الأوركسترا الكويتية تقيم اليوم حفلاً في مبنى الأمم المتحدة

TT

الأوركسترا الكويتية تقيم اليوم حفلاً في مبنى الأمم المتحدة

احتفل الكويتيون، أمس، بالذكرى الـ57 للعيد الوطني، وسط مظاهر كرنفالية صبغت عموم البلاد بألوان العلم الكويتي، في حين تتواصل الاحتفالات، اليوم، بالذكرى الـ27 لعيد التحرير.
وشهدت احتفالات الكويت، أمس، بعيد الاستقلال الذي يصادف 25 فبراير (شباط) عدداً من الفعاليات، أبرزها العروض الجوية، والحفلات الفنية، والعروض الفلكلورية. في حين اصطف المئات من الأسر الكويتية في شارع الخليج، للاحتفال العيد الوطني. وفي نيويورك، تنظم، أمس (الاثنين)، البعثة الكويتية في الأمم المتحدة حفلاً موسيقياً بمناسبة الأعياد الوطنية، يشارك فيه نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، وأعضاء البعثة، كما يشارك أعضاء البعثات العربية والدولية.
وتتضمن الاحتفالات عروضاً موسيقية لفرقة الأوركسترا الكويتية بقيادة الموسيقار الكويتي الدكتور أحمد حمدان، التي تقدم لوحات من التراث البحري والتراث الشعبي الكويتي.
ومساء أمس، شهد شارع الخليج العربي انطلاق الاحتفالات بالأعياد الوطنية وسط مشاركات من عدة جهات حكومية وأهلية وتجمعات شبابية متنوعة. في حين تزين الحضور الجماهيري الذي غلب عليه الأطفال بألوان علم الكويت، كما شارك في الاحتفالات عدد من المقيمين في البلاد.
وليس بعيداً عن شارع الخليج، قدم مظليو الجيش الكويتي عرضاً عانق أبراج الكويت على ساحل الخليج العربي. وشهد العرض حضور جماهيري من المواطنين والمقيمين جاءوا للاحتفال بالعيد الوطني الـ57 لدولة الكويت، والاستمتاع بالأجواء الاحتفالية بهذه المناسبة.
كذلك احتفلت قرية «صباح الأحمد» التراثية بالأعياد الوطنية التي تعيشها البلاد بإقامة فعاليات وأنشطة موجَّهة للأهالي والأسر، وسط حضور شعبي كبير من زوار القرية من الكويت، ودول مجلس التعاون الخليجي.
وشهدت القرية الواقعة غرب البلاد على طريق السالمي، التي تستضيف مهرجان الموروث الشعبي الخليجي، العديد الفعاليات للفرق الشعبية وفقرات فنية وفلكلورية في ساحات القرية. وأقامت اللجنة المنظِّمة مسابقات للجمهور بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية والأهلية المشارِكة بالمهرجان.
وقال مدير القرية سيف الشلاحي إن الأنشطة والعروض التي أُقِيمت ركزت على إبراز التراث الكويتي والخليجي الأصيل وتأصيله في نفوس الشباب والأطفال لتعريفهم بحياة آبائهم وأجدادهم، مقدماً شكره لجميع مَن شارك بتنظيم هذه الفعاليات وفي مقدمتها المشاركة الخليجية.
وأطلق المركز العلمي عرض «بشارة فتح الخير»، الذي يحكي «قصة البوم» الذي يحمل اسم «فتح الخير»، وجرى تشييده في حقبة ما قبل البترول في عام 1938 وما زال محفوظاً في المركز العلمي.
ويرمز «البوم» إلى صبر الكويتيين وتحملهم مشاقّ العمل والكفاح لتحصيل لقمة العيش.
وخارج الكويت، شارك الخليجيون بالأعياد الوطنية الكويتية؛ ففي الظهران على ساحل الخليج، توشَّح مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) بألوان العلم الكويتي تفاعلاً مع احتفالات الكويت بالأعياد الوطنية.
كما شاركت المطارات السعودية بالترحيب بالمسافرين الكويتيين بتقديم هدايا ترمز للعلم الكويتي، وحملت شعار «كل عام والكويت الحبيبة في تطور ونماء»، و«وطن واحد... طريق واحد».
في حين رُفِع العلم الكويتي وصورة أمير البلاد في ملعب الجوهرة في جدة، قبيل مباراة الاتحاد والشباب، مساء الجمعة الماضي. ورفع مجموعة من الغواصين السعوديين صور خادم الحرمين الشريفين، وأمير الكويت، وعلَمَي الكويت والسعودية تحت الماء.
كما لقيت الاحتفالات الكويتية صدى واسعاً في بقية دول الخليج. وضمت الاحتفالات في دبي إقامة عروض موسيقية وفنية يشارك فيها فنانون خليجيون وعرب، بالإضافة لعروض بالألعاب النارية. وتعكس الاحتفالات بالعيد الوطني وعيد التحرير تمسك الكويتيين بالنظام السياسي الذي اختاروه منذ الاستقلال الذي أرساه رجل الاستقلال، الشيخ عبد الله السالم الصباح، وهو الذي يستندون إليه في تجربتهم الديمقراطية وفي عهده تم إقرار الدستور.
يُذكر أن الكويت حصلت على استقلالها من بريطانيا يوم 19 يونيو (حزيران) عام 1961، وهو التاريخ الحقيقي لاستقلال الكويت من الاحتلال البريطاني حين وقع الأمير الراحل الشيخ عبد الله السالم الصباح الحاكم الـ11 للكويت وثيقة الاستقلال مع المندوب السامي البريطاني في الخليج العربي السير جورج ميدلتن نيابة عن حكومة بلاده، وألغى الاتفاقية التي وقَّعها الشيخ مبارك الصباح الحاكم السابع للكويت مع بريطانيا في 23 يناير (كانون الثاني) عام 1899 لحمايتها من الأطماع الخارجية.
وفي 18 مايو (أيار) عام 1964 تقرَّر تغيير ذلك اليوم ودمجه مع يوم 25 فبراير، الذي يصادف ذكرى جلوس الأمير الراحل عبد الله السالم الصباح تكريماً له ولدوره المشهود في استقلال الكويت، وتكريس ديمقراطيتها، ومنذ ذلك الحين والكويت تحتفل بعيد استقلالها في 25 فبراير من كل عام.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».