واصل الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، أمس، جولته الأميركية، حيث أجرى لقاءات في مدينة بوسطن، بعد 5 أيام من المباحثات مع كبار المسؤولين في واشنطن.
وأشرف ولي العهد السعودي على توقيع اتفاقات تعاون بين كبرى المؤسسات العلمية والأكاديمية في الولايات المتحدة والسعودية، بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (إم آي تي) في مجالات الطاقة والطاقة المتجددة والرعاية الصحية والأطراف الصناعية وغيرها.
وجاءت هذه الاتفاقات في إطار التزام الطرفين السعودي والأميركي بتعزيز التعاون بين الأوساط الأكاديمية والقطاعين العام والخاص، الذي شهده المنتدى الثاني للابتكار بعنوان «الابتكار من أجل التأثير» (إينوفايشن تو إمباكت) في معهد «إم آي تي». وتعد هذه المناسبة جزءاً من التعاون المستمر بين مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، والهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، و«إم آي تي» وغيرها من المؤسسات الأكاديمية الرائدة في الولايات المتحدة.
وتميز المنتدى بإشراف الأمير محمد بن سلمان على توقيع كثير من اتفاقات التعاون بين مؤسسات أميركية وسعودية، بما في ذلك الشراكة بين جامعة الملك عبد الله ومعهد «إم آي تي» باسم «وجهة المستقبل» لمشروع نيوم. وستقوم هذه الجهات مجتمعة بمشاريع مشتركة جديدة في الأبحاث، وتبادل الطلاب، وريادة الأعمال، لتمكين المؤسسات الأميركية والسعودية من تحقيق أهداف الابتكار المشتركة. وعلق الدكتور كلاوس كلاينفيلد، الرئيس التنفيذي لمشروع نيوم، على هذا الحدث بالقول إنه «بفضل القدرات الفريدة لمعهد (إم آي تي) وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، سيؤدي هذا التعاون إلى تطوير التكنولوجيا في كثير من المجالات ذات الصلة بنيوم».
وبالتزامن مع زيارة ولي العهد السعودي إلى بوسطن، اجتمع كبار المسؤولين من مؤسسات أكاديمية وحكومية وصناعية من السعودية والولايات المتحدة منذ الصباح في رحاب معهد «إم آي تي»، لمناقشة أحدث الابتكارات والاحتفاء بالبحث العلمي وتبادل الطلاب وريادة الأعمال.
وأعلن وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي، خالد الفالح، من المنتدى نفسه، أن الأميركيين ستكون لديهم فرصة لامتلاك أسهم في شركة «أرامكو» الكبرى عندما تعرض في السوق. وتعد هذا التصريحات رجع صدى لما أعلنه سابقاً وزير المالية السعودي محمد الجدعان، الذي نفى صحة تقرير عن أن بيع الأسهم سيقتصر على السوق المحلية في المملكة. وقال: «نحن نقيم الأسواق الدولية - نيويورك ولندن وهونغ كونغ، ومن الواضح أن السوق الرئيسية هي السعودية. لذلك لم يتخذ أي قرار بعد».
وأفادت وكالة «بلومبيرغ» بأن العرض المبدئي للأسهم في «أرامكو» هو «حجر الزاوية في خطة ولي العهد للإصلاح» الاقتصادي، مضيفة أن الخطة تقضي بجمع مائة مليار دولار من خلال بيع 5 في المائة من «أرامكو» المقدّرة قيمتها بنحو تريليوني دولار، ما يجعلها أكبر شركة نفطية في العالم من حيث القيمة السوقية.
وأكد الفالح أن «المملكة تمضي قدماً في طرح عام أولي لشركة أرامكو في النصف الثاني من العام الحالي»، موضحاً أن «أرامكو قد تطرح اكتتاباً عاماً إما محلياً أو دولياً، أواخر هذا العام، وسيعتمد توقيت الطرح على أوضاع السوق، والسعودية مستعدة لتنفيذ الطرح العام الأولي في أي وقت». وأضاف أن «المملكة بحاجة إلى أن تضمن أن السوق جاهزة، وأن هذا هو الوقت الأمثل للتنفيذ». كما ذكر أن بورصة نيويورك «لا تزال في السباق للطرح العام الأولي لأرامكو». وقال: «قمنا بتجهيز كل المستندات لنكون جاهزين لتنفيذ الإدراج المحلي والدولي على السواء، لم نغلق الباب أمام 2018».
وعلى صعيد أسواق النفط، قال الفالح إن الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) يجب أن تواصل التنسيق مع روسيا والدول المنتجة من خارج المنظمة في ما يتعلق بالحد من المعروض عام 2019، لتقليل مخزونات النفط العالمية للمستويات المطلوبة. وأوضح: «نعلم على وجه اليقين أنه لا تزال أمامنا فترة قبل أن نقلل المخزونات إلى المستوى الذي نراه طبيعياً، وسنستعرض هذا بحلول منتصف العام عندما نجتمع في فيينا. ونأمل بحلول نهاية العام أن نحدد الآلية التي سنعمل بها في 2019».
وكان الفالح أفاد سابقاً بأنه من الأفضل لـ«أوبك» أن تترك سوق النفط تواجه نقصاً طفيفاً في الإمدادات بدلاً من أن تنهي اتفاق خفض الإنتاج قبل الأوان، كاشفاً أن هناك اتفاقاً عاماً بين المنتجين على أن مزيداً من التنسيق «لا يعني بالضرورة الحفاظ على مستوى التخفيضات نفسه»، بل «يعني أن الآلية نجحت وأنهم ملتزمون بالعمل في إطار تلك الآلية لفترة أطول».
ويستند منتدى الابتكار لعام 2018 على نجاح الاجتماع الافتتاحي خلال العام الماضي، الذي كان انعقد في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في جدة مع صانعي القرار الرئيسيين والخبراء في مجالات الطاقة والزراعة والتكنولوجيا والرعاية الصحية والعلوم البيولوجية.
أما هذا العام، فهناك كثير من الاجتماعات حول طاولات مستديرة لاستكشاف الحلول التي تتوافق مع أهداف السعودية في «رؤية 2030» وأهداف الولايات المتحدة للتقدم في البحث العلمي المتطور. وفي إطار روح الابتكار المشتركة، يعمل الحاضرون على تحديد وإيجاد فرص للباحثين والطلاب ورجال الأعمال في كلا البلدين لتعزيز تقنيات الطاقة، والبنية التحتية المستدامة، وتحسين الصحة، وتعزيز تعليم المرأة، وتعزيز روح المبادرة. بالإضافة إلى ذلك، شمل المنتدى في معهد «إم آي تي» معرضاً للتقنيات والابتكارات والتعاون الفني الجاري حالياً بين المؤسسات السعودية والأميركية.
في هذا السياق، قال الرئيس المؤقت لجامعة الملك عبد الله المهندس نظمي النصر: «نحن سعداء بإحضار الحدث إلى بوسطن الكبرى هذا العام، إلى أحد أكبر مراكز الابتكار في العالم، ما يعزز العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة». وأضاف: «مع التزامنا العميق بتطوير المشهد الابتكاري في المملكة وتوسيع الفرص للطلاب ورجال الأعمال السعوديين، فإن هذا التجمع وتبادل المعرفة بين الخبراء سيكون له تأثير إيجابي على اقتصادنا، بالإضافة إلى أهداف شركائنا في الولايات المتحدة».
بدوره، قال رئيس معهد «إم آي تي» رافائيل ريف، إنه «بفضل (رؤية 2030)، تتجه المملكة نحو مستقبل واعد. أحد العناصر الأساسية لهذه الاستراتيجية ينطوي على بناء علاقات تعاونية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك مع الجامعات الرائدة والمستشفيات والشركات في بوسطن الكبرى. ويسرّ معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا جلب هذه المجموعة الرائعة». وتابع: «نسمع من ضيوفنا السعوديين عن تطلعاتهم وتطورهم، وبينما نعرض قوة منظومة خلق الإبداع لمنطقتنا، يسعدنا أن نلتزم بمزيد من الفرص للتعاون الإبداعي والمتبادل المنفعة حول التكنولوجيا المهمة والقضايا المجتمعية».
يشار إلى أن المحطّة الأولى من جولة الأمير محمد بن سلمان الأميركية، تميّزت بسلسلة لقاءات رفيعة المستوى تقدّمتها مباحثات مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي سلط الضوء على قوة العلاقات الثنائية بين البلدين، وأشاد بصداقته الشخصية مع ولي العهد السعودي. كما عقد الأمير محمد بن سلمان، منذ بداية زيارته إلى واشنطن الثلاثاء الماضي، مباحثات مع أعضاء في الكونغرس الأميركي، والتقى وزير الدفاع جيمس ماتيس، ووزير التجارة ويلبر روس، ووزير الخزانة ستيفن منوتشن، ونائب وزير الخارجية جون سوليفان، ونائب الرئيس التنفيذي لغرفة التجارة توم دونوهيو، إلى جانب كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية ومستشاري البيت الأبيض.
وقبل مغادرته واشنطن إلى بوسطن، استعرض الأمير محمد بن سلمان، خلال اجتماعه في مقر إقامته بالعاصمة الأميركية، مع كريستين لاغارد المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، أول من أمس، «رؤية السعودية 2030»، ومبادراتها على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية. كما بحثا الإصلاحات التي تشملها الرؤية، والتي تهدف إلى تنويع الاقتصاد السعودي، وتطوير التجارة وزيادة الاستثمار في التقنية والموارد البشرية، إلى جانب استعراض الجانبين العلاقات بين المملكة والصندوق، وفرص تطويرها.
والتقى ولي العهد السعودي في وقت لاحق، في واشنطن، عدداً من المسؤولين الأميركيين السابقين؛ أبرزهم وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت، ومستشارا الأمن القومي السابقان ستيف هادلي وجيم جونز، ومستشارة الأمن الداخلي السابقة فرانسيس تاونسند، إضافة إلى رئيس «المجلس الأطلسي» فريدريك كمب. وتناولت اللقاءات علاقات الصداقة السعودية - الأميركية، وتطورها على مر العقود.
واجتمع الأمير محمد بن سلمان كذلك مع رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم، وتطرق اللقاء إلى مبادرات المملكة لتنويع اقتصادها وتطويره، وسعيها إلى مزيد من التقدم والتطوير التقني وفق «رؤية 2030».
حضر اللقاءات الأمير خالد بن سلمان، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الولايات المتحدة، والوفد الرسمي المرافق لولي العهد.
محمد بن سلمان يشرف على توقيع شراكات تكنولوجية وعلمية في بوسطن
بحث مع رئيسي «صندوق النقد» و«البنك الدولي» مبادرات «رؤية السعودية 2030»
محمد بن سلمان يشرف على توقيع شراكات تكنولوجية وعلمية في بوسطن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة