روسيا تمضي بحذر لإصدار العملة الرقمية «كريبتو روبل»

روسيا تمضي بحذر لإصدار العملة الرقمية «كريبتو روبل»
TT
20

روسيا تمضي بحذر لإصدار العملة الرقمية «كريبتو روبل»

روسيا تمضي بحذر لإصدار العملة الرقمية «كريبتو روبل»

يتعامل الكرملين بحذر مع فكرة إصدار عملة رقمية وطنية، باتت تُعرف باسم «كريبتو روبل»، بينما تعمل السلطات المالية على دراسة اقتراحات في هذا الشأن، بما في ذلك استخدام العملات الرقمية الوطنية أداة مالية تخدم المشاريع التكاملية الاقتصادية في الفضاء السوفياتي السابق.
وفي تعليقه على إصدار «كريبتو روبل»، قال غيرمان كليمينكو، مستشار الرئيس الروسي لتطوير الإنترنت، ورئيس لجنة «العملات الرقمية» في غرفة التجارة الروسية، إن «العملات الرقمية من وجهة نظر عملية ستكون بمثابة نقد إلكتروني»، وعبر عن اعتقاده بإمكانية إصدار أي كميات من «كريبتو روبل»، محذراً في الوقت ذاته من أن هذه الخطوة لن تأتي بأي جديد سوى هدر الأموال، لا سيما خلال عمليات التحويل، «الحديث يدور عن النسبة المالية التي يتم حسمها أثناء تحويل (كريبتو روبل) من وإلى البورصة، أو من محفظة إلى أخرى، وفي كلتا الحالتين هناك عمولة يتعين على المواطن دفعها».
وأشار مستشار الكرملين إلى أن البنك المركزي قد يصدر «كريبتو روبل»، إلا أن هذه الخطوة لا معنى لها، حسب قوله، وأكد: «تحدثت مع البنك المركزي الروسي، وهم لا يرون أن الأمر بتلك الدرجة من الأهمية، لذلك قد يصدرون عملة رقمية وطنية، وقد لا يفعلون ذلك»، وأضاف أن كلمة «كريبتو» لها وقع جيد على السمع «إلا أنها ستكون عبارة عن النقد المالي ذاته، (أي الروبل التقليدي)، وإنما على صيغة نقد رقمي»، مشيراً إلى أن «كريبتو روبل» أفضل من العملة التقليدية في مسألة رئيسية، هي القدرة على متابعة حركة الأموال.
وتكشف تصريحات كليمينكو عن جدل مستمر في روسيا على أعلى المستويات، بشأن كيفية التعامل مع العملات الرقمية؛ الظاهرة التي ولدت في العالم الافتراضي مستفيدة من تطور التقنيات العصرية، وأصبحت لاعباً رئيسياً في عالم المال والاقتصاد. وتبدي السلطات المالية والسياسية الروسية اهتماماً كبيراً منذ العام الماضي بالعملات الرقمية، مثل «البيتكوين» وغيرها. وتسعى جاهدة إلى عدم التأخر عن مواكبة ركب هذا التطور السريع في العلاقة بين عالم المال والتقنيات العصرية، الذي أنتج أداة مالية فوق قومية. وتحاول في الوقت ذاته أن يكون الانفتاح على العملات الرقمية ضمن رؤية محددة تبقيها خاضعة لسيطرة السلطات والقوانين المحلية.
وكان وزير الاتصالات الروسي نيكولاي نيكيفوروف أكد في تصريحات خريف العام الماضي أن الدولة تعمل على إصدار «كريبتو روبل»، وقال إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كلف بإصدار عملة رقمية روسية، موضحاً أن الهدف من هذه الخطوة تعزيز مكانة روسيا في مجال التجارة الإلكترونية.
وأكد نيكيفوروف أن الحكومة الروسية ستتولى عملية إصدار العملة الرقمية، وستفرض عدداً من القواعد بهذا الصدد، إلا أنه لم يكشف عن مواعيد محددة لإصدار تلك العملة، واكتفى بالتشديد على أهمية الإسراع في هذه العملية «لأن جيران روسيا في آسيا وأوروبا سيتحركون بشكل أسرع». وفي نهاية ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي، طرحت وزارة المالية الروسية مشروع قانون حول العملات الرقمية، تضمن فقرة حول إصدار عملة رقمية وطنية يُطلق عليها «كريبتو روبل». ولم تقدم المؤسسات الروسية المعنية أي توضيحات بشأن آليات إصدار تلك العملة والجدول الزمني، واكتفت وزارة المالية بالإشارة إلى الأهمية الاقتصادية لهذا الأمر.
ومن جانبه ذهب البنك المركزي الروسي إلى ما هو أبعد من مجرد إصدار عملة رقمية وطنية، وقالت أولغا سكوروبوغاتوفا، النائبة الأولى لمديرة البنك المركزي في تصريحات نهاية العام الماضي، إن «المركزي الروسي» دعا إلى بدء محادثات حول إصدار عملة رقمية موحدة للدول الأعضاء في الاتحاد الأوراسي الاقتصادي (يضم روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان وقرغيزستان وأرمينيا)، وكذلك في إطار مجموعة «بريكس» (روسيا والهند والصين والبرازيل وجنوب أفريقيا). ويرى محللون في السوق ومراقبون، أن روسيا، وعلى الرغم من الجدل الدائر ومخاوف البعض من ظاهرة العملات الرقمية، إلا أنها ستعمل خلال العام الحالي على اعتماد صيغة نهائية لقوانين تنظم التعاملات بهذه الأداة المالية العصرية، وكذلك ستتخذ خطوات ملموسة باتجاه إصدار عملة رقمية وطنية «كريبتو روبل»، لا سيما أن بعض الدول الحليفة في الفضاء السوفياتي سابقاً تدرس بجدية أيضاً إصدار عملات رقمية وطنية.
وكانت بيلاروسيا، التي تجمعها مع روسيا «اتفاقية اتحادية»، والعضو في الاتحاد الأوراسي، قامت العام الماضي بإصدار عملة رقمية وطنية، أطلقت عليها «تالر»، وهو اسم العملات الفضية التي تم سكها في مختلف الدول الأوروبية منذ القرن السادس عشر، فضلاً عن ذلك فإن اسم «تالر» يحظى بشعبية كبيرة في أوساط المثقفين القوميين البيلاروس، ويرون فيه رمزاً للعملة البيلاروسية الحقيقية، في مواجهة الروبل السوفياتي.


مقالات ذات صلة

اليابان تعتزم منح العملات المشفرة وضعاً قانونياً

الاقتصاد عملات مشفرة (رويترز)

اليابان تعتزم منح العملات المشفرة وضعاً قانونياً

تعتزم وكالة الخدمات المالية اليابانية إجراء مراجعة لقانون الأدوات المالية والبورصات لجعل الأصول المشفرة من المنتجات المالية ذات الوضع القانوني.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد تمثيلات العملات الافتراضية على أوراق الدولار الأميركي (رويترز)

«وورلد ليبرتي فاينانشال» تعلن عن إطلاق عملة مستقرة مرتبطة بالدولار

أعلنت شركة «وورلد ليبرتي فاينانشال» للعملات الرقمية، المملوكة لدونالد ترمب، في بيان لها يوم الثلاثاء عن خطط لإطلاق عملة مستقرة مرتبطة بالدولار الأميركي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شعار شركة «بلاك روك» على شاشة في قاعة بورصة نيويورك (أرشيفية - رويترز)

«بلاك روك» تطلق أول منتج «بتكوين» متداول في البورصة بأوروبا

أطلقت شركة «بلاك روك» أول منتج «بتكوين» مُتداول في البورصة في أوروبا، في خطوة تهدف إلى الاستفادة من الطلب المتزايد على تداول العملات الرقمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مجسمات لعملة بتكوين في معرض بهونغ كونغ (أ.ف.ب)

قراصنة كوريون شماليون يستولون على 1.5 مليار دولار من منصة عملات رقمية

تمكّن قراصنة من كوريا الشمالية من تحويل ما لا يقل عن 300 مليون دولار من أصل 1.5 مليار دولار سُرقت خلال عملية اختراق غير مسبوقة لمنصة تداول العملات الرقمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ مجسمات لعملات البيتكوين المشفرة (أرشيفية - رويترز) play-circle 02:06

لماذا سينشئ ترمب احتياطياً استراتيجياً للبيتكوين؟

قالت «هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)» إن الأمر التنفيذي الذي وقَّعه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الخميس، لإنشاء احتياطي استراتيجي لعملة البيتكوين...

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مؤتمر دولي في الرياض يناقش مستقبل القدرات البشرية في ظل التغيرات العالمية

مشاركون في النسخة الثانية من مؤتمر مبادرة القدرات البشرية في الرياض (الشرق الأوسط)
مشاركون في النسخة الثانية من مؤتمر مبادرة القدرات البشرية في الرياض (الشرق الأوسط)
TT
20

مؤتمر دولي في الرياض يناقش مستقبل القدرات البشرية في ظل التغيرات العالمية

مشاركون في النسخة الثانية من مؤتمر مبادرة القدرات البشرية في الرياض (الشرق الأوسط)
مشاركون في النسخة الثانية من مؤتمر مبادرة القدرات البشرية في الرياض (الشرق الأوسط)

أكَّد وزير التعليم السعودي يوسف البنيان أن العالم يشهد لحظة محورية لا تقتصر على التحديات، بل تتضمن فرصاً استثنائية يجب الاستفادة منها، في ظل تسارع وتيرة التغيرات العالمية، مدفوعة بالقفزات التكنولوجية، وتحديات الاستدامة البيئية، والتحولات الديموغرافية، والاضطرابات الجيوسياسية.

كلام البنيان جاء يوم الأحد، خلال افتتاح النسخة الثانية من مؤتمر مبادرة القدرات البشرية في الرياض، والذي يُعقد تحت رعاية الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، رئيس لجنة برنامج تنمية القدرات البشرية (أحد برامج تحقيق «رؤية المملكة 2030»)، ويعد المؤتمر منصة عالمية رائدة تجمع أكثر من 300 متحدث من القادة وصنَّاع السياسات والخبراء العالميين من مختلف القطاعات، بما في ذلك القطاع الأكاديمي، والخاص، وغير الربحي، وذلك من خلال أكثر من 100 جلسة حوارية. وهو يهدف إلى توحيد الجهود الدولية وإثراء الحوار العالمي بما يسهم في رسم مستقبل القدرات البشرية.

وأوضح وزير التعليم أن تطوير القدرات البشرية يُعد الأساس لاكتساب المهارات والمعرفة والقيم التي تمكّن الأفراد من حياة منتجة وفاعلة، مشيراً إلى أن هذه التنمية تمثل في الوقت ذاته المسار والغاية نحو مستقبل أفضل، حيث لا تقتصر على التهيئة لسوق العمل، بل تمتد لتحقيق التميز المستدام. وقال: «تطوير القدرات البشرية... غايتنا لتمكين الأجيال المستقبلية».

وأضاف أن المؤتمر يتضمن المعرض العالمي للتعليم، الذي يُنظَّم بالشراكة مع وزارة التعليم السعودية، بما يعكس التزام المملكة بتعزيز مكانتها في مجال التعليم على المستوى الدولي.

وزير التعليم السعودي يوسف البنيان متحدثاً في افتتاح المؤتمر (الشرق الأوسط)
وزير التعليم السعودي يوسف البنيان متحدثاً في افتتاح المؤتمر (الشرق الأوسط)

كما أشار إلى أن المؤتمر يشهد أيضاً مناقشات مهمة حول تأثير الذكاء الاصطناعي على تنمية القدرات البشرية، باعتباره أحد أبرز التحديات والفرص التي تواجه المجتمعات في العصر الحديث.

وشدد البنيان على أهمية الحفاظ على القدرات البشرية في صميم الرؤية المشتركة للنمو الاقتصادي المستدام، منوهاً بضرورة تبني مبدأ التعلم مدى الحياة، وإنشاء أنظمة مرنة تمكّن الأفراد من تطوير مهاراتهم باستمرار.

كما أكد أن التحديات الراهنة تتطلب مستوى غير مسبوق من التعاون بين الحكومات، والمؤسسات التعليمية، والقطاع الخاص، والمجتمعات، مشيراً إلى أن العمل المشترك هو السبيل لتحقيق التحولات الكبرى المنشودة.

وأوضح وزير التعليم أن مبادرة تنمية القدرات البشرية تأتي ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030، التي تضع تنمية الإنسان في قلب أولوياتها، باعتبارها المحرك الأساسي لتحقيق التقدم الوطني.