اكتشاف مقابر عائلية تعود لنهاية العصر الفرعوني وبداية البطلمي

إحدى القطع الأثرية التي أُعلن عن اكتشافها («الشرق الأوسط»)
إحدى القطع الأثرية التي أُعلن عن اكتشافها («الشرق الأوسط»)
TT

اكتشاف مقابر عائلية تعود لنهاية العصر الفرعوني وبداية البطلمي

إحدى القطع الأثرية التي أُعلن عن اكتشافها («الشرق الأوسط»)
إحدى القطع الأثرية التي أُعلن عن اكتشافها («الشرق الأوسط»)

بعد إنقاذها من أيدي اللصوص الباحثين عن الزئبق الأحمر، والعقيق في السبعينات، أعلن الدكتور خالد العناني، وزير الآثار المصري، نجاح البعثة الأثرية المصرية العاملة بمنطقة آثار الغريفة الواقعة شمال منطقة آثار تونا الجبل بمحافظة المنيا (في صعيد مصر)، في الكشف عن جبّانة أثرية لمقابر عائلية تضم مجموعة من آبار الدفن، وتعود إلى نهاية العصور الفرعونية وبداية العصر البطلمي.
ووصف العناني، في مؤتمر صحافي بالمنيا أمس، المنطقة بأنّها «منطقة واعدة جداً»، مشيراً إلى أنّها تقع في الإقليم الـ15 من أقاليم مصر العليا، وأن مركز ملوي منطقة عريقة مليئة بالآثار.
ويقع الكشف الأثري في منطقة «الغريفة»، وهي كما يقول الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، كلمة تعني «مصغر غرفة»، مؤكداً أن الحفائر ستستمر لمدة 5 سنوات للكشف عن بقايا هذه الجبّانة الأثرية المهمة، مشيراً إلى أنّ البعثة بدأت عملها في الموقع أواخر عام 2017، بهدف البحث عن الجزء المفقود من جبّانة هذا الإقليم.
ويشار إلى أنّ جبّانة الإقليم الـ15 خلال عصر الدولة القديمة وعصر الانتقال الأول والدولة الوسطى، كانت تقع على الضفة الشرقية لنهر النيل في منطقة الشيخ سعيد ودير البرشا تحديداً، وخلال العصر البطلمي والروماني كانت الجبّانة تقع على الضفة الغربية، حيث تقع منطقة آثار تونا الجبل، ولكن خلال عصر الدولة الحديثة والعصر المتأخر، كان مكان الجبّانة غير معروف، الأمر الذي دفع البعثة المصرية للبدء في أعمال الحفائر.
وتعرضت هذه المنطقة للسرقة في السبعينات، وفي عامي 2002 و2003 قام المجلس الأعلى للآثار بحفائر إنقاذ لموسمين قصيرين، تحت إشراف الأثري عطا مكرم، كما ضُمّت المنطقة عام 2004 إلى أملاك المجلس الأعلى للآثار ووُضعت تحت حراسته، وبدأت أعمال الحفائر الأثرية بالموقع على يد البعثة المصرية عام 2017، للكشف عن الأجزاء المفقودة من جبّانة الإقليم الـ15 خلال فترة الدولة الحديثة والعصر المتأخر.
وقال الوزير العناني: «وجدنا علب كبريت تعود لفترة السبعينات، ما يشير إلى تعرض المقابر للسرقة في هذه الفترة». موضحاً أنّ «اللصوص كانوا يبحثون عمّا يسمى (الزئبق الأحمر) والعقيق الذي يزين المومياوات ولم يهتموا بباقي الآثار، ولذلك فقد عثرنا على كثير من مقتنيات هذه المقابر، وإن كانت المومياوات بحالة سيئة فذلك سببه الرطوبة». مضيفاً: «عثرت البعثة داخل الجبّانة المكتشفة على مجموعة من المقابر الخاصة بكهنة الإله (تحوت) وهو المعبود الرئيس للإقليم الـ15 وعاصمته الأشمونين، وتخص إحدى هذه المقابر أحد كبار كهنة (تحوت) وكان يدعى (حر سا إيسة)، وكان يحمل لقب عظيم الخمسة، وهو أحد الألقاب التي كان يلقّب بها كبار كهنة (تحوت) بالأشمونين».
تضم المقبرة 13 دفنة، عُثر بداخلها على عدد هائل من تماثيل الأوشابتي المصنوعة من الفيانس الأزرق، منها أكثر من 1000 تمثال كامل، ومئات أخرى مكسورة في أجزاء، وتعمل البعثة حالياً على جمعها وترميمها، هذا إضافة إلى 4 من الأواني الكانوبية من الألبستر في حالة جيدة من الحفظ ذات أغطية على هيئة أبناء حورس الأربعة المسؤولة عن حماية أحشاء المتوفى حسب عقيدة المصري القديم. وما زالت تحتفظ هذه الأواني بأحشاء الموتى، كما حُفرت عليها كتابات هيروغليفية لاسم صاحبها وهو المدعو «جحوتي إير دي إس» أحد كبار الكهنة.
من جانبه، قال الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، إنّه عُثر أيضاً على المومياء الخاصة بجحوتي إير دي إس أحد كبار الكهنة، مزينة بمجموعة من خرز الفيانس الأزرق والعقيق الأحمر، وأشرطة من رقائق البرونز المذهب تمثل أبناء حورس، وقناع من البرونز المطلي بطبقة من الجص المذهّب، بالإضافة إلى عينين من البرونز المطعم بالعاج والكريستال الأسود، و4 جعارين من الأحجار نصف الكريمة أحدها تذكاري حُفر عليه نقش غائر يحمل عبارة «عام جديد سعيد»، بالإضافة إلى صدرية من البرونز المذهّب تمثل المعبودة «نوت»، تفرد أجنحتها لحماية المتوفى. مضيفاً أنه عُثر أيضاً على «دفنة لكلب مستأنس... وهذه المقابر عائلية لكبار الكهنة».


مقالات ذات صلة

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري اجتماعاً، الأحد، لاستعراض إجراءات الطرح العالمي لتخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق إناء شرب على شكل رأس بيس من واحة الفيوم في مصر يعود إلى العصر البطلمي - الروماني (القرن الرابع قبل الميلاد - القرن الثالث الميلادي)... (جامعة جنوب فلوريدا)

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

كشف الباحثون عن استخدام أكواب خاصة لتقديم مزيج من العقاقير المخدرة، والسوائل الجسدية، والكحول.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

خطر احتراري يهدّد الحياة البحرية في «منطقة الشفق»

منطقة الشفق موطن حيوي للحياة البحرية (غيتي)
منطقة الشفق موطن حيوي للحياة البحرية (غيتي)
TT

خطر احتراري يهدّد الحياة البحرية في «منطقة الشفق»

منطقة الشفق موطن حيوي للحياة البحرية (غيتي)
منطقة الشفق موطن حيوي للحياة البحرية (غيتي)

يُحذر العلماء من أن تغير المناخ يمكن أن يقلل بشكل كبير من الحياة في أعمق أجزاء محيطاتنا التي تصل إليها أشعة الشمس، حسب (بي بي سي).
ووفقا لبحث جديد نُشر في مجلة «نيتشر كوميونيكشنز». فإن الاحترار العالمي يمكن أن يحد من الحياة فيما يسمى بمنطقة الشفق بنسبة تصل إلى 40 في المائة بنهاية القرن.
وتقع منطقة الشفق بين 200 متر (656 قدماً) و1000 متر (3281 قدماً) تحت سطح الماء.
وجد الباحثون أن «منطقة الشفق» تندمج مع الحياة، ولكنها كانت موطناً لعدد أقل من الكائنات الحية خلال فترات أكثر دفئاً من تاريخ الأرض.
وفي بحث قادته جامعة إكستر، نظر العلماء في فترتين دافئتين في ماضي الأرض، قبل نحو 50 و15 مليون سنة مضت، وفحصوا السجلات من الأصداف المجهرية المحفوظة.
ووجدوا عدداً أقل بكثير من الكائنات الحية التي عاشت في هذه المناطق خلال هذه الفترات، لأن البكتيريا حللت الطعام بسرعة أكبر، مما يعني أن أقل من ذلك وصل إلى منطقة الشفق من على السطح.
وتقول الدكتورة كاثرين كريشتون من جامعة إكستر، التي كانت مؤلفة رئيسية للدراسة: «التنوع الثري لحياة منطقة الشفق قد تطور في السنوات القليلة الماضية، عندما كانت مياه المحيط قد بردت بما يكفي لتعمل مثل الثلاجة، والحفاظ على الغذاء لفترة أطول، وتحسين الظروف التي تسمح للحياة بالازدهار».
وتعد منطقة الشفق، المعروفة أيضاً باسم المنطقة الجائرة، موطناً حيوياً للحياة البحرية. ويعد التخليق الضوئي أكثر خفوتاً من أن يحدث إلا أنه موطن لعدد من الأسماك أكبر من بقية المحيط مجتمعة، فضلاً عن مجموعة واسعة من الحياة بما في ذلك الميكروبات، والعوالق، والهلام، حسب مؤسسة «وودز هول أوشيانوغرافيك».
وهي تخدم أيضاً وظيفة بيئية رئيسية مثل بالوعة الكربون، أي سحب غازات تسخين الكواكب من غلافنا الجوي.
ويحاكي العلماء ما يمكن أن يحدث في منطقة الشفق الآن، وما يمكن أن يحدث في المستقبل بسبب الاحتباس الحراري. وقالوا إن النتائج التي توصلوا إليها تشير إلى أن تغيرات معتبرة قد تكون جارية بالفعل.
وتقول الدكتورة كريشتون: «تعدُّ دراستنا خطوة أولى لاكتشاف مدى تأثر هذا الموطن المحيطي بالاحترار المناخي». وتضيف: «ما لم نقلل بسرعة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، قد يؤدي ذلك إلى اختفاء أو انقراض الكثير من صور الحياة في منطقة الشفق في غضون 150 عاماً، مع آثار تمتد لآلاف السنين بعد ذلك».