لقاء ولي العهد السعودي والخمسة الكبار في مجلس الأمن بحث انتهاكات الحوثيين

أمضى أسبوعاً حافلاً ورعى اتفاقات مع الأمم المتحدة وكبرى الشركات والمصارف

الأمير محمد بن سلمان خلال لقائه ممثلي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن في نيويورك أول من أمس (واس)
الأمير محمد بن سلمان خلال لقائه ممثلي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن في نيويورك أول من أمس (واس)
TT

لقاء ولي العهد السعودي والخمسة الكبار في مجلس الأمن بحث انتهاكات الحوثيين

الأمير محمد بن سلمان خلال لقائه ممثلي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن في نيويورك أول من أمس (واس)
الأمير محمد بن سلمان خلال لقائه ممثلي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن في نيويورك أول من أمس (واس)

قبل ساعات من مغادرته نيويورك، أمس، متوجهاً إلى سياتل في إطار جولته في الولايات المتحدة، التقى الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، مندوبي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وحثهم على ضرورة تحمل المجلس مسؤولياته لوضع حد لانتهاكات الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، واحترام المعاهدات والمواثيق الدولية.
والتقى الأمير محمد بن سلمان، المندوبين الدائمين: الأميركية نيكي هيلي، والبريطانية كارين بيرس، والفرنسي فرنسوا دولاتر، والروسي فاسيلي نيبينزيا، والصيني زاوشو ما. وأوردت وكالة الأنباء السعودية أنه جرى خلال اللقاء «بحث الأوضاع العامة في الشرق الأوسط، بما فيها تطورات الأزمة في اليمن، والانتهاكات الحوثية المدعومة من إيران»، مضيفةً أن ولي العهد أكد لممثلي الدول الكبرى «ضرورة أن يتحمل مجلس الأمن المسؤولية في هذا الصدد، وضرورة احترام المعاهدات والمواثيق الدولية والقانون الدولي واتفاق الأمم المتحدة»، مشدداً على «التزام المملكة العربية السعودية ميثاق الأمم المتحدة والتعاون الكبير بينهما». وحضر اللقاء أيضاً عن الجانب السعودي السفير لدى الولايات المتحدة الأمير خالد بن سلمان، ووزير الخارجية عادل الجبير، والمندوب الدائم لدى الأمم المتحدة عبد الله المعلمي.

أسبوع حافل في نيويورك
وأمضى ولي العهد السعودي أسبوعاً حافلاً في نيويورك، إذ عقد اجتماعات على مدار الساعة مع الرؤساء التنفيذيين للمصارف والشركات المالية والاقتصادية الكبرى، بالإضافة إلى شخصيات سياسية ومجموعات دينية، وأشرف على توقيع اتفاقات سعودية - أميركية، ورعى نشاطات ثقافية نُظمت بالتزامن مع زيارته.
واجتمع ولي العهد مع الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، بحضور الأمير خالد بن سلمان والجبير. وتبادل الطرفان «الأحاديث الودية»، وفقاً لـ«واس». كما استقبل وزير الخارجية السابق جون كيري. وجرى خلال اللقاء تبادل الأحاديث الودية بحضور الأمير خالد بن سلمان.
واجتمع ولي العهد مع عدد من القيادات الدينية في الولايات المتحدة بحضور السفير السعودي في واشنطن، والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد العيسى، ووزير الخارجية. وجرى خلال اللقاء «تأكيد أهمية المشتركات الإنسانية بين أتباع الأديان لتعزيز القيم الإيجابية للتعايش والتسامح».
وكان ولي العهد قد التقى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وبحث معه الموضوعات ذات الاهتمام المشترك وما تقدمه المملكة لبرامج الأمم المتحدة المختلفة في إطار دعمها للجهود الإنسانية والتنموية، ودورها في صون الأمن والسلم الدوليين بالشراكة مع الأمم المتحدة.
وعبر غوتيريش عن تقديره لما تقوم به المملكة من مساهمات إنسانية في العالم، وتقدمه من أجل الشعب اليمني، ودعمها وتمويلها خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن، داعياً الدول إلى المساهمة في هذا الجهد الإنساني. وجدد التنديد باستهداف مدن المملكة بالصواريخ الباليستية من قبل ميليشيا الحوثي.

المملكة تلتزم القانون
وفي كلمة له عقب اللقاء، أكد الأمير محمد بن سلمان، أن السعودية تعمل مع حلفائها في الشرق الأوسط من أجل ضمان أمن المنطقة واستقرارها. وقال إن المشكلات في الشرق الأوسط هي مع الأفكار التي لا تؤمن بمبادئ الأمم المتحدة، وتنتهك بشكل صارخ كل قوانين وأعراف الأمم المتحدة في تدخلها في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وفي الترويج لآيديولوجيات عابرة للحدود ليست لها علاقة بالمصالح الوطنية. كما أشار إلى أن المملكة، وهي من الأعضاء المؤسسين للأمم المتحدة، تدافع عن مصالحها وتحافظ على أمنها، كما تلتزم القوانين الدولية. ولفت إلى أن السعودية تؤمن بمبدأ سيادة القانون، وسيادة الدول في العالم. وأضاف: «نحن في المملكة نعمل مع الحلفاء لحماية مصالحنا وأمننا، كما نتعاون مع الأمم المتحدة ونحاول قدر الإمكان حل مشكلات الشرق الأوسط بالطرق السياسية، ولذلك نحاول قدر المستطاع تجنب أن تخرج الأمور عن السيطرة، وتفادي أكبر قدر ممكن من الإشكاليات».

نشاطات اقتصادية ومالية
وشهد ولي العهد والأمين العام التوقيع على البرنامج التنفيذي المشترك بين كلٍّ من السعودية والأمم المتحدة ممثلةً في مكتب تنسيق المساعدات الإنسانية بغرض: دعم وتمويل خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية في اليمن لعام 2018. ومثّل المانحين في التوقيع على البرنامج السفير السعودي لدى اليمن المدير التنفيذي لمركز إسناد العمليات الإنسانية الشاملة في اليمن محمد آل جابر، ومن الأمم المتحدة مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة والمراقب المالي بيتينا توتشي بارتسيوتاس. وتتضمن الاتفاقية تقديم مبلغ مليار دولار من المملكة ودولة الإمارات العربية المتحدة، منها 930 مليون دولار لمنظمات الأمم المتحدة، و70 مليون دولار لتأهيل الموانئ والطرق لزيادة حجم المواد الإغاثية والواردات التجارية.
وحضر اللقاء والتوقيع أيضاً الأمير خالد بن سلمان، ووزير الدولة مساعد بن محمد العيبان، ووزير الخارجية عادل الجبير، والسفير عبد الله المعلمي، ومحمد آل جابر سفير المملكة في اليمن، وكبار المسؤولين في الأمم المتحدة.
وقبل يوم من مغادرته نيويورك على الساحل الشرقي الشمالي للولايات المتحدة، متوجهاً إلى سياتل ولوس أنجليس على الساحل الغربي، التقى الأمير محمد بن سلمان أيضاً كلاً من الرئيس التنفيذي لمصرف «مورغان ستانلي» جيمس غورمان، والرئيس التنفيذي لمصرف «جي بي مورغان» جيمس ديمون. وتخلل اللقاءين تبادل للآراء حول الخدمات التي يقدمها المصرفان في المملكة وفرص التعاون والشراكات الاستراتيجية. وحضر اللقاءين الأمير خالد بن سلمان، ووزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية خالد الفالح، ووزير المالية محمد الجدعان، ورئيس مكتب إدارة الدين العام بوزارة المالية فهد السيف.

مع مؤشر «فوتسي»
وقبل ذلك اجتمع مع الرئيس التنفيذي لشركة «فوتسي» مارك ميكبيس، وجرى استعراض عدد من الموضوعات المالية والاقتصادية المتعلقة بالأسواق المالية وانضمام السوق المالية السعودية إلى مؤشر «فوتسي» الذي يعكس ثقة المستثمرين في الإصلاحات الاقتصادية والمالية وفق «رؤية المملكة 2030». حضر اللقاء الأمير خالد بن سلمان، والجدعان، ورئيس مجلس هيئة السوق المالية محمد القويز، ورئيسة مجلس إدارة «تداول» سارة السحيمي، والمدير التنفيذي لشركة «تداول» خالد الحصان.
واجتمع الأمير محمد بن سلمان بصفته أيضاً رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة، مع أكثر من 40 مسؤولاً تنفيذياً من الشركات العالمية الكبرى. واستعرض خلال الاجتماع 3 مشاريع تنموية كبرى في المملكة العربية السعودية، وهي مشروع «نيوم»، ومشروع البحر الأحمر، ومشروع القدية. وتحدّث ولي العهد خلال الاجتماع عن «أهمية هذه المشاريع ومساهمتها في الارتقاء بمستقبل المملكة والمنطقة ككل على صعيد الأثر الاقتصادي وتحقيق الرفاه الاجتماعي»، مؤكداً «التزام المملكة الريادة البيئية والاستدامة كجزء لا يتجزأ من الجهود المبذولة في هذا السياق».
وكان الأمير محمد بن سلمان قد وقّع مع رئيس مجلس إدارة صندوق رؤية «سوفت بنك» ماسايوشي سون، مذكرة تفاهم لإنشاء «خطة الطاقة الشمسية 2030، التي تعد الأكبر في العالم في مجال الطاقة الشمسية، وهي تشكل إطاراً جديداً لتطوير قطاع الطاقة الشمسية في السعودية، وسيتم بموجبها تأسيس شركة جديدة لتوليد الطاقة الشمسية وبدء العمل على محطتين شمسيتين بقدرة 3 غيغاوات و4.2 غيغاوات بحلول عام 2019، والعمل أيضاً على تصنيع وتطوير الألواح الشمسية في السعودية لتوليد الطاقة الشمسية بقدرة ما بين 150 غيغاوات و200 غيغاوات بحلول 2030، وتعد مذكرة التفاهم هذه مكملة لما تم التوقيع عليه مسبقاً في مبادرة مستقبل الاستثمار في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وتشير الاتفاقية إلى أن دراسات الجدوى بين الطرفين حول هذا المشروع ستكتمل بحلول مايو (أيار) 2018. وتشير الاتفاقية كذلك إلى أن الطرفين ملتزمان باستكشاف تصنيع وتطوير أنظمة تخزين الطاقة الشمسية في السعودية، وتأسيس شركات متخصصة للأبحاث وتطوير ألواح الطاقة الشمسية بكميات تجارية في السعودية تسمح بتسويقها محلياً وعالمياً.
وتشير هذه المذكرة إلى التزام الطرفين بإنتاج الألواح الشمسية بقدرة تقدر بـ200 غيغاوات في السعودية وتوزيعها عالمياً، بالإضافة إلى استكشاف الفرص المتعلقة بتأسيس صناعات في مجال منظومات توليد الطاقة وبطارياتها في المملكة، والتي من شأنها أن تساعد على دعم تنويع القطاعات وخلق فرص العمل في مجال التقنيات المتقدمة. ويتوقع أن تساعد هذه المذكرة والمشاريع التي ستنتج منها السعودية على توفير النفط في إنتاج الطاقة في المملكة، وهذا من شأنه أن يعزز دور السعودية في إمداد أسواق العالم بالنفط لا سيما أن الطلب على النفط يتزايد باطراد مع نضوب الإنتاج في بعض المناطق. كما أن هذه المشاريع من المتوقع أن تسهم بما يقدَّر بـ100 ألف وظيفة في السعودية، وزيادة الناتج المحلي للسعودية، كذلك بما يقدر بـ12 مليار دولار، بالإضافة إلى توفير ما يقدر بـ40 مليار دولار سنوياً.

الشراكة السعودية ـ الأميركية
وبحضور عشرات المسؤولين السعوديين والأميركيين، رعى ولي العهد حفلاً تحت عنوان الشراكة السعودية - الأميركية. وقال الأمير محمد بن سلمان خلال الحفل إن «السعودية دولة مهمة في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي والعربي... والولايات المتحدة دولة مهمة جداً في العالم». وأشار إلى أن السعودية تمتلك أكبر اقتصاد عربي، وتعد من العشرين الكبار في اقتصاديات العالم... ويوجد فيها مئات الآلاف من السعوديين الذين يحملون الجنسية الأميركية، كما أن الولايات المتحدة فيها مئات الآلاف من السعوديين الذين يتعلمون ويعملون. وشدد على أن العلاقة بين السعودية وأميركا عميقة ومتشعبة، وهذه العلاقة «سبب مهم جداً للنمو الاقتصادي وخلق الوظائف، وأيضاً سبب رئيسي للأمن في البلدين، وكذلك للنجاحات السياسية والأمنية والاقتصادية».
وبعيداً عن الرسميات، التقطت الكاميرا بعض الصور للقاء في أحد المقاهي بنيويورك جمع الأمير محمد بن سلمان مع رئيس بلدية نيويورك السابق مؤسس «بلومبيرغ» مايكل بلومبيرغ. وبدا ولي العهد السعودي برفقة بلومبيرغ يتناولان القهوة في أحد المقاهي، يرافقهما الأمير خالد بن سلمان، في استراحة قصيرة بين «زحمة» اللقاءات في المدينة الأميركية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
TT

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)

أكدت الرياض ولندن، الخميس، ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، والالتزام بالمعايير الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وذلك في بيان مشترك عقب زيارة كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني للسعودية هذا الأسبوع، التي جاءت انطلاقاً من أواصر علاقتهما المميزة.

وذكر البيان أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وستارمر أكدا خلال جلسة مباحثات رسمية على أهمية الدور الذي يقوم به مجلس الشراكة الاستراتيجية في تعزيز التعاون بين البلدين، واستعرضا التقدم الكبير المحرز في تطوير العلاقات الثنائية وتنويعها.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بينهما، والتزامهما برفع حجم التجارة البينية إلى 37.5 مليار دولار بحلول عام 2030، وزيادة الاستثمار في صناعات الغد، بما يحقق النمو المستدام. كما اتفقا على برنامج طموح للتعاون يهدف لتعزيز الازدهار المتبادل، والأمن المشترك، ومعالجة التحديات العالمية.

وأشادا بنمو الاستثمارات المتبادلة، ونوّها بالاستثمارات السعودية الكبيرة في المملكة المتحدة خلال عام 2024، ومنها لصندوق الاستثمارات العامة، مثل «سيلفريدجز» و«مطار هيثرو»، والاستثمار الإضافي في نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، ما يعزز العلاقات المتنامية بين شمال شرقي إنجلترا والسعودية.

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء البريطاني خلال جلسة مباحثات رسمية في الرياض (واس)

وبينما تعدّ المملكة المتحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في السعودية، نوّه الجانبان بإعلان الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات عن خططها لزيادة حجم تعرضها السوقي إلى 6 مليارات دولار أميركي، وذلك في ضوء نجاح التمويل (المتوافق مع الشريعة الإسلامية) بقيمة تبلغ نحو 700 مليون دولار للاستثمار بمشروع القدية (غرب الرياض).

وأعربا عن تطلعهما إلى تطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تخدم المصالح المتبادلة، والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام. ورحّبا بالتقدم الكبير المحرز بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة.

وأشادا بالتعاون القائم بين البلدين في قطاع الطاقة، وأكدا أهمية تعزيزه بمجالات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف وتطبيقاته، والتكنولوجيا النظيفة، وابتكارات الطاقة والاستدامة. واتفقا على العمل المشترك لإنشاء تحالف الهيدروجين النظيف بين جامعاتهما بقيادة جامعتي «الملك فهد للبترول والمعادن»، و«نيوكاسل».

وأكدا أهمية تعزيز موثوقية سلاسل التوريد العالمية، وتحديداً مع إطلاق السعودية مبادرة لتأمين الإمدادات، وخاصة بمجالات الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، والمعادن الخضراء، والبتروكيماويات المتخصصة، وإعادة تدوير النفايات، والمركبات الكهربائية.

جانب من جلسة المباحثات بين الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر (واس)

كما رحّبا بإطلاق السعودية 5 مناطق اقتصادية خاصة تستهدف الصناعات والقطاعات الاستراتيجية، وتوفر للشركات البريطانية فرصة الاستفادة من مزايا وحوافز على جميع مستويات سلاسل التوريد.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في قطاع الخدمات المالية، ومجال تطوير قطاعات التعدين المستدامة، وتنويع إمدادات المعادن النادرة المستخدمة في التقنيات النظيفة. وأعربت بريطانيا عن دعمها وعزمها المشاركة على مستوى رفيع في «منتدى مستقبل المعادن السعودي» خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2025.

كما أكدا على مركزية الاتفاقية الأممية الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس، ونوّها بنتائج مؤتمر الأطراف «كوب 29»، وأهمية العمل لتحقيق نتيجة طموحة ومتوازنة في «كوب 30» عام 2025. ورحّبت بريطانيا بطموحات الرياض وقيادتها عبر مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، ورئاستها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16».

وأعربت بريطانيا أيضاً عن دعمها جهود السعودية في مجالات البيئة والتغير المناخي من خلال تنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته الرياض، وأقرّه قادة مجموعة العشرين، مؤكدة دعمها القوي لـ«رؤية 2030»، والتزامها بالفرص التي تتيحها في إطار الشراكة بين البلدين.

ولي العهد السعودي يصافح رئيس الوزراء البريطاني لدى وصوله إلى قصر اليمامة (واس)

ورحّب البلدان بتزايد عدد الزوار بينهما، وعبّرا عن تطلعهما إلى زيادة هذه الأعداد بشكل أكبر خاصة في ظل زيادة الربط الجوي بينهما، وتسهيل متطلبات الحصول على التأشيرة من الجانبين.

واتفقا على أهمية تعزيز التعاون في مختلف القطاعات الثقافية، بما في ذلك من خلال إطلاق برنامج تنفيذي جديد لتعزيز مشاركة بريطانيا في تطوير محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، كما رحّبا بالاتفاق على إطلاق شراكة بين الهيئة الملكية للعلا والمجلس الثقافي البريطاني تزامناً مع احتفال الأخير بمرور 90 عاماً على تأسيسه.

وأشادا بنتائج تعاونهما الاستراتيجي في مجالات التعليم والتعليم العالي والتدريب. ورحّبا بالخطط الاستراتيجية لزيادة عدد المدارس البريطانية في السعودية إلى 10 مدارس بحلول عام 2030، وافتتاح فروع للجامعات البريطانية في السعودية، كما عبّرا عن التزامهما بمواصلة التباحث حول زيادة التعاون في مجالات الاحتياجات التعليمية الخاصة، والتدريب التقني والمهني.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية، ومواجهة تحديات الصحة العالمية. ونوّها بالمناقشات الجارية بين الجامعات البريطانية والشركاء السعوديين المحتملين لإنشاء كلية لتدريب الممرضين بالسعودية. كما اتفقا على أهمية الاستفادة من فرصهما لزيادة التعاون بمجالات السلامة الغذائية، والمنتجات الزراعية.

ولي العهد السعودي يستقبل رئيس الوزراء البريطاني (واس)

واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في الأنشطة والبرامج الرياضية، وأشادا بالمشروع المشترك بين الجامعات السعودية والبريطانية لدعم تطوير القيادات النسائية المستقبلية بمجال الرياضة، والشراكة المتنامية بمجال الرياضات الإلكترونية.

وأشادا بمستوى تعاونهما بمجال الدفاع والأمن على مرّ العقود الماضية، وأكدا التزامهما بشراكة دفاعية استراتيجية طموحة ومستقبلية، بما يسهم في تطويرها لتركز على الصناعة وتطوير القدرات، وزيادة التشغيل البيني، والتعاون بشأن التهديدات المشتركة بما يسهم في تحقيق الأمن والازدهار في البلدين.

واتفقا على توسيع التعاون في مجالات النشاط السيبراني والكهرومغناطيسي، والأسلحة المتقدمة، والقوات البرية، والطائرات العمودية، والطائرات المقاتلة. كذلك تعزيزه أمنياً حيال الموضوعات المشتركة، بما فيها مكافحة الإرهاب والتطرف.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال العمل الإنساني والإغاثي، وشدّدا على ضرورة مواصلة التعاون في المحافل والمنظمات الدولية لمعالجة التحديات الاقتصادية العالمية، والتزامهما بتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وعقد حوار استراتيجي سعودي - بريطاني سنوياً بشأن المساعدات والتنمية الدولية، واتفقا على التمويل المشترك لمشاريع في هذا الإطار بقيمة 100 مليون دولار.

الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر قبيل جلسة المباحثات في قصر اليمامة (واس)

وحول تطورات غزة، أكد الجانبان ضرورة إنهاء الصراع، وإطلاق سراح الرهائن فوراً وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، مشددين على الحاجة الملحة لقيام إسرائيل بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، وتمكين المنظمات الدولية والإنسانية من القيام بعملها.

وبحثا كيفية العمل بينهما لتنفيذ حلّ الدولتين بما يحقق إحلال السلام الدائم للفلسطينيين والإسرائيليين. وأعربت بريطانيا عن تطلعها إلى انعقاد المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن الحل السلمي، الذي سترأسه السعودية وفرنسا في يونيو (حزيران) 2025.

وفي الشأن السوري، رحّب الجانبان بأي خطوات إيجابية لضمان سلامة الشعب السوري، ووقف إراقة الدماء، والمحافظة على مؤسسات الدولة ومقدراتها. وطالبا المجتمع الدولي بالوقوف بجانب الشعب، ومساعدته في تجاوز معاناته المستمرة منذ سنوات طويلة، مؤكدين أنه حان الوقت ليحظى بمستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والازدهار.

وفيما يخص لبنان، أكدا أهمية المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية سياسية وفقاً للقرار 1701. كما اتفقا على ضرورة تجاوزه لأزمته السياسية، وانتخاب رئيس قادر على القيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة.

ولي العهد السعودي يصافح الوفد المرافق لرئيس الوزراء البريطاني (واس)

وبشأن اليمن، أكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي، وأهمية دعم الجهود الأممية والإقليمية للتوصل لحلٍ سياسيٍ شاملٍ للأزمة اليمنية، وضمان أمن البحر الأحمر لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.

وحول الأوضاع السودانية، أكدا أهمية البناء على «إعلان جدة» بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان عبر مواصلة الحوار لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار، وحل الأزمة، ورفع المعاناة عن شعبه، والمحافظة على وحدة البلاد، وسيادتها، ومؤسساتها الوطنية.

ورحّب الجانبان باستمرار التواصل بين البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا، مؤكدين أهمية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام العادل والمستدام الذي يحترم السيادة والسلامة الإقليمية بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمية لرئيس الوزراء البريطاني في قصر اليمامة بالرياض (واس)