مبادرات تبسيط العلوم... عندما يروي «توم وجيري» قصتنا مع الفيروسات

أصحابها يستخدمون «يوتيوب» و«فيسبوك» للتواصل مع الشباب والأطفال

طلاب مشاركون في إحدى فعاليات «المؤسسة المصرية لتبسيط العلوم»
طلاب مشاركون في إحدى فعاليات «المؤسسة المصرية لتبسيط العلوم»
TT

مبادرات تبسيط العلوم... عندما يروي «توم وجيري» قصتنا مع الفيروسات

طلاب مشاركون في إحدى فعاليات «المؤسسة المصرية لتبسيط العلوم»
طلاب مشاركون في إحدى فعاليات «المؤسسة المصرية لتبسيط العلوم»

نشطت أخيراً، مبادرات تطوعية كثيرة لشرح وتبسيط العلوم المختلفة بطرق جذابة وتشويقية على شبكة الإنترنت، من خلال المواد السمعية والبصرية ودروس الفيديو ورسوم الغرافيك المعلوماتية، الأمر الذي لاقى قبولاً واسعاً من قبل الأطفال والشباب لأنّهم وجدوا بيئة تفاعلية لفهم النظريات والمفاهيم العلمية التي درسوها في مناهج الكيمياء والفيزياء بشكل مبسط، وذلك بعيداً عن طريقة الحفظ والتلقين.
ولا يعدم أصحاب تلك المبادرات الحيل المختلفة لجعل محتوى ما يقدمونه أكثر جاذبية خصوصاً في قطاعات مثل الأطفال والشباب، إلى حد استخدام شخصيات كارتونية شهيرة منها «توم وجيري» داخل فيديو يتحدث عن محتوى جاد ومتخصص ويتناول «قصة اكتشاف الفيروسات».
ومن بين أبرز المبادرات التطوعية لتبسيط العلوم وإثراء المحتوى العربي على شبكة الإنترنت، تبرز أسماء مثل «المؤسسة المصرية لتبسيط العلوم»، و«أكاديمية التحرير»، و«قناة Virol Vlog على موقع اليوتيوب»، و«موقع أنا أصدق العلم»، وشبكة «الباحثون السوريون».
وتبدو قصة الطبيب الشاب إسلام حسين الذي تخرّج في كلية الطب بجامعة الزقازيق، معبرة إلى حد كبير عمّا يدفع أصحاب تلك المبادرات للعمل، إذ فكّر في طريقة ينقل بها شغفه بالعلوم الفيروسية التي تخصص فيها طيلة خمسة عشر عاماً إلى شباب العالم بأسره من خلال قناته ««Virol Vlog على موقع «اليوتيوب» التي يشترك فيها 7820 فرداً، وتحوي فيديوهات متنوعة لا يتجاوز مدتها عشر دقائق، ولكنّها حظيت بنسب مشاهدة كبيرة وتفاعل ضخم من قبل الشباب المهتم بتوسيع مداركه في مجال الأمراض الفيروسية وتطوير الدواء.
في حديث لـ«الشرق الأوسط» يقول إسلام حسين إنه حصل على درجة الدكتوراه في علم الفيروسات من جامعة كامبريدج، وعمل باحثاً في معهد ماساتشوستش التقني، وعلى الرّغم من انشغاله بمساره الأكاديمي، لكنّه تحمس إلى إنشاء قناة على «يوتيوب» من المنزل لتقديم محتوى علمي هادف يجمع ما بين العلم والترفيه كمحاولة لتبسيط المفاهيم العلمية المعقدة وجعلها أكثر جاذبية لجيل الشباب، ودحض الادعاءات الكاذبة التي تروجها وسائل الإعلام بخصوص بعض الأمراض «لتحقيق مكاسب معينة وذلك حتى لا يسقط الناس البسطاء في براثن الدجالين، ومروجي العلم الزائف». وأضاف: «أودّ تصحيح الصورة السلبية العالقة في أذهان الناس عن الفيروسات بأنّها مرتبطة بالأمراض والأوبئة فقط، إلى تسليط الضوء على قصص التعايش بيننا وبين الفيروسات، لدرجة نشوء بعض النظريات التي تقترح استحالة الحياة على كوكب الأرض دونهم، وهو محور الحلقات الجديدة في قناتي.
وعلى الرّغم من شغفه بما يقدم، يعتقد حسين، أنّ مبادرات توصيل العلوم «سلاح ذو حدين»، ويشرح أنّ «الجمهور المتلقي للمعلومة يأخذها كما هي من دون مراجعة، كما أن عامل التبسيط قد يتحول إلى إسفاف وإخلال بالمعلومة إذا لم ينفذ بحرص شديد، ولذلك يجب أن يتحرى الشخص القائم على مبادرات تبسيط العلوم الدقة في المعلومات التي يقدمها».
تجربة أخرى في نطاق المبادرات تقوم بها حالياً «المؤسسة المصرية لتبسيط العلوم»، من خلال إنشاء «فصول معرفة» تجوب المدارس في القرى، وذلك بالشراكة مع أصحاب الشركات الصغيرة.
وتقول هبة عبد السلام المديرة التنفيذية للمؤسسة، وصاحبة مشروع «فصول المعرفة» لـ«الشرق الأوسط»، إنّنا «نستهدف من المشروع طلاب المدارس الإعدادية في المناطق النائية والمهمشة بالمحافظات المختلفة، وسنبسط العلوم المختلفة وذلك من أجل تنمية مهارات الإبداع، والتفكير النقدي لديهم».
وتوضح أنّ المؤسسة التي ترفع شعار «العلم هو الحل... وبالعلم تُبنى الأوطان» أنشئت عام 2016، ويرأس مجلس إدارتها الدكتور هاني الناظر الرئيس السابق للمركز القومي للبحوث، وأطلقت المؤسسة أول مبادرة لإعادة اكتشاف مصر، ونظمت رحلات استكشافية كثيرة لأكثر من 250 تلميذاً وتلميذة في المحميات الطبيعية والمناطق الأثرية في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2017، كما أصدرت المؤسسة مجلة Egyptian Geographic على شبكة الإنترنت، وهي مجلة علمية معرفية وثائقية، ويحوي الموقع معلومات عن الطيور والحيوانات والمحميات الطبيعية والواحات، فضلاً عن قصص نجاح العلماء في مختلفة المجالات.
التفكير بشكل إبداعي وتكوين رؤية نقدية بعيداً عن الحفظ والتلقين، كان هدفا قام عليه موقع «أكاديمية التحرير»، وهو عبارة عن مؤسسة تعليمية غير هادفة للربح، تهتم بتبسيط العلوم لطلاب المرحلة الإعدادية والثانوية بطرق محفزة وتشويقية، من خلال فيديوهات عالية الجودة تدور حول: «الأجرام السماوية»، و«سرعة التفاعلات الكيماوية»، و«الحوسبة السحابية».
وهناك أكثر من 622 ألف متابع لصفحة الأكاديمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، وحصد القائمون على الموقع الكثير من الجوائز، من أهمها: جائزة أفضل منصة تعليمية في الدول النامية من جامعة بنسلفانيا عام 2014، وجائزة أفضل قناة تعليمية على موقع «يوتيوب» عام 2013.
ومن أمثلة مبادرات تبسيط العلوم العربية، موقعي «أنا أصدق العلم» و«الباحثون السوريون». ويعتبر موقع «أنا أصدق العلم» اللبناني أكبر تجمع علمي عربي لتقديم العلوم والتكنولوجيا بطرق جذابة وتفاعلية، وأنشئ الموقع منذ عام 2011، ويتابعه أكثر من 2 مليون متابع على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، ويحوي الموقع أكثر من 10 آلاف مقالة علمية مبسطة بجهود المتطوعين وذلك في الأقسام التالية: «مغالطات علمية»، و«غرائب العلوم»، و«الفيزياء» و«الكيمياء»، و«البيولوجيا»، و«الثقافة والصحة الجنسية»، و«الأنثروبولوجيا». ويتسم الموقع بالتفاعل النشط بين القراء والمقالات المنشورة.
أمّا موقع «الباحثون السوريون» فيقدم محتوى بصريا علميا جاذبا للقراء بواسطة رسوم الإنفوغرافيك ومقاطع الفيديو والرد على أسئلة المتابعين وتقديم الاستشارات العلمية والأكاديمية لهم ويعمل في الموقع أكثر من 450 متطوعا والذين ساهموا في إثراء محتوى الموقع بالمقالات العلمية التي وصلت لنحو 13724 مقالة.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».