الفالح: موعد اكتتاب «أرامكو السعودية» ليس ذا أهمية

المملكة تريد أن تصبح لاعباً في سوق الوقود النووي

الفالح: موعد اكتتاب «أرامكو السعودية» ليس ذا أهمية
TT

الفالح: موعد اكتتاب «أرامكو السعودية» ليس ذا أهمية

الفالح: موعد اكتتاب «أرامكو السعودية» ليس ذا أهمية

قال وزير الطاقة والصناعة السعودي خالد الفالح إن موعد طرح أسهم شركة «أرامكو السعودية» للاكتتاب العام، ليس ذا أهمية، إذ إن المهم في طرح أسهم الشركة هو أن يتم ذلك إذا ما اكتملت الظروف وكانت مواتية.
وفتح الفالح الباب في تصريحاته بالأمس لقناة «بلومبيرغ» للتوقعات أن يتم تأجيل اكتتاب «أرامكو» إلى بداية العام المقبل، إذا ما دعت الظروف إلى ذلك.
وأوضح الفالح، أمس، في حواره مع القناة من داخل السفارة السعودية في لندن، في رد على سؤال من القناة حول ما إذا كان الطرح سيتم قبل نهاية العام، قائلاً: «بين يوم 31 ديسمبر (كانون الأول) ويوم واحد يناير (كانون الثاني) لن تخسر المملكة أي شيء من قيمة الشركة. لذا لا أرى أن يكون هذا التاريخ الاصطناعي الذي أشرتم إليه ذا أي أهمية».
وأضاف الفالح أن سوق الأسهم السعودية (تداول) ستكون هي حجر الأساس لاكتتاب «أرامكو» فيما سيتم الإعلان عن سوق دولية أخرى «إذا ما كان هنالك سوق أخرى» في الوقت المناسب.
وقال الفالح إن قيمة شركة «أرامكو» سيتم تحديدها من قبل المستثمرين، موضحاً في الوقت نفسه أن كل المستثمرين في العالم لديهم اهتمام كبير باكتتاب الشركة.
وفيما يتعلق بالجهة التي سيتمّ فيها طرح الأسهم، قال الفالح إن مدينة لندن ما زالت من بين المدن التي تتنافس على إدراج أسهم «أرامكو» في سوقها المالية.
من جهة أخرى، قال أمين الناصر الرئيس التنفيذي لـ«أرامكو السعودية»، أمس الخميس، إن جميع الأعمال المطلوبة من شركة النفط العملاقة لطرحها العام الأولي، الذي قد يصبح الأكبر في التاريخ، ستتم خلال النصف الثاني من 2018.
وأضاف الناصر متحدثاً خلال مؤتمر في لندن أن قرار مكان الإدراج «والباقي هو مهمة موكلة إلى المالك».
وبدأ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يوم الأربعاء زيارة إلى بريطانيا والولايات المتحدة قد تُبلور قرار مكان إدراج الشركة.ولندن ونيويورك من بين المراكز المالية الرائدة المرشحة بقوة لاستضافة الشق الدولي من طرح الأسهم إلى جانب سوق الرياض.

الطاقة النووية

وأوضح الفالح أمس في لندن أن المملكة تسعى لإضافة 10 غيغاواط من الكهرباء من مصادر متجددة ومن المرشح أن يرتفع هذا الرقم إلى ما بين 30 إلى 40 غيغاواط.
وتطرَّق الفالح في تصريحاته لـ«بلومبيرغ»، أمس، إلى طموح السعودية النووي قائلاً إن المملكة تسعى لأن تصبح جزءاً من سوق الوقود النووي في العالم، لأنها تمتلك نحو 3 إلى 6 في المائة من إجمالي احتياطيات اليورانيوم العالمية.
وقال الفالح إن المملكة تهدف لاستخدام الطاقة النووية للاستخدامات السلمية وسوف تسعى لتطبيق جميع الشروط والمعايير الدولية التي تضعها وكالة الطاقة الذرية العالمية من أجل الاستخدام السلمي.
وأضاف الفالح أن المفاوضات حول اتفاق نووي مع الولايات المتحدة لا تزال جارية. وسبق أن نقلت «بلومبيرغ»، الأسبوع الماضي، أن الفالح سوف يقابل نظيره الأميركي ريك بيري في لندن هذا الأسبوع خلال زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لها، بغرض التفاوض مع المملكة حول اتفاقية نووية تسمح للشركات الأميركية بالتقدم لمناقصة بناء مفاعلات نووية سلمية في المملكة.
وقالت «بلومبيرغ» إن الإدارة الأميركية تدرس السماح للسعودية بتخصيب «اليورانيوم» في المملكة لأهداف سلمية وهو ما سيعطي أفضلية للشركات الأميركية التي ترغب في بناء مفاعلات في المملكة مثل شركة «ويستنغهاوس إلكتريك».
ولدى الحكومة الأميركية اتفاقيات مع بعض الدول تمنعها من السماح لها بتخصيب اليورانيوم مقابل نقل التقنية النووية إليها. وكانت مسألة تخصيب اليورانيوم في السعودية من بين المسائل التي عرقلت المفاوضات في عهد إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، كما ذكرت «بلومبيرغ».
وفي الرياض في الشهر الماضي، أعلن وزير الطاقة الروسي إلكساندر نوفاك في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السعودي خالد الفالح، أن شركة روس أتوم الروسية تقدمت بطلب رسمي إلى الحكومة السعودية من أجل بناء مفاعلات نووية في المملكة.
وذكر الفالح في المؤتمر الصحافي نفسه أن السعودية تنوي طرح مناقصة هذا العام لبناء مفاعلين نوويين لإنتاج الكهرباء، ومن المرجح أن يتم ترسية المشروع في العام المقبل.
وتنوي المملكة بناء 16 مفاعلاً للاستخدامات السلمية خلال العشرين إلى الخمس وعشرين عاماً المقبلة، باستثمارات تصل إلى 80 مليار دولار بحسب الاتحاد النووي العالمي.
وتدرس السعودية، التي تسعى لتقليص الاستهلاك المحلي للنفط، بناء قدرة لتوليد الكهرباء من الطاقة النووية تبلغ 17.6 غيغاواط بحلول 2032، وأرسلت في طلب معلومات من موردين عالميين لبناء مفاعلين.
وتلقى السعودية اهتماما كبيراً من الصين وفرنسا إلى جانب أميركا وروسيا لبناء مفاعلات نووية لتوليد الكهرباء.
من جهة أخرى وقعت «أرامكو» أمس مذكرة تفاهم للسعي إلى فرص في قطاع الغاز العالمي بالتعاون مع رويال داتش شل.
وسيشمل ذلك تطوير مشاريع في قطاع المنبع وأنشطة تسييل الغاز. وجرى توقيع مذكرة التفاهم في لندن بين شركتي الطاقة أثناء زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى بريطانيا.



وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 
TT

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة)، قبل أن تصبح اليوم أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، وحاصلة على 9 شهادات قياسية من «غينيس».

وسميت «الكنداسة» اشتقاقاً من اسمها اللاتيني (Condenser) والتي تعني المكثف، هذه الآلة كانت تعمل بالفحم الحجري لتكثيف وتقطير مياه البحر لتنتج المياه العذبة.

وفي عام 1926، وبسبب معاناة الحجاج والمعتمرين من قلة المياه العذبة عند وصولهم إلى جدة، إذ كانت بالكاد تكفي السكان، أمر الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود باستيراد آلتين كبيرتين لتقطير مياه البحر لتأمين احتياجهم من الماء.

أما نقطة التحول فكانت في 1974، العام الذي أنشئت فيه المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في السعودية (الهيئة السعودية للمياه حالياً). وتدير حالياً 33 محطة تحلية، من بينها 8 محطات على ساحل الخليج العربي و25 محطة على ساحل البحر الأحمر.

وتنتج هذه المحطات 5.6 مليون متر مكعب من المياه العذبة يومياً، ما يعادل نحو 70 في المائة من إنتاج المياه المحلاة في المملكة، ما يجعلها أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

وقد سجّلت في فبراير (شباط) الماضي المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة تسعة أرقام قياسية سعودية جديدة في موسوعة «غينيس» العالمية، وذلك لإنتاجها ما يزيد على 11.5 مليون متر مكعب يومياً.

استثمارات ضخمة

أصبحت السعودية من كبرى الدول في العالم من حيث حجم الاستثمارات في تحلية المياه، إذ ضخت استثمارات كبيرة في بناء محطات التحلية، بحسب وكيل الرئيس للشراكات الاستراتيجية والمحتوى المحلي في الهيئة السعودية للمياه المهندس محمد آل الشيخ، خلال حديثه في مؤتمر الأطراف (كوب 16) المقام حالياً في الرياض.

وأوضح آل الشيخ أن العاصمة الرياض على سبيل المثال تحصل على المياه المحلاة من بحر الخليج العربي عبر خط أنابيب يمتد لمسافة 500 كيلومتر، وهو نظام نقل مياه متطور لنقل المياه المحلاة، مضيفاً أن هناك استثمارات في البنية التحتية قد تمت على مدار أكثر من أربعة عقود.

ووفقاً لآخر الأرقام المعلنة، فقد رصدت البلاد ميزانية تجاوزت 80 مليار دولار لتنفيذ مئات المشاريع المائية خلال السنوات المقبلة.

تعميم التجربة

ولم تدخر السعودية الخبرات التي جمعتها منذ أن تحولت تحلية المياه من «الكنداسة» إلى أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

فقد وقّعت في يوليو (تموز) 2024 اتفاقية مع البنك الدولي تهدف في أحد بنودها إلى تعميم تجربة المملكة الناجحة في قطاع المياه إلى الدول الأقل نمواً.

وتشمل أيضاً نقل المعرفة وتبادل الخبرات في إدارة الموارد المائية وتقليل التكاليف التشغيلية للمرافق.

وتسعى البلاد إلى مساعدة الدول الأخرى في تحسين كفاءة قطاع المياه وتطوير حلول مستدامة، ما يحقق الهدف السادس لهيئة الأمم المتحدة: «المياه النظيفة والنظافة الصحية»، وفق البيان.

تقنيات الطاقة

وفيما يخص التقنيات المتطورة في تحلية المياه، تحدث آل الشيخ عن التوجهات المستقبلية لتحسين تقنيات التحلية، إذ انتقلت المملكة من استخدام تقنيات التحلية الحرارية إلى تقنيات أكثر كفاءة وأقل استهلاكاً للطاقة بنسب تصل في توفير الطاقة لأكثر من 80 في المائة، وتهدف إلى أن تصبح 83 في المائة من مياه البحر المحلاة، وتعتمد على تقنية التناضح العكسي، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة.

وتُستخدم تقنية التناضح العكسي بشكل واسع في تحلية مياه البحر للحصول على مياه صالحة للشرب، وفي معالجة مياه الصرف الصحي، وكذلك في العديد من التطبيقات الصناعية التي تحتاج إلى مياه نقية وخالية من الشوائب.

آل الشيخ متحدثاً للحضور خلال إحدى الجلسات على هامش مؤتمر (كوب 16) بالرياض (الشرق الأوسط)

وأشار آل الشيخ إلى أن المملكة قامت بتنفيذ تجارب مبتكرة، مثل المشروع التجريبي في مدينة حقل (شمال غربي السعودية)، من خلال إنشاء محطة هجينة تعتمد على الطاقة الشمسية والرياح والطاقة التقليدية.

و«قد أثبت المشروع أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تساهم في تقليل استهلاك الطاقة في تشغيل محطات التحلية، حيث يمكن للطاقة المتجددة أن تساهم في تشغيل المحطات بنسبة تصل إلى 60 في المائة في بعض الفصول».

انخفاض تكلفة الإنتاج

وفيما يتعلق بتكاليف الإنتاج، أكد آل الشيخ أن تكلفة تحلية المياه قد انخفضت بشكل ملحوظ، إذ كانت تكاليف إنتاج متر مكعب واحد من الماء تتجاوز 4 ريالات (1.06 دولار) في الماضي، بينما الآن لا تتجاوز التكلفة 2.5 ريال (نحو 0.67 دولار)، مع توقعات بتحقيق انخفاض أكبر في المستقبل.

وخلال الجلسة الحوارية على هامش «كوب 16»، قال المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار جاه إن الدول التي تعاني من ندرة المياه يجب أن تسعى إلى إعادة استخدام كل قطرة مياه في البلاد عدة مرات.

وأشار إلى أن سنغافورة تعد نموذجاً في هذا المجال، حيث تعيد استخدام كل قطرة مياه 2.7 مرة. وفيما يتعلق بالسعودية، ذكر أن المملكة تستخدم المياه مرتين تقريباً، مع إمكانية تحسين هذه النسبة بشكل أكبر في المستقبل.

المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار خلال الجلسة الحوارية (الشرق الأوسط)

وفيما يخص تكلفة تحلية المياه، قال إنها انخفضت بنسبة 80 في المائة تقريباً عالمياً، بفضل استخدام الطاقة الشمسية وتطور التقنيات المستخدمة في التحلية، مما يجعل هذه الطريقة أكثر جدوى في البلدان مثل السعودية التي تقل فيها معدلات هطول الأمطار.

ولفت كومار جاه إلى زيارته الأخيرة منطقة أنتوفاغاستا في تشيلي، وهي الأشد جفافاً في العالم، إذ لا تسقط فيها الأمطار على الإطلاق.

ورغم ذلك، تُعد هذه المنطقة من أكثر المناطق الاقتصادية ازدهاراً في العالم، بفضل تبني تقنيات تحلية المياه وإعادة استخدامها، مما يعكس إمكانية بناء المرونة المائية في المناطق الجافة مثل السعودية، بحسب كومار جاه.