ماكرون يشجع فرض ضرائب على الشركات الرقمية العملاقةhttps://aawsat.com/home/article/1213351/%D9%85%D8%A7%D9%83%D8%B1%D9%88%D9%86-%D9%8A%D8%B4%D8%AC%D8%B9-%D9%81%D8%B1%D8%B6-%D8%B6%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D8%A8-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%83%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%82%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A9
ماكرون يشجع فرض ضرائب على الشركات الرقمية العملاقة
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الهولندي مارك روتا (أ.ف.ب)
لاهاي:«الشرق الأوسط»
TT
لاهاي:«الشرق الأوسط»
TT
ماكرون يشجع فرض ضرائب على الشركات الرقمية العملاقة
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الهولندي مارك روتا (أ.ف.ب)
أفاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس (الأربعاء)، عشية قمة أوروبية، بأن الضريبة التي يخطط الاتحاد الأوروبي لفرضها على الشركات الرقمية العملاقة ستؤثر على الميزانية الأوروبية، بحيث إنها ستؤمن لها «نصف حاجتها» المالية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد. ومستندا إلى أرقام قدمتها المفوضية، أضاف الرئيس الفرنسي الذي يزور هولندا، خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الهولندي مارك روتا، أن هذه الضريبة ستتيح موارد جديدة للسياسات الأوروبية، من دون الاضطرار إلى مطالبة الدول الأعضاء في الاتحاد بتقديم مزيد من الموارد. وأمضى ماكرون مساء (الأربعاء) في لاهاي، في محاولة منه لإقناع رئيس الحكومة الليبرالي بدعم مشروعه الخاص بإصلاح منطقة اليورو وإنشاء ميزانية أوروبية وهو موضوع سيكون محور المناقشات يومي الخميس والجمعة في بروكسل. وأكد روتا المؤيد لسياسة الانضباط المالي أنه لا يريد لبلاده التي تُعدّ بالفعل مساهما فعالا في الميزانية الأوروبية، أن تدفع مزيدا من الأموال، وعبّر عن أمله في أن تكون المساعدة الأوروبية للبلدان التي تواجه صعوبات مشروطة بسياسات إصلاح معمقة أو باحترام قيَم الاتحاد الأوروبي. وردا على سؤال حول المنافسة الضريبية في أوروبا، دعا ماكرون إلى مزيد من «التقارب والتضامن» داخل الاتحاد الأوروبي. وتريد فرنسا إقناع شركائها خلال القمة الأوروبية، بأن يلتزموا تعزيز منطقة اليورو وإكسابها «قدرة مالية» من أجل مساعدة أي بلد في حال حصول أزمات، ولكن أيضا بهدف الاستثمار في قطاعات المستقبل. وتأمل باريس في تبني خريطة طريق خلال قمة الاتحاد الأوروبي المقبلة في يونيو (حزيران) بشأن هذه القضية مع اقتراب الانتخابات الأوروبية في مايو (أيار) 2019. وقبل اجتماعه مع روتا، توجه ماكرون إلى مقر منظمة حظر الأسلحة الكيماوية التي تتخذ لاهاي مقرا لها. كما أشارت الرئاسة الفرنسية إلى أن هذه الزيارة تأتي «في سياق الأزمة السورية وهجوم سالزبري»، في إشارة إلى شكوك تسري حول إمكان أن يكون سلاح كيماوي قد استخدم في الغوطة الشرقية قرب دمشق، وإلى قضية تسميم جاسوس روسي سابق على أراض بريطانية واتهام روسيا بالمسؤولية عن ذلك.
2025... عام ملء الفراغات؟https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85/5098475-2025-%D8%B9%D8%A7%D9%85-%D9%85%D9%84%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%A7%D8%BA%D8%A7%D8%AA%D8%9F
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.
يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟
بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.
دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.
بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».
حال العالم
في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.
في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.
وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.
يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟
إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.
شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.
التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ
مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.
تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.
في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟