انتهى محققون من الهيئة التنظيمية المعنية بحماية البيانات في بريطانيا، أمس (السبت)، من تفتيش مقر شركة «كمبريدج أناليتيكا»، بسبب مزاعم بأنها جمعت بشكل غير قانوني بيانات خاصة عن مستخدمي «فيسبوك» لاستهداف ناخبين أميركيين. وكانت المحكمة العليا في بريطانيا قد وافقت على طلب التفتيش استناداً إلى ادعاءات محققي مكتب المعلومات أن «كمبريدج أناليتيكا» قد تكون سطت على بيانات من «فيسبوك» بطريقة غير قانونية ولأهداف سياسية. وسيصدر القاضي أنتوني جيمس، الثلاثاء المقبل، شرحاً كاملاً للحكم القانوني الذي أصدره، وفق ما أفادت به المحكمة.
وذكرت وكالة الأنباء البريطانية «برس أسوسيشن» أن قرابة 20 مسؤولاً يرتدون سترات سوداء عليها شعار مكتب مفوض المعلومات وصلوا إلى مقر الشركة، الجمعة، في وسط لندن، وهم يتبعون امرأة تمسك ما بدا وكأنه مذكرة تفتيش، بعد قليل من منح قاض بالمحكمة العليا المكتب إذناً بالتفتيش.
ونشر مكتب المعلومات على حسابه في «تويتر» بياناً يقول: «نحن مسرورون بقرار القاضي»، مضيفاً: «هذا جزء بسيط من تحقيق أكبر حول استخدام البيانات الشخصية والتحليلات لأهداف سياسية»، وتابع البيان: «الآن، سوف نجمع ونقيّم وندرس الأدلة قبل التوصل إلى أي استنتاجات».
وكان مشرعون بريطانيون قد وجهوا انتقادات لإعلان مكتب مفوض المعلومات أنه بصدد الحصول على قرار قضائي لتفتيش مكاتب «كمبريدج أناليتيكا»، وقالوا إن ذلك أعطى الشركة فرصة ذهبية لإتلاف الملفات والتخلص من بعضها. ولم يمنح قاضي المحكمة التفويض القضائي إلا بعد 72 ساعة من الطلب. وأنهى المسؤولون عملية التفتيش في الساعات الأولى من صباح السبت. وقال شاهد من «رويترز» إنه رأى من نوافذ الطابق الثاني المسؤولين، الذين سمح لهم الحراس بدخول المبنى، وهم يفحصون الكتب والوثائق في شارع نيو أكسفورد المزدحم في لندن.
كانت إليزابيث دنهام، مديرة مكتب مفوض المعلومات، قد سعت لاستصدار مذكرة تفتيش لمقر الشركة، بعدما كشف مصدر مطلع سرب معلومات أن الشركة جمعت معلومات خاصة عن 50 مليوناً من مستخدمي «فيسبوك» لدعم الحملة الانتخابية للرئيس الأميركي دونالد ترمب في 2016. وكانت دنهام تريد تفتيش مقر الشركة في لندن بحثاً عن أدلة على تدخل محتمل في الحملات السياسية، وفقاً لما ذكرته الوكالة. وتحقق بريطانيا لمعرفة ما إذا كانت شركة «فيسبوك»، أكبر شبكة للتواصل الاجتماعي في العالم، قد قامت بما يكفي لحماية البيانات.
وطلب مشرعون أميركيون، يوم الجمعة، من الرئيس التنفيذي لشركة «فيسبوك»، مارك زوكربيرغ، أن يأتي إلى الكونغرس لتوضيح كيفية وصول البيانات إلى شركة «كمبريدج أناليتيكا».
وقال زوكربيرغ، يوم الأربعاء، إن شركته ارتكبت أخطاء في ما يتعلق بالتعامل مع البيانات الشخصية، وتعهد باتخاذ خطوات أكثر صرامة لتقييد وصول مطوري الخدمة لمثل هذه المعلومات.
وذكرت صحيفة «الغارديان» البريطانية أن مستشارة سياسية سابقة في «كمبريدج أناليتيكا» اتهمت الشركة بتضليل الرأي العام البريطاني بشأن عملها لصالح مجموعة مؤيدة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، قبل التصويت على الانسحاب (بريكست). وقالت بريتاني كايزر، مديرة تطوير الأعمال في الشركة من 2014 حتى أوائل هذا العام، للصحيفة إن «كمبريدج أناليتيكا» نفذت أعمال تحليل وتقييم بيانات للمجموعة المؤيدة لانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بينما نفت علناً أنها قامت بذلك.
وقال أرون بانكس، وهو متبرع كبير لحملة الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، للصحيفة إن الحملة لم تتلقَ أي بيانات أو عمل من «كمبريدج أناليتيكا»، على الرغم من أن حزب استقلال المملكة المتحدة، المؤيد أيضاً للانسحاب، منح الشركة بعض بياناته، وقامت الشركة بتحليلها. ونقل عن بانكس قوله: «لكنها لم تستخدم في حملة الخروج من الاتحاد. حاولت (كمبريدج أناليتيكا) أن تجعلني أدفع مقابل العمل، لكنني رفضت؛ ليس للأمر علاقة بنا».
وتثور شبهات بقيام هذه الشركة بالتأثير على ملايين الناخبين في الولايات المتحدة عبر دعاية انتخابية غير مسموح بها لترمب على شبكة الإنترنت. ويعتقد أن الشركة استعانت في ذلك ببيانات جمعت عن طريق موقع «فيسبوك» للتواصل الاجتماعي بطريقة غير قانونية. و«كمبريدج أناليتيكا» متهمة من قبل أشخاص عملوا فيها سابقاً بالاستيلاء بطريقة غير قانونية على البيانات الشخصية لعشرات الملايين من مستخدمي «فيسبوك» بهدف التأثير في ناخبين محتملين. وعلقت مهام الرئيس التنفيذي للشركة ألكسندر نيكس، بعد الكشف عن القضية، وعرضت القناة الرابعة البريطانية ما يشير إلى تبجحه بمحاصرة سياسيين والعمل بسرية للتدخل في الانتخابات حول العالم عبر استخدام شركات غامضة كواجهات لهذا النشاط. وتم استدعاء نيكس مجدداً للمثول أمام النواب البريطانيين لشرح «تناقضات» في شهادة أدلى بها سابقاً حول طريقة استخدام شركته للمعلومات.
ونفت «كمبريدج أناليتيكا» اقتراف أي خطأ، وقالت الجمعة إنها ستجري تدقيقاً مستقلاً من قبل طرف ثالث للتحقق من أنها لا تملك البيانات التي تم الاستيلاء عليها. وتمت عملية جمع معلومات مستخدمي «فيسبوك» من خلال تطبيق أنشأه عالم نفس من جامعة كمبريدج، اسمه ألكسندر كوغان، وقام 270 ألف شخص بتنزيله، ما سمح لكوغان بالدخول إلى معلوماتهم الشخصية، والمواد التي حازت إعجابهم. وكان هذا ممكناً، بموجب قوانين «فيسبوك» في ذلك الوقت. واعتبر كوغان أن المسؤولية تلقى على كاهله بشكل غير منصف، وقال في مقابلة، الأربعاء: «يتم استخدامي ككبش محرقة من قبل (فيسبوك) و(كمبريدج أناليتيكا)».
تفتيش مقر «كمبريدج أناليتيكا» في لندن
مستشارة سابقة في الشركة تعترف بتضليل الرأي العام في استفتاء «بريكست»
تفتيش مقر «كمبريدج أناليتيكا» في لندن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة