توقيع ميثاق «الشرف الانتخابي» في العراق بإشراف الأمم المتحدة

سياسيون عراقيون متشككون في جدواه

TT

توقيع ميثاق «الشرف الانتخابي» في العراق بإشراف الأمم المتحدة

قلل عدد من القادة السياسيين العراقيين ونواب من كتل مختلفة من أهمية وثيقة «الشرف الانتخابي» التي وُقِّعَت في بغداد، أمس (الأربعاء)، بإشراف الأمم المتحدة، بسبب تنامي أزمة الثقة بين الكتل والأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في الثاني عشر من مايو (أيار) المقبل.
وكانت «الشرق الأوسط» انفردت، الأسبوع الماضي، بنشر نص ميثاق الشرف الانتخابي الذي توصل إليه ممثلو قادة الكتل والقوى السياسية بعد مفاوضات شاقة، بوساطة من الأمم المتحدة وخبراء غربيين، وينص الميثاق على 24 بنداً تحكم الانتخابات التشريعية المقبلة من أهمها «إدانة أي خطاب طائفي أو عرقي» و«رفض العنف»، إضافة إلى «الامتناع عن استخدام وسائل الضغط كالتهديد أو التحريض أو إجبار الناخبين على التصويت».
كما نصت مسودة الميثاق، على ضرورة «تحييد الملف الأمني، وعدم استخدامه لأغراض انتخابية»، قبل الاقتراع، بينما حضت في «مرحلة ما بعد الانتخابات» على قبول الأطراف الموقِّعة عليها «التداول السلمي للسلطة»، وقبول نتائج الانتخابات وانخراط الأطراف «في شكل فوري للإعداد لتشكيل حكومة جديدة وفق الدستور».
وعبَّر عدد من أعضاء البرلمان العراقي وممثلي الكتل السياسية عن خيبة أملهم من السباق الانتخابي الذي بدأ مبكراً قبل الموعد المقرر لبدئه في العاشر من الشهر المقبل، بالإضافة إلى ما بات يتضمنه من أساليب خداع مختلفة يصعب معه صمود أية مواثيق شرف.
وفي هذا السياق، يقول حسن توران عضو البرلمان العراقي عن الجبهة التركمانية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه «في الوقت الذي نرى فيه أن هذه الوثيقة مهمة من حيث المبدأ، ولكنني لا أتوقع الالتزام بها». وأضاف توران: «إننا نحتاج إلى ضمانات قانونية ملزمة لتحويلها إلى نصوص يحاسب من يخرقها، لا سيما أن هناك حديثاً في بعض المناطق حول خروقات ومضايقات على بعض المرشحين، وبالتالي فإن مجرد التوقيع لن يكون أكثر من عملية ذر للرماد في العيون بينما جميعنا نشكو من وجود خروقات ومشكلات تحتاج إلى معالجة».
من جهتها، ترى سهام الموسوي عضو البرلمان العراقي عن كتلة بدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه الوثيقة لن تنجح لأن العمل الانتخابي حتى لدى رؤساء كتل وشخصيات سياسية مهمة مبني على أساس تسقيط الخصوم ولدى أغلب الأحزاب السياسية جيوش إلكترونية مُعدَّة وتمول لهذا الغرض»، متسائلةً: «كيف يمكن لمرشحين جدد ومن مستويات مختلفة أن يتنافسوا مع هؤلاء، مع ما يملكونه من إمكانيات وأساليب؟!».
وردّاً على سؤال بشأن الأسباب التي تجعل الأمم المتحدة تتورط في عملية من هذا النوع غير مضمونة النجاح، قالت الموسوي إن «الأمم المتحدة تعلم علم اليقين كل ما يجري في العراق... وبالتالي لا يخفى عليها شيء لكنها تريد أن تعمل ما تراه هي مناسباً».
وفي السياق نفسه يستبعد محمد الكربولي عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار في تصريحه لـ«الشرق الأوسط» نجاح مثل هذه الوثيقة قائلاً: «إن هذه الوثيقة لن تنجح لأننا تعودنا في العراق عدم الالتزام بأي شيء نوقع عليه سواء كان ذلك مواثيق شرف أو معاهدات أو اتفاقات أو برامج سياسية أو حكومية فهل يمكن أن تشذ مثل هذه الوثيقة عن سابقاتها؟!»، مبيناً أن «التوقيع على هذه الوثيقة لا يعني سوى أن الكتل السياسية تريد فقط أن تبرر ما تقوم به من منطلق أنها وقعت، وبالتالي فإن ما يحصل سوف تنفي مسؤوليتها عنه».
أما المرشحان إبراهيم الصميدعي عن تحالف بغداد وإياد السماوي عن تحالف الفتح يريان في تصريحين منفصلين لـ«الشرق الأوسط» أن «الوثيقة لا تعادل ثمن الحبر الذي كتبت به وبالتالي ستبقى مجرد حبر على ورق». ويرى السماوي أنه «لا شرف انتخابي أو غير انتخابي مع الفاسدين»، مشيراً إلى أن «هذه الوثيقة سينتهك شرفها قبل أن يجف الحبر الذي كتبته به».
أما السياسي العراقي المثير للجدل أثيل النجيفي يرى في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «الأمم المتحدة تريد أن تظهر نفسها وكأنها تقوم بعمل في العراق... فبعد 15 سنة من الحديث عن المصالحة الوطنية دون جدوى بدأوا يتحدثون عن مصالحة حزبية لمدة شهر واحد». وأضاف النجيفي أن «الواقع يشير إلى أن المواطن مل من سماع هذه التعبيرات دون جدوى... المواطن يحتاج إلى أن يستمع إلى إنجازات دون مواثيق».
أما النائب الكردي شوان داودي، فيقول لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يرى أي أرضية سياسية صالحة يمكن أن تجري فيها انتخابات نزيهة»، مشيرا إلى أنه «بعيداً عن الإعلام هناك مناطق كثيرة لا تزال ساقطة»، مبينا أن «الحكومة وللأسف ليس لديها سوى الخطابات الانتخابية بينما بدأ (داعش) ينشط مجدداً في أماكن كثيرة من البلاد».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».