أدونيس... الرؤيا والرؤية

كاتب تونسي يدعو إلى تناول «مغاير» لتجربته

أدونيس... الرؤيا والرؤية
TT

أدونيس... الرؤيا والرؤية

أدونيس... الرؤيا والرؤية

السوريالية في المنجز الشعري والنظري لأدونيس هي موضوع الكتاب الجديد الذي أصدره الباحث التونسي الشاب حاتم التليلي عن دار «نقوش عربية»، بعنوان «أدونيس سوريالياً»، وهو كتاب آخر من الكتب التي تجسد «الشغف» بأدونيس منذ صدور كتابه المرجعي «الثابت والمتحول»، بما فتحه من آفاق جديدة في تمثل التراث العربي الشعري والنثري.
كتاب حاتم التليلي له مهمة أساسية، فهو «لا يروم عقد محاكمة توجه فيها أصابع الاتهام إليه، مثلما نقرأ في دراسات كثيرة، بقدر ما يحاول الانزياح عن المناخ القضائي للسائد من ثقافتنا». وينقسم الكتاب إلى ثلاثة فصول: مساءلة المفهوم، وحقل التفاعل النظري، وحقل التفاعل النصي. وعلى مدى الفصول الثلاثة، وفي 166 صفحة، يتناول التليلي مجموعة من القضايا المتصلة بالسوريالية، وبتجربة أدونيس في تمثله له معتمداً على مجموعة من أعمال أدونيس، وهي: ديوان «مفرد بصيغة الجمع»، و«كتاب التحولات والهجرة في أقاليم النهار والليل»، و«الكتاب أمس المكان الآن»، وطبعة تونسية لمختارات شعرية، قدم لها الراحل بكلية الآداب بمنوبة عبد الله صولة.
ويدعو الباحث من البداية إلى تناول مغاير لأدونيس، بعيداً عن النزعة الذاتية «فدراسة السوريالية في شعر أدونيس ينبغي أن تكون في أفق آخر من الكتابة»، أي بالخروج عن النزعات الذاتية في النقد، ومحاولة الإنصات إلى إبداعاته، وفق ما تطمح إليه من إنجازات، فالكتابة «نوع من تفجير النصوص الأدونيسية». ويقر الباحث بصعوبة حصر الروافد التي ينهل منها أدونيس؛ أما ما سماه «استنبات السوريالية» في الشعر العربي، فهو أمر يعود إلى التداخل النصي في شعر أدونيس.
وينطلق التليلي من تحديد الحقل الذي يعمل فيه باستعراض تاريخ السوريالية ومجالاتها، كما يسائل السوريالية من خلال علاقتها بالصوفية، وتحديد مفهوم الشعر لدى أدونيس، وعلاقته بالرؤيا وبالثورة، مستعرضاً تجربة آرثر رامبو كما تمثلها أدونيس. أما الفصل الثاني للكتاب، فيقسمه إلى: ضوء القصيدة، وهو باب تناول فيه البناء الشعري وظاهرة العنونة، كما سماها، وخيمياء الكتابة، وغموض المعنى والتجريد، وصولاً إلى الرمز الديني والأسطوري. ويخصص الباب الثاني لـ«معنى القصيدة» لدى أدونيس، ويرى أن معظم أعماله كانت إدانة للسائد الثقافي وتفكيكه:
«كي تنضج وقتاً.. اقطع رأساً» (الكتاب أمس المكان الآن، ص 77)
فالقصيدة عند أدونيس هي فعل محو؛ محو الثقافة السائدة التي أنتجتها بنية التفكير التقليدية. وبالتالي، فإن الكتابة عنده هي أساساً فعل تمرد و«مساءلة للثابت».
ويلخص حاتم التليلي رحلته مع شعر أدونيس بالقول: «كان للمنجز النصي الأدونيسي طابعه المتفرد والخاص، حتى أنه يكاد يستحيل عن الإيضاح، ويتوارى عن كل محاولة إنصات إليه، فهو غامض إلى حد التعقيد والالتباس، ومتشظٍ بشكل يشتت كل محاولة في دراسته. فالقصيدة باتت قائمة في مجالين منفصلين ومتكاملين على حد السواء: مجال الرؤية، ومجال الرؤيا».


مقالات ذات صلة

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

ثقافة وفنون «أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

في كتابها «رحِم العالم... أمومة عابرة للحدود» تزيح الكاتبة والناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا المُسلمات المُرتبطة بخطاب الأمومة والمتن الثقافي الراسخ

منى أبو النصر (القاهرة)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
كتب سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو  أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"

الشبحُ في الآلة

شغل موضوع أصل الأشياء The Origin مكانة مركزية في التفكير البشري منذ أن عرف البشر قيمة التفلسف والتفكّر في الكينونة الوجودية.

لطفية الدليمي
كتب سيمون سكاما

قصة اليهود... من وادي النيل حتى النفي من إسبانيا

يروي الكاتب البريطاني اليهودي «سيمون سكاما»، في كتابه «قصة اليهود»، تفاصيل حياة اليهود ابتداءً من استقرارهم في منطقة الألفنتين

سولافة الماغوط (لندن)

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي
TT

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

في عددها الجديد، نشرت مجلة «القافلة» الثقافية، التي تصدرها شركة «أرامكو السعودية»، مجموعة من الموضوعات الثقافية والعلمية، تناولت مفهوم الثقافة بالتساؤل عن معناها ومغزاها في ظل متغيرات عصر العولمة، وعرّجت على الدور الذي تضطلع به وزارة الثقافة السعودية في تفعيل المعاني الإيجابية التي تتصل بهذا المفهوم، منها إبراز الهويَّة والتواصل مع الآخر.

كما أثارت المجلة في العدد الجديد لشهري نوفمبر (تشرين الثاني)، وديسمبر (كانون الأول) 2024 (العدد 707)، نقاشاً يرصد آفاق تطور النقل العام في الحواضر الكُبرى، في ضوء الاستعدادات التي تعيشها العاصمة السعودية لاستقبال مشروع «الملك عبد العزيز للنقل العام في الرياض».

وفي زاوية «بداية كلام» استطلعت المجلة موضوع «القراءة العميقة» وتراجعها في العصر الرقمي، باستضافة عدد من المشاركين ضمن النسخة التاسعة من مسابقة «اقرأ» السنوية، التي اختتمها مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وفي السياق نفسه، تطرّق عبد الله الحواس في زاوية «قول في مقال» إلى الحديث عن هذه «المسابقة الكشافة»، التي تستمد حضورها من أهمية القراءة وأثرها في حياتنا.

في باب «أدب وفنون»، قدَّم قيس عبد اللطيف قراءة حول عدد من أفلام السينما السعودية لمخرجين شباب من المنطقة الشرقية من المملكة، مسلطاً الضوء على ما تتناوله من هموم الحياة اليومية؛ إذ يأتي ذلك بالتزامن مع الموسم الخامس لـ«الشرقية تُبدع»، مبادرة الشراكة المجتمعية التي تحتفي بـ«الإبداع من عمق الشرقية».

وفي «رأي ثقافي»، أوضح أستاذ السرديات وعضو جائزة «القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً»، د. حسن النعمي، دور الجائزة في صناعة مشهد مختلف، بينما حلَّ الشاعر عبد الله العنزي، والخطّاط حسن آل رضوان في ضيافة زاويتي «شعر» و«فرشاة وإزميل»، وتناول أحمد عبد اللطيف عالم «ما بعد الرواية» في الأدب الإسباني، بينما استذكر عبد السلام بنعبد العالي الدور الأكاديمي البارز للروائي والفيلسوف المغربي محمد عزيز الحبابي. أما علي فايع فكتب عن «المبدع الميّت في قبضة الأحياء»، متسائلاً بصوت مسموع عن مصير النتاج الأدبي بعد أن يرحل صاحبه عن عالم الضوء.

في باب «علوم وتكنولوجيا»، تناولت د. يمنى كفوري «تقنيات التحرير الجيني العلاجية»، وما تعِد به من إمكانية إحداث ثورة في رعاية المرضى، رغم ما تنطوي عليه أيضاً من تحديات أخلاقية وتنظيمية. وعن عالم الذرَّة، كتب د. محمد هويدي مستكشفاً تقنيات «مسرِّعات الجسيمات»، التي تستكمل بالفيزياء استكشاف ما بدأته الفلسفة.

كما تناول مازن عبد العزيز «أفكاراً خارجة عن المألوف يجمح إليها خيال الأوساط العلمية»، منها مشروع حجب الشمس الذي يسعى إلى إيجاد حل يعالج ظاهرة الاحتباس الحراري. أما غسّان مراد فعقد مقارنة بين ظاهرة انتقال الأفكار عبر «الميمات» الرقمية، وطريقة انتقال الصفات الوراثية عبر الجينات.

في باب «آفاق»، كتب عبد الرحمن الصايل عن دور المواسم الرياضية الكُبرى في الدفع باتجاه إعادة هندسة المدن وتطويرها، متأملاً الدروس المستفادة من ضوء تجارب عالمية في هذا المضمار. ويأخذنا مصلح جميل عبر «عين وعدسة» في جولة تستطلع معالم مدينة موسكو بين موسمي الشتاء والصيف. ويعود محمد الصالح وفريق «القافلة» إلى «الطبيعة»، لتسليط الضوء على أهمية الخدمات البيئية التي يقدِّمها إليها التنوع الحيوي. كما تناقش هند السليمان «المقاهي»، في ظل ما تأخذه من زخم ثقافي يحوِّلها إلى مساحات نابضة بالحياة في المملكة.

ومع اقتراب الموعد المرتقب لافتتاح قطار الأنفاق لمدينة الرياض ضمن مشروع «الملك عبد العزيز للنقل العام»، ناقشت «قضية العدد» موضوع النقل العام، إذ تناول د. عبد العزيز بن أحمد حنش وفريق التحرير الضرورات العصرية التي جعلت من النقل العام حاجة ملحة لا غنى عنها في الحواضر الكبرى والمدن العصرية؛ فيما فصَّل بيتر هاريغان الحديث عن شبكة النقل العام الجديدة في الرياض وارتباطها بمفهوم «التطوير الحضري الموجّه بالنقل».

وتناول «ملف العدد» موضوعاً عن «المركب»، وفيه تستطلع مهى قمر الدين ما يتسع له المجال من أوجه هذا الإبداع الإنساني الذي استمر أكثر من ستة آلاف سنة في تطوير وسائل ركوب البحر. وتتوقف بشكل خاص أمام المراكب الشراعية في الخليج العربي التي ميَّزت هذه المنطقة من العالم، وتحوَّلت إلى رمز من رموزها وإرثها الحضاري.