موسكو تعلن قرب انتهاء «مكافحة الإرهاب» في الغوطة

دي ميستورا اجتمع مع لافروف وشويغو

TT

موسكو تعلن قرب انتهاء «مكافحة الإرهاب» في الغوطة

أجرى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، جولة محادثات مع المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، ركزت على آليات استئناف العملية السياسية في جنيف، والجهود المبذولة لتطبيق قرارات مؤتمر سوتشي حول تشكيل اللجنة الدستورية.
وشغل الوضع في الغوطة الشرقية حيزاً أساسياً من الاهتمام على خلفية إعلان وزارة الخارجية أن «عمليات مكافحة الإرهاب في هذه المنطقة تشارف على الانتهاء».
والتقى دي ميستورا، صباح أمس، وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو. وأفادت مصادر قريبة من الوزارة بأن البحث تركَّز على الوضع الميداني في سوريا عموماً، وفي منطقة الغوطة على وجه الخصوص.
ولفتت إلى أن شويغو أبلغ دي ميستورا أن «روسيا هي الطرف الوحيد الذي نفَّذ قرار مجلس الأمن حول الهدنة، وأن نجاح عمليات الإجلاء أسفر عن تخفيف الصدامات وحقن دماء كثير من المدنيين».
ولفت إلى أن عمليات الإجلاء شملت 130 ألف شخص بينهم أكثر من 11 ألف مسلح مع أفراد عائلاتهم. ولفتت المصادر إلى أن الطرفين ناقشا الوضع الإنساني ودخول قوافل المساعدات إلى المناطق الأكثر تضرراً. وكان شويغو عرض الأرقام ذاتها في اجتماع للقيادة العسكرية الروسية عقد صباح أمس، لكن اللافت أنه تعمد التمييز بين المدنيين وعائلات المسلحين الذين لم يُشِر إليهم باعتبارهم مدنيين، إذ تحدث عن «إجلاء 128161 شخصاً، بينهم 103117 مدنياً، و9670 مسلحاً، و15374 من أفراد عائلاتهم».
وفيما بدا أنه رد على مخاوف أبداها دي ميستورا من أن عمليات إجلاء المدنيين ستكون لها تداعيات إنسانية قاسية، ذكر شويغو أن «سكان الغوطة الشرقية سيتمكنون من العودة إلى منازلهم خلال الأيام القريبة المقبلة». كما لفت إلى أن العسكريين الروس نجحوا في «منع انتحاريين كانوا ينوون تفجير حافلات النازحين من الغوطة وتمت مصادرة 48 حزاماً ناسفاً كانت بحوزتهم».
وأكد لدي ميستورا حرص موسكو على تهيئة الأوضاع لاستئناف العملية السياسية، مشدداً على أن «قادة روسيا وتركيا وإيران سيبحثون خلال أيام تنفيذ اتفاقات سوتشي حول سوريا».
في وقت لاحق، تناول اللقاء مع لافروف مجمل العملية السياسية. وكانت موسكو استقبلت الزيارة بتأكيد أنها تنوي مناقشة «موعد وآليات وأجندة جولة المفاوضات المقبلة في (جنيف)»، وأكدت أنها تسعى إلى استئناف العملية السياسية في أسرع وقت، مع الأخذ في الاعتبار تطورات الوضع في سوريا ونتائج مؤتمر سوتشي للحوار بين السوريين. وزادت أن موضوع تشكيل اللجنة الدستورية التي أقرها مؤتمر سوتشي تشغل حيزاً أساسياً من الاهتمام خلال اللقاء مع دي ميستورا، علماً بأن لافروف كان أشار قبل يومين إلى «وجود مشكلات ما زالت عالقة حول تشكيل اللجنة».
ورغم أن الوزير لم يحدد طبيعة المشكلات القائمة، فإن مصادر دبلوماسية لفتت إلى أن دي ميستورا أخذ على عاتقه اختيار 50 اسماً لتتم إضافتهم إلى 150 آخرين حددهم المؤتمر لاستكمال تشكيل اللجنة الدستورية. كما أشارت إلى تباين في وجهات النظر حول آليات عمل اللجنة التي يجب أن تنتقل بموجب بيان سوتشي إلى جنيف للعمل تحت إشراف دي ميستورا. وفي حين ترى دمشق وطهران أن اللجنة يجب أن تنطلق من دستور عام 2012 للشروع بـ«إصلاحات دستورية» رأت موسكو وأنقرة أن عمل اللجنة ينبغي أن يركز على صياغة دستور جديد.
وزاد من أهمية زيارة دي ميستورا في هذا التوقيت أنها تتزامن مع تحضيرات القمة الروسية التركية الإيرانية المقررة في إسطنبول الأربعاء المقبل. وقالت المصادر إن لافروف أبلغ دي ميستورا بأن الاتصالات الحالية بين الأطراف الثلاثة تهدف إلى ضمان نجاح إطلاق عملية سياسية فعالة تشارك فيها كل مكونات الطيف السوري.
كانت الخارجية الروسية أعلنت قرب استكمال «عملية تحرير الغوطة الشرقية من الإرهابيين»، معربة في الوقت ذاته عن «قلق إزاء محاولات واشنطن وحلفائها لتثبيت وجود عسكري دائم في سوريا».
وقالت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن «عملية مكافحة الإرهاب في الغوطة الشرقية شارفت على الانتهاء»، مشيرة إلى أن «مدينة دوما وحدها لا تزال تحت سيطرة المسلحين، بعد إجلاء المسلحين مع عائلاتهم عن باقي مناطق الغوطة الشرقية إلى إدلب».
وأعربت زاخاروفا عن أمل موسكو في أن «تواصل المنظمات الأممية التي سارعت إلى نصرة سكان الغوطة عندما كانت تحت سيطرة العصابات والإرهابيين، تقديم المساعدات للمتضررين في تلك المنطقة بالحماس ذاته بعد تحريرها أيضاً».
وجددت المتحدثة رفض موسكو اتهامات باستخدام «القوة العشوائية» في الغوطة الشرقية، ووصفت الاتهامات بأنها «افتراء مطلق يدّعي مروّجوه أنهم يهتمون بمصير المدنيين، لكن كذبهم في الواقع يعوق التوصل إلى الحلول التفاوضية وإنقاذ الأرواح البشرية».
وأعربت زاخاروفا عن قلق الخارجية الروسية إزاء الأنباء عن محاولات واشنطن وحلفائها لتثبيت «وجودها عسكري غير قانوني في سوريا، عبر نقل معدات عسكرية ثقيلة إلى منطقة التنف الخاضعة للسيطرة الأميركية جنوب البلاد، التي رسمت الولايات المتحدة حدودها بشكل تعسفي».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.