بعد 59 يوماً من العمليات في إطار عميلة «غصن الزيتون» العسكرية سيطرت قوات من الجيش السوري الحر بدعم من الجيش التركي على مدينة عفرين التي كانت تخضع لوحدات حماية الشعب الكردية، فقطعت تركيا بذلك آخر صلة لتلك الميليشيات الكردية مع حدودها الجنوبية، فيما يبقى الوجود العسكري لوحدات حماية الشعب الكردية في منبج، موضع تفاوض مع واشنطن التي تعهدت سابقاً بإخراجهم إلى شرق الفرات، طمأنةً لتركيا بزوال خطر احتمال قيام كردي على حدودها الجنوبية مع سوريا.
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس، سيطرة القوات المشاركة في عملية «غصن الزيتون» بشكل كامل، على مركز مدينة عفرين بريف محافظة حلب شمال سوريا. وحسب ما نشرت فصائل الجيش الحر المشاركة في العملية، أظهرت الصور وصول هذه القوات إلى وسط المدينة من جنوب شرقي عفرين في وقت مبكر من صباح أمس، وسيطرتها على عدد من المقرات الرئيسية. وذكر محمد الحمدين المتحدث باسم الجيش السوري الحر، أن مقاتليه دخلوا عفرين قبل قليل من بزوغ فجر أمس من الشمال والشرق والغرب دون مقاومة، وتوقع تطهيرها بالكامل بنهاية اليوم (أمس)، مشيراً إلى أن مقاتلي وحدات حماية الشعب انسحبوا.
وسُمعت أصوات طلقات نارية وانفجارات في المنطقة، بينما واصلت الطائرات المقاتلة التركية التحليق فوق المدينة.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، في بريطانيا، إن الاشتباكات تواصلت في مناطق من مدينة عفرين الرئيسية التي كانت خاضعة للسيطرة الكردية لسنوات.
وقال الرئيس التركي خلال مشاركته في احتفالات إحياء ذكرى شهداء معارك «جناق قلعة» البحرية شمال غربي تركيا، إن «رموز الأمن والسكينة ترفرف في مركز مدينة عفرين بدلاً عن أعلام الإرهاب»... وتابع: «مثلما خاضت الأمة التركية نضالاً بعزيمة وإيمان بالأمس في جناق قلعة (إبان الحرب العالمية الأولى)، فإننا اليوم أيضاً نناضل بنفس الشكل داخل حدودنا وخارجها».
وأضاف أن «تركيا ستقوم بخطوات من شأنها تأهيل المنطقة وإحياؤها مجدداً عبر إعادة إنشاء البنيتين التحتية والفوقية، وستتيح للأهالي فرصة العودة إلى ديارهم، بالتوازي مع تطهير عفرين من آثار الإرهابيين، وكما عاد 140 ألف سوري إلى جرابلس عقب عملية «درع الفرات» العام الماضي سيعود سكان عفرين إليها».
وأكد إردوغان أن قوات «غصن الزيتون» لم تقْدم على أي خطوة من شأنها إلحاق الأذى بالمدنيين «لأننا لم نتجه إلى هناك للاحتلال، وإنما للقضاء على المجموعات الإرهابية». وتابع: «أحبطنا مخطط حصار بلدنا من الخارج على حدودنا البالغة 911 كم مع سوريا، عبر عملية (درع الفرات) أولاً ثم (غصن الزيتون)، وانكسر الممر الإرهابي في 4 نقاط، وسنواصل كسر بقية حلقات السلسلة في أقرب وقت لإفشال هذه المكيدة بالكامل».
وسيطرت وحدات الجيش السوري الحر المدعومة من الجيش التركي على مركز مدينة عفرين، كجزء من عملية «غصن الزيتون» التي أطلقها الجيش التركي لإنهاء وجود الميليشيات الكردية فيها. ومنطقة عفرين هي واحدة من 3 مناطق في شمال سوريا تسيطر عليها وحدات الشعب الكردية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، بمحاذاة الحدود مع تركيا.
وأكدت رئاسة الأركان التركية، في بيان، سيطرة قواتها مع «الجيش السوري الحر» على مركز مدينة عفرين، قائلةً، عبر حسابها الرسمي على موقع «تويتر»، إن «قوات (غصن الزيتون) بدأت عملية تطهير المدينة من الألغام والعبوات الناسفة التي زرعتها عناصر الوحدات الكردية».
ونشرت رئاسة الأركان التركية، المشاهد الأولى من مركز مدينة عفرين، عقب السيطرة عليها في إطار عملية «غصن الزيتون»، وتضمنت لحظات رفع العلم التركي في عفرين، حيث ظهر أحد الجنود يقول: «هذه هدية إلى جميع شهدائنا والأمة التركية بأسرها، في 18 مارس (آذار) عيد شهداء القوات المسلحة التركية». كما ظهرت دبابات وجنود أتراك فضلاً عن عناصر الجيش السوري الحر في وسط مدينة عفرين، ورفعت القوات المشاركة في عملية «غصن الزيتون»، العلم التركي وسط المدينة.
وتواصل قوات «غصن الزيتون»، تمشيط المنطقة من جهة، ودخول المباني ذات الأهمية الاستراتيجية من جهة أخرى، وتم رفع العلم التركي على مبنى الإدارة المركزي الذي كان يستخدم لإدارة المنطقة.
وذكرت وكالة «الأناضول»، أن قوات «غصن الزيتون» فرضت طوقاً على مركز المدينة في الساعة الخامسة صباحاً بالتوقيت المحلي، وبعد ساعة بدأت القوات في التقدم من الجبهات الشرقية والغربية والشمالية نحو مركز المدينة، وانفجر بعض الألغام المزروعة من قبل الوحدات الكردية، وفي أثناء تقدم قوات «غصن الزيتون» سيطرت على مقرات توزيع الكهرباء ومبنى الجمارك في أحياء الأشرفية والمحمودية والجميلية. وفي الساعة الثامنة والنصف، أكملت قوات «غصن الزيتون» سيطرتها على كامل المدينة دون مقاومة.
وبدأت قوات «غصن الزيتون» بفرض الأمن في أحياء المدينة، وتفكيك العبوات الناسفة، مع مراعاة كل الاحتياطات الأمنية لتجنيب المدنيين أي ضرر.
وعثرت القوات في ريف منطقة عفرين، على مستودع ذخائر ضخم تحت الأرض، يحوي أسلحة مضادة للدروع والطائرات. وحسب «الأناضول»، فإنّ المستودع الواقع في قرية جويك شمال غربي عفرين، عبارة عن نفق إسمنتي يصل طوله إلى 150 متراً تحت الأرض، مغطى بالتراب، ومكوّن من 12 غرفة، بداخله آلاف القطع من الأسلحة والذخائر أميركية وروسية الصنع. ومن الأسلحة التي عُثر عليها داخل المستودع، صواريخ مضادة للطائرات وأخرى مضادة للدروع والدبابات، وقذائف هاون وراجمات وصواريخ «تاو».
كما تمكنت القوات المسلحة التركية وعناصر «الجيش السوري الحر»، أمس، من السيطرة على بلدة معبطلي التابعة لمدينة عفرين، بعد السيطرة على مركز المدينة. وكانت معبطلي آخر بلدة تابعة لمدينة عفرين متبقية في يد الوحدات الكردية، حيث توجهت إليها قوات «غصن الزيتون»، بعد تطهير المدينة والسيطرة عليها، كما تم تصعيد العمليات العسكرية في شمال معبطلي، وغرب جنديرس، وشرق بلدة شيخ حديد.
من جانبه أكد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، أن بلاده لا تطمع في اقتطاع أجزاء من أراضي أي دولة، في إشارة إلى سيطرة قوات «غصن الزيتون» على مركز مدينة عفرين. وقال يلدريم، خلال احتفالات ذكرى معارك جاليبولي في جناق قلعة، أمس، إن «تركيا تهدف إلى نشر السلام والأمن داخل حدودها وفي العالم بأسره، وتبذل جهوداً كبيرة من أجل تحقيق هذا الهدف، وإن القوات التركية تقوم بعملية عسكرية ناجحة في عفرين، مستخدمةً في ذلك حقها من القوانين الدولية، وعلى الجميع أن يعلم أننا لن نتخلى عن المهمة التي بدأناها».
في السياق ذاته، قال نائب رئيس الوزراء التركي المتحدث باسم الحكومة بكر بوزداغ، في تغريدات على «تويتر»، إنه تم إنهاء وجود «الإرهاب والإرهابيين» في عفرين إلا أن مهمتنا لم تنتهِ بعد، ولا يزال أمامنا الكثير لكي نعمله.
عفرين تحت سيطرة تركيا
{وحدات حماية الشعب} الكردية انسحبت... وأنقرة تؤكد استمرار الحملة
عفرين تحت سيطرة تركيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة