«أوبك» تنضم لنادي التوقعات الكبيرة للنفط الصخري وسط ضبابية نموه

{فيتش} تقول إنه سيضغط على الأسعار في السنوات المقبلة

منصات للنفط الصخري في ولاية كاليفورنيا الأميركية (رويترز)
منصات للنفط الصخري في ولاية كاليفورنيا الأميركية (رويترز)
TT

«أوبك» تنضم لنادي التوقعات الكبيرة للنفط الصخري وسط ضبابية نموه

منصات للنفط الصخري في ولاية كاليفورنيا الأميركية (رويترز)
منصات للنفط الصخري في ولاية كاليفورنيا الأميركية (رويترز)

هناك من المحللين والمراقبين من يعتقد، بل ويجزم، أن النفط الصخري سينمو بشكل كبير هذا العام ويؤدي إلى فائض كبير في السوق، ويقوض جهود منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها لإعادة التوازن للسوق النفطية.
وهناك فريق من المحللين والمشغلين والمنتجين يرون العكس، وأن النفط الصخري لن ينمو هذا العام بأعلى من الكمية المتوقعة التي ستتماشى مع كمية النمو في الطلب العالمي على النفط.
والحقيقة تكمن بين الفريقين؛ إذ لا يستطيع أحد التكهن بمدى قوة نمو النفط الصخري هذا العام، خاصة أن العام لا يزال في بدايته. ولكن المشكلة تكمن في التكهنات وفي أرقام الإنتاج أو توقعات الإنتاج من قبل المنظمات الثلاث الكبار، وهي أوبك ووكالة الطاقة الدولية وإدارة معلومات الطاقة الأميركية.
وبالأمس انضمت أوبك - أو استسلمت المنظمة بتعبير آخر - للتقديرات العالية الرائجة في الصناعة، حيث كانت تقديراتها هي الأقل دائماً فيما يتعلق بنمو النفط الصخري والمعروض من خارج أوبك هذا العام.
ورفعت أوبك توقعاتها للمعروض النفطي من المنتجين غير الأعضاء بالمنظمة في 2018 بينما يشجع ارتفاع الأسعار منتجي النفط الصخري الأميركيين على ضخ المزيد من الخام، وهو ما يضعف أثر اتفاق تقوده المنظمة لتصريف تخمة المعروض مع انهيار في الإنتاج الفنزويلي.
وقالت المنظمة في تقريرها الشهري أمس إن المنتجين غير الأعضاء سيزيدون المعروض 1.66 مليون برميل يوميا هذا العام، فيما قدرت أوبك نمو الطلب هذا العام بنحو 1.6 مليون برميل يومياً، مما يعني أن الإنتاج من خارج أوبك سيكون أعلى من الطلب العالمي.
وتشير هذه الأرقام إلى فائض في السوق؛ ما لم تتصرف أوبك أو تتغير الأساسيات وتصبح أقوى مما هي عليه الآن.
وقالت أوبك عن توقعاتها للمعروض من المنتجين خارجها: «بالنسبة لعام 2018 فإن نموا أعلى متوقع في ضوء الزيادة المنتظرة في الإنتاج الصخري الأميركي إثر تحسن بيئة الأسعار، ليس لمنتجي النفط الصخري فحسب، بل لدول أخرى أيضا مثل كندا والمملكة المتحدة والبرازيل والصين».
* تفاؤل أميركي كبير:
ولا تزال إدارة معلومات الطاقة ترفع أرقامها باستمرار لإنتاج النفط الصخري. وقالت الإدارة الأميركية أمس الأربعاء إن متوسط إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي بلغ 10.38 مليون برميل يوميا، وهو مستوى أسبوعي قياسي جديد.
وسبق أن توقعت إدارة معلومات الطاقة الأميركية يوم الاثنين أن إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة من المتوقع أن يرتفع بمقدار 131 ألف برميل يوميا في أبريل (نيسان) المقبل عن الشهر السابق عليه، ليسجل مستوى قياسيا مرتفعا عند 6.95 مليون برميل يوميا.
وسيتجاوز هذا الزيادة المتوقعة في مارس (آذار) البالغة 105 آلاف برميل يوميا. ويُنظر إلى إنتاج النفط الصخري الأميركي على أنه عامل محتمل يعرقل موازنة المعروض العالمي لأن الزيادات تغطي على تخفيضات من الدول الأعضاء في منظمة أوبك ومنتجين خارج المنظمة في مقدمتهم روسيا.
وذكرت وكالة التصنيف الائتماني فيتش أمس أن اتفاق أوبك وحلفائها ساهم في تحسين الوضع القريب لأسعار النفط، لكن ارتفاع الأسعار وزيادة أنشطة الحفر قد ترفع إنتاج النفط الصخري بشكل كبير هذا العام، مما سيتسبب في فائض في المعروض النفطي في السوق. أما على المدى البعيد، فإن زيادة إنتاج النفط الصخري ستبقي أسعار النفط في نطاق بين 50 إلى 60 دولاراً للبرميل.
* ضبابية حيال النفط الصخري:
وأمام كل هذا التوقعات هل هناك مجال لأن تستمر السوق في التوازن؟ على الأرجح نعم، إذ لا تزال هناك بعض الضبابية حيال نمو النفط الصخري بالمعدلات العالية التي يتوقعها الجميع.
ويكمن السر في ذلك في أن كثيرا من الشركات المنتجة للنفط الصخري - على الأرجح - سوف تقوم بتعظيم العوائد والتدفقات النقدية للمساهمين، بدلاً من استثمار المزيد منها لزيادة الإنتاج.
وفي مؤتمر في نيويورك يوم الاثنين الماضي، قال جان إديلمان، محلل السلع في «إتش إس إتش نورد ب أنك»، إنه لا يتوقع نمواً كبيراً في النفط الصخري هذا العام. وأوضح السبب وراء ذلك وهو أن قيمة أسهم شركات الاستكشاف والإنتاج الأميركية أقل من المتوقع، وهو ما سيدفع هذه الشركات لتعظيم حقوق المساهمين على حساب الاستثمار في طاقات إنتاج جديدة.
ولم يكتف إديلمان بهذا الأمر وحسب، بل أضاف أن قطاع النفط الصخري يعاني من أمور أخرى، مثل عدم وجود أنابيب كافية لنقل النفط من مناطق الإنتاج، إضافة إلى عدم وجود عمال بالشكل الكافي لتوصيل الآبار المنتجة للنفط الصخري.
وبالنظر إلى واقع مناطق الإنتاج في الولايات المتحدة، فإن غالبية النمو لا يزال يأتي من حوض «البريميان»، فيما تجمد الإنتاج تقريباً في حوض «إيغل فورد». أما في «باكين» في داكوتا الشمالية، فإن الإنتاج متذبذب ويتجه للانخفاض.
وقبل يومين أعلنت ولاية داكوتا الشمالية عن أرقام الإنتاج فيها لشهر يناير (كانون الثاني) الماضي، التي أوضحت أن الإنتاج هبط بصورة طفيفة إلى 1.176 مليون برميل يومياً من مستوى 1.183 مليون برميل يومياً في ديسمبر (كانون الأول).
وحتى على المستوى المتوسط، فإن النظرة لا تزال غير واضحة للنفط الصخري؛ إذ قال كيم تاي يون، وهو محلل للطاقة في وكالة الطاقة الدولية، يوم الاثنين في سنغافورة، إن النفط الصخري سيصل إلى الذروة في 2025 مع تقادم الحقول، مما يتطلب من المنتجين التقليديين أن يزيدوا استثماراتهم لمقابلة النمو في الطلب العالمي على النفط.


مقالات ذات صلة

«أوبك» تخفّض مجدداً توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2024 و2025

الاقتصاد تتوقع «أوبك» أن يرتفع الطلب العالمي على النفط في عام 2024 بمقدار 1.61 مليون برميل يومياً (رويترز)

«أوبك» تخفّض مجدداً توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2024 و2025

خفّضت «أوبك» توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2024 و2025، يوم الأربعاء، في خامس خفض على التوالي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
الاقتصاد منظر عام لمصفاة فيليبس 66 كما شوهدت من مدينة روديو بكاليفورنيا أقدم مدينة لتكرير النفط بالغرب الأميركي (رويترز)

النفط يرتفع بفضل توقعات ارتفاع الطلب من الصين في 2025

ارتفعت أسعار النفط قليلاً، في وقت مبكر اليوم الأربعاء، مع توقع المتعاملين بالسوق ارتفاع الطلب بالصين، العام المقبل.

الاقتصاد الأمين العام لمنظمة «أوبك» هيثم الغيص خلال منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي في سانت بطرسبرغ (أرشيفية - رويترز)

«أوبك»: تجديد تفويض هيثم الغيص أميناً عاماً للمنظمة لولاية ثانية

قالت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) إنها جدَّدت ولاية الأمين العام، هيثم الغيص، لمدة 3 سنوات أخرى في اجتماع افتراضي عقدته المنظمة، يوم الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
الاقتصاد مضخة نفطية في حقل بولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)

تراجع طفيف للنفط... والتوتر الجيوسياسي وسياسة الصين يحدان من خسائره

تراجعت أسعار النفط قليلاً يوم الثلاثاء متمسكة بمعظم مكاسبها من الجلسة السابقة. فيما حدّ التوتر الجيوسياسي وسياسة الصين من الخسائر.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد الأمين العام لمنظمة «أوبك» هيثم الغيص (أ.ف.ب)

هل يعاد انتخاب الغيص أميناً عاماً لـ«أوبك» غداً؟

من المقرر أن تعيد منظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك» انتخاب الأمين العام الحالي هيثم الغيص لفترة ثانية مدتها ثلاث سنوات.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 
TT

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة)، قبل أن تصبح اليوم أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، وحاصلة على 9 شهادات قياسية من «غينيس».

وسميت «الكنداسة» اشتقاقاً من اسمها اللاتيني (Condenser) والتي تعني المكثف، هذه الآلة كانت تعمل بالفحم الحجري لتكثيف وتقطير مياه البحر لتنتج المياه العذبة.

وفي عام 1926، وبسبب معاناة الحجاج والمعتمرين من قلة المياه العذبة عند وصولهم إلى جدة، إذ كانت بالكاد تكفي السكان، أمر الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود باستيراد آلتين كبيرتين لتقطير مياه البحر لتأمين احتياجهم من الماء.

أما نقطة التحول فكانت في 1974، العام الذي أنشئت فيه المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في السعودية (الهيئة السعودية للمياه حالياً). وتدير حالياً 33 محطة تحلية، من بينها 8 محطات على ساحل الخليج العربي و25 محطة على ساحل البحر الأحمر.

وتنتج هذه المحطات 5.6 مليون متر مكعب من المياه العذبة يومياً، ما يعادل نحو 70 في المائة من إنتاج المياه المحلاة في المملكة، ما يجعلها أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

وقد سجّلت في فبراير (شباط) الماضي المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة تسعة أرقام قياسية سعودية جديدة في موسوعة «غينيس» العالمية، وذلك لإنتاجها ما يزيد على 11.5 مليون متر مكعب يومياً.

استثمارات ضخمة

أصبحت السعودية من كبرى الدول في العالم من حيث حجم الاستثمارات في تحلية المياه، إذ ضخت استثمارات كبيرة في بناء محطات التحلية، بحسب وكيل الرئيس للشراكات الاستراتيجية والمحتوى المحلي في الهيئة السعودية للمياه المهندس محمد آل الشيخ، خلال حديثه في مؤتمر الأطراف (كوب 16) المقام حالياً في الرياض.

وأوضح آل الشيخ أن العاصمة الرياض على سبيل المثال تحصل على المياه المحلاة من بحر الخليج العربي عبر خط أنابيب يمتد لمسافة 500 كيلومتر، وهو نظام نقل مياه متطور لنقل المياه المحلاة، مضيفاً أن هناك استثمارات في البنية التحتية قد تمت على مدار أكثر من أربعة عقود.

ووفقاً لآخر الأرقام المعلنة، فقد رصدت البلاد ميزانية تجاوزت 80 مليار دولار لتنفيذ مئات المشاريع المائية خلال السنوات المقبلة.

تعميم التجربة

ولم تدخر السعودية الخبرات التي جمعتها منذ أن تحولت تحلية المياه من «الكنداسة» إلى أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

فقد وقّعت في يوليو (تموز) 2024 اتفاقية مع البنك الدولي تهدف في أحد بنودها إلى تعميم تجربة المملكة الناجحة في قطاع المياه إلى الدول الأقل نمواً.

وتشمل أيضاً نقل المعرفة وتبادل الخبرات في إدارة الموارد المائية وتقليل التكاليف التشغيلية للمرافق.

وتسعى البلاد إلى مساعدة الدول الأخرى في تحسين كفاءة قطاع المياه وتطوير حلول مستدامة، ما يحقق الهدف السادس لهيئة الأمم المتحدة: «المياه النظيفة والنظافة الصحية»، وفق البيان.

تقنيات الطاقة

وفيما يخص التقنيات المتطورة في تحلية المياه، تحدث آل الشيخ عن التوجهات المستقبلية لتحسين تقنيات التحلية، إذ انتقلت المملكة من استخدام تقنيات التحلية الحرارية إلى تقنيات أكثر كفاءة وأقل استهلاكاً للطاقة بنسب تصل في توفير الطاقة لأكثر من 80 في المائة، وتهدف إلى أن تصبح 83 في المائة من مياه البحر المحلاة، وتعتمد على تقنية التناضح العكسي، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة.

وتُستخدم تقنية التناضح العكسي بشكل واسع في تحلية مياه البحر للحصول على مياه صالحة للشرب، وفي معالجة مياه الصرف الصحي، وكذلك في العديد من التطبيقات الصناعية التي تحتاج إلى مياه نقية وخالية من الشوائب.

آل الشيخ متحدثاً للحضور خلال إحدى الجلسات على هامش مؤتمر (كوب 16) بالرياض (الشرق الأوسط)

وأشار آل الشيخ إلى أن المملكة قامت بتنفيذ تجارب مبتكرة، مثل المشروع التجريبي في مدينة حقل (شمال غربي السعودية)، من خلال إنشاء محطة هجينة تعتمد على الطاقة الشمسية والرياح والطاقة التقليدية.

و«قد أثبت المشروع أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تساهم في تقليل استهلاك الطاقة في تشغيل محطات التحلية، حيث يمكن للطاقة المتجددة أن تساهم في تشغيل المحطات بنسبة تصل إلى 60 في المائة في بعض الفصول».

انخفاض تكلفة الإنتاج

وفيما يتعلق بتكاليف الإنتاج، أكد آل الشيخ أن تكلفة تحلية المياه قد انخفضت بشكل ملحوظ، إذ كانت تكاليف إنتاج متر مكعب واحد من الماء تتجاوز 4 ريالات (1.06 دولار) في الماضي، بينما الآن لا تتجاوز التكلفة 2.5 ريال (نحو 0.67 دولار)، مع توقعات بتحقيق انخفاض أكبر في المستقبل.

وخلال الجلسة الحوارية على هامش «كوب 16»، قال المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار جاه إن الدول التي تعاني من ندرة المياه يجب أن تسعى إلى إعادة استخدام كل قطرة مياه في البلاد عدة مرات.

وأشار إلى أن سنغافورة تعد نموذجاً في هذا المجال، حيث تعيد استخدام كل قطرة مياه 2.7 مرة. وفيما يتعلق بالسعودية، ذكر أن المملكة تستخدم المياه مرتين تقريباً، مع إمكانية تحسين هذه النسبة بشكل أكبر في المستقبل.

المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار خلال الجلسة الحوارية (الشرق الأوسط)

وفيما يخص تكلفة تحلية المياه، قال إنها انخفضت بنسبة 80 في المائة تقريباً عالمياً، بفضل استخدام الطاقة الشمسية وتطور التقنيات المستخدمة في التحلية، مما يجعل هذه الطريقة أكثر جدوى في البلدان مثل السعودية التي تقل فيها معدلات هطول الأمطار.

ولفت كومار جاه إلى زيارته الأخيرة منطقة أنتوفاغاستا في تشيلي، وهي الأشد جفافاً في العالم، إذ لا تسقط فيها الأمطار على الإطلاق.

ورغم ذلك، تُعد هذه المنطقة من أكثر المناطق الاقتصادية ازدهاراً في العالم، بفضل تبني تقنيات تحلية المياه وإعادة استخدامها، مما يعكس إمكانية بناء المرونة المائية في المناطق الجافة مثل السعودية، بحسب كومار جاه.