«الصندوق الأسود»... عمل فني ألماني يجمع الفوتوغرافيا وموسيقى التكنو

المصور الفوتوغرافي  سفين ماركواردت
المصور الفوتوغرافي سفين ماركواردت
TT

«الصندوق الأسود»... عمل فني ألماني يجمع الفوتوغرافيا وموسيقى التكنو

المصور الفوتوغرافي  سفين ماركواردت
المصور الفوتوغرافي سفين ماركواردت

تعرض منذ مساء أمس، وللمرة الأول مرة في لبنان، الصور الفوتوغرافية للمصوّر سفين ماركواردت المقيم في برلين والمعروف بعمله خلال فترة معينة حارساً على باب نادي بيرغهين الشهير لموسيقى التكنو. وافتتح المعرض المقترن بالفنون المركّبة يوم الخميس في 15 مارس (آذار) في D Beirut Warehouse في الكرنتينا، ويستمر لغاية يوم غد، وهو من تنظيم «معهد غوته» لبنان و«غراند فاكتوري».
توثّق صور سفين ماركواردت باللونين الأسود والأبيض المشهد القديم لبلدة برينزلور بيرغ في برلين الشرقية، ومشهد موسيقى التكنو في برلين في ثمانينات القرن العشرين وما بعدها. افتتح المعرض بحضور الفنان بعنوان «Rudel» مقروناً للمرة الأولى بفنون سمعية وبصرية مركّبة بعنوان «الصندوق الأسود» (Black Box).
«وجودي هنا مغامرة»، قال سفين ماركواردت بعد قضاء بضعة أيام في لبنان للتحضير لمعرضه، وأضاف: «بيروت مدينة مُلهمة للغاية، ومن الجميل استكشاف أماكن على غرار المستودع القديم حيث سيُقام المعرض».
ويضم معرض «رودل» مجموعة من لقطات قريبة لأشخاص تجمع بين الملامح الجدية وفكرة الزوال المُوحشة. ومن خلال التداخل بين الراحة والحدّة وفن التباين اللوني المؤثر، لا تعجز الصورة عن ترك انطباع لدى ناظرها. وقد قولبت الطبيعة المتغيّرة لمدينة برلين نظرة ماركواردت للأشخاص، فبات يتعرّف بسهولة على السّمات والملامح اللافتة لديهم ويتلمّس كلّ ما هو مُغاير للطبيعة البشرية ويشعر بفحوى أعماله الفنية.
أمّا «الصندوق الأسود» (Black Box)، فهو عمل فني مركّب (سمعي وبصري)، يجمع بين صور سفين ماركواردت بالأبيض والأسود وأنغام موسيقى التكنو لمارسيل ديتمان، وهو مشغّل موسيقى (DJ) ألماني يعمل في نادي بيرغهين لموسيقى التكنو. وقد التقى الفنانان للمرة الأولى في نادي أوستغات المشهور في أواخر التسعينات، ثمّ قرّرا في عام 2014 دمج مواهبهما الفنية فأنتجا «الصندوق الأسود».
بدأ سفين ماركواردت مسيرته المهنية في مجال التصوير الفوتوغرافي في أوائل الثمانينات على خلفية المشهد الفني الحديث في بلدة برينزلور بيرغ في برلين الشرقية وموسيقى الروك الناشئة من نوعي Punk وNew Wave. وبعد انهيار جدار برلين غاص في مجال الملاهي الليلية الناشط في المدينة، وسرعان ما أصبح وجهاً معروفاً بعد أن بدأ عمله حارس دخول في نادي بيرغهين الليلي.
وسيتخلل المعرض المقترن بعمل فني مركّب، فعّاليات عدة للإضاءة على المشهد الثقافي لمدينة برلين الحديثة. يستقبل المعرض مساء اليوم، زوّاره حيث ينظّم ماركوس روسل، مؤسّس أضخم منصة لحجز العروض الموسيقية في أوروبا gigmit ورئيسها التنفيذي، ورشة عمل بعنوان «قدّم أعمالك وحفلاتك الموسيقية في ألمانيا». وفي قاعة «ريونيون» سيكون الزوّار على موعد حفلة مسائية مع مشغّل الموسيقى (الدي جيه) في نادي بيرغهين إيتاب كايل. ويوم غد، ستكون فرصة أخيرة للتجول في المعرض المقترن بالفنون السمعية البصرية المركّبة بين الساعة 12:30 بعد الظهر و6:00 مساءً.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».