رحيل أوبير دو جيفنشي... أرستقراطي الموضة الفرنسية

مسيرة غنية بالأناقة الراقية وصداقة ربطته بأودري هيبورن إلى آخر العمر

أوبير دو جيفنشي في مشغله عام 1995 (أ.ف.ب)
أوبير دو جيفنشي في مشغله عام 1995 (أ.ف.ب)
TT

رحيل أوبير دو جيفنشي... أرستقراطي الموضة الفرنسية

أوبير دو جيفنشي في مشغله عام 1995 (أ.ف.ب)
أوبير دو جيفنشي في مشغله عام 1995 (أ.ف.ب)

توفي، يوم الاثنين الماضي، المصمم أوبير دو جيفنشي عن عمر يناهز الـ91 عاماً. ورغم أن الموضة ستتذكره دائماً لأسلوبه الراقي، وذلك الفستان الأسود الناعم الشهير الذي لا يزال يُلهب الخيال، ويُلهم المصممين، إلا أن علاقته بالنجمة الراحلة أودري هيبورن هي التي ستبقى راسخة في الذهن. فكما ارتبطت غرايس كيلي بكريستيان ديور، ارتبطت هي به، فيما يراه البعض نعمة والبعض الآخر نقمة. فالعلاقة كانت قوية إلى حد أنه لم يستطع أن يمحي صورتها الأرستقراطية من الأذهان، وكانت سبباً في تراجعه في الثمانينات إلى حد ما. لكن هذا لا يمنع من القول: إنه كون معها ثنائياً ناجحاً لعدة عقود.
في الكثير من المقابلات الصحافية التي أجراها في حياته لم يُخف أن الصُدفة لعبت دوراً كبيراً في حياته. ففي عام 1953 لم يكن سوى مجرد مصمم شاب يجتهد لحفر اسمه بين أقرانه من أمثال كريستيان ديور وكريستوبال بالنسياجا وغيرهما. في هذا العام تلقى مكالمة من المخرج بيلي وايلدر يطلب منه فيها أن يستقبل ممثلة اسمها هيبورن كانت تحضر لتصوير فيلم «سابرينا» تصميم مجموعة أزياء خاصة بها. في بادئ الأمر، اعتقد جيفنشي أن المعنية بالأمر هي كاثارين هيبورن التي كانت مشهورة آنذاك. رغم هذا الاعتقاد، لم يكن مرحباً بالطلب لأنه كان يحضر تشكيلته في الوقت ذلك، كما كان يعرف أن متطلبات استوديوهات هوليوود كثيرة، ويمكن أن تضعه تحت عدة ضغوط. كل هذا تغير عندما قابلها. لم يتعرف عليها بادئ الأمر، لكنها شدته بعيونها الواسعة ونحافتها الشديدة وأناقتها البسيطة، حسب اعترافه فيما بعد. ما إن ابتسمت له حتى فقد مقاومته، ودعاها للعشاء. بعد ذلك أصبح رهن إشارتها ومصممها الخاص تقريباً. منحها أجمل الفساتين، وفي المقابل كانت أكبر مروج له على المستوى العالمي لـ40 عاماً تقريباً.
في عام 1961 وعندما ظهرت في أول لقطة من فيلم «إفطار في تيفاني» بفستان أسود ناعم يزينه عقد من اللؤلؤ، أصبح بين ليلة وضحاها من التصاميم الأيقونية. وكان من البديهي أن يصعد نجم أوبير دو جيفنشي أيضاً ليصبح واحداً من أهم مصممي القرن العشرين. مجلة «لاكسبريس» الفرنسية كتبت عنه بأنه «يُمثل في الموضة الفرنسية ما تمثله فرنسواز ساغان في الأدب، وبرنار بوفيه في الرسم... مُبدع في مجال الأناقة وفرنسي حتى العظم».
سرعان ما أصبح اسمه مرادفاً لأسلوب باريسي راق وهادئ في الوقت ذاته. وربما يكون من القلائل الذين برهنوا أن البساطة يمكن أن تكون في غاية الجمال. ولأن سفيرته كانت هي أودري هيبورن فإنها رشت عليها قليلاً من الشقاوة التي أخرجتها من الروتينية، وجعلت المرأة تستحليها، بغض النظر عن العمر والزمن. أكبر دليل على هذا أنَّ الفستان الأسود الناعم لا يزال يظهر في الكثير من العروض، ولم يصب المرأة بالتخمة أو الملل منه. بل العكس، فهي تلجأ له كلما شعرت بالحيرة، أو أرادت أن تبرز الجانب الراقي والأنثوي من شخصيتها. تجدر الإشارة إلى أن الفستان الذي ظهرت به هيبورن في فيلم «إفطار في تيفاني» بيع في مزاد كريستيز في عام 2006 بـ467.200 جنيه إسترليني.
بيد أن أجمل ما في علاقته مع النجمة الراحلة أنها لم تكن مبنية على المصلحة، بل تحولت إلى صداقة عمر. فعندما أطلق أول عطر خاص به «لانتيردي» (الممنوع) لم يجد أفضل منها لتكون الوجه المروج له. ومن جهتها كانت أودري تعتبره وتتعامل معه كـ«أخ كبير»، حسبما صرحت في عدة مقابلات، مضيفة أن تصاميمه منحتها الثقة وساعدتها على مواجهة العالم، لأنها كانت خجولة بطبعها، ولم تكن تفهم في الموضة العالمية من قبل. «لكن وكأنني خُلقت لكي ألبس تصاميمه». عندما فازت إديث هيد بجائزة الأوسكار عن أحسن مصممة ملابس عن فيلم «سابرينا» لم تُشر إلى جيفنشي، ولم تشكره، الأمر الذي أثار حفيظة النجمة، وجعلها تنتقم بأن فرضت على استوديوهات هوليوود أن ترتدي تصاميمه في كل أفلامها.
غني عن القول: إنها هي من فتحت له الباب لاختراق السوق الأميركي الذي كان يحتكره كل من كريستوبال بالنسياجا وكريستيان ديور آنذاك، وخصوصاً النخبة. أول واحدة انجذبت إليه كانت جاكي كينيدي التي صمم لها مجموعة كاملة لا تقل عن 15 قطعة في عام 1961 بمناسبة زيارة رسمية كانت تقوم بها مع زوجها إلى فرنسا. لكنها طلبت منه أن يُبقي الأمر سرياً بينهما خوفاً من ردة فعل المصممين الأميركيين. في عام 1963 وفي جنازة زوجها ارتدت تايوراً أسود من تصميمه، لم تستطع إخفاء مصدره لأن كل الجرائد والمجلات تداولته.
محطات في تاريخه:
- ولد عام 1927 في مدينة بوفيه لأسرة أرستقراطية. فوالده كان مركيزاً. مات والده وأوبير دو في الثانية من العمر ليتولى جده وجدته تربيته. جده كان تلميذاً سابقاً للرسام الواقعي جون باتيست كاميل كورو، ومديراً لقسم التنجيد والرسم على الأنسجة في مدينة بوفيه. وبالنتيجة كانت جدته تخزن الكثير من هذه الأنسجة في بيت العائلة، ولأنه كان يعشقها، كان جده يستعملها لمكافأته، كلما حصل على نتائج دراسية جيدة. كان يشعر بسعادة قصوى وهو يلمس هذه الأقمشة «فإغراء رائحة الحرير وملمس المخمل وصوت الساتان كانت تجعلني أحلق في عالم آخر» حسب قوله.
- درس القانون لفترة قصيرة قبل أن يتدرب كمصمم. في عام 1945 انخرط في معهد الفنون الجميلة لتعلم الرسم، وفي الوقت ذاته كان يعمل مع المصمم جاك فاث، أشهر مصمم في باريس في الوقت ذلك، وأول مصمم فرنسي اخترق السوق الأميركية على الإطلاق.
- في عام 1947 التحق للعمل مع المصممة إلسا سكاباريللي، وفي مشغلها الواقع بـ«بلاس فاندوم» قابل دوقة ويندسور أول مرة.
- في عام 1972 اتصلت به الدوقة لتطلب منه أن يصمم لها المعطف الشهير الذي ظهرت به في جنازة زوجها إدوارد. كانت تعرف بحسها أنه ليس هناك أفضل منه يجعل اللون الأسود في قمة الأناقة والجمال.
- بعد خمس سنوات مع إلسا سكاباريللي، قرر جيفنشي أن يفتتح مشغلاً ويطلق داره الخاصة. لم تكن المصممة سعيدة بخطوته ولم تتوقع نجاحه، لكنه خيب ظنها. فقد استغل التغيرات التي شهدتها الموضة بعد الحرب العالمية الثانية لصالحه. تغييرات تمثلت في ظهور أسلوب متحرر واستعمال أقمشة ليست بالضرورة مترفة أو غالية مثل تلك التي كان كريستيان ديور يستعملها. والسبب أنه كان ببساطة لا يمتلك القدرة المالية لاستعمالها، فاستعاض عنها بأقمشة أرخص، لكنه عوضها بتفصيل أنيق وتصميم راق خاطب من خلاله النخبة والمرأة التي كانت تتوق إلى التحرر من مبالغات الموضة.
- أشهر تشكيلة قدمها كانت بعنوان «بيتينا» واستلهمها من العارضة بيتينا غرازياني. كانت مصنوعة من القطن الأبيض الذي كان يستعمل في صنع القمصان الرجالية. كانت ضربة معلم لأنه قدمها في تصاميم أنثوية بخطوط بسيطة ورشيقة مع تفاصيل في الأكمام تجسدت في كشاكش وتطريزات فرنسية. حققت التشكيلة نجاحاً باهراً إلى حد أنه طولب بعرضها في نيويورك. هناك قابل مصممه المفضل كريستوبال بالنسياجا وجهاً لوجه لأول مرة، لتبدأ صداقة وطيدة بينهما. شعر بالنسياجا بأن الشاب الفرنسي لم يستغل كل مواهبه، فساعده على تشذيب طريقته في التفصيل واستعمال الألوان والأحجام، بتشجيعه على تبني خطوط واسعة بعض الشيء من دون أي مبالغات. بذكائه وحسه الفني، التقط أوبير دو النصائح وطبقها بطريقته من خلال قطع منفصلة كانت بداية انتقاله إلى تصميم الأزياء الجاهزة. كان يحرص أن تكون التنورة مستقيمة مثلاً إذا كان القميص واسعاً، أو بأكمام منفوخة في صورة مُنعشة في ذلك الزمن.
- تدرب على يد كريستوبال بالنسياجا وعاصر كريستيان ديور، لكنه لم يتبن أسلوبهما المتمثل في الأحجام الهندسية أو التنورات المستديرة بشكل واضح. كان يعرف أنه كان أسلوباً رائجاً في الأسواق العالمية، خصوصاً في الولايات المتحدة التي كانت تعتبر أهم سوق آنذاك. في المقابل فضل أن يبقى وفياً لنظرته الفنية التي تعتمد على سلاح الرشاقة.
- في عام 1968 توسع وافتتح «ميزون جيفنشي» في أفينو جورج V على بعد خطوات من مشغل ودار مثله الأعلى كريستوبال بالنسياجا.
- في عام 1973 أطلق خطاً رجالياً.
- في الثمانينات بدأت الدار تشهد بعض المشاكل. صحيح أن عطوره كانت تحقق الربح التجاري المطلوب، إلا أن أسلوبه لم يواكب التغيرات الاجتماعية، وظل يخاطب امرأة راقية وأرستقراطية إلى حد ما، بينما كانت الموضة السائدة تعتمد على البريق والبهرجة والألوان الصارخة.
- في عام 1988 بيع خط الـ«هوت كوتير» لمجموعة «إل.في.آم.آش».
- في عام 1995 وبعد 43 على تأسيسه الدار، غادرها بحجة أنه يريد التقاعد. وفي مزرعته في تورين بدأ يمارس هواية البستنة، وابتعد عن الموضة غير متحسر أو آسف عليها لأنه كان يعرف أن الزمن غير الزمن، وأنه لن يستطيع أن يجاري الموجة الجديدة.


مقالات ذات صلة

2024... عام التحديات

لمسات الموضة لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)

2024... عام التحديات

إلى جانب الاضطرابات السياسية والاقتصادية، فإن عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض لا تُطمئن صناع الموضة بقدر ما تزيد من قلقهم وتسابقهم لاتخاذ قرارات استباقية.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)

2024...عام الإقالات والتعيينات

تغييرات كثيرة شهدتها ساحة الموضة هذا العام، كانت من بينها إقالات واستقالات، وبالنتيجة تعيينات جديدة نذكر منها:

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

على الرغم من تعقيد الآلات المستعملة لصنعه، فإن نسيجه يستحق العناء، ويتحول إلى قماش ناعم جداً بمجرّد تحويله إلى سروال جينز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)

التول والمخمل... رفيقا الأفراح والجمال

بين المرأة والتول والمخمل قصة حب تزيد دفئاً وقوة في الاحتفالات الخاصة والمناسبات المهمة

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)

ميغان ماركل وكايلي جينر والصراع على المرتبة الأولى

هناك فعلاً مجموعة من القواسم المُشتركة بين ماركل وجينر، إلى جانب الجدل الذي تثيرانه بسبب الثقافة التي تُمثلانها ويرفضها البعض ويدعمها البعض الآخر.

جميلة حلفيشي (لندن)

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
TT

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)

تحظى سراويل الجينز اليابانية المصبوغة يدوياً بلون نيلي طبيعي، والمنسوجة على أنوال قديمة، باهتمام عدد متزايد من عشاق الموضة، الذين لا يترددون في الاستثمار في قطع راقية بغض النظر عن سعرها ما دامت مصنوعةً باليد. وعلى هذا الأساس يتعامل كثير من صُنَّاع الموضة العالمية مع ورشات يابانية متخصصة في هذا المجال؛ فهم لا يزالون يحافظون على كثير من التقاليد اليدوية في صبغ قطنه وتصنيعه من الألف إلى الياء.

يوضع القطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن لا يلوّنها وحدها بل أيضاً أيدي العاملين (أ.ف.ب)

داخل مصنع «موموتارو جينز» الصغير في جنوب غربي اليابان، يغمس يوشيهارو أوكاموتو خيوط قطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن يلوّن يديه وأظافره في كل مرّة يكرر فيها العملية. يتم استيراد هذا القطن من زيمبابوي، لكنّ الصبغة النيلية الطبيعية المستخدَمة مُستخرجةٌ في اليابان، ويؤكد أوكاموتو أنّ لونها غني أكثر من الصبغات الاصطناعية. وكانت هذه الطريقة التي يشير إلى أنها «مكلفة» و«تستغرق وقتاً طويلاً»، شائعةً لصبغ الكيمونو في حقبة إيدو، من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر.

العمل في هذه المصانع صارم فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع من صبغة إلى خياطة (أ.ف.ب)

وتشكِّل «موموتارو جينز» التي أسستها عام 2006 «جابان بلو»، إحدى عشرات الشركات المنتِجة لسراويل الجينز، ويقع مقرها في كوجيما، وهي منطقة ساحلية تشتهر بجودة سلعها الحرفية، بعيداً عن سراويل الجينز الأميركية المُنتَجة على نطاق صناعي واسع. ويقول رئيس «جابان بلو»، ماساتاكا سوزوكي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نحن صارمون جداً فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع». ويشمل ذلك «جودة الخياطة والصبغة»، ما يجعل الاعتماد على مهارات التصنيع التقليدية للحرفيين المحليين، مسألة ضرورية.

بيد أن كل ما هو منسوج يدويا ومصنوع بهذا الكم من الحرفية له تكلفته، إذ يبلغ سعر النموذج الرئيسي من الجينز الذي تنتجه «موموتارو» نحو 193 دولاراً. أما النموذج الأغلى والمنسوج يدوياً على آلة خشبية محوّلة من آلة نسج كيمونو فاخرة، فيتخطى سعره 1250 دولاراً.

يعمل أحد الحرفيين على تنفيذ بنطلون جينز باليد بصبر رغم ما يستغرقه من وقت (أ.ف.ب)

ومع ذلك، ازداد الاهتمام بما تنتجه «جابان بلو» على أساس أنها إحدى ماركات الجينز الراقية على غرار «إيفيسو»، و«شوغر كين». وتمثل الصادرات حالياً 40 في المائة من مبيعات التجزئة، كما افتتحت الشركة أخيراً متجرها السادس في كيوتو، ويستهدف السياح الأثرياء بشكل خاص. يشار إلى أن صناعة الجينز ازدهرت في كوجيما بدءاً من ستينات القرن العشرين لما تتمتع به المنطقة من باع طويل في زراعة القطن وصناعة المنسوجات. وخلال حقبة إيدو، أنتجت المدينة حبالاً منسوجة للساموراي لربط مقابض السيوف. ثم تحوّلت بعد ذلك إلى صناعة «تابي»، وهي جوارب يابانية تعزل إصبع القدم الكبير عن الأصابع الأخرى، وانتقلت فيما بعد إلى إنتاج الأزياء المدرسية.

تعدّ سراويل الجينز الياباني من بين أغلى الماركات كونها مصنوعة ومصبوغة باليد (أ.ف.ب)

ويقول مايكل بندلبيري، وهو خيّاط يدير مشغل «ذي دينيم دكتور» لتصليح الملابس في بريطانيا، إنّ سوق سراويل الجينز اليابانية «نمت خلال السنوات الـ10 إلى الـ15 الماضية». ومع أنّ محبي الجينز في الدول الغربية يبدون اهتماماً كبيراً بهذه السراويل، «لا يمكن للكثيرين تحمل تكاليفها»، بحسب بندلبيري. ويتابع قائلاً: «إن ماركات الجينز ذات الإنتاج الضخم مثل (ليفايس) و(ديزل) و(رانغلر) لا تزال الأكثر شعبية، لكن في رأيي تبقى الجودة الأفضل يابانية». ويرى في ضعف الين وازدهار السياحة فرصةً إضافيةً لانتعاش سوق هذه السراويل.

رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها فإن الأنوال القديمة لا تزال هي المستعملة احتراماً للتقاليد (أ.ف.ب)

يعزز استخدام آلات النسيج القديمة رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها، وبالتالي لا تملك سوى رُبع قدرة أنوال المصانع الحديثة، من سمعة «موموتارو جينز» التي تعود تسميتها إلى اسم بطل شعبي محلي. وغالباً ما تتعطَّل هذه الأنوال المصنوعة في الثمانينات، في حين أنّ الأشخاص الوحيدين الذين يعرفون كيفية تصليحها تزيد أعمارهم على 70 عاماً، بحسب شيغيرو أوشيدا، وهو حائك حرفي في موموتارو.

يقول أوشيدا (78 عاماً)، وهو يمشي بين الآلات لرصد أي صوت يشير إلى خلل ما: «لم يبقَ منها سوى قليل في اليابان» لأنها لم تعد تُصنَّع. وعلى الرغم من تعقيد هذه الآلات، فإنه يؤكد أنّ نسيجها يستحق العناء، فـ«ملمس القماش ناعم جداً... وبمجرّد تحويله إلى سروال جينز، يدوم طويلاً».