خوف وترقّب في أوساط الغزيين حيال «عقوبات» السلطة

TT

خوف وترقّب في أوساط الغزيين حيال «عقوبات» السلطة

ظهرت حالة من القلق والخوف والترقب على الفلسطينيين في قطاع غزة فور انتهاء خطاب الرئيس محمود عباس، مساء الاثنين، والذي أعلن خلاله سلسلة «إجراءات قانونية ومالية ووطنية» سيتخذها ضد القطاع على خلفية محاولة اغتيال رئيس الوزراء رامي الحمد الله ومدير جهاز المخابرات ماجد فرج في غزة قبل أيام.
وهيمن على نقاشات الغزيين شكل «الإجراءات»، كما تسميها السلطة، أو «العقوبات» كما تسميها «حماس»، والتي من المتوقع فرضها قريباً، علما بأنها ستأتي في ظل ظروف حياتية هي الأصعب منذ 11 عاماً هي عمر الحصار الإسرائيلي المشدد على القطاع.
وقال التاجر عبد الله الأخرس لـ«الشرق الأوسط» إن التجار متخوفون جداً من الإجراءات المتوقع فرضها على غزة والتي «ستتسبب بلا شك في تراجع الأوضاع الاقتصادية بشكل كبير وستؤثر على حركة البيع والشراء وتخنق التجار لانعدام القدرة الشرائية لدى المواطنين». وأشار إلى أنه منذ فرض خصومات بنسبة 30 في المائة على رواتب الموظفين والأسواق تعاني تردياً مرتبطاً بالظروف الحياتية الصعبة للسكان واهتمامهم بتوفير الاحتياجات الأهم لمنازلهم.
وتابع: «مع الإجراءات المنتظرة وسط حديث عن خصومات جديدة على الرواتب، ستكون الأمور أسوأ مما يمكن توقعه، وستتسبب في انحدار هو الأخطر اقتصاديا للتجار والمواطنين الذين لن يجدوا المال لشراء حتى الاحتياجات الضرورية لمنازلهم». وحذّر من أن الأوضاع قد تتجه إلى «انفجار لا يحمد عقباه» في حال تفاقمت الأوضاع.
وتساءل كثيرون من الغزيين عن «ذنب المواطن في دفع ثمن الخلافات السياسية بين فتح وحماس». وفيما أيد بعض مناصري الرئيس عباس الخطوات التي سيتخذها، رفضها كثيرون من مؤيديه ومعارضيه واعتبروا أنها «تؤسس لمرحلة خطيرة». وقال المواطن إسماعيل اللحام (53 عاماً) إن المواطن «هو المتضرر الوحيد من الإجراءات التي ستتخذ». وذكر أن الأسواق باتت شبه خالية من المواطنين في الأيام الأخيرة مع مرور أيام أكثر من نصف الشهر وهي المرحلة التي يدخل فيها المواطنون وخصوصا الموظفين في «حالة إفلاس نتيجة صرف 50 في المائة أو 60 في المائة فقط من رواتبهم»، مشيراً إلى أنه «في حال طبقت العقوبات الجديدة فإن الأسواق ستصبح خالية تماماً من المواطنين الذين سيمتنعون عن شراء الكثير من البضائع والخضراوات والفواكه وغيرها من احتياجات منازلهم».
وتحدث عن مخاوف المواطنين من توقيف جديد للحوالات الطبية وكذلك للخدمات المتعلقة بالكهرباء والمياه وغيرها، محذّراً من أنه «في حال اتخذت قرارات تتعلق بهذه القضايا فإن ذلك سيضع غزة في مرحلة خطر كبير ويهدد بانفجار قد يطال كل مناحي الحياة».
وفي ظل هذا الجدل، أبدى الموظف في السلطة الفلسطينية أيمن مطر تأييده للقرارات الرئاسية المنتظرة التي قد تطال رواتب الموظفين إلى جانب القطاعات الخدماتية، معتبراً ذلك «خطوة مهمة جداً للضغط على حماس لتسليم الحكومة كافة مهامها المناطة بها ولخدمة المواطنين ولتكون هناك حكومة شرعية واحدة». وأشار إلى أن الموظفين رغم تضررهم من القرارات المتوقع أن يتم تطبيقها بداية الشهر المقبل إلا أنهم يدعمون «الخطوات الهادفة إلى أن يبقى الوطن موحداً وأن يتم مواجهة كل محاولات فصل غزة عن الضفة من خلال مشاريع مشبوهة»، بحسب رأيه.
أما الموظف باسل عزيز فيقول إنه لا يوجد أي مبرر لفرض خصومات على الموظفين، مشيراً إلى أن الإجراءات يجب أن تكون مباشرة ضد «حماس» وليس الموظف الذي يدفع الثمن وحده دون أن تتضرر الحركة من هذه الإجراءات. ولفت إلى أن «حماس» ما زالت تبسط سيطرتها على القطاع ولديها المال و«لا تكترث لأحوال المواطنين الذين يدفعون لوحدهم الثمن».
وتحولت سيارات الأجرة بغزة إلى صالون للنقاش السياسي بين المواطنين المتنقلين من مدينة إلى أخرى. ويقول السائق أحمد رضوان لـ«الشرق الأوسط» إنه لا ينفك عن الدخول في نقاشات حادة مع المواطنين بشأن العقوبات التي سيتخذها الرئيس الفلسطيني، مشيراً إلى أن هناك حالة غضب وسخط في أوساط المواطنين مما يمكن أن يحدث في غضون الأسابيع المقبلة من خطوات ستؤدي إلى تدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين. وقال رضوان إن «المواطنين يشعرون بالقلق من أن تلجأ حماس لخيارات عسكرية كالانفجار نحو الاحتلال باعتباره المسؤول عن الحصار على قطاع غزة... المواطنون يخشون حرباً عسكرية جديدة في القطاع».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.