الصين تعيد هيكلة فريقها الاقتصادي وسط أجواء متوترة

حاكم جديد للمصرف المركزي ونائب لرئيس الوزراء للقطاعات المالية

يتوقع أن تفرض إدارة ترمب رسوماً جمركية جديدة على الواردات الصينية خلال الأشهر المقبلة
يتوقع أن تفرض إدارة ترمب رسوماً جمركية جديدة على الواردات الصينية خلال الأشهر المقبلة
TT

الصين تعيد هيكلة فريقها الاقتصادي وسط أجواء متوترة

يتوقع أن تفرض إدارة ترمب رسوماً جمركية جديدة على الواردات الصينية خلال الأشهر المقبلة
يتوقع أن تفرض إدارة ترمب رسوماً جمركية جديدة على الواردات الصينية خلال الأشهر المقبلة

أعاد الرئيس الصيني شي جينبينغ تشكيل فريقه الاقتصادي الرئيسي، بترقية مساعدين تلقيا تعليمهما في الولايات المتحدة إلى مناصب مهمة، في ظل تصاعد حدة التوترات التجارية مع واشنطن والقلق بشأن تراكم الديون.
وأقر البرلمان تعيين شي لمستشاره النافذ ليو هي، وهو مسؤول في الحزب الشيوعي تلقى تعليمه في جامعة هارفارد، نائبا لرئيس الوزراء، ويتوقع أن يشرف على القطاعات المالية والاقتصادية.
وتمت كذلك ترقية نائب حاكم المصرف المركزي يي غانغ إلى منصب رئاسة البنك، محل تشو شياو تشوان، وهو مدافع آخر عن الإصلاحات تولى المنصب منذ العام 2002.
وجرت التعيينات خلال الجلسة السنوية للبرلمان الذي عزز نفوذ شي كقائد ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم، بعدما منح الرئيس ولاية غير محدودة وأدرج اسمه في الدستور.
وتمنح التعيينات لشي أيادي أمينة على سدة الحكم في المجال الاقتصادي، في وقت تواجه الصين احتمال الدخول في حرب تجارية مع الولايات المتحدة، ووسط مخاوف من أن تراكم الديون بشكل كبير يهدد بأزمة محتملة.
وسافر ليو هي إلى واشنطن في وقت سابق هذا الشهر، حيث التقى بمسؤولين أميركيين في البيت الأبيض. لكن زيارته لم تثن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن التفكير في اتخاذ إجراءات تجارية أخرى ضد بكين.
وقال يي غانغ للصحافيين عقب تعيينه إن «المهمة الأبرز تتمثل في تنفيذ سياسة نقدية مستقرة مع دعم الإصلاح والانفتاح المالي في نفس الوقت والحفاظ على الاستقرار المالي». وأضاف وفقا للشبكة الإخبارية التابعة للمصرف المركزي «فاينانشيال نيوز»: «ستكون هناك سلسلة إصلاحات وسياسات انفتاحية مقبلة».
ودعا يي في وقت سابق إلى فتح السوق أمام المستثمرين الأجانب وتدويل العملة الصينية بشكل أكبر. وقال في مؤتمر صحافي سابق خلال الجلسة البرلمانية السنوية إن المصرف المركزي سيعمل على إدخال إصلاحات ستثمر عن «معاملة المستثمرين المحليين والأجانب بشكل متساو». وأشار بشكل خاص إلى تحرير القطاع المالي الصيني عبر «السماح بإمكانية وصول أكبر أو إزالة القيود على الملكية الأجنبية».
وكانت القدرة على الوصول إلى الأسواق في طليعة شكاوى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حيث كرروا مرارا بأن شركاتهم تواجه عقبات رئيسية في تأسيس أعمال تجارية في الصين، لعل أبرزها إجبارهم على مشاركة خبراتهم وتقنياتهم مع الشركاء المحليين.
وفي وقت سابق هذا العام، كتب يي افتتاحية بمجلة «كايكسن» الأسبوعية دعا من خلالها إلى إصلاح العملة الصينية التي سُمح لها طويلا بالتذبذب ضمن حدود وضعها المصرف المركزي. وستمنح عملية الإصلاح الواسعة التي أعلنت الأسبوع الماضي، وتعد الأكبر منذ عقد والمصممة لتعزيز فاعلية البنك المركزي، سلطة أكبر للمضي قدما في أحداث التغيير المنشود.
وكجزء من التعديلات، أوكلت إلى المصرف المركزي مسؤولية وضع مسودة قوانين وقواعد جديدة لقطاعي المصارف والتأمين، وهو ما سيمنحه سلطة جديدة على النظام المالي الصيني.
ودرس يي المهتم بالإصلاح الاقتصادي، في الولايات المتحدة، حيث حصل على درجة دكتوراه في الاقتصاد من جامعة إلينوي. ثم حصل على وظيفة في هيئة التدريس في جامعة إنديانا، قبل أن يعود إلى الصين حيث تولى منصبا في جامعة بكين. وانتقل إلى المصرف المركزي عام 1997.
وسيكون تراكم الديون في الصين، الذي حذر محللون من أنه يشبه الاتجاهات التي أسفرت عن أزمات مالية في دول أخرى، في مقدمة أولوياته.
وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة بكين كريستوفر بالدينغ إن المصرف المركزي الصيني «في وضع صعب للغاية لأنه إذا كان يحاول تخفيف المديونية بشكل كبير، فسيتسبب ذلك بضغط مالي ضخم، وهو ما لن يقبلوا به»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وبين التحديات الأولى التي يرجح أن يواجهها يي وليو، العلاقات مع الولايات المتحدة. ويتوقع أن تفرض إدارة ترمب رسوما جمركية جديدة على الواردات الصينية خلال الأشهر المقبلة، بينما يتوقع أن يرفع الاحتياطي الفيدرالي معدلات الفائدة في ظل استمرار تعافي الاقتصاد الأميركي. وستكون لهذه السياسات الأميركية تداعيات في الصين ما قد يتسبب بردود من مصرفها المركزي.
ومنح البرلمان شي حليفا آخر يمتلك خبرة في التعامل مع واشنطن عبر ترقية وانغ كيشان، المفاوض التجاري السابق المقرب من الرئيس، يوم السبت الماضي إلى منصب نائب الرئيس. وتم كذلك منح وزير الخارجية وانغ يي منصب مستشار الدولة، ما يعطيه نفوذا إضافيا في السياسة الدولية.



«موديز» ترفع توقعاتها لنمو الصين في 2025 رغم التحديات التجارية

العلم الوطني الصيني أمام منطقة الأعمال المركزية في هونغ كونغ (رويترز)
العلم الوطني الصيني أمام منطقة الأعمال المركزية في هونغ كونغ (رويترز)
TT

«موديز» ترفع توقعاتها لنمو الصين في 2025 رغم التحديات التجارية

العلم الوطني الصيني أمام منطقة الأعمال المركزية في هونغ كونغ (رويترز)
العلم الوطني الصيني أمام منطقة الأعمال المركزية في هونغ كونغ (رويترز)

رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني توقعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي للصين لعام 2025 إلى 4.2 في المائة من 4 في المائة، حيث توقعت استقرار ظروف الائتمان، وأن تؤدي جهود التحفيز التي بذلتها بكين منذ سبتمبر (أيلول) إلى التخفيف من بعض التأثيرات المحتملة للزيادات في التعريفات الجمركية الأميركية.

في المقابل، أظهرت بيانات وزارة المالية أن الإيرادات المالية للصين في أول 11 شهراً من عام 2024 انخفضت 0.6 في المائة مقارنة بالعام السابق، مما يمثل تحسناً طفيفاً عن الانخفاض بنسبة 1.3 في المائة في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر (تشرين الأول). من ناحية أخرى، نما الإنفاق المالي بنسبة 2.8 في المائة في الفترة نفسها، مقارنة بزيادة قدرها 2.7 في المائة في أول 10 أشهر من العام.

نمو صناعي وتراجع استهلاكي

كما شهد الناتج الصناعي في الصين نمواً طفيفاً في نوفمبر (تشرين الثاني)، بينما جاءت مبيعات التجزئة مخيبة للآمال، مما عزز الدعوات إلى زيادة التحفيز الذي يركز على المستهلكين. وتعكس البيانات المتباينة التحديات الكبيرة التي يواجهها قادة الصين في تحقيق تعافٍ اقتصادي مستدام قبل عام 2025 في وقت قد تشهد فيه العلاقات التجارية مع أكبر سوق تصدير للصين تدهوراً، في حين يبقى الاستهلاك المحلي ضعيفاً، بحسب وكالة «أسوشييتد برس».

وأوضح المحللون أن تعهد ترمب بفرض تعريفات تصل إلى 60 في المائة على السلع الصينية قد يدفع بكين إلى تسريع خططها لإعادة التوازن إلى اقتصادها البالغ حجمه 19 تريليون دولار، وهو ما يعكس أكثر من عقدين من النقاشات حول التحول من النمو المدفوع بالاستثمار في الأصول الثابتة والصادرات إلى نموذج اقتصادي يعتمد بشكل أكبر على الاستهلاك.

وأظهرت بيانات المكتب الوطني للإحصاء أن الناتج الصناعي نما بنسبة 5.4 في المائة في نوفمبر مقارنة بالعام السابق، متجاوزاً التوقعات التي كانت تشير إلى نمو قدره 5.3 في المائة. ومع ذلك، سجلت مبيعات التجزئة، التي تعد مقياساً رئيساً للاستهلاك، أضعف زيادة لها في ثلاثة أشهر بنسبة 3 في المائة، وهو ما جاء أقل من الارتفاع المتوقع بنسبة 4.6 في المائة، وأقل من معدل النمو في أكتوبر البالغ 4.8 في المائة.

وأشار دان وانغ، الخبير الاقتصادي المستقل في شنغهاي، إلى أن السياسات الاقتصادية الصينية كانت تروج بشكل مستمر للمصنعين على حساب المستهلكين، على الرغم من مؤشرات الضعف المستمر. وأضاف أن بكين قد تتجه نحو تعزيز القدرة الإنتاجية، مما قد يفاقم مشكلة فائض الطاقة الإنتاجية، ويحفز الشركات الصينية للبحث عن أسواق جديدة خارجية.

كما شهد الاستثمار في الأصول الثابتة نمواً أبطأ بنسبة 3.3 في المائة في الفترة بين يناير ونوفمبر، مقارنة بتوقعات كانت تشير إلى نمو بنسبة 3.4 في المائة.

وفيما يتعلق بالسياسات المستقبلية، عبر صناع السياسات عن خططهم لعام 2025، مع الأخذ في الاعتبار أن عودة ترمب إلى البيت الأبيض قد تضع ضغوطاً كبيرة على الاقتصاد الصيني. وقال مسؤول في البنك المركزي الصيني إن هناك مجالاً لمزيد من خفض الاحتياطيات النقدية، رغم أن التيسير النقدي السابق لم يحقق تعزيزاً كبيراً في الاقتراض.

من ناحية أخرى، يواصل قطاع العقارات معاناته من أزمة طويلة الأمد تؤثر على ثقة المستهلكين، حيث تُعد 70 في المائة من مدخرات الأسر الصينية مجمدة في هذا القطاع. وفي الوقت نفسه، لا يزال من المبكر الحديث عن تعافٍ حقيقي في أسعار المساكن، رغم وجود بعض الإشارات المشجعة مثل تباطؤ انخفاض أسعار المساكن الجديدة في نوفمبر.

وفي إطار هذه التطورات، أفادت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أن الصين ستعزز من النمو المستدام في دخل الأسر خلال عام 2025 من خلال تكثيف الدعم المالي المباشر للمستهلكين، وتعزيز الضمان الاجتماعي. وقد حددت الصين توسيع الطلب المحلي بصفته أولوية رئيسة لتحفيز النمو في العام المقبل، في ظل استمرار التحديات الكبيرة التي تواجه قطاع العقارات المتضرر من الأزمة، والتي تعرقل الانتعاش الكامل.

ونقلت الوكالة عن مسؤول في اللجنة المركزية للشؤون المالية والاقتصادية قوله إن الصين ستزيد بشكل كبير من الأموال المخصصة للسندات الخاصة طويلة الأجل في العام المقبل، لدعم الترقيات الصناعية، وتعزيز نظام مقايضة السلع الاستهلاكية، بهدف تحفيز الاستهلاك. وأوضحت أن هذه الخطوات ستتركز على تعزيز دخل الأسر من خلال زيادة الإنفاق الحكومي على الاستهلاك، وتحسين الضمان الاجتماعي، وخلق مزيد من فرص العمل، وتطوير آليات نمو الأجور، بالإضافة إلى رفع معاشات التقاعد للمتقاعدين، ودعم التأمين الطبي، وتنفيذ سياسات تهدف إلى تشجيع الإنجاب.

وقال المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، لوكالة «شينخوا»: «من خلال متابعة الوضع الاقتصادي الحالي، نتوقع أن يكون النمو الاقتصادي السنوي نحو 5 في المائة». كما توقع المسؤول أن تشهد سوق الإسكان مزيداً من الاستقرار، ودعا إلى اتخاذ تدابير سياسية ذات تأثير مباشر على استقرار القطاع العقاري في أقرب وقت، مع منح الحكومات المحلية مزيداً من الاستقلالية في شراء المخزون السكني.

من جانبه، أعرب جوليان إيفانز بريتشارد، رئيس قسم الاقتصاد الصيني في «كابيتال إيكونوميكس»، عن اعتقاده بأن التحفيز الاقتصادي في نوفمبر من المرجح أن يكون مؤقتاً، مع احتمالية تعافي النمو في الأشهر المقبلة بفضل الدعم السياسي الزائد. ولكنه أشار إلى أن هذا التحفيز لن يحقق أكثر من تحسن قصير الأمد، خاصة أن القوة الحالية للطلب على الصادرات من غير المرجح أن تستمر بمجرد أن يبدأ ترمب في تنفيذ تهديداته بشأن التعريفات الجمركية.

تراجع الأسواق الصينية

وفي الأسواق المالية، انخفضت الأسهم الصينية بعد أن أظهرت البيانات ضعفاً غير متوقع في إنفاق المستهلكين، في حين راهن المستثمرون على مزيد من الدعم السياسي لتحفيز النمو الضعيف. وفي فترة استراحة منتصف النهار، تراجع مؤشر «سي إس آي 300» للأسهم القيادية الصينية بنسبة 0.37 في المائة، ليضيف إلى التراجع الذي شهده الأسبوع الماضي بنسبة 1 في المائة.

في المقابل، سجل مؤشر «شنغهاي المركب» ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.1 في المائة ليصل إلى 3395.11 نقطة. وانخفض قطاع السلع الاستهلاكية الأساسية بنسبة 1.04 في المائة، في حين خسر مؤشر العقارات 1.41 في المائة وضعف مؤشر الرعاية الصحية الفرعي بنسبة 0.94 في المائة. كما تراجع مؤشر «هانغ سنغ» في هونغ كونغ بنسبة 0.57 في المائة ليغلق عند 19856.91 نقطة.

وعلى الصعيد الإقليمي، تراجع مؤشر «إم إس سي آي» للأسواق الآسيوية باستثناء اليابان بنسبة 0.20 في المائة، بينما انخفض مؤشر «نيكي» الياباني بنسبة 0.18 في المائة. أما اليوان، فقد تم تسعيره عند 7.2798 مقابل الدولار الأميركي، بانخفاض بنسبة 0.09 في المائة مقارنة بإغلاقه السابق عند 7.2731.