السعودية: «باريس نجد» تطلق مهرجانها السادس

TT

السعودية: «باريس نجد» تطلق مهرجانها السادس

انطلق أمس، مهرجان عنيزة السادس للثقافة، بحزمة من الفعاليات والمحاضرات والندوات والأمسيات الشعرية والمسرحيات وورش العمل والدورات التدريبية وبرامج الأطفال، وأنشطة مختلفة تُنظّم على مدى خمسة أيام، ويتوقع أن يشهد المهرجان الآلاف من الحضور يفوق حضور المهرجان الخامس الذي حقّق أكثر من 70 ألفاً تابعوا 400 فعالية موجهة للرجال والنساء والأطفال، وشارك بها ألف شخص من الجنسين، كباراً وصغاراً. وينظم المهرجان فرعا الجمعية الخيرية الصالحية في محافظة عنيزة «وسط السعودية»، من خلال مركز صالح ابن صالح الاجتماعي، ومركز الأميرة نورة بنت عبد الرحمن الفيصل الاجتماعي. ويتضمن فعالية رجالية ونسائية، حيث رعى الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود، أمير منطقة القصيم، أمس، الفعاليات المخصصة للرجال في مقر مركز صالح ابن صالح الاجتماعي، في حين رعت الأميرة عبير بنت سليمان المنديل، حرم أمير منطقة القصيم، الفعاليات والأنشطة المخصصة للنساء والأطفال في مقر مركز الأميرة نورة بنت عبد الرحمن الفيصل الاجتماعي.
وسيُكرّم خلال المهرجان كل من الدكتور الراحل محمد بن عبد الرحمن الشامخ، وعبد المقصود بن محمد خوجة، والدكتور سعد بن عبد الله الصويان، وحمد بن عبد الله القاضي، ومحمد بن عبد الرزاق القشعمي. وستُنظّم ندوة عن المكرمين يشارك فيها، الدكتور إبراهيم بن عبد الرحمن المطوع، وقاسم بن خلف الرويس، ومحمد بن عبد الله المزيني، ويوسف بن محمد العتيق، كما يتضمن المهرجان محاضرة عن التربية الوقائية من فكر التطرف وفق منهج الدكتور عمر بن حسن الراشدي، ودورة «كيف تبني نفسك؟»» للدكتور علي بن أحمد الشيخي، كما ستنظّم أمسية شعرية لمحمد بن عبد الله سليمان التركي، يديرها محمد بن عبد الله العود، ودورة بعنوان «حقق هدفك»، يقدمها ناصر بن محمد بن ناصر الشواي الهويمل، وليلة سمر يحييها كل من سعد بن إبراهيم الثنيان، والشاعر محمد بن عبد العزيز العبيد الله، وأحمد بن صالح القرعاوي.
وفيما يتعلق بفعاليات وأنشطة النساء ستكرّم كل من، الدكتورة خيرية بنت إبراهيم السقاف، والدكتورة فوزية بنت إبراهيم الجفالي، والدكتورة هدى بنت عبد الرحمن المنصور، والدكتورة وفاء بنت إبراهيم السبيل، كما ستحفل الفعاليات النسائية بأنشطة متعددة، منها ورشة عمل «كيفية كتابة قصص الأطفال»، الدكتورة وفاء بنت إبراهيم السبيل، ولقاء «كيف تكونين منجزة» نورة قبلان المطيري، وورشة عمل «أساليب فن الباستيل» منى محمد النزهة، وورشة عمل «كيف تقرؤون لأطفالكم؟» سامية عبد الله العيسى، ولقاء بعنوان «كفاح أم» للدكتورة فايزة بنت عثمان أبا الخيل، وبرامج أطفال: فرقة ألعاب، ومرسم حر، ركن للقراءة، وورشة عمل «التقييم الحسي للأغذية» سمر عبد الرحمن المحيميد، ولقاء «عشر درجات تحت الصفر» عواطف حامد البشري، و«فن الطبخ وتقديم المطبخ المغربي والسوري» صفاء كمال الهندي، وأمسية شعرية للشاعرة شقراء محمد المدخلي، والشاعرة الدكتورة مها محمد حميد العتيبي، وورشة عمل للصغار «العناية بالأسنان» لجنة أصدقاء المرضى بعنيزة، ودورة «مهارات مفقودة لدى الفتاة» الدكتور عمر بن حسن الراشدي، وورشة عمل «مهارات تصفيف الشعر» نورة عوض المطيري، وندوة «أساسيات التغذية والرياضة» الدكتورة جمانة كامل عبد الوهاب جلال، وغادة الحسين الرفيحي، وأوبريت سفينة الثقافة اللجنة الثقافية في مركز الأميرة نورة، ومسرحية غرقي طوق نجاتي متوسطة تحفيظ القرآن الكريم الثانية بعنيزة، ومعرض المؤلفات الناشئات، ومعرض الفنانات التشكيليات في القصيم. ومعرض فنون الحرف المطورة - وعالم المعرفة للصغار معرض الخدمة المجتمعية: «كليات، بنوك، فرق تطوعية» - ومعرض الفنانة التشكيلية منى النزهة. ويهدف مهرجان عنيزة للثقافة الذي يقام كل عامين إلى التواصل الثقافي مع المجتمع بما يُكمل مسيرة السياحة الممتدة طوال العام في مدينة عنيزة، وتأصيل المعطيات الثقافية المتجددة في بناء الأمة وتراثها وثوابتها، بزيادة التفاعل الثقافي بين شرائح المجتمع المختلفة، وإبراز دور المدينة الحضاري والثقافي على الساحة العامة من خلال مناقشة بعض القضايا الثقافية، ورعاية وتنمية المواهب الأدبية والفنية. وتلبية احتياجات المجتمع من البرامج الاجتماعية والثقافية.
ويتضمن المهرجان أيضاً، برنامجين رئيسيين، هما، البرنامج المنبري الذي يحوي مجموعة من المحاضرات والندوات والأمسيات الشعرية والمسرحيات وورش العمل والدورات التدريبية وبرامج الأطفال، وبرنامج التكريم الذي يشمل تكريم عدد من رموز الوطن، سواء أكانوا من عنيزة أم من خارجها من الرجال والنساء وفق آلية حدّدتها اللجنة المنظمة للمهرجان.
يشار إلى أن محافظة عنيزة في منطقة القصيم السعودية صنفت في التاريخ بوصفها واحدة من الحواضر الكبرى في الجزيرة العربية، وتميّزت بجمالها وانفتاحها الاجتماعي، واهتمام سكانها بالتعليم مبكراً. زارها كثير من الرحالة، أبرزهم داوتي قبل قرن وعقدين، وأبدى إعجابه بأهلها وثقافة سكانها وتسجيلهم سبقاً باعتمار الطربوش الأحمر مع البنطال والقميص والكرافته «رابطة العنق»، واشتراك النخب الثقافية فيها في المجلات والصحف التي كانت تصدر في عدد من الدول العربية قبل أكثر من قرن، كما وصفها المؤرخ الريحاني الذي زارها أيام الملك المؤسس عبد العزيز، وكتب عنه في كتاب «ملوك العرب»، وصف عنيزة بـ«باريس نجد».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».