واشنطن تتصدر أكبر عملية طرد منسق لدبلوماسيين روس في التاريخ

لندن تشيد بـ«الرد الدولي الرائع» على قضية تسميم الجاسوس

أشخاص يغادرون مقر البعثة الروسية الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك أمس (أ.ف.ب)
أشخاص يغادرون مقر البعثة الروسية الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك أمس (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تتصدر أكبر عملية طرد منسق لدبلوماسيين روس في التاريخ

أشخاص يغادرون مقر البعثة الروسية الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك أمس (أ.ف.ب)
أشخاص يغادرون مقر البعثة الروسية الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك أمس (أ.ف.ب)

أعلنت 22 دولة غربية طرد أكثر من مائة دبلوماسي روسي، أمس، في خطوة منسّقة جاءت تضامناً مع بريطانيا على خلفية اتهامها موسكو بتسميم الجاسوس المزدوج سيرغي سكريبال وابنته يوليا.
وطردت الولايات المتحدة، بالتضامن مع حلفائها في أوروبا وكندا، العشرات من الدبلوماسيين الروس، فيما وصفته رئيسة الوزراء البريطانية بأكبر عملية طرد مشترك لدبلوماسيين روس في التاريخ.
وأعلنت واشنطن، أمس، قرار طرد 60 جاسوساً موزعين في أرجاء البلاد، بينهم 48 يعملون في القنصلية الروسية بسياتل، و12 في مقر البعثة الروسية لدى الأمم المتحدة، كما أغلقت القنصلية الروسية في سياتل، بسبب عملية تجسس طالت قاعدة «كيتساب» للغواصات وشركة «بوينغ». وأعطت الحكومة الأميركية للعملاء الروس أسبوعاً واحداً لمغادرة أراضيها.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز، إن القرار جاء «رداً على استخدام روسيا لسلاح كيميائي عسكري على الأراضي البريطانية». وأوضحت أن «هذه الخطوة اليوم تجعل الولايات المتحدة أكثر أمناً من خلال الحد من قدرة روسيا على التجسس على الأميركيين والقيام بعمليات سرية تهدد الأمن القومي الأميركي»، مضيفة أن «الولايات المتحدة مستعدّة لعلاقات أفضل مع روسيا، لكن فقط إذا قامت حكومة بوتين بتغيير سلوكها».
من جهتها، أكّدت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي، أن عملية طرد عملاء الاستخبارات الروسية من الولايات المتحدة تشمل 12 من بعثة روسيا لدى المنظمة الدولية في نيويورك.
وأفادت هيلي، في بيان، بأن بلادها بدأت «عملية طرد 12 من عملاء الاستخبارات من البعثة الروسية لدى الأمم المتحدة الذين أساءوا امتياز إقامتهم في الولايات المتحدة». وأوضحت أنه «بعد مراجعة، قررنا أن عملاء الاستخبارات الاثني عشر يعملون في نشاطات تجسسية معادية لأمننا القومي». وأكدت أن «إجراءاتنا تتسق مع اتفاق مقر الأمم المتحدة».
وأشارت إلى أمر الرئيس ترمب بطرد 48 من ضباط المخابرات الروسية وإغلاق القنصلية العامة الروسية في سياتل، قائلة: «يُظهر قرار الرئيس اليوم أن تصرفات روسيا لها عواقب. أبعد من سلوك روسيا المزعزع للاستقرار في جميع أنحاء العالم، مثل مشاركتها في الأعمال الوحشية بسوريا وأعمالها غير القانونية في أوكرانيا، فقد استخدم الآن سلاحاً كيماوياً داخل حدود أحد أقرب حلفائنا». وأضافت: «هنا في نيويورك، تستخدم روسيا الأمم المتحدة كملاذ آمن للنشاطات الخطرة داخل حدودنا»، مؤكدة أن «الولايات المتحدة والعديد من أصدقائنا نوجه رسالة واضحة مفادها أننا لن نقف مكتوفين أمام سوء تصرف روسيا».
واعتبر المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، القرار الأميركي «تحركاً بائساً للغاية وغير ودي»، وتابع: «جرى إعلامنا بأن 12 دبلوماسياً سيطردون من هنا، وعليهم أن يغادروا في 2 أبريل (نيسان)».
بدورها، طردت كندا أربعة دبلوماسيين، ووصفت الهجوم بالغاز السام في مدينة سالزبري البريطانية بأنه «عمل وضيع وشائن ومتهور».
وفي الجهة الأخرى من الأطلسي، أعلن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أن 14 دولة أعضاء (على الأقل) في الاتحاد الأوروبي قررت طرد دبلوماسيين روس، بعد تسميم الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال في بريطانيا. وقال توسك، من فارنا في بلغاريا، حيث شارك في اجتماع لمسؤولي الاتحاد الأوروبي مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان: «بطريقة ملموسة، قرر 14 بلداً من الاتحاد الأوروبي طرد دبلوماسيين روس». وأضاف أن «تدابير إضافية تتضمن عمليات طرد جديدة ليست مستبعدة في الأيام المقبلة والأسابيع (المقبلة)». وبعد ساعات قليلة، انضمت دول كانت في الكتلة السوفياتية السابقة إلى الجبهة الأوروبية، ليرتفع عدد دول الاتحاد التي أعلنت قرار طرد دبلوماسيين إلى 16، هي: فرنسا وألمانيا، وبولندا، والتشيك، ليتوانيا، والدنمارك، وهولندا، وإيطاليا، وإسبانيا، إستونيا، وكرواتيا، وفنلندا، والمجر، ولاتفيا، ورومانيا، والسويد.
يشار إلى أن ثلاث دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، هي النمسا والبرتغال واليونان أعلنت أنها لا تنوي طرد أي دبلوماسيين روس رغم تعبيرهم عن تضامنهم مع بريطانيا.
كما أعلنت أوكرانيا طرد 13 دبلوماسياً روسياً، مشيرة إلى أنها اتخذت هذا القرار «في إطار التضامن مع شركائنا البريطانيين وحلفائنا الأطلسيين، وبالتنسيق مع بلدان الاتحاد الأوروبي»، كما قال الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو، في تصريح وزعه جهازه الإعلامي. وأعلنت بولندا أربعة دبلوماسيين روساً أشخاصاً غير مرغوب فيهم، فيما عمدت كل من الجمهورية التشيكية وليتوانيا إلى ترحيل ثلاثة دبلوماسيين.
وفي تصريح صحافي، قال وزير الخارجية البولندي جاك تشابوتوفيتس إن «موعد مغادرة أربعة دبلوماسيين روس بولندا قد تحدد منتصف ليل 3 أبريل. وقد سلمت المذكرة مع الأسماء الأربعة إلى سفير روسيا». وأوضح نظيره الليتواني، ليناس لينكيفيسيوس، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن الأشخاص الثلاثة قد أبعدوا «بسبب أنشطة لا تتلاءم» مع وضعهم الدبلوماسي. وأضاف أن «سلاحاً كيميائياً قد استخدم ضد مدنيين للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية. الوضع خاص، ويستدعي رداً خاصاً». وستضيف ليتوانيا أيضاً 21 اسماً من المواطنين الروس إلى لائحة وضعت العام الماضي لأشخاص غير مرغوب فيهم وممنوعين من الدخول. وهذه هي «لائحة مانيتسكي»، تيمناً باسم القاضي الروسي الذي توفي في السجن، بعدما كشف قضية فساد كبيرة تورّط فيها مسؤولون كبار.
وأبعدت لاتفيا دبلوماسياً واحداً، هو السكرتير الثاني بسفارة روسيا في ريغا، كما أوضحت وزارة الخارجية. وقررت استونيا أن تبعد دبلوماسياً أيضاً، هو الملحق العسكري، كما ذكرت وكالة «بي إن إس» للأنباء.
وأشادت المملكة المتحدة، أمس، بـ«الرد الدولي الرائع» على تسميم جاسوس روسي مزدوج سابق على أراضيها وابنته في 4 مارس (آذار). وكتب وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، في تغريدة، أن «الرد الرائع لحلفائنا يشكّل أكبر عملية طرد لضباط استخبارات روس في التاريخ، وسيتيح الدفاع عن أمننا المشترك». وأضاف متحدث باسم رئيسة الوزراء تيريزا ماي، في بيان: «نحن نشيد بتحرك حلفائنا الذي يظهر أننا جنباً إلى جنب لتوجيه رسالة لروسيا، مفادها أنّه لا يمكنها الاستمرار في تجاهل القانون الدولي». واتخذ حلفاء لندن تلك الإجراءات بعد أن اعتبرت المملكة المتحدة روسيا مسؤولة عن تسميم سيرغي سكريبال وابنته في الرابع من مارس في سالزبري، جنوب غربي إنجلترا. وأعلنت لندن طرد 23 دبلوماسياً روسياً في 14 مارس، وتجميد العلاقات الثنائية.
- 22 دولة تطرد أكثر من 100 دبلوماسي روسي
> الولايات المتحدة: 60 دبلوماسيا روسيا
> الاتحاد الأوروبي:
- فرنسا: 4 دبلوماسيين
- ألمانيا: 4 دبلوماسيين
- بولندا: 4 دبلوماسيين
- جمهورية التشيك: 3 دبلوماسيين
- ليثوانيا: 3 دبلوماسيين
- الدنمارك: دبلوماسيين اثنين
- هولندا: دبلوماسيين اثنين
- إيطاليا: دبلوماسيين اثنين
- إسبانيا: دبلوماسيين اثنين
- إستونيا: دبلوماسي واحد
- كرواتيا: دبلوماسي واحد
- فنلندا: دبلوماسي واحد
- المجر: دبلوماسي واحد
- لاتفيا: دبلوماسي واحد
- رومانيا: دبلوماسي واحد
- السويد: دبلوماسي واحد
> أوكرانيا: 13 دبلوماسيا
> كندا: 4 دبلوماسيين، كما رفضت
طلب 3 آخرين للعمل على أراضيها
> ألبانيا: دبلوماسيين اثنين
> النرويج: دبلوماسي واحد
> مقدونيا: دبلوماسي واحد



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».