حرب الدراجات الهوائية على أرصفة لندن

سنغافورة تغزو العاصمة البريطانية وتنافس «عجلات بوريس»

حرب الدراجات الهوائية على أرصفة لندن
TT

حرب الدراجات الهوائية على أرصفة لندن

حرب الدراجات الهوائية على أرصفة لندن

عندما أطلق بوريس جونسون عمدة لندن حينها، الدراجات الهوائية في لندن عام 2010، كانت خطوة مثيرة بالفعل على طرقات لندن الضيقة التي بالكاد تتسع للسيارات والحافلات والمشاة والأحصنة الملكية والريكشا، إلا أن «عجلات بوريس» كما يطلق عليها استطاعت أن تقف بالمرصاد لك التحديات لا بل استطاعت أن تغير شكل الطرقات وتحتل مساحة كبيرة عليها لتشجع أهل المدينة وزوارها على استبدال السيارات بالدراجات الهوائية، للتخفيف من زحمة السير الخانقة والمحافظة على البيئة.
واليوم لم تعد دراجات بوريس سيدة الطرقات وملكة الأرصفة في لندن، بعد أن نشرت شركة «أوبايك» السنغافورية درجاتها البرتقالية في العاصمة بعد نجاح تجربتها الأولى في كمبردج ومانشستر في بريطانيا ونجاحها في عدة دول آسيوية وأستراليا واليوم في أوروبا، وميزة تلك الدراجات التي تغزو بالفعل الأرصفة في لندن أنها ليست بحاجة لقاعدة أو مرسى أو مكان معين أشبه بالمرأب لتركها فيه بعد الانتهاء من استخدامها.
فالدراجات البرتقالية تعمل من خلال تطبيق إلكتروني على الهاتف الذكي أو حتى الساعة الذكية وليست هناك حاجة كما هو الحال مع دراجة بوريس الذي تحول اسمها إلى «دراجة سانتاندير»، التي تستدعي إرجاعها إلى مكان خاص بها، فـ«أوبايك» يمكن أن تجدها وتتركها في أي مكان وعلى أي رصيف، مما يجعل استخدامها أسهل لأن الدراجات الأخرى يجب أن تُعاد إلى مرساها لتدوين عدد ساعات الاستئجار مما يجعل الأمر أصعب على مستخدميها لرصد الأماكن المخصصة لحفظها.
إذا كنت تعيش في لندن أو زرتَها حالياً، لن تغفل عنك تلك الدراجات التي تثير الأسئلة لأنها تبدو وكأنها مهجورة ومتروكة في الطرقات، وترى بعضها مستلقياً على الأرض.
لم يركب اللندنيون وحدهم الدراجات لا بل ركبت الدراجات نفسها موجة التطوير والتغيير ومواكبة التكنولوجيا لتجذب المستخدمين، فالمنافسة شرسة ما بين الشركة السنغافورية والشركة الأصلية التابعة لمصلحة النقل البريطاني، التي تبدل اسمها من «باركليز بايكس» (لأن الراعي الرسمي الأول للدراجات الزرقاء كان «مصرف باركليز») إلى «سانتاندير» (لأن الراعي التالي والحالي هو مصرف سانت أندير وأصبح لونها أحمر)، والمنافسة حثَّت مصلحة النقل البريطاني إلى تطوير الدراجات الحمراء في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي من خلال تزويدها بإضاءة تعمل بالليزر تساعد راكب الدراجة على الرؤية الواضحة لمسافة بعيدة.
إلا أن تأمين وصيانة مرأب أو مرسى الدراجات لا يزال عبئاً على البلديات في لندن حيث تكبدت بلدية تاور هامليتس وحدها مليوني جنيه إسترليني عام 2004 لتوسيع مرسى الدراجات، وبالتالي بلغت تكلفة الأماكن المخصصة لركن الدراجات في لندن أكثر من 40 مليون جنيه إسترليني، في حين أن ركن الدراجات السنغافورية البرتقالية «أوبايك» لم يكلف البلديات فلساً واحداً على الإطلاق، لأنها ليست بحاجة لمكان مخصص لركنها.
مثل كل اختراع جديد، هناك عدة انتقادات تصاحبه، فمنذ أن انتشرت الدراجات البرتقالية على أرصفة لندن وترافقها الملاحظات؛ فهناك من يجدها غير منظمة وتجعل الأرصفة عشوائية وتعرقل حركة المشاة، خصوصاً عندما توضَع بشكل غير مرتب، وبالتالي قد تؤثر على حركة الأشخاص فاقدي البصر، وفي المقابل ترى شريحة أخرى من المهتمين بالتنقل على الدراجات الهوائية في العاصمة أن التجربة كانت ناجحة في مانشستر وليس هناك أي سبب يجعلها تفشل في لندن، لا سيما أن فكرتها جميلة ولا تستدعي مضيعة الوقت لإيجاد مكان مخصص لتركها فيه.

- مقارنة ما بين دراجات «سانتاندير» و«أوبايك»
دراجات سانتاندير
> بحاجة لأماكن مخصصة لركنها.
> تملك مصلحة النقل البريطاني 11 ألف دراجة هوائية في لندن، ووصلت الدراجة حالياً إلى منطقة بريكستون بعد ثماني سنوات من إطلاقها.
> تكلفة استخدام الدراجة جنيهان إسترلينيان لأربع وعشرين ساعة، وأول 30 دقيقة مجانية، وبعدها تكون التكلفة جنيهين لكل 30 دقيقة مع استخراج بطاقة اشتراك سنوية مقابل 90 جنيهاً.
دراجات «أوبايك»
> لا تكلف البلديات أي مبلغ مادي.
> تملكها شركة «أوبايك» Obike ومقرها سنغافورة.
> بدأت في بريطانيا في مانشستر وكمبردج.
> تعمل من خلال تطبيق إلكتروني على الهاتف الذكي.
> من المنتظَر أن تكون متوفرة في جميع أنحاء البلاد.
> بدأت «أوبايك» عملها في آسيا وأستراليا ووصلت أخيراً إلى أوروبا.
> يوجد في الصين 5 ملايين دراجة «أوبايك».
> ستتوفر الدراجات في سويسرا قريباً.
> من المقرر نشر مئات الدراجات يومياً على طرقات لندن.
> يكلف استخدام الدراجة 49 جنيهاً إسترلينياً كدفعة قابلة للاسترجاع.
> تكلفة كل 30 دقيقة نصف جنيه إسترليني.



مصر: اكتشاف مصطبة طبيب ملكي يبرز تاريخ الدولة القديمة

المقبرة تضم رموزاً لطبيب القصر الملكي في الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار)
المقبرة تضم رموزاً لطبيب القصر الملكي في الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: اكتشاف مصطبة طبيب ملكي يبرز تاريخ الدولة القديمة

المقبرة تضم رموزاً لطبيب القصر الملكي في الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار)
المقبرة تضم رموزاً لطبيب القصر الملكي في الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت مصر، الاثنين، اكتشافاً أثرياً جديداً في منطقة سقارة (غرب القاهرة)، يتمثل في مصطبة لطبيب ملكي لدى الدولة المصرية القديمة، تحتوي نقوشاً ورسوماً «زاهية» على جدرانها، بالإضافة إلى الكثير من أدوات الطقوس والمتاع الجنائزي.

ووفق بيان وزارة السياحة والآثار، كشفت البعثة الأثرية الفرنسية - السويسرية المشتركة التي تعمل في جنوب منطقة سقارة الأثرية، وتحديداً في مقابر كبار رجال الدولة القديمة، عن مصطبة من الطوب اللبن، لها باب وهمي عليه نقوش ورسومات «متميزة»، لطبيب يُدعى «تيتي نب فو»، عاش خلال عهد الملك بيبي الثاني، ويحمل مجموعة من الألقاب المتعلقة بوظائفه الرفيعة، من بينها: «كبير أطباء القصر»، و«كاهن الإلهة سركت»، و«ساحر الإلهة سركت»، أي المتخصص في اللدغات السامة من العقارب أو الثعابين وعظيم أطباء الأسنان، ومدير النباتات الطبي.

جدران المصطبة تتضمّن نقوشاً ورموزاً جنائزية بألوانها الزاهية (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ويُعد هذا الكشف إضافة مهمة إلى تاريخ المنطقة الأثرية بسقارة، ويُظهر جوانب جديدة من ثقافة الحياة اليومية في عصر الدولة القديمة من خلال النصوص والرسومات الموجودة على جدران المصطبة، وفق الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بمصر، الدكتور محمد إسماعيل خالد.

من جانبه، أوضح رئيس البعثة، الدكتور فليب كولمبير، أن المصطبة تعرّضت للسرقة في عصور سابقة، حسب ما ترجح الدراسات الأولية، لكن الجدران ظلّت سليمة وتحمل نقوشاً محفورة ورسوماً رائعة الجمال، ونقشاً على أحد جدران المقبرة على شكل باب وهمي ملون بألوان زاهية. كما توجد مناظر للكثير من الأثاث والمتاع الجنائزي، وكذلك قائمة بأسماء القرابين، وقد طُلي سقف المقبرة باللون الأحمر تقليداً لشكل أحجار الغرانيت، وفي منتصف السقف نقش يحمل اسم وألقاب صاحب المقبرة.

رموز ورسوم لطقوس متنوعة داخل المصطبة (وزارة السياحة والآثار)

بالإضافة إلى ذلك عثرت البعثة على تابوت حجري، الجزء الداخلي منه منقوش بالكتابة الهيروغليفية يكشف اسم صاحب المقبرة.

وكانت البعثة الأثرية الفرنسية - السويسرية قد بدأت أعمال الحفائر في الجزء الخاص بمقابر موظفي الدولة، خلف المجموعة الجنائزية للملك بيبي الأول، أحد حكام الأسرة السادسة من الدولة القديمة، وتلك الخاصة بزوجاته في جنوب منطقة آثار سقارة، في عام 2022.

وكشفت البعثة قبل ذلك عن مصطبة للوزير وني، الذي اشتهر بأطول سيرة ذاتية لأحد كبار رجال الدولة القديمة، التي سُجّلت نصوصها على جدران مقبرته الثانية الموجودة في منطقة أبيدوس بسوهاج (جنوب مصر).

ويرى عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذا الاكتشاف «يكشف القيمة التاريخية والأثرية لمنطقة سقارة التي كانت مركزاً مهماً للدفن خلال عصور مصر القديمة».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «المصطبة المكتشفة تعود إلى طبيب ملكي يحمل لقب (المشرف على الأطباء)، كان يخدم البلاط الملكي في الأسرة الخامسة (تقريباً في الفترة ما بين 2494 و2345 قبل الميلاد)، وجدران المصطبة مزينة بنقوش زاهية الألوان تجسّد مشاهد يومية وحياتية وأخرى جنائزية؛ مما يوفّر لمحة عن حياة المصريين القدماء واهتماماتهم بالموت والخلود».

ويضيف العالم المصري أن المصاطب تُعد نوعاً من المقابر الملكية والنخبوية التي ظهرت خلال بدايات عصر الأسرات الأولى، قبل ظهور الشكل الهرمي للمقابر.

المصطبة المكتشفة حديثاً في سقارة (وزارة السياحة والآثار)

وتضم النقوش داخل المصطبة صوراً للطبيب الملكي وهو يمارس مهامه الطبية، إلى جانب مناظر تعكس الحياة اليومية مثل الصيد والزراعة، ويلفت عبد البصير إلى أن «النقوش تحتفظ بجمال ألوانها المبهجة؛ مما يدل على مهارة الفنانين المصريين القدماء وتقنياتهم المتقدمة».

ويقول الدكتور حسين إن هذا الاكتشاف يعزّز فهمنا لتاريخ الدولة القديمة، ويبرز الدور المحوري الذي لعبته سقارة مركزاً دينياً وثقافياً، مؤكداً أن هذا الاكتشاف «يُسهم في جذب مزيد من الاهتمام العالمي للسياحة الثقافية في مصر، ويُعد حلقة جديدة في سلسلة الاكتشافات الأثرية التي تُعيد إحياء تاريخ مصر القديمة وتُظهر للعالم عظمة هذه الحضارة».

تجدر الإشارة إلى أن وزارة السياحة والآثار أعلنت قبل يومين اكتشاف 4 مقابر يعود تاريخها إلى أواخر عصر الأسرة الثانية وأوائل الأسرة الثالثة، في منطقة سقارة بالجيزة، وأكثر من 10 دفنات من عصر الأسرة الـ18 من الدولة الحديثة.