«عيد الأم» في لبنان يتوج بيروت «أم الدنيا»

يحمل معه احتفالات و«صبحيات» وهدايا بيئية ورياضية

غي مانوكيان  ونوال الزغبي وتوفيق يحيي ات
غي مانوكيان ونوال الزغبي وتوفيق يحيي ات
TT

«عيد الأم» في لبنان يتوج بيروت «أم الدنيا»

غي مانوكيان  ونوال الزغبي وتوفيق يحيي ات
غي مانوكيان ونوال الزغبي وتوفيق يحيي ات

لن تقتصر الاحتفالات بـ«عيد الأم» في لبنان على موعده المحدد في 21 مارس (آذار) الحالي، بل ستتجاوزه لتستمر حتى 25 منه، حاملة معها لـ«ست الحبايب» مروحة من الخيارات الترفيهية الملونة بأفكار جديدة وخارجة عن المألوف.
ولعل أبرز هذه الاحتفالات تلك التي ستعمّ وسط العاصمة تحت عنوان «بيروت أم الدنيا»، ويشارك فيها عدد من نجوم الغناء والموسيقى، بينهم نوال الزغبي ووليد توفيق ورامي عياش وجو أشقر وغي مانوكيان وغيرهم. وفي هذه المناسبة ترتدي ساحة النجمة وسط بيروت حلة العيد فاتحة أبوابها على مدى 4 أيام متتالية (من 22 حتى 25 الحالي) مجاناً أمام اللبنانيين من العاشرة صباحاً حتى منتصف الليل. وسيتيح هذا الحدث الذي يشهده لبنان للسنة الثانية على التوالي (تنظمه شركة «Beasts» بالتعاون مع بلدية بيروت) للمحتفلين، بأن يمضوه في أجواء ترفيهية تتخلله، إضافة إلى اللوحات الغنائية والموسيقية، نشاطات أخرى ترضي الكبار والصغار كعروض راقصة وجوائز قيمة (بينها سيارة) وألعاب خاصة بالأطفال ومطاعم وغيرها.
وفي عيد «ست الحبايب» سيكون اللبنانيون أيضاً على موعد مع احتفال من نوع آخر يرتكز على بوح الأبناء لأمهاتهم بمشاعرهم تجاهها، في كلام يتوجهون به إليها مباشرة عبر الميكروفون أمام الجميع، في أمسية ينظمها مركز «كانتينا سوسيال» في الأشرفية. ويأخذ المركز على عاتقه الاهتمام بالأمهات تحت عنوان «قل لوالدتك»، داعياً من يهمه الأمر من الأبناء لأن يدعو الأشخاص المقربين والمحببين إلى قلوب والدتهم لمفاجأتها في هذه المناسبة.
ولأنّ وراء كل امرأة عظيمة تسكن أم معطاء تعبق بالحب والديناميكية والحنان، فقد ارتأت بعض النوادي الرياضية فتح أبوابها أمام زبائنها من الشباب ليحضروا الصفوف الرياضية المعتادين ارتيادها يومياً أو أسبوعياً بمعية أمهاتهم. «هي وسيلة تساهم في التخفيف من التوتر لدى أمهاتنا اللواتي لا يتوقفن عن التفكير فينا، كيفما تحركنا، فارتأينا أن نفكر فيهن بدورنا ونقدم لهن ساعة رياضة يختارونها حسب رغبتهن مجاناً»، يقول أنيس أحد أساتذة الرياضة في نادي «فيتنيس زون» في بيروت لـ«الشرق الأوسط».
وللأمهات اللاتي يتشوقن لتمضية أوقات مسلية يسودها الضحك والمواقف الطريفة، فما عليهن سوى التوجه إلى مطعم «مدام أم» في شارع الجميزة لمشاهدة عرض مسرحي بعنوان «بحبو يا بابا»، للفنانة المسرحية شادن التي تخص الأمهات مساء 25 مارس الحالي، وفي هذه المناسبة باسكتشات وعروض ساخرة تخرجها عن روتين يومياتها العادية.
أمّا «استوديو كونتور» في شارع كليمنصو في منطقة الحمراء، فينظم في يوم 23 مارس ورشة عمل للأمهات الشابات تحت عنوان «الأمومة مهمة غير سهلة»، يتعرفنّ خلالها بمساعدة خبيرات اجتماعيات على كيفية التعامل مع أطفالهن، من دون أن تنتابهن عقدة الذنب تجاه موقف معين قد يتعرضن له خلال أدائهن اليومي مع أطفالهن.
أمّا الأمهات اللاتي يهوين تمضية «صبحية» خاصة بالعيد فسيكون لديهن خيارات واسعة، تقدمها لهن مطاعم ومقاه موزعة في مختلف المناطق اللبنانية أعدت في المناسبة لوائح طعام تتألف من أطباق لبنانية وأخرى غربية بأسعار مقبولة، بحيث تستطيع «ست الحبايب» التوجه إليها مع مجموعة من صديقاتها لتمضية أوقات جميلة. ومن بين هذه المطاعم «لو بيشور» في منطقة الروشة و«ريتاج» في الأشرفية ومقهى «الفلمنكي» في منطقة السوديكو.
ومن الهدايا التي يمكن أن يقدمها الأولاد لأمهاتهم في عيدهم هذا العام، تمضية سهرة غنائية لا تشبه غيرها على أنغام أغاني الأسطورة الفرنسية الراحلة إديث بياف. ففي 24 مارس يستضيف مسرح «كازينو لبنان» عرض بياف للمغنية آن كاريري التي ستغني، وعلى مدى 90 دقيقة متتالية، أجمل أغاني الفنانة الراحلة. وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا العرض الغنائي سبق واستضافته أهم المسارح العالمية كـ«كارنيجي هول» في نيويورك وخشبة «أولمبيا» في باريس.
هدية أخرى تشق طريقها بقوة في هذه المناسبة، وتكمن في ارتياد الأم صف طبخ تتعلم فيه كيفية تحضير أطباق جديدة، يمكن أن تضيف إليها مهارات في عالم المطبخ. وفي المناسبة تنظم «أكاديمية الشيف مارون شديد» (في الأشرفية)، حلقات خاصة في فن الطبخ (في 20 و22 من الشهر الحالي)، يشرف عليها الشيف شديد شخصياً، فيزود الأمهات بوصفات طعام حلوة ومالحة، وبينها ما يتناسب مع الأعياد المقبلة كالمعمول على أنواعه. أمّا مركز «فتية كلينيك» للطبخ (في منطقة بعبدا)، فهو يدعو الأمهات الرّاغبات في تمضية جلسة طبخ محورها الأطباق الصحية، لأن يحضرن صف الطهي لديها في يوم 23 مارس.
ولتمضية يوم كامل تتعرف خلاله الأمهات على أحدث وصفات الطبخ وتقنية الخبز بالفرن وشراء أدوات مطبخ خارجة عن المألوف تسهل مهمتها في الطهي، فما عليها سوى ارتياد معرض «هوريكا 2018» الذي يُنظّم في «مركز بيال» وسط بيروت من 20 ولغاية 23 مارس.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».