أفلام «ساحة جامع الفنا» تمنح مهرجان الفيلم في مراكش امتدادا جماهيريا

الممثل الفكاهي الفرنسي من أصل مغربي جمال دبوز، خلال عرض فيلم {المسيرة} ضمن فقرة أفلام {ساحة جامع الفنا} في إطار الدورة الـ13 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش
الممثل الفكاهي الفرنسي من أصل مغربي جمال دبوز، خلال عرض فيلم {المسيرة} ضمن فقرة أفلام {ساحة جامع الفنا} في إطار الدورة الـ13 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش
TT

أفلام «ساحة جامع الفنا» تمنح مهرجان الفيلم في مراكش امتدادا جماهيريا

الممثل الفكاهي الفرنسي من أصل مغربي جمال دبوز، خلال عرض فيلم {المسيرة} ضمن فقرة أفلام {ساحة جامع الفنا} في إطار الدورة الـ13 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش
الممثل الفكاهي الفرنسي من أصل مغربي جمال دبوز، خلال عرض فيلم {المسيرة} ضمن فقرة أفلام {ساحة جامع الفنا} في إطار الدورة الـ13 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش

لا يمكن أن نتصور برنامجا للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش من دون فقرة «ساحة جامع الفنا»، التي أعطت للتظاهرة بعدا شعبيا وامتدادا جماهيريا بين المراكشيين والآلاف من زوار المدينة الحمراء، ممن لا تكتمل زيارتهم لمراكش من دون زيارة ساحتها الشهيرة.
حب المراكشيين للسينما لا يناقش، في كرة القدم تجدهم يتوزعون بين ريال مدريد وإف سي برشلونة، أما في الفن السابع فتوحدهم السينما الهندية. واستثمارا منهم لشغف المراكشيين بالسينما بشكل عام، والهندية بشكل خاص، برمج منظمو المهرجان خلال الدورة الماضية، مثلا، تكريما للسينما الهندية بحضور أبرز نجومها. هذه السنة لم يكن صدفة أن يبرمج المنظمون فيلم «رام ليلا» الهندي في افتتاح التظاهرة، وفي ساحة جامع الفنا بالذات، في حضور طاقمه، تتقدمه نجمته أديبيكا بادوكون ومخرجه سانجاي ليلا بانسالي. ويحكي الفيلم قصة «رام» و«ليلا»، في نسخة هندية النكهة واللمسة الفنية لقصة «روميو» و«جولييت» الشهيرة، «رام» الوسيم ببشرته السمراء، و«ليلا» المفعمة بالإثارة والعاطفة، لكنّ أسرتيهما تعيشان كراهية متأصلة وصراعا مريرا، انعكس سلبا على حبهما.
ويبدو أن الساحة الشهيرة المعروفة بتوجهها الفرجوي لم تجد صعوبة في أن تحتضن فرجة أفلام المهرجان، لذلك تحولت، في جزء منها، إلى قاعة سينمائية مفتوحة في الهواء الطلق، تمنح إمكانية الدخول إليها بالمجان، من دون حاجة إلى الامتناع عن التدخين أو إغلاق الهواتف أو التحدث إلى الأصدقاء، أو حتى الجلوس إلى كراسي تؤثث للفرجة. الجمهور الذي تغص به الساحة لمتابعة الأفلام المبرمجة يحسب بالمئات، وحين يتعلق الأمر بأفلام هندية تصير الحسبة بالآلاف، أما حين يحضر نجم هندي أو أكثر لإعطاء انطلاقة عرض هذا الفيلم أو ذاك، فإن «جنون» المراكشيين يتعدى كل وصف وتقدير للأعداد الحاضرة. حدث هذا خلال الدورة الماضية مع أميتاب باتشان وشاه روخان وشارميلا تاغور، كما حدث هذه السنة، في افتتاح الدورة الحالية، مع نجوم «رام ليلا».
والمثير في علاقة أبناء مراكش بالسينما الهندية ونجومها أن أغلب المراكشيين لا يتقن اللغة الهندية، بل إن منهم من لا يعرف إن كانت تكتب من اليمين أو من اليسار، من الأسفل صعودا أم من الأعلى نزولا، لكنهم قادرون على بناء حوارات كاملة، قد لا تفهم فيها كلمة واحدة، إما لأنك مغربي لا يفهم اللغة الهندية، وإما لأنك هندي يتحدث أمامك مراكشي بأي شيء سوى اللغة الهندية.
التجول في الساحة الشهيرة، التي صنفتها منظمة اليونيسكو تراثا شفويا إنسانيا، لم يعد عاديا هذه الأيام، بعدما امتزجت الموسيقى التصويرية للأشرطة السينمائية، المبرمجة في إطار فعاليات المهرجان السينمائي، بأصوات الباعة والحكواتيين وأهازيج الفرق الموسيقية المغربية، ودخان المشويات بأضواء الشاشة العملاقة التي نصبت في إحدى جنبات الساحة الشهيرة.
غير بعيد عن شاشة العرض، يجلس السياح إلى طاولات المطاعم الشعبية، ليدفعوا عنهم الجوع وبرودة ليل ديسمبر (كانون الأول) الذي تعيش على إيقاعه «المدينة الحمراء»، هذه الأيام، بينما تتابع أعينهم مشاهد من أحد الأفلام التسعة المبرمجة، أفلام من قارات متباعدة وتجارب متفاوتة: «مغامرات البارون مانشوزن» (1998)، من المملكة المتحدة وإيطاليا، من إخراج تيري غيليام، وبطولة جون نيفيل وإيريك إيدل وسارة بولي وأوليفر ريد وتشارلز ماكيوون وونستون دينيس وجاك بورفيس، و«كوكب» (1998)، من إخراج باري ليفنسون، وبطولة شارون ستون ودستن هوفمان وسامويل لي جاكسون وبيتر كويوت ولييف شرايبر، و«أعداء الشعب» (2009)، من أميركا، من إخراج مايكل مان، وبطولة ماريون كوتيار وجوني ديب وجيمس روسو وجيزون كلارك وشانينك تاتوم وكريستيان بيل، و«هوكو» (2011)، من أميركا، من إخراج مارتن سكورسيزي، وبطولة بن كينغسلي وساشا بارون كوهين وأسا باترفيلد وكلوي كراس موريتز وراي وينستون وإميلي مورتيمر وكريستوفر لي، و«المنوم المغناطيسي» (2012)، من السويد، من إخراج لاس هالستروم، وبطولة توبياس زيلياكوس وميكائيل بيرسبراندت ولينا أولين وهيلينا أف سونديبيرك، و«تشيناي إكسبريس» (2013)، من الهند، من إخراج روهيت شيتي، وبطولة شاه روخان وديبيكا بادوكون وساتياراج ونيكيتين دهير وبرياماني، و«كان يا ما كان» (2013)، من المغرب، من إخراج سعيد الناصري، وبطولة عفيف بن بدرة وسارة كاظمي ومحمد العشي وأنس الباز ويونس ميكري والمهدي الوزاني ومحمد مجد وديوك كوما، و«المسيرة» (2013)، من فرنسا، من إخراج نبيل بن يادير، وبطولة أوليفيي كورمي وتوفيق جلاب وفانسون روتيي ومبارك بلكوك ونادر بوصندال ولبنى أزابال وحفصية حرزي وشارلوت لوبون وفيليب ناهون وجمال الدبوز، علاوة على الفيلم الهندي «رام ليلا» (2013).
ويمكن القول إن أصحاب المطاعم الشعبية هم أكبر المستفيدين من عرض أفلام سينمائية، في أشهر ساحة شعبية بالمغرب، خصوصا وأن برد شهر ديسمبر، والوقوف طويلا أمام شاشة عملاقة، لا يمكن إلا أن يدفعا بالمتفرج إلى التفكير في تدفئة البطن بعد متعة العين والفكر، وهو شيء يعني، بالنسبة إلى أرباب المطاعم الشعبية، مزيدا من الزبائن، ومزيدا من الأرباح.
وإلى أصحاب المطاعم الشعبية، يبدو زوار الساحة هذه الأيام أكثر سياح مراكش حظا وسعادة، بعدما كتب لهم أن يجمعوا سحر الساحة إلى متعة الشاشة، وبخاصة بعد أن وجد كل واحد منهم نفسه وجها لوجه أمام صور شارون ستون ودوستان هوفمان ووصامويل لي جاكسون وماريون كوتيار وبن كينغسلي وشاه روخان وجمال الدبوز وجوني ديب وديبيكا بادوكون، وغيرهم من نجوم السينما العالمية، وهم يلعبون أدوار البطولة، في أفلام تعرض عليهم مجانا، في الهواء الطلق.
ومع «كوكب» و«أعداء الشعب» و«المسيرة» و«هوكو» و«كان يا ما كان»، وباقي الأفلام المبرمجة ضمن فقرة «ساحة جامع الفنا»، في إطار فعاليات مهرجان الفيلم بمراكش، تكون طقوس المشاهدة قد ساوت بين الأفلام التي فاقت موازناتها ملايين الدولارات، وحطمت أجور أبطالها كل الأرقام، والأفلام التي لم تتطلب لإنتاجها عشر ما يتقاضاه نجوم من قيمة شارون ستون ودستن هوفمان.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».