عرب وعجم

عرب وعجم
TT

عرب وعجم

عرب وعجم

> علي بن حسن جعفر، سفير خادم الحرمين الشريفين في الخرطوم، استقبله أسامة فيصل، وزير الدولة بوزارة الاستثمار السوداني، لبحث أوجه التعاون الاقتصادي، ومجالات الاستثمار وكيفية تطويرها بما يخدم المصالح المشتركة. وأكد وزير الدولة السوداني اهتمام بلاده ودفعها للجهود القائمة لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين وجهود الوزارة في تهيئة بيئة الاستثمار ومعالجة المعوقات التي تواجه الاستثمار في السودان ورعايتها المباشرة للاستثمارات السعودية التي وصفها بالمتميزة.
> حمد محمد حميد الجنيبي، سفير الإمارات في الخرطوم، التقى إبراهيم يوسف بنج، وزير الدولة بوزارة النقل والطرق والجسور السوداني. وناقش الجانبان خلال اللقاء الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، وأشاد الوزير السوداني بمواقف الإمارات وقيادتها الرشيدة تجاه بلاده، مضيفاً أن الاستثمارات الإماراتية تشهد نمواً كبيراً وتحتل المرتبة الأولى في السودان، مؤكداً اكتمال كل الاستعدادات للمشاركة في «إكسبو دبي 2020».
> غازي عبد الله سالم المهري، سفير الإمارات لدى جمهورية إثيوبيا، المندوب الدائم للدولة لدى الاتحاد الأفريقي، التقى في مقر السفارة بأديس أبابا، محبوب معلم، السكرتير التنفيذي لهيئة الإيجاد. وبحث الجانبان خلال اللقاء سبل تطوير آفاق التعاون بين الإمارات وهيئة الإيجاد، فيما أكد المهري تطلعه إلى تطوير العلاقات بين الطرفين. وعبر السكرتير التنفيذي للهيئة عن بالغ شكره وتقديره على دعوة السفير وعن ثقته بوجود آفاق جيدة للتعاون مع دولة الإمارات العربية المتحدة.
> الدكتور عبد العزيز محيي الدين خوجة، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة المغربية، زار مقر المحكمة الدستورية في الرباط. وقدم رئيس المحكمة الدستورية، الدكتور سعيد اهراي، شرحاً حول طبيعة عمل المحكمة والمهام المناطة بها في التحكيم وفض المنازعات وفق الدستور في المغرب لعام 2011، معربا عن ترحيبه بزيارة السفير للتعرف على مهام هذه المؤسسة وصلاحيتها وعملها القضائي، مشيراً إلى أن الزيارة دليل على عمق العلاقات التاريخية بين المملكتين على مختلف المستويات.
> ديفيد بيرتولوتي، السفير الفرنسي لدى الأردن، شهد افتتاح معرض تشكيلي بعنوان «ثلاثية الألوان» للفنان التشكيلي خلدون الداود، في مسرح المركز الثقافي الفرنسي بعمان، بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الدولة الرومانية وتزامنا مع الأسبوع الثقافي الفرانكفوني. وقال السفير الفرنسي إن المعرض يمثل فرصة جيدة لاستذكار مرحلة مهمة أخرى في العلاقة بين فرنسا ورومانيا وهي ثورات 1848 التي اجتاحت كلا البلدين والتي مهدت الطريق لإرساء قيم الديمقراطية.
> إيهاب بسيسو، وزير الثقافة الفلسطيني، شهد فعالية «كتابي رفيقي» التي نظمتها الوزارة بالتعاون مع بلدية البيرة ومديرية التربية والتعليم في رام الله. وقال الوزير إن الاحتفال بيوم القراءة الوطني يأتي تأكيدا على دور الوزارة في تجسيد مفهوم الهوية الوطنية الثقافية بين أبناء شعبنا، الذي يقاوم ويناضل من أجل استرداد حقوقه كافة، مضيفاً أن الربط بين يوم الثقافة الوطنية ويوم الأرض هو تجسيد للنضال الوطني الفلسطيني والتأكيد على دور الثقافة في حماية التراث.
> وليد بن عبد الله بخاري، القائم بأعمال السفارة السعودية في لبنان، أقام بمناسبة «اليوم العالمي للغابات» حفل تدشين حديقة تحمل اسم «رياض السلام»، بمقر السفارة في بيروت. وبعد أن تمّ غرس شجرة أرز في الحديقة، ألقى «بخاري» كلمة قال فيها: «أحببنا أن تكون شجرة الأرز أول ما يتم غرسه في حديقة (رياض السلام)»، مشيراً إلى أنها دلالة على صلابة ومتانة العلاقات بين المملكة العربية السعودية ولبنان.
> سمير المنصر، سفير الجمهورية التونسية لدى الإمارات، أقام حفل استقبال بمناسبة اليوم الوطني لبلاده، بحضور الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح الإماراتي، وسهيل بن محمد فرج فارس المزروعي، وزير الطاقة والصناعة في الإمارات. وأشاد السفير التونسي، في كلمة له، بهذه المناسبة بالعلاقات القوية والمتينة التي تربط الشعبين الشقيقين، ووصفها بأنها تاريخية يجمعها رابط الدين والأخوة.
> سلمان الهرفي، سفير فلسطين لدى فرنسا، شارك في ندوة بمقر مجلس الشيوخ الفرنسي نظمتها مجلة «باساج» الفرنسية، حضرها عدد من السفراء العرب والأجانب وممثلي السلك الدبلوماسي المعتمد في باريس، ومحللون سياسيون واقتصاديون ومختصون بالشأن الفلسطيني وبالمنطقة العربية. وقال السفير، في كلمته، إن الفلسطينيين قدموا تنازلات مؤلمة جداً بهدف الوصول إلى تسوية سياسية، بيد أن إسرائيل تريد من الفلسطينيين أن يتنازلوا عن كل شيء، وتريد فرض منطق القوة العسكرية في الحل السياسي.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)