مؤتمر بمكتبة الإسكندرية يستعين بفلسفة الفن الإسلامي لمواجهة التطرف

باحثون من 13 دولة أوروبية وآسيوية وأفريقية شاركوا في جلساته

استعرض الباحثون تجربة متحف الفن الإسلامي في إعادة ترميمه وافتتاحه
استعرض الباحثون تجربة متحف الفن الإسلامي في إعادة ترميمه وافتتاحه
TT

مؤتمر بمكتبة الإسكندرية يستعين بفلسفة الفن الإسلامي لمواجهة التطرف

استعرض الباحثون تجربة متحف الفن الإسلامي في إعادة ترميمه وافتتاحه
استعرض الباحثون تجربة متحف الفن الإسلامي في إعادة ترميمه وافتتاحه

في إطار شعارها للعام الحالي لمواجهة ونبذ العنف والإرهاب، أقامت مكتبة الإسكندرية مؤتمر «الفن الإسلامي في مواجهة التطرف» على مدار يومين ناقشت فيه عدة محاور في محاولة لاستعادة روح وفلسفة الفن الإسلامي منها: «الفن الإسلامي والآخر»، و«تجارب في إحياء الفن الإسلامي» والاستعانة بجماليات هذا الفن في مواجهة التطرف. وشهدت الجلسة الأولى نقاشاً حول «فلسفة وهوية الفن الإسلامي»، حيث استعرض الدكتور أحمد الشوكي تجربة متحف الفن الإسلامي في إعادة ترميمه وافتتاحه عقب تعرضه لدمار كبير إثر تفجير مديرية أمن القاهرة عام 2014. وأشار الشوكي إلى أن «التفجير الإرهابي وقع على بعد 20 مترا فقط من المتحف، ما تسبب في أضرار بالغة، وأثرت على 179 قطعة أثرية موجودة»، متابعاً: «أرى أن الحادث كان يستهدف أيضا تدمير تراثنا الإسلامي وليس مديرية الأمن فقط».
وروى كيف نجح فريق العمل في ترميم 170 قطعة أثرية من أبرزها «محراب السيدة رقية»، لافتاً إلى أنهم أيضاً قاموا بتدشين موقع إلكتروني وتطبيق على الهواتف للتعريف بالمتحف ومقتنياته، فضلا عن زيادة عدد قاعات العرض والمعروضات التي بلغت 4400 أثرية.
وشارك في المؤتمر باحثون من 13 دولة من أوروبا وآسيا وأفريقيا، تحت رعاية المجلس الدولي للمتاحف والمنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم.
«تواصل بصري لحضارة قامت على التعارف» هكذا تحدث الدكتور خالد عزب؛ رئيس قطاع المشروعات بمكتبة الإسكندرية، عن فلسفة الفن الإسلامي، وقال إن «الفنان المسلم تجاوز فكرة تقليد الواقع إلى التجريد، وقام بخلط التجريد بالطبيعة والعناصر الهندسية»، لافتاً إلى أن «هذا الفن يعبر بالنفس إلى رحابة السمو الإنساني الروحاني، وذلك حين يخلط الزخارف بالخط العربي الذي هو فن في ذاته مثل استخدام آيات سورة النور وكتابته على المشكاة».
وأضاف أن «الفن الإسلامي مركب يحتاج إلى من يفك ألغازه. فمشاهدة قطع فنية يوميا لا يولد إحساسا بالملل بقدر ما يولد رغبة في معرفة ماهية هذه القطع». وتابع: «الفن يشبع رغبات المجتمع للتمتع بالجمال. والفن الإسلامي لم يكن يمارس كفن للتعبير الفني بل لكل شيء يستعمله الإنسان في حياته».
أما عن خصائص وسمات الفن الإسلامي، فقال حمدان كرم الكعبي، من «هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام» بالإمارات العربية، إذ قال إن الفن الإسلامي راق، ومن أهم سماته أنه يتمازج بالحضارات والفنون الأخرى، ولم يكن مميزا فقط للمسلمين بل كان يتقنه مسلمون ويهود، وامتزج مع فنون أخرى في الأندلس والمغرب العربي.
فيما أشار عبد الحليم مناع، الباحث الأردني، إلى أن «يد الإرهاب مست أهم متاحف الدول العربية والإسلامية الموجودة في مصر والعراق واليمن وسوريا وفلسطين». وقال إن «الكيان الصهيوني في فلسطين أول من قام بانتهاك التراث الإسلامي على أرض فلسطين، وكذلك محاولات مس المسجد الأقصى ومنبر صلاح الدين الأيوبي». وطالب بضرورة أن يكون للفن الإسلامي مادة أكاديمية تدرس في جميع المدارس والمعاهد في جميع المراحل الدراسية، وذلك لما يحمله الفن الإسلامي من قدرة على السمو بالنفس والاتزان النفسي والروحي والعقلي.
وتحدث الدكتور محمد حسن عبد الحافظ، عضو معهد الشارقة للتراث بالإمارات العربية المتحدة، عن ورقة «الرؤية الصوفية لجماليات الفنون الإسلامية»، داعياً إلى «إعادة اكتشاف الدور الذي قامت به الصوفية في حماية المجتمع من التطرف والعنف، وخاصة في صعيد مصر». وأشار إلى أن «الحياة الإنشادية الصوفية في موالد الأولياء والقديسين استمرت على الرغم من انتشار الفكر الإسلامي المتشدد، مسلطاً الضوء على واقعة حضور عائلتين في صعيد مصر إحدى جلسات الإنشاد الديني يمارسون الطقوس بحرية تامة على الرغم من وجود خلاف ثأري بينهما، وهو ما يعكس حالة السلام والتسامح الذي يدفع إليه التصوف».
وألقت رينا ديواني، وهي مشاركة من دولة الهند، ورقة بحثية بعنوان «جوهر الجمال في الفن الإسلامي»، مشيرة إلى أن الهند تعد مثالا واضحا للتعايش بين الأديان، هذا التعايش الذي استمر لسنوات طويلة وهو ما تعكسه الأفلام الهندية. وأوضحت «ديواني» أن الهند بها الكثير من مظاهر الفن الإسلامي والتي تظهر في المباني الإسلامية، والنقوش التي تم استخدامها في مبنى تاج محل، بالإضافة إلى الأواني والملابس التي تنتمي للحضارة الإسلامية.
وفي جلسة بعنوان «الفن الإسلامي بين الرمزية والتجريد»، ألقى الدكتور طرشاوي بلحاج ورقة بحثية بعنوان «الفن من المحاكاة اليونانية إلى التجريد الإسلامي»، موضحاً أن الفن اليوناني كان يعتمد على أسلوب المحاكاة والتصوير للكائنات الحية، والذي تميز بقدرته على التعبير عن المشاعر الإنسانية بوضوح. وأضاف أن «الفن الإسلامي خرج من هذا الأسلوب إلى التجريد، لأن التجريد يعطي حرية أكبر للإبداع والتأمل في الكون، وهو ما يتماشى مع عقيدة التوحيد التي جاء بها الإسلام، هذا بجانب الإشكاليات التي تثار حول التصوير في الإسلام ووجود محاذير شرعية حوله».
وتحدث الدكتور محمد حسام الدين من جامعة عين شمس في جلسة «تجارب في إحياء الفن الإسلامي». عن دور الأجانب في إحياء الزخارف الكتابية على العمائر المساجد في النصف الأول من القرن العشرين، مستعرضاً تجارب لعدد من المهندسين الأوروبيين مثل ماريو روسي الذين ركزوا على الاستعانة بالفن الإسلامي في تصميم المباني خلال فترة النصف الأول من القرن العشرين مثل جامع الثورة بمصر الجديدة، أو مساجد أبو العباس المرسي والقائد إبراهيم ومسجد المتنزه.


مقالات ذات صلة

كاتدرائية نوتردام الفرنسية تتعافى من الحريق... وتكشف عن هيئتها الجديدة للعالم

يوميات الشرق جانب من كاتدرائية نوتردام دو باريس في باريس، بعد ترميمها، 29 نوفمبر 2024 (رويترز)

كاتدرائية نوتردام الفرنسية تتعافى من الحريق... وتكشف عن هيئتها الجديدة للعالم

بعد أكثر من خمس سنوات من أعمال ترميم واسعة، كشفت كاتدرائية نوتردام في العاصمة الفرنسية باريس عن هيئتها الجديدة للعالم اليوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا أعضاء فرع الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية يحضرون اجتماعاً في دير القديس بانتيليمون في كييف يوم 27 مايو 2022 (رويترز)

الأمم المتحدة قلقة من حظر أوكرانيا الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

أعلن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أنه يدرس حظر كييف للكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المرتبطة بروسيا، قائلاً إنه يثير مخاوف جدية بشأن حرية المعتقد.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
آسيا البابا فرنسيس أثناء وصوله إلى مطار سوكارنو هاتا الدولي في جاكرتا (أ.ف.ب)

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في مستهل أطول رحلة خارجية خلال ولايته

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في محطة أولى ضمن جولة له على 4 دول. وتتمحور الزيارة بشكل خاص حول الحوار الإسلامي المسيحي.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
أميركا اللاتينية الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي خلال زيارته إلى القدس 6 فبراير 2024 (أ.ب)

كيف تحول تأييد الرئيس الأرجنتيني لإسرائيل واهتمامه المتزايد باليهودية مصدر قلق لبلاده؟

لقد أظهر الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، وهو كاثوليكي بالميلاد، اهتماماً عاماً متزايداً باليهودية، بل وأعرب حتى عن نيته في التحوّل إلى اليهودية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا رجال الشرطة يقفون للحراسة مع وصول المسلمين لأداء صلاة الجمعة في مسجد جيانفابي في فاراناسي 20 مايو 2022 (أ.ف.ب)

الهند: قوانين مقترحة للأحوال الشخصية تثير مخاوف المسلمين

من المقرر أن تطرح ولاية هندية يحكمها حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي قوانين الأحوال الشخصية العامة الجديدة المثيرة للجدل والتي ستطبَّق على جميع الأديان.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».