أمير المدينة المنورة: قطار الحرمين وسيلة آمنة للتنقل بين مكة والمدينة

أكد أن المشروع يأتي امتداداً لدور السعودية في خدمة ضيوف الرحمن

أمير المدينة يستقل قطار الحرمين ضمن رحلة المسار الكامل إلى محطة الرصيفة بمكة المكرمة
أمير المدينة يستقل قطار الحرمين ضمن رحلة المسار الكامل إلى محطة الرصيفة بمكة المكرمة
TT

أمير المدينة المنورة: قطار الحرمين وسيلة آمنة للتنقل بين مكة والمدينة

أمير المدينة يستقل قطار الحرمين ضمن رحلة المسار الكامل إلى محطة الرصيفة بمكة المكرمة
أمير المدينة يستقل قطار الحرمين ضمن رحلة المسار الكامل إلى محطة الرصيفة بمكة المكرمة

أكد الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة المدينة المنورة، أن قطار الحرمين السريع «بات اليوم إحدى وسائل النقل الآمنة والهامة التي ستعمل على تعزيز الانسيابية في تنقلات زوار الحرمين الشريفين من خلال السكة الحديد الرابطة بين المدينتين المقدستين».
وقال أمير منطقة المدينة المنورة بعد أن استقل قطار الحرمين ضمن رحلة المسار الكامل إلى محطة الرصيفة بمكة المكرمة، وأدى صلاة الجمعة في المسجد الحرام: «إن مشروع قطار الحرمين السريع يعكس دور المملكة ومستوى الاهتمام الكبير ومراحل التطوير التي تشهدها البقعتين الطاهرتين (مكة المكرمة، والمدينة المنورة) وخاصة الحرمين الشريفين في مختلف المجالات», مشيراً إلى أن المشروع يأتي امتداداً لدور السعودية الرائد في خدمة ضيوف الرحمن من حجاج بيت الله الحرام, وزوار المسجد النبوي الشريف بكفاءة واقتدار وقال إن خادم الحرمين الشريفين أبلغه عن نيته أن يستقل القطار في المستقبل القريب عند زيارته للمدينة المنورة أو مغادرتها منها إلى منطقة مكة المكرمة.
وأبدى الأمير فيصل بن سلمان ثقته بأداء الشباب من خلال ما يقدمونه من خدمات في محطات القطار، وأضاف: «ما شاهدته يدعوني أن أسجل فخري واعتزازي بذلك الدور الكبير الذي يقدمه الشباب والشابات في كافة مراحل التنمية ومنها مساهمتهم الفعالة ومشاركتهم في مراحل التأسيس والتنفيذ لمشروع قطار الحرمين السريع وانتهاء برحلة التشغيل».
ورافق الأمير فيصل بن سلمان خلال انطلاق الرحلة من المدينة المنورة المشايخ أئمة المسجد النبوي الشريف, والدكتور نبيل العامودي وزير النقل رئيس مجلس إدارة هيئة النقل العام, والدكتور رميح الرميح رئيس هيئة النقل العام ورئيس المؤسسة العامة للخطوط الحديدية المكلف, ووهيب السهلي وكيل إمارة المدينة المنورة, وعدد من كبار المسؤولين.
وكان في استقبال أمير المدينة المنورة لدى وصوله لمحطة القطار بمكة المكرمة، الأمير فيصل بن محمد بن سعد وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة المساعد للحقوق, وأمين العاصمة المقدسة المهندس محمد القويحص. كما كان في استقباله لدى وصوله للمسجد الحرام الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ عبد الرحمن السديس.
والتقى أمير منطقة المدينة المنورة بعد صلاة الجمعة المشايخ أئمة المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف.
وأبان الدكتور نبيل العامودي أن التشغيل التجريبي لقطار الحرمين يسير حسب المخطط له منذ نهاية العام 2017م، حيث سيّر القائمون على المشروع رحلات منتظمة خلال عطلات نهاية الأسبوع وشارك فيها عدد كبير من الجهات الحكومية, والأهلية, والخيرية, ضمن إطار الشراكة المجتمعية، مضيفاً أن القطار يشهد انطلاقته التجارية خلال عام 2018م، مع اكتمال واستيفاء كافة جوانب السلامة والجاهزية التشغيلية للسرعات العالية.
من جانبه، أوضح الدكتور رميح الرميح أن مشروع قطار الحرمين السريع من أضخم مشاريع النقل العام في منطقة الشرق الأوسط، حيث يمتد بطول 450 كيلومتراً، ويتكون من خط حديدي كهربائي مزدوج يربط بين المدينتين المقدستين مروراً بجدة, ومطار الملك عبد العزيز الدولي، ومدينة الملك عبد الله الاقتصادية برابغ.
وبين الدكتور الرميح أن القطار يعمل بالطاقة الكهربائية وله مسار يشتمل على 5 محطات للركاب، وله القدرة على قطع المسافات بسرعة عالية تقدر بأكثر من 300 كلم في الساعة، موضحاً أن الطاقة الاستيعابية للمشروع تبلغ 60 مليون راكب سنوياً، وأن التشغيل الفعلي خلال 2018 يشتمل على إطلاق 35 قطاراً بسعة 417 مقعداً للقطار الواحد، وتمتاز بتجهيزها بأفضل وسائل الراحة وفق أحدث نظم النقل العالمية.
وأشار إلى أن محطة قطار الحرمين في المدينة المنورة تجسد دوراً استراتيجياً مهماً بسبب موقعها، كما تجسد مع شقيقتها محطة مكة المكرمة اكتمال عقد هذا المشروع العملاق في أهم نقطتي ارتكاز، مضيفاً أن محطة المدينة المنورة تمتاز بموقعها على مدخل المدينة المنورة على امتداد طريق الملك عبد العزيز المؤدي إلى الحرم النبوي الشريف وتبعد عنه بمسافة قدرها 9 كيلومترات فقط، وتتربع على مساحة تزيد على 268000 متر مربع، وهي كفيلة باستيعاب 4000 مسافر في الساعة الواحدة قدوماً, ومغادرة من المحطة بالإضافة إلى احتضانها لصالة كبار الشخصيات, وعدد من المحلات التجارية, ومركز حديث للنقل بالأجرة والحافلات من وإلى الحرم المدني يتميز بجاهزيته للارتباط بشبكة النقل العام القائمة حالياً في المدينة، مشيراً إلى أن محطة المدينة تبعد 13 كم فقط عن مطار الأمير محمد بن عبد العزيز.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».