيرة من العطور الفرنسية».
ويضيف: «المتجر الذي أديره هو فرع لشركة عطور سورية أسست في مصر قبل نحو 5 سنوات، وتمتلك نحو 30 فرعاً في مدن ومحافظات مصرية، ونقوم بتركيب العطور السورية إلى جانب بعض الماركات الشهيرة من العطور العالمية، خاصة الفرنسية، وقد لاقت العطور السورية إقبالاً كبيراً من المصريين، سواء الرجال أو النساء، وأصبح لدينا زبائن دائمون».
ويرى عيد أن أحد أهم أسباب نجاح السوريين في مهنة صناعة العطور بمصر هو تميز العطور السورية بخلطاتها المتعددة والدقيقة، إضافة إلى حب المصريين للعطور وإقبالهم عليها، موضحا: «كشباب سوري، تعاملنا مع صناعة العطور بنوع من التحدي، ولم ننظر للأمر على أنه مجرد عمل، بل وضعنا في أذهاننا أننا نروج لعطور بلدنا وتقاليدها العطرية المميزة، ونجحنا رغم الصعاب التي واجهتنا في البداية، وأظن أن حب المصريين للعطور، وترحيبهم ومودتهم التي استقبلونا بها كلاجئين، كانت داعماً كبيراً لنا جميعا، حتى أنني بعد مرور عامي الأول في مصر، لم أعد أشعر أنني لاجئ، بل شاب سوري عربي يعيش ويعمل في بلد شقيق وبين أشقائه».



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.